الدكتور حمدى المرزوقي يكتب : رساله الي السيد الرئيس : البحث العلمي في خطر.. ( كلمة حق)

لعل من أروع المقولات التي سمعتها مؤخرا عن الإقتصادي الوطني الكبير طلعت حرب أنه لم يكن فردا في أمة ولكنه كان أمة في فرد … هذا القول من وجهة نظري نستطيع أن نطلقه عن العلامه الإقتصادي الكبير الراحل الدكتور صلاح جودة … الرجل الذي استمعنا اليه كثيرا وهو حي يرزق ومازلنا نستمع ونشاهد حاليا وبانتظام لقاءاته التلفزيونية الشيقه حول توضيح المصطلحات الإقتصادية الشائكة بصورة سهلة ميسرة وأيضا تحديد مشاكل مصر الإقتصادية في جميع المجالات ووضع الحلول العلمية البسيطة لحلها ولكن لم يستجب إليه أحد حيا ولا ميتا رحمه الله …

ولعل من أروع ما قاله عن مصر وأهمية موقعها الجغرافي أنها تعني مليون كيلو متر مربع أي حوالي 238 مليون فدان نعيش فقط علي حوالي 6 في المائه من تلك المساحة ولا نزرع منها سوي حوالي 8 مليون فدان والباقي صحراء قاحلة ولهذا نستورد معظم احتياجاتنا الغذائيه من الخارج مما يشكل خطورة علي الأمن القومي وذلك تمشيا مع المقولة (من لا يملك قوت يوميه لا يملك حريته ولا قراره السياسي ) .

وربما كتبت في هذا الاتجاه. اكثر من مره ولا مجيب ولهذا أتوجه برسالتي تلك الي السيد رئيس الجمهورية

أيها السادة … إن مصر التي تمتلك حوالي 3500كم شواطئ علي البحر الأحمر والمتوسط وتمتلك أيضا 1200 كم شواطئ علي نهر النيل إضافة الي حوالي 450 كم فروع النهر وتمتلك 11 بحيرة طبيعية وأكبر بحيرة صناعية في العالم (بحيره ناصر)… ورغم تلك الشواطئ المترامية فلا يوجد عندها اكتفاء ذاتي في إنتاج الأسماك بل الادهي من ذلك أن مصر تستورد الكثير من احتياجاتها من الأسماك من الخارج. حتي الان .

سلة الغذاء العالم العربي

إنه مما يدعو للاسي والحزن أن قيمه العجز الغذائي في العالم العربي سنويا وفي الفترة الأخيرة يبلغ اكثر من 25 مليار دولار … أليس هذا أمرا عجيبا ويوجد بالوطن العربي دولة السودان التي من الممكن أن تكون سلة الغذاء للعالم العربي كله .. (ويحاول. الاستعمار الحديث تمزيقها في غفله عن العالم العربي.

إن البحث العلمي بقدر ما هو ضروري لتطوير الصناعات المدنية والعسكرية. … فأنه مسألة أمن قومي لتقليل الفجوة الغذائية والاعتماد علي الخارج في سد حاجه البلاد العربية من الغذاء … هل يعقل هذا ولدينا واحدا من أكبر مراكز البحوث الزراعية بالشرق الأوسط والذي أنشأ بالقرار الجمهوري رقم 2425 لسنه1971 وذلك بهدف تنمية القطاع الزراعي بمصر عن طريق إجراء البحوث العلمية التطبيقية في شتي المجالات الزراعية الحديثة مثل بحوث الأراضي والمياة و المحاصيل الحقلية والبستانية والقطن والمحاصيل السكرية وبحوث الحشرات وأمراض النبات وبحوث الإنتاج الحيواني وصحة الحيوان والميكنة الزراعيه والهندسة الوراثية الزراعية وبحوث الإقتصاد ويحوث الإرشاد الزراعي … ثم يقوم المركز بالتعاون مع جهاز الإرشاد الزراعي بنقل حزمة التوصيات الفنية الي المزارعين عن طريق الندوات والنشرات واللقاءات مع المزارعين كما يقوم المركز بتوثيق العلاقات العلمية وتبادل الزيارات والبعثات مع دول العالم المختلفة والمؤسسات العلمية الدولية … كما يقوم المركز بوضع وتنفيذ سياسة استناط وتجديد واكثار الاصناف المحسنة لجميع أنواع المحاصيل الزراعية المختلفة مع إنتاج تقاوي الأساس والمسجلة .
هذا ويضم المركز 16 معهدا بحثيا متميزا أبرزها معهد بحوث المحاصيل الحقلية وغيرها من المعاهد البحثية الهامة التي ساهمت في إحداث طفرة هائلة وواضحة ومميزة في شتي المحاصيل الزراعية الحقلية والبستانية كما ونوعا مما أدي الي زيادة الإنتاجية في بعض المحاصيل الي اكثر من١٠٠ في المائة مثل الذرة والقمح والأرز والكثير من المحاصيل البستانية وايضاً بحوث الإنتاج الحيواني

وكان البحث العلمي بالمركز يسير بخطوات جيدة للغاية في الفتره من منتصف السبعينيات حتي اوائل التسعينيات حيث كانت ميزانية المركز قد وصلت الي حوالي 500 مليون جنية او ما يزيد ثم بدأت الميزانية في التناقص المستمر حتي وصلت في الأعوام الاخيره الي ١٠ مليون وانعكس ذلك بالطبع علي درجة وكفاءة العمل والأداء بالمركز العريق.

هذا ويضم المركز حوالي عشر معامل مركزية تعمل في مجال التحليل والإحصاء والمبيدات والحشائش والنخيل والأسماك والتغير المناخي … ولها دور لا يقل عن دور المعاهد البحثية السابق الإشارة إليها … ويساعد المركز في تنفيذ برامجة البحثية المختلفة اكثر من 50 محطه بحثيه متنوعه ( حقليه + بستانيه +انتاج حيواني )وهي منتشرة في جميع انحاء مصر .

مركز البحوث  .. وتحقيق أهداف التنمية وتطوير الزراعة

ويعمل بمركز البحوث الزراعية حوالي عشره آلاف او يزيد من الكوادر البحثية الحاصلة علي درجات الدكتوراه والماجستير في مختلف فروع وتخصصات العلوم الزراعية … ونري لعودة نشاط المركز الطبيعي وتحقيق أهداف التنمية وتطوير الزراعة ضرورة إعادة النظر في الميزانية المتدنية للغاية … مع أهمية إختيار القيادات المناسبة لتحقيق خطط العمل وإعادة تدريب الكوادر بالداخل والخارج وخاصة في الدول المتقدمة كما كان يتم في الماضي القريب … وبتبع المركز إداريا وزارة الزراعة ونأمل بالمستقبل القريب أن يضم مع باقي المراكز البحثية المتخصصة تحت مظلة أكاديمية البحث العلمي وذلك أملا في انطلاقه نحو مستقل افضل .

كما يتبع وزارة الزراعة إداريا أيضا واحدا من أقدم المراكز البحثية في مصر وهو مركز بحوث الصحراء (كما سبق القول بأن مساحة مصر 238 مليون فدان منزرع منها فقط حوالي 8 مليون فدان والباقي صحراء ) ومن هنا تتضح مدي أهمية هذا المركز البحثي والذي بدأ العمل به عام 1950 حتي صدر القرار الجمهوري رقم 90 لسنه 1990 بإنشاءه كهيئة علمية مستقلة تختص بكل ما يتعلق بالزراعة والمياة والإنتاج الحيواني تحت الظروف الجافة وشبة الجافة ومقرة بالقاهرة (حي المطرية ) ويتابع المركز مظاهر التصحر واقتراح الوسائل المناسبة للحد منها وتقليل اخطارها وأنشاء بنك معلومات للموارد الطبيعيه للصحاري المصرية هذا ويضم المركز أربع شعب بحثية ولكل شعبة نشاطها الخاص ….

كما يضم المركز حوالي 12 محطة بحثية لتنفيذ برامجه البحثية … ويعمل المركز علي استكشاف المياة الجوفية وصيانة الموار المائية من التلوث وإجراء التحليلات للأراضي والمياة والنبات والأعلاف الحيوانية .. وإنتاج سلالات حيوانية محسنة مع دراسة جدوي للمشاريع الزراعية في المناطق الصحراوية … إلا أن المركز أيضا وفي السنوات الأخيرة يعاني من تدهور الميزانية الخاصة به بصورة لافة للنظر مما يعوق أداء مهامة البحثية.

المركز القومي للبحوث بالدقي

وننتقل الآن للحديث عن المركز القومي للبحوث بالدقي والذي أنشأ بالقانون رقم 243 لسنة 1956 ويعد من أكبر المؤسسات العلمية متعددة التخصصات في الشرق الأوسط وفي إفريقيا ويضم عددا كبيرا من الكوادر البحثية بيان (2017 ) ويتكون من عده معاهد بحثية تغطي مجالات الصناعة والزراعة والبيئة والصحة والهندسة إلا أن المركز يعاني أيضا من تدهور الميزانية في السنوات الأخيرة يحتاج أيضا للصحوة الكبري سريعا .

ويحضرني في هذا المقام واقعة جرت علي أرض مصر قبل حرب أكتوبر المجيدة تؤكّد اهميه البحث العلمي فى مصر فبعد طرد الخبراء السوفيت من مصر كان أن توقف الأتحاد السوفيتي عن تزويد مصر بالوقود اللازم للصواريخ وهنا لجأ المسئولون الي احد علماء المركز القومي للبحوث …وهو العالم الجليل ا.د. محمود يوسف سعادة و هو إنسان و عالم مصري مدني محب لوطنة إلا أنة لم ينال حقة من التكريم في حياتة أو مماتة …

هذا العالم المصري ومعه فريق من الباحثين تمكن من فك شفرة مكونات وقود الصواريخ وأدي هذا الجهد الي إنتاج كمية كبيرة من وقود الصواريخ تقدر بحوالي 45 طن وبهذا أصبح الدفاع الجوي المصري علي أهبة الإستعداد لتنفيذ دورة التاريخي في معركة العزة والكرامةالسادس من أكتوبر 1973 وتأمين السماء المصرية من طائرات العدو الإسرائيلي …. مما اذهل الخبراء السوفيت علي القدرة المصرية . المصدر (المجموعة 73 – الجروب الرسمي ). … وهذا إن دل فإنما يدل علي ان البحث العلمي ليس ترفا ولكنه جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي المصري والعربي وعلينا أن نسعي سريعا الي صناعة التكنولوجيا بدلا من نقل التكنولوجيا.

هيئة الطاقة الذرية المصرية

وأري أن ننتقل بعد ذلك لتوضيح نبذة قصيرة عن هيئة الطاقة الذرية المصرية حيث بدأ البرنامج النووي المصري كمشروع في نفس الوقت الذي بدأت فيه الهند مشروعها النووي …

ولقد تعثرت مصر ولم تستمر في مسيرتها بينما نجحت الهند التي تسطيع الآن تصنيع محطة نووية كاملة دون حاجة الي خبرة الخارج وتمتلك ما يزيد عن 30 قنبلة ذريه … طبعا الموضوع شائك ويحتاج الي إعادة النظر وإعادة ترتيب الأوراق … وخاصه مع بزوغ نجم إسرائيل النووية وإيران شبه النووية وتركيا التي تبغي أن تكون نووية …

ولكن هل ياتري يمكن تحقيق طموحاتنا وهيئة الطاقة الذريه تتبع إداريا وزارة الكهرباء بمصر أليس من الاجدي أن تنتقل تبعيتها الي أكاديمية البحث العلمي علي وجه السرعه … اننا نعيش في عالم فيه البقاء للاقوي…

المركز القومي لبحوث المياة

كما أري أن نعطي نبذة قصيره عن المركز القومي لبحوث المياة الذي أنشأ بالقرار رقم 830 سنة 1975 ثم أعيد تنظيمة بالقرار رقم 316 لسنة 1994 ويتبع إداريا وزارة الري ويهدف الي ….
1 )حل المشكلات العلمية والتطبيقية ذات العلاقة بالري والصرف .
2 ) الدراسة المائية المتصلة بنهر النيل والسد العالي .
3 ) البحوث والدراسات الخاصة بتوسيع الرقعة الزراعية .
4 ) تقدير الموارد المائية بكافة مصادرها السطحية والجوفية مع إقتراح الطرق المثلي لاستخدامها .
5 ) توفير مصادر المياة العذبة والمحافظة عليها من الثلوث .
ويضم المركز 12 معهدا بحثيا علميا متخصصا (المصدر ويكيبيدا الموسعه الحره ).
وكم كنا نتمنى أن نسمع أو نقرأ تقريرا أو دراسة علمية تصدر من هذا الصرح البحثي العلمي المتخصص فيما يخص أعمال سد النهضة وتأثيرة علي الحياة المصرية بوجه عام والزراعة المصرية بشكل خاص حاليا و مستقبلا …

ربط نهر الكونغو مع نهر النيل

ولقد كثر الحديث مؤخرا حول إمكانية ربط نهر الكونغو مع نهر النيل والفكرة تهدف الي شق قناة تصل نهر الكونغو باحد روافد نهر النيل في السودان مما يعود بالفائدة علي كل من الكونغو وجنوب السودان والسودان ومصر … وللعلم تلك فكرة قديمة منذ عام 1980 ومن الممكن أن يوفر هذا المشروع لمصر زيادة في الموارد المائية تصل الي حوالي 100 مليار متر مكعب من المياة سنويا تكفي لزراعة حوالي 80 مليون فدان أي ما يقرب من نصف مساحة الصحراء الغربية بمصر …

هذا المشروع مشروع عملاق من الناحية النظرية ويمكن أن يغير وجه الحياة تماما في مصر … ولكن إذا كان بعض الساده الباحثين والمتخصصين يؤيدون ويشجعون تلك الفكرة نجد في المقابل الكثير من الآراء المعارضة لهذا المشروع وعلي أسس علمية أيضا

ولذا فإننا نأمل في دراسة او تقرير علمي واضح من المركز القومي لبحوث المياة المصري يحسم الأمر ويوضح الحقيقة حيث أن هذا المشروع وفي تلك الأوقات العسيره يشكل أهمية كبيرة لمستقبل الحياة بمصر … وانطلاقا من حرصنا علي صالح هذا الوطن نأمل ضم هذا المركز العملاق أيضأ تحت مظلة أكاديمية البحث العلمي مع الأهتمام بميزانيته وتطويرة إداريا وعلما حتي يقوم برسالته علي الوجه الاكمل.

روشتة للنهوض بالبحث العلمى :

وبناء علي ما سبق دراستة واستعراضة من بيانات نري أنه حتي تنهض بلادنا تحت مظلة البحث العلمي لابد من إتباع ما يلي. …
1 ) لابد من تجميع كل تلك المراكز البحثية والحيوية الهامة تحت قيادة علمية مستقلة صاحبة إرادة وقرار ورؤية … ونري أن تكون تلك المظلة ممثلة في أكاديمية البحث العلمي وأن يكون رئيس الأكاديمية بدرجة لا تقل عن نائب رئيس وزارء ولة حق الحضور في اجتماعات مجلس الوزراء ولا يخرج الي المعاش.
2 ) نناشد القيادة السياسية الواعية والحريصة علي مستقبل الأمة إعادة النظر في ميزانية البحث العلمي الهزيلة وطبقا للدستور الجديد للبلاد ١٪؜ من جمله الدخل القومي المصري .
3 ) الأهتمام بتجديد شباب الكوادر البحثية وذلك عن طريق التدريب الجيد والبعثات الخارجية الي الدول المتقدمة.
4 ) النظر بعين الإعتبار الي الأوضاع الإقتصادية والمعنوية للسادة أعضاء هيئة التدريس و البحوث .
5 ) أن يكون للأكاديمية مجلس إدارة مكون من نواب و أعضاء من شتي التخصصات العلمية ويتمتعون بالقدرة علي إتخاذ القرار..

أن هذا الموضوع شائك جدا لأنه احدي مكونات الامن القومي المصري والعربي ولابد من دراستة بعناية فائقة وعلي وجه السرعة.
واسلمي يامصر إنا لك الفدا
مع خالص تحياتي