الدكتور سمير ربيع يكتب : النمط الغذائي وعلاقته بالفاقد والهدر في الغذاء
أدى التغير في النمط الغذائي الى زيادة الفاقد والهدر من الغذاء حيث حدث تغير في سلوك اعداد وتناول الطعام بداية من تحول المنزل الريفي من منتج للغذاء (القيام بعمليات انتاج وتصنيع الغذاء داخل المنزل من خبيز وتربية دواجن وطهي وتجفيف بعض الخضر والفاكهة) الى شراء معظم احتياجات الاسرة الغذائية من السوق. كذلك تغير سلوك تناول الغذاء الجماعي حول مائدة واحدة الى طريقة غالبا فردية تتناسب مع اعمال وظروف افراد الاسرة وتنوع اذواقهم.
وأصبحت الوجبة الغربية هي السائدة (أغذية الشوارع – وجبات الدليفري السريعة – المشويات والحلويات وغيرهم) وهي الغنية بالدقيق البيض والسكر الأبيض والزيوت المهدرجة ومكسبات الطعم واللون والنكهة الصناعية بديلا عن الأغذية التقليدية (الخبز الأسمر والبقول والمخللات و الزبادي واللبن الرايب .. الخ) وهي مكونات وجبة حوض البحر المتوسط الصحية، لذلك انتشرت امراض العصر الحديث من ارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسرطان وغيرهم المنتشرة في أغلب الدول المتقدمة.
وفي الدول النامية مثل مصر فإن أغلب الفاقد في الغذاء يحدث في بداية سلسلة امداد الغذاء في مراحل الزراعة والحصاد والنقل والتخزين لعدم توفر البنية التحتية من ميكنة زراعية ونقل مبرد ومخازن معقمة والأساليب الحديثة لمعاملات ما بعد الحصاد. ويمكن تقليل الفاقد في هذه المراحل بتوفير البنية التحتية المناسبة وتوعية المزارع من خلال المدارس الحقلية والنشرات الارشادية وتطوير محطات التعبئة واستخدام أساليب التعبئة والعبوات الحديثة والنقل المبرد.
كذلك في مرحلة التصنيع فإن تطبيق الممارسات التصنيعية الجيدة واستخدام العبوات الوظيفية ومتعددة الفتح والغلق وذات احجام تتناسب وطبيعة استهلاك السلعة ومدون عليها البيانات التغذوية وارشادات الاستخدام وظروف الحفظ للتسهيل على المستهلك والحد من الفقد في الغذاء.
يقل مقدار الفاقد والهدر في الدول الفقيرة والنامية عند مرحلة الاستهلاك بالمقارنة بالدول الغنية والمتقدمة نظرا لاختلاف الظروف الاقتصادية للمستهلك وأساليب تسويق الغذاء. لذلك فإن توعية المستهلك بترشيد استهلاك الغذاء وتوفير الأغذية بأحجام تتناسب مع احتياجاته وتوفير الخضر والفاكهة محدودة التجهيز بأسعار مناسبة يشجع على تغير النمط الاستهلاكي للغذاء للأسرة ويقلل من الفاقد والمهدر من الغذاء. وتوعية وتدريب ربة المنزل والشباب بالتخطيط للشراء قبل التسوق وبالاستفادة من موسمية الخضر والفاكهة وهي رخيصة لإعداد وجبات مغذية بالمنزل وممارسة عمليات التصنيع الغذائي البسيطة مثل التجفيف والتخليل وعمل مركزات العصائر والمربات ومنتجات الألبان يحسن من الحالة الصحية ويحقق الامن الغذائي وسلامة الغذاء لأفراد الأسرة المصرية.
ويساعد على ذلك تدريب ربة المنزل على كيفية التصنيع والتعبئة واختيار العبوة الجيدة وظروف التخزين المناسبة لهذه المنتجات لإطالة فترة الصلاحية لها. هذه الأنشطة يمكن للشباب بالقرية استخدامها في إقامة مشروعات صغيرة ناجحة داخل القرية ولمن حولها.
ويقدم معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية من خلال الاقسام المختلفة به دورات تدريبية عملية على التصنيع الغذائي لمختلف المنتجات الغذائية وعلى استخدام أساليب التعبئة والتغليف وكيفية عمل دراسات الجدوى لمشروعات انتاج الغذاء وتقديم برامج التدريب والتوعية والتثقيف الغذائي للفئات المختلفة من الشباب والعاملين بالمصانع وطلاب الجامعات وكذلك ربات البيوت.
أ.د/ سمير محمد حسين ربيع – رئيس بحوث متفرغ
قسم هندسة التصنيع وتعبئة وتغليف الأغذية – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية – مصر