الدكتور إبراهيم درويش يكتب : أولادكم أمانة ..مسؤولون عنها ( نفحات الجمعة)
يقول أبو العلاء المعري …
وَيَنشَأُ ناشِــــــئُ الفِتيانِ مِنّا
عَلى ما كانَ ..عَـــــــــــــــــــــــوَّدَهُ أَبوهُ
وَمـــــــا دانَ الفَتى بِحِـــــجىً
وَلَكِن يُعَلِّمُـــــهُ التَدَيُّنَ أَقرَبــــــــوهُ..
فكل مولود يولد على الفطرة ..
ولا تبديل لفطرة الله التى فطر الناس عليها يقول الله تعالى : { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ}. .وفطرةُ اللهِ تعالى لخلقِه: أنَّه خلقَهُم قابلينَ للتوحيدِ ودينِ الإسلامِ..
ودور الآباء إما تعزيز هذه الفطرة التى خلق الأبناء عليها أو تغييرها بغرس أمور أخرى منافية للفطرة السوية …
فالأباء هم مصدر الوقاية والحماية لأبنائهم فى الدنيا والآخرة . وهم القدوة لابنائهم واول من يعلمونهم وتقع أعين الأبناء عليهم يقول تعالى مرشدا ألأباء { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً}…ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{والرجل راعَ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم}..فالابناء هم زرعك وثمرتك… ففي الصحيحينِ مِن حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ».
ولذلك عليك قبل أن تلوم ولدك أسال نفسك أولا ماذا قدمت له ….وهل أنت أمرت أبناءك بفعل الوجبات ونهيتهم عن فعل المحرمات كما قال الله تعالى:{وأْمُرْ أهلَك بالصلاة واصطبر عليها} . تم تطالبهم بما عجزت عن تقديمه لهم ..!
وهل اتبعت المنهج النبوى فى تربيتهم ووصية الرسول ﷺ: « مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ». وستجد أنه خصَّ الصلاةَكنموزج للتعليمِ في الصغرِ، لِمَا فيها مِن النظامِ والقيمِ العليا، والفضائلِ فهى طهارةُ أردانِ، ورياضةُ أبدانٍ، وشتّى فضائلَ يشبُّ عليها الجواري والغلمان.
ولنا فى حديث عبد الله بن عباس العظة والعبرة ففى حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ، قال: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا، فَقَالَ: « يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ».
وبلاشك ان هناك عدة وسائل متدرجة فى تربية الأبناء تبدأ من الصغر وتختلف باختلاف العمر تبدأ بالبيت و القدوة وبالأمر والتوجيه والإرشاد حسب ظروف الموقف والعمر وعند التميز يتم تزيين الواجبات والأخلاق الفاضلة والحث عليها وتقبيح المحرمات والتنفير منها …ثم إذا لم ينجح هذا الأسلوب يكون بالإلزام والتأديب المشروع مسترشدين بقوله صلى الله عليه وسلم {واضربوهم عليها لعشر} فأمر صلى الله عليه وسلم بالضرب على ترك الواجب الشرعي الذي هو الصلاة، وبالتالى ضربهم على الكذب والظلم والفساد والرزائل أولى..
مع ملاحظة مهمة نوجه إليها .. علينا التفريق بين التأديب المشروع الذى يؤتى بثمار طيبة والتى تعيد الأبناء إلى حظيرة الأسرة والأخلاق ووالاهانة والتعنيف الممنوع اللذان يبعدان الأبناء ويخرجهم الى دائرة اصدقاء السوء وعدم السيطرة عليهم واهم سلاح مع الآباء هو العمل على اطعامهم من حلال وان يكونوا قدوة لهم فى الأقوال والافعال ..والدعاء لهم بالهداية وصلاح الاحوال ..
اللهم احفظْ أولادنَا مِن كلِّ مكروهٍ، ودبِّرْ لهم ولنَا، واحفظْ السنتنَا وإيّاهُم مِمّا يؤذِي عبادَك، واجعلنَا مِمّن ربُّوا فأحسنُوا .. .. اللهُمّ آمين!
جمعتكم طيبة مباركة
ا.د ابراهيم درويش