لاشك ان الحوار الوطني والذي بدأ الرئيس السيسي الإشارة اليه منذ رمضان قبل الماضي اي منذ عام مضي تقريبا ..وجري الاعداد له في بطء شديد ..قد لا يتناسب مع الأحداث التي تجري علي الساحتين ..المحلية والعالمية وأهمها ولاشك مشاكل الغلاء وخاصة اسعار الغذاء في العام الاخير وبعد تعويم الجنيه للمرة الثانية .
ولقد كنت احد المؤيدين لهذا الحوار وكم اتمني انه يضم الي جانب ( النخبة ) ..ممثلين للطبقات الكادحة من الفلاحين( الحقيقين وليس فلاحي التلفاز ) وأيضا ممثلين عن الطبقة العمالية الكادحة ..وكنت متابعا جيدا للأحداث..والتي لم تشغل بال الكثير ..الكثير من أبناء الشعب المصري الصلب العنيد والذي تشغله كثيرا الأسعار واخبار الغلاء ..نعم ان البطون الخاوية لا تعرف المعاني العالية ..ولكن الأمل في الله كبير لرفع الغمة وتحقيق الاستقرار والامل في السياسات الاقتصادية الناجحة والتي تخرج الأمة من تلك الازمة الطارئة ان شاء الله …
ومما لاشك فيه كان أكثر الكلمات إثارة للإنتباه والتفكير وجاءت في الصميم ..هي كلمة عمرو موسي العضو البارز بالمؤتمر ورئيس لجنة وضع الدستور المصري .
كانت الكلمة من الوضوح والشفافية الي الحد الذي انقسم عليه الناس حتي وصل البعض الي الظن ( وان بعض الظن إثم ) انها من الكلمات ( المتفق عليها ) ..ولكنني اختلف من هذا الرأي واري انها تعبيرا صادقا عن وطنية الرجل..والذي بلغ من العمر مبلغه ..وعمل سفيرا لمدة طويلة بالخارجية ثم وزيرا لمدة عشر سنوات ثم امين لجامعة الدول العربية ومرشحا سابقا وبارزا لرئاسة الجمهورية ..وهو رجل مشهود له بالنزاهة والاخلاص والوطنية وما زال يعطي للوطن
وطالب في كلمته..بالمزيد من الشفافية واتباع ( فقه الاولويات ) وطالب بالمزيد من الحريات والنظر في شأن المحبوسين ( احتياطيا ) ..وأوضح في كلمته الموجزة والقوية مدي تساؤل الناس عن الديون ..وما هو دور البرلمان المصري..اعتقد انها رؤس مواضيع هامة وحيوية للغاية ويجب أن توضع أمام أصحاب القرار بامانة وموضوعية ..للدراسة والتحليل وإعادة النظر ..
ثم تابعنا كلمة الدكتور ضياء رشوان ( منسق مؤتمر الحوار ) ..وهو أيضا شخصية مثقفة واعية ولكن واضح انها كلمة سريعة ..وعلي ..عجل ..ونري ..معه ان مؤسسة الحوار الوطني ربما كما جاء في كلمته ..ليست مؤسسة ( رسمية ) ..ولكننا نري انه يجب الاستفادة من بعض تلك النخبة في شكل هيئة استشارية للرئاسة مثل المجالس القومية المتخصصة ..تقوم بدراسة الأوضاع وتحليلها وعرضها علي الرئاسة ..كما استمعنا باهتمام الي كلمة او تقرير من المستشار – رئيس الأمانة الفنية للمؤتمر ..شرح فيه اسلوب العمل وطريقة تشكيل اللجان الفنية سابقا وحاليا ..
ألا أنني كمواطن مصري بسيط أجد لدي بعض الأفكار والتي اتمني ان تصل الي لجان المؤتمر ..والتي يمكن تلخيصها علي النحو التالي :
– ارجو من القيادة السياسية ..توجيه خالص الشكر والتقدير الي الحكومة الحالية علي ما قامت به من إنجازات( ربما لا أعرفها انا شخصيا ) ..ونأمل ان يكون رئيس الحكومة الجديدة اقتصادي محنك وله خبرة تنفيذية وذو خلفية سياسية واعية ..يستطيع قيادة السفينة في تلك الامواج العالية ..وان تكون مجموعة الوزراء علي درجة عالية من التخصص والوعي السياسي والاجتماعي..
– إعادة النظر في تشكيل وزارة الصناعة وان يكون هناك دور واضح وملموس للقطاع العام ..مع أحياء عمل مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبري وكفر الدوار ..وايضا مصانع الحديد والصلب بحلوان ..حيث تقاس عظمة وتقدم الأمم بمدي تقدمها في صناعة ..الحديد..ودراسة مشروع السيارة المصرية الذي بدأنا به ايام الرئيس ناصر …
– قطاع الزراعة ..والذي أوشك علي الانهيار ..تماما الي درجة اننا نستورد معظم غذاءنا من الخارج..٥٠% من القمح وحوالي ٩٨% من الزيوت وحوالي ٨٠% من العدس وأكثر من ٥٠ % من الفول البلدي ..وهناك اتجاه للعبث بمستقبل صناعة التقاوي الوطنية في مصر في العشر سنوات الأخيرة..بعد أن حققنا شوطا ضخما من النجاحات وخاصة في محاصيل الحبوب الاستراتيجية ..لابد من الضرب بيد من حديد علي كل الأيدي المرتعشة والمهتزة ..المرحلة تحتاج الي رجال من الطراز الفريد ..والمحب للوطن ..
– ما زلت اتذكر الكلمة الاولي للزعيم الفلسطيني / عرفات أمام الأمم المتحدة ..والتي جاء فيها ..جئتكم وفي يدي غصن الزيتون ..لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي …
وانا اكرر أمامكم..إن البطون الخاوية لا تعرف المعاني العالية..ولهذا اقول..( عض قلبي ..ولا تعض رغيفي ) …لابد من الإسراع في خطوات الإصلاح المالي والإداري..
– لابد أن يكون هناك ممثلا جيدا لطبقة الفلاحين الكادحين وايضا للطبقة العمالية الكادحة ..ممثلين حقيقين
– نؤكد للجميع داخل وخارج الوطن ..إن مصر العظيمة ..وطن يمكن أن يمرض ولكنه لا يموت ابدا ان شاء الله …
واسلمي يا مصر انا لك الفدا
مع خالص تحياتي
د.حمدي المرزوقي
وكيل وزارة سابق