الدكتور إبراهيم درويش يكتب : الاستخدام العشوائي للمبيدات وأثاره الاقتصادية والصحية وسمعة الزراعة المصرية
يلجأ المزارع إلى استخدام المبيدات على المحاصيل الزراعية للوقاية أو لمكافحة الحشائش الضارة والحشرات والأمراض والفطريات والآفات الأخرى.
وبالتأكيد لمبيدات الآفات أثر سام على المحصول الذى يتم رشه. وكذلك على الإنسان، والحيوان والتربة والماء والبيئة المحيطة ومن الممكن أن تؤدي هذه إلى تأثيرات صحية حادة ومزمنة تكلف الدولة المصرية فاتورة باهظه لتكاليف العلاج وخروج الحالات المزمنة من سوق العمل والإنتاج وتختلف هذه التأثيرات على حسب نوع المبيد وكميته وتركيزه وكيفية التعرض له ….
وعندما تسعى الدولة المصرية لفتح أسواق جديدة للمنتجات الزراعية المصرية ..تصطدم بمتبقيات المبيدات فى المنتجات الزراعية .. مما يؤدى إلى رفض العديد من الشحنات التصديرية .
وذلك لان هذه المبيدات لاينتهى تأثيرها بعد الاستخدام والرش بأيام . بل تمتصها النباتات وبعض هذه المبيدات قد يستمر وجودها لسنوات … فهناك بعض مبيدات الآفات القديمة زهيدة الثمن. استمرت لسنوات في التربة والمياه..
وهذا بلاشك يؤثر سلبا على كل منتجات هذه الأرض من المحاصيل المنزرعة فيها..
وايضا هناك . بعض المبيدات تم حظر الاستخدام الزراعي في البلدان المتقدمة ، ولكن لا يزال يتم استخدامها في الكثير من البلدان النامية بطريقة أو بأخرى .
والاستخدام العشوائى بدون رقابة فاعلة وبطرق غير رشيدة أو خاطئة اقتصادية وصحية له مخاطرة على .المحصول والتربه والطيور والأسماكوالحيوان ..والأعداء الطبيعية الآفات .وكل عناصر البيئة المحيطة
..
وأكثر الناس تعرضا للمخاطر الأشخاص الذين يتعاملون مباشرة مع هذه المبيدات في العمل أو المنازل أو الحدائق.
وقد ساد اعتقاد لدى المزارعين منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، أن استخدام المبيدات هى أفضل وسيلة فى مكافحة الآفات وكان يتم استخدام المبيدات بصورة متكررة بغض النظر على الآثار السيئة التى تسببها ويطلق على هذه الطريقة بالمكافحة التقليدية
مع أن هذه المواد الكيميائية شديدة السمية والتي إما قد تم حظر استخدامها بالفعل في الدول المتقدمة أو تتطلب معدات وقاية وشروط استخدام، معينة وهي متطلبات غير متاحة للمزارعين فى مصر أو ليس لديهم التوعية بها ..
وقد شاهدت ذلك بنفسى من خلال المرور على زراعات المزارعين الذين يشكون من مظاهر غير مرغوبة فى محاصيلهم مثل محصول الذرة الشامية ..
ويرجعون هذه المظاهر الغير مرغوبة للتقاوى وقد يكون ذلك صحيحا فى بعض الأحيان ..
لكن هم .غير مدركين أنهم استخدموا مبيدات لمكافحة الحشاىش أو مكافحة الافات الأخرى ..بطريقة عشوائية وخاطئة
وعندما تسألهم .. عن انواع المبيدات التى استخدموها فإنهم لايعرفون عنها شيئا .
وعندما يخلطون أكثر من مبيد معا .. وتسئلهم عن أسماء هذه المبيدات وتركيزها ومن إلذى نصحهم بذلك .. تجد أن كل الأسئلة ليست لها إجابة ..سوى التاجر ..
ومعظم المبيدات والنصائح من مصادر غير رسمية ومن أشخاص غير متخصصين
ولكن هذه المصادر الغير رسمية للاسف نالت ثقة المزارع وجذبته إليها . . بعيدا عن المصدر الرسمية ووزارة الزراعة ..أو المزارع لم يجد أمامه سوى هذه المصادر ..
او أن هذه المصادر تفتح محلات وشركات تحت بصر واعين الدولة المصرية ..ويعملون جهارا .. نهارا …
وقد يستخدم المزارع المبيدات برش محاصيلهم بالمبيدات بشكل روتيني بغض النظر عن وجود أي تهديد خطير يتعلق بالآفات وذلك بناء على الاعتقاد الخاطئ بأن المبيدات تعمل كنوع من “التأمين” ضد الآفات، .رغبة منه فى زيادة إنتاجه وتأمين محصوله بغض النظر عن العائد الاقتصادى
غير مدرك خطورة استخدام المبيدات بطريقة عشوائية والأضرار التى تلحقها بالمحصول الذى يقوم بالرش عليه لأنه يعرضه إلى إجهاد كيماوي ويمكن أن يتوافق رش المبيد مع إجهاد حرارى المحصول نتيجة ارتفاع درجة الحرارة خاصة عند نقص المياه عند رش المبيد قبل الرى الأمر الذى يؤدى إلى خلل فسيولوجى للنباتات مما يؤدى إلى شحوب الاوراق وتدمير مصنع التمثيل الغذائى فى النبات ( الصبغات الكلورفلية) ويظهر ذلك جليا فى المناطق التى فيها نسبة عالية من التلوث الهوائى كمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية .
وكلما زاد الإجهاد أدى إلى التقذم أو نموات شاذه وبالتأكيد ينعكس ذلك على إنتاجية وحدة المساحة وانخفاض المحصول
بالإضافة إلى زيادة متبقيات المبيدات فى النباتات أو المحصول النهائى والذى له انعكاساته الصحية والاقتصادية إذا كان الغرض هو تصدير المنتج للخارج ..
بالإضافة إلى تلوث التربه وقد يصل التلوث إلى المياه الجوفية مما يسب التسمم لكل من يشربها
بالإضافة إلى التأثير الضار للمبيدات على الطبيعة وجميع عناصر البيئة المحيطة .. الأمر الذى ينتج عن ذلك خطر التسمم المزمن بالمبيدات. وانتشار حالات الامراض المزمنة …
التوصية
من المهم أن نرفع الوعى لدى المزارع ..بخطورة استخدامه للمبيدات بطريقة غير رشيدة …وان المبيدات يجب أن تكون هى آخر مرحلة فى مكافحة الآفات بضوابطها وتحت إشراف المتخصصين وعليه أن يتبع أسلوب إدارة المكافحة المتكاملة ..
كما يجب أن نؤكد للمزارع أن جميع
الدراسات البحثية والأدلة العلمية ، تظهر الأدلة تظهر أن الغالبية العظمى من المبيدات المستخدمة لا يكاد يكون لها أي تأثير على زيادة الإنتاج وغالبا ما تقلل من أرباح المزرعة وتتسبب في آثار جانبية سلبية كبيرة على صحة الإنسان والصحة البيئية. ولا تسمح بتصدير منتجاته
ونداء إلى كل المهتمين بالقطاع الزراعى والاقتصادي وبصحة المواطن .. والمجتمع المدنى والتعليم العالى والمراكز البحثية أن نعمل على جميع المستويات بهدف رفع مستوى الوعي حول أهمية الحد من أو منع استخدام المبيدات السامة في الزراعة.
ونأمل وندعو إلى تكوين شركات بين هذه المؤسسات العلمية والجامعات المصرية والمراكز البحثية والمجتمع المدنى لوضع
برامج لحماية النباتات والإنسان والحيوان من تأثير المبيدات ..وذلك أسوة ببعض الدول المتقدمة …
والعمل على تطوير وتعديل الوسائل أو إيجاد أدوات جديدة يمكن أن تساعد بشكل كبير في رصد تأثير المبيدات على البيئة وتقدير الآثار السلبية المحتملة على المحاصيل الزراعية وعلى التنوع البيولوجي . وعلى صحة الإنسان.
وكذلك على جودة مياه الرى ..
ووضع برامج التواصل والتوعية للمزارعين والمواطنين ..بخطورة استخدام المبيدات
بالإضافة إلى تفعيل الدور التشريعى والرقابى وحوكمة انتاج وتوزيع واستخدام المبيدات فى الدولة المصرية الذى أصبح تجارة رابحة ..وسوقا رائجة .
والدعوة للزراعة النظيفة والأساليب الزراعية التى تساعد المزارعين على زيادة الإنتاج وتحسين الربحية وتعزيز القدرة الاقتصادية والبيئية.
ا.د/ ابراهيم حسينى درويش
استاذ المحاصيل وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية