أخبارمقالاتمنوعات

” البكتيريوفاج”.. أحــدى بدائــل المضادات الحيويـــــة الواعــــده

فى عام 1928 م اكتشف العالم الكسندر فلمنج البنسيللين . ومع بدايه عام 1940م كانت بداية العلاج بالمضادات الحيوية . و قد حذر حينئذ الكسندر فلمنج بذات نفسه من أن الإستخدام الغير واعى لهذه العقاقير من الممكن أن يؤدى إلى حدوث مقاومة البكتيريا لهذه المضادات الحيوية.و بالفعل كانت نبؤته صحيحة .

على سبيل المثال ، كان المضاد الحيوى المعروف باسم الاستربتوميسين يعتبر علاج فعال ضد مرض السل إلا إنه فى عام 1948م سجل العالم مارشال و أخرون أول حالات مقاومة ضد الاستربتوميسين بواسطة بكتيريا Mycobacterium Tuberculosis المسببة لمرض السل .

و مع أن أكتشاف و تطور المضادات الحيوية ظل مزدهرًا خلال العديد من السنوات إلا إنه مع أواخر القرن العشرين أصبح هناك بطء فى أكتشاف مضادات حيوية جديدة و بدأ التحذير من حدوث زياده فى أعداد البكتيريا المضادة للمضادات الحيوية، مشيرًا إلى إنه ربما تكون هناك نهاية للعصر الذهبى للعلاج بالمضادات الحيوية .

و مع حلول عام 2017م أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنه هناك العديد من البكتيريا السالبه الجرام أصبحت مقاومة للعديد من المضادات الحيوية ، و لهذا أصبح من الضرورى العمل على أكتشاف و تصميم و تطوير جيل جديد يكون بديل أمن و فعال للمضادات الحيوية. و فى هذه المقالة سنلقى الضوء على أحد هذه البدائل ألا و هو البكتيريوفاج.

البكتيريوفاج يعرف على أنه عباره عن فيروسات لها القدرة على عدوى البكتيريا ، و من ثمه تعمل على موت هذه البكتيريا . و على الرغم من أن نظرية البكتيريوفاج لم تعد حديثة العهد الإ إنها فى الأونة الأخيرة لاقت الكثير من الأهتمام و العمل على دراستها للأستفادة منها فى أغراض مختلفة فى مجال البكتيريولوجى و مجالات أخرى عديدة كحفظ وسلامة الأغذية.

يرجع أكتشاف البكتيريوفاج بواسطة علماء متخصصون فى علم البكتيريولوجى و هم العالم فريدريك توارت و العالم فليكس ديهيريل و ذلك فى عام 1917م ، حيث أن العالم فريدريك توارت هو أول من لاحظ و وصف تأثير مادة شفافية لها القدرة على منع نمو البكتيريا بينما فى ذات العام قام العالم فليكس ديهيريل بعزل طفيل اضطرارى من البكتيريا ضد ميكروب الشيجيلا أطلق عليه بكتيريوفاج أو آكل البكتيريا. و فى عام 1919م نجح فى علاج حالات دواجن مصابه بالسالمونيلا باستخدام البكتيريوفاج. و هذا النجاح الذى حققه العالم فليكس ديهيريل فى علاج الحيوانات شجعه على محاولة علاج العدوى التى تصيب الأنسان بأستخدام البكتيريوفاج .

و بحلول عام 1921م تم علاج خمس حالات من البشر مصابة بإسهالات معوية Bacillary dysentry) ) بنجاح بإستخدام البكتيريوفاج الذى له القدرة على عدوى بكتيريا شجيلا ديزنترى .

فضلاً عن ذلك فقد تم إجراء العديد من الدراسات فى الهند فى عام 1927م  على علاج حالات مصابه بالكوليرا و أشارت النتائج وقتها إلى حدوث أنخفاض فى معدل الوفيات من 62.8% إلى 8.1% و ذلك بعد أستخدام البكتيريوفاج فى علاج هذه الحالات . بالإضافة إلى ذلك قد أشار العالم ديهيرل إلى أن أدخال البكتيريوفاج المضاد لميكروب الكوليرا فى أبار مياه الشرب أثناء حدوث وباء الكوليرا يعمل على منع حدوث المزيد من العدوى بهذا الميكروب .

و فى الأونة الأخيرة أجريت العديد من الدراسات على البكتيريوفاج  فى شرق أوربا و التى أظهرت نتائج واعدة ضد الألتهابات البكتيرية ، و يعتبر البكتيريوفاج من أكثر الفيروسات دراسة من حيث الأنتشار والنشاط وتتكون هذه الفيروسات من رأس وعنق وذيل.

– هناك طريقتان لعمل البكتيريوفاج كمقاوم بكتيرى و هم إما عن طريق ما يسمى بالدورة التحلليه أو ما يسمى بالدورة الهادئه :

حيث يتم من خلال الدوره التحللية  ارتباط الفيروس ، بواسطة ذيله ، بمستقبلات محددة على الخلية البكتيرية  ثم يحدث أنقباض للذيل  و يتم حقن الحمض النووى داخل الخلية مع ترك الرأس الفارغ و الذيل خارج الخلية و تستغرق هذه العمليه وقتًا قصيرًا يتراوح من دقائق إلى ساعات و فى هذه الفترة يعمل الحمض النووى الفيروسى على استقلاب الخلية البكتيرية و يجعلها تعمل على تخليق الإنزيمات والبروتينات اللازمة لتخليق الفيروس و من ثمه يتم تخليق مئات من مكونات الفيروسات ، و بعد ذلك تتجمع هذه المكونات الفيروسية مع بعضها لتشكل جزئيات فيروسية معدية كاملة ثم تنفجر الخلية البكتيرية وتطلق عددًا كبيرًا من الجزيئات الفيروسية لتصيب خلايا جديدة. بينما الدورة الهادئة و التى سميت بهذا الاسم لأن الفيروس فى هذه المرحلة لا يتكاثر ولا يعمل على تحلل البكتيريا المضيفة ، بل من خلال هذه الدورة يتم ادماج الحمض النووى الفيروسى مع كروموسوم الخلية البكتيرية و ينقسم معه لينتقل إلى الخلايا الجديدة .

و هناك العديد من المزايا التى برزت أهمية البكتريوفاج كبديل آمن للمضادات الحيوية منها تخصصها الشديد في تدميرالخلايا البكتيرية و التخلص منها بالإضافة إلى أنها لا يحدث منها أي أضرار لخلايا جسم الإنسان مقارنة  بالمضادات الحيوية والتي تعتبر علاج  كيميائي مدمر لا يفرق بين خلايا البكتيريا الممرضة المطلوب القضاء عليها و خلايا الأنسان أو الحيوان الذى من المفترض أن يتم الحفاظ عليها .

فضلا على أن بمجرد أن يؤدى البكتيريوفاج دوره فى القضاء على البكتيريا الممرضة و تدميرها فإنه يتوقف عن التكاثر، ومن ثمه ففي أغلب الأحيان  جرعة واحدة فقط تكون كافية للقضاء على البكتيريا الممرضة كلها الموجودة في الجسم ، على العكس من ذلك تحتاج المضادات الحيوية عدة جرعات متتالية .

كما أن للبكتيريوفاج ميزه فى ان حجمها صغير مما يمكنها من الوصول للبكتيريا المستهدفة أينما وجدت في الجسم، ويتركز تكاثرها في مكان العدوى البكتيرية فقط ، بعكس المضادات الحيوية التي تؤثر على جميع خلايا الجسم . كما تلعب البكتيريوفاج دورًا هامًا فى العلاج ليس فقط بل أيضًا يمكن أن تقوم بدور فى الوقاية من الأصابة بالكثير من الأمراض البكتيرية.

و لهذا يعد أستخدام البكتيريوفاج إلى حد كبير أحدى الطرق البديلة و التى يتم من خلالها التغلب على الأثار السلبية التى نتجت من الأفراط فى الأستخدام الخاطىء و الغير واعى للمضادات الحيوية و الذى أدى إلى ظهور و أنتشار كبير للعديد من البكتيريا التى أصبحت مقاومة للعديد من المضادات الحيوية. و لهذا أصبحت هناك حاجة ملحة لدى الكثير من العلماء على أعادة أكتشاف البكتيريوفاج وتطوير استخدامها لادخالها فى الكثير من المجالات الطبية و العمل على دراستها بشكل أدق لتطبيق أستخدامها بشكل أمن و فعال .

 

المراجع :

Chanishvili, N. (2012). Phage therapy-history from Twort and d’Herelle through soviet experience to current approaches. Adv. Virus Res. 83, 3–40. doi: 10.1016/ B978-0-12-394438-2.00001-3

Dickey, J., and Perrot, V. (2019). Adjunct phage treatment enhances the

effectiveness of low antibiotic concentration against Staphylococcus aureus biofilms in vitro. PLoS One 14:e0209390. doi: 10.1371/journal.pone.0209390

Fleming, A. (1945). Penicillin’s finder assays its future. The New York

Times, June 26, 1945. A21.

https://www.nytimes.com/1945/06/26/archives/penicillins-finder-

assays-its-future-sir-alexander-fleming-says.html.

Marshall, G., Blacklock, J.W.S., Cameron, C., Capon, N.B., Cruickshank, R.,Gaddum, J.H., et al. (1948). STREPTOMYCIN treatment of pulmonary tuberculosis.BMJ 2, 769–782.

Moellering, R. C. (2010). NDM-1 – a cause for worldwide concern. N. Engl. J. Med.363, 2377–2379. doi: 10.1056/NEJMp1011715.

Pires, D.P., Cleto, S., Sillankorva, S., Azeredo, J., and Lu, T.K. (2016). Genetically engineered phages: a review of advances over the last decade. Microbiol. Mol. Biol. Rev. 80, 523–543.

Spellberg, B., Guidos, R., Gilbert, D., Bradley, J., Boucher, H.W., Scheld,W.M., Bartlett, J.G., and Edwards, J., Jr.; Infectious Diseases Society of America (2008). The epidemic of antibiotic-resistant infections: a call to action for the medical community from the Infectious Diseases Society of America. Clin. Infect. Dis. 46, 155–164.

Stone, R. (2002). Stalin’s forgotten cure. Science 298, 728–731. doi: 10.1126/science.298.5594.728

Tagliaferri, T. L., Jansen, M., and Horz, H. P. (2019). Fighting pathogenic bacteriaon two fronts: phages and antibiotics as combined strategy. Front. Cell. Infect.Microbiol. 9:22. doi: 10.3389/fcimb.2019.00022

World Health Organization (2017). WHO Publishes List of Bacteria for which New Antibiotics Are Urgently Needed (WHO).


دكتورة / ولاء إبراهيم أحمد عمر

باحث أول بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – المعمل الفرعى بالإسكندرية- مركز البحوث الزراعية – مصر 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى