أخباراقتصاد أخضربيزنس الزراعةخدماتمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : أشكال حماية حقوق الملكية الفكرية في قطاع الزراعة

تعد الثورة الخضراء التي بدأت في الستينات انجازاً تكنولوجيا عالميا مازالت آثاره هائلة حتى الآن، فاستخدام الأصناف المحسنة والزراعة العضوية والأسمدة المعدنية والري المتطور والتكنولوجيا الزراعية الحيوية في إنتاج المحاصيل المختلفة، وما ترافق معه من استثمارات في البنية الأساسية المؤسسية وبرامج البحوث والإرشاد أدت إلي زيادة الإنتاج الزراعي والإنتاجية على نطاق واسع.

ومنذ وقت الثورة الخضراء وحتى الآن، بقت العلوم التكنولوجية تحتل مركزاً بالغ الأهمية لتوفير الأدوات اللازمة لزيادة الإنتاج الزراعي في النظم الزراعية المختلفة وزيادة الاهتمام بتغذية النباتات والإدارة المتكاملة للآفات، وتبني المناهج الإيكولوجية لكي تعكس القيود البيولوجية السائدة في الإنتاج الزراعي.
وحاليا تقدم التكنولوجيا الإحيائية إسهاماً مباشراً في خدمة الزراعة المستدامة والحد من استخدام الكيماويات الزراعية ومكافحة الآفات التي لم تتغلب عليها التقنيات الموظفة حاليا، فمن شأن تطوير زراعة محاصيل أكثر تلاؤما مع البيئة وذات قدرات جديدة على تحمل الضغوط الإحيائية وللإحيائية أن تعزز مستويات إيجابية الإنتاجية.

وخلال العقود الخمسة الأخيرة تحققت زيادة في إنتاجية المحاصيل الزراعية من خلال الإنجازات العلمية في مضمار تربية النباتات مع المجموعات التكنولوجية المتكاملة مما أتاح تحقيق وفرة في غلات المحاصيل نتيجة الخبرات التي اكتسبها المزارعين والمنتجين، وهذا مرتبط بوجود أسواق لتسويق إنتاجهم المتزايد، وإذا لم يجد المنتجين أسواقا وأسعار منصفة لإنتاجهم امتنعوا بالأخذ بالأساليب المحسنة.

ورغم هذه التطورات الهائلة في الزراعة، إلا أنه لا يزال دور التكنولوجية الحيوية موضوع جدل دولي شديد فيما يتعلق بجوانبها الأخلاقية وسلامتها وحقوق الملكية الفكرية.

الأسمدة العضوية كانت المصدر الوحيد  لإمداد المحاصيل بالعناصر الغذائية

وكانت الزراعة منذ القدم زراعة عضوية، وكانت الأسمدة العضوية هي المصدر الوحيد لإمداد المحاصيل بالعناصر الغذائية، إلي أن استخدمت الأسمدة الكيماوية في منتصف القرن التاسع عشر، حيث استخدمت بتوسع في تغذية المحاصيل بدلا من الأسمدة العضوية، واستخدمت أيضا المبيدات الكيماوية في مقاومة الآفات والحشرات بدلا من المقاومة اليدوية، أي أن التطور الزراعي اعتمد إلي حد كبير على استخدام الكثير من العناصر الإنتاجية من خارج المزرعة، ونتج عن التوسع في استخدام الكيماويات في الزراعة إلي ظهور مشاكل عديدة مثل: تدهور خصوبة التربة، وتدهور البناء الأرضي نتيجة تناقص محتوي التربة من المادة العضوية، وارتفاع نسبة الرطوبة في الكثير من المحاصيل مما أضعف قدرتها على تحمل فترات التخزين وارتفاع الفاقد منها، وانخفاض مذاق وطعم بعظم المحاصيل وانخفاض محتواها من البروتين والفيتامينات والمعادن، وتلوث المنتجات الزراعية بالمواد الكيماوية الضارة مثل النترات والفوسفات، وتلوث مياه الري السطحية والجوفية بالكيماويات الضارة، تلوث البيئة الزراعة بشكل عام.

وللتغلب على المشاكل التي نتجت من الإفراط في استخدام الكيماويات وتحسين نوعية المنتجات الزراعية والتقليل من الآثار البيئية الضارة، تم الرجوع إلي نظام الزراعة العضوية لإنتاج غذاء نظيف آمن وخالي من المواد الضارة بصحة الإنسان والحيوان. هذا وقد ظهرت في الأسواق العالمية العديد من المنتجات العضوية، كما ظهرت في أسواق البلدان المتقدمة العديد من الزراعات المنتجة عضوياً، وأصبحت هذه المنتجات هي أهم الأسواق الأعلى سعراً، وووصل حجم مبيعاتها تمثل نحو 12% من حجم مبيعات السلع الزراعية في العالم.

نظام متكامل بيئيا وبيولوجيا
والزراعة العضوية هي نظام متكامل بيئيا وبيولوجيا الهدف منه متكامل نظم الإدارة المزرعية التي تهتم بصيانة وزيادة إنتاجية الموارد المزرعية، ومع زيادة الاهتمام بقضايا البيئة والصحة، تزايد معه الاهتمام بالتجارة والبيئة، والذي أدي إلي وضع مقاييس صارمة نتيجة تطبيق المواصفات القياسية على الصادرات الزراعية في الأسواق العالمية، الأمر الذي نتج عنه رفض كثير من رسائل صادرات التي يثبت وجود بها مواد كيماوية زادة عن الحدود المسموح بها دوليا. وفي مصر نجح أسلوب الزراعة العضوية نتيجة توافر المقومات المشجعة على ذلك خاصة الأنواع المطلوبة في الأسواق الخارجية، حيث تم إنتاج محاصيل مطابقة لمواصفات التصدير كالبطاطس والفاصوليا والنباتات الطبية والعطرية والفراولة والطماطم والفلفل والبصل والثوم وغيرها من المحاصيل التصديرية. وعلى الرغم من أن المساحة المنزرعة حاليا تبلغ حوالي 60 ألف فدان، إلا أن هذه المساحة تعتبر متواضعة نسبياً، وهذا راجع إلي أن الاهتمام بالزراعة العضوية موجهه أساسا للتصدير، وإهمال إنتاج محاصيل بالزراعة العضوية للاستهلاك المحلي ، ومع تزايد القيود غير الجمركية كتدابير الصحة والصحة النباتية(SPS) والحواجز التقنية أمام التجارة (TBT) والتي أصبحت المعوق الرئيسي للتجارة في الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني.

وتعتمد الزراعة العضوية على بقايا المحاصيل وسماد المواشي والبقايا العضوية من مختلف مصادرها لإمداد النباتات بالعناصر الغذائية، والقيمة الغذائية للسماد العضوي تتوقف على مكوناته من النتروجين، مع فقر في أغلبها من الفوسفور والبوتاسيوم والعناصر الصغري، أي أن الأسمدة العضوية ليس لها اتزان في محتواها من العناصر السمادية، كما الإنتاج المحصولي الناتجة من الزراعة العضوية يكون منخفضاً بالمقارنة بالزراعة باستخدام الأسمدة الكيماوية.

أشكال الملكية الفكرية:
• براءات الاختراع (Patents): تحمي المخترعات في جميع مجالات التكنولوجيا شاملة المواد الحية والكائنات الدقيقة والنباتات اللاجنسية التكاثر، كما تشمل المنتجات الكيميائية المتعلقة بالأغذية والكائنات الدقيقة، والعمليات الميكروبيولوجية الدقيقة وغير البيولوجية لإنتاج النباتات والحيوانات، والعمليات البيولوجية لإنتاج النباتات. وتستثني من منح البراءات النباتات والحيوانات والطرق البيولوجية لإنتاج الحيوانات والأعضاء والأنسجة الحية، والحمض النووي والجينوم، والمخترعات المخلة بالنظام العام والأدب أو الإضرار الجسيم بالبيئة أو الإضرار بحياة أو صحة الإنسان أو الحيوانات أو النباتات.
• نماذج المنفعة: وهي ما تعرف بالبراءات الصغيرة، وتمنح لكل إضافة فنية جديدة في شكل أو تكوين وسائل أو أدوات أو عدد أو منتجات أو مستحضرات أو طرق إنتاج أي من التكنولوجيات الممنوح عنها براءات اختراع في الزراعة. وتسمح بمجال ومدة حماية أصغر للمبتكرات الزراعية الأكثر محدودية والتي تناسب التحسينات الصغيرة أو التطويعات التي يتميز بإضافتها الحرفيون، ومدة حماية هذه النماذج سبع سنوات.
• العلامات والبيانات التجارية: هي كل ما يميز منتج سلعي أو خدمي عن نظيره في الزراعة، وتشمل خاصة الأسماء المميزة الشكل والكلمات والحروف والرسوم والرموز وأي خليط منها ، ويتضمن ذلك شكل العبوة التي تشكل المظهر التجاري العام للمنتج في الأسواق أو أي تصميم أو كتابة أو نقش عليها، وهو ما يعرف بالمظهر التجاري(Trade Dress). وتحدد العلامة منتجا أو مورد سلعة أو خدمة معينة. وتستخدم لتمييز منتج أو استغلال زراعي أو للدلالة على مصدرها أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريق تحضيرها أو للدلالة على أداء خدمة.
• العلامات التجارية الجماعية: تستخدم لتمييز منتج أو خدمة ينتجه مجموعة من الأشخاص ينتمون إلي كيان معين (ولو كان لا يملك بذاته منشأة صناعية أو تجارية. وتوضح الأصل التجاري للسلع والخدمات الزراعية في أعضاء جمعية معينة أو في منطقة جغرافية معينة. كما قد توضع علامة معتمدة تحدد استيفاء معايير منظمة اعتماد معينة في سلعة أو خدمة زراعية(مواصفات قياسية).
• البيان التجاري: هو أي إيضاح عن الجهة والبلد التي أ ُنتج فيها المنتَج الزراعي أو طريقة إنتاجها أو العناصر الداخلة فيها أو عددها أو مقدارها أو مقاسها. لا تسجل العلامات المضللة أو الملتبسة أو المتضمنة بيانات كاذبة عن المصدر أو الصفات أو العلامات الخالية من أي صفة مميزة أو التي تقتصر على مجرد الاسم العام للمنتج، فيجب أن تكون العلامات مميزة عن علامات الغير، والفروق الضئيلة لا تكفي لتجنب الانتهاك. كما يملك العلامة من سجلها واستعملها خمس سنوات تالية للتسجيل دون منازعة من الغير، ولا يشترط لتمتع صاحب العلامة المشهورة عالمياً وفي مصر بالحماية أن يسجلها. ومدة الحماية عشر سنوات تجدد لمدد مماثلة بطلب من صاحب العلامة.
• المعلومات السرية غير المفصحة عنها(أسرار التجارة): تشمل المعلومات السرية غير المعروفة أو غير المتداولة بين المشتغلين في القطاع الزراعي، والأسرار التجارية والمعلومات التي تعتمد سريتها على الإجراءات التي يتخذها حائزها لحفظها. وتمتد إلي المعلومات غير المفصحة عنها التي تقدم للجهات المختصة للسماح بتسويق المنتجات الزراعية. ولا تمنع الحماية بها ـ عكس حماية الأصناف النباتية ـ اكتشاف السر بواسطة طرف أخر بأي طريقة من طرق الهندسة العكسية، أي أن السر يجب ألا يكون قابلا للاكتشاف بعد تسويق المنتج وخضوعه للتحليل الدقيق.

• حماية الأصناف النباتية:

تغطي الأصناف الجديدة لجميع الأجناس والأنواع النباتية على ألا يقل عدد الأجناس والأنواع الخاضعة للتطبيق في السنة الأولي عن خمسة عشر، تتزايد حتى تغطي جميع الأجناس والأنواع قبل السنة الحادية عشر. ويشترط للتمتع بالحماية أن يكون الصنف جديداً ومميزاً ومتجانساً وأن يكون ثابتاً وأن يكون له أسم خاص.
• حقوق المربي: يتمثل حق المربي في منع الغير من الاستغلال التجاري للصنف النباتي المحمي بأي صورة من الصور، ولا يجوز لهذا الغير إنتاج أو إكثار أو تداول أو تسويق أو بيع أو تصدير أو استيراد مواد إكثار هذا الصنف إلا بموافقة كتابية من صاحب الحق.
• المؤشرات الجغرافية(بلد المنشأ): تُحدد منشأ سلعة ما في منطقة أو جهة جغرافية في دولة متى كانت النوعية أو السمعة أو السمات الأخرى لها ترجع أساسً إلي منشأها الجغرافي، ويشترط لحماية مؤشر اكتسابه الحماية في أحد الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، كما يجوز أن يطلق على بعض النواتج أسماء جغرافية أصبحت دالة تجارياً على جنس المنتج دون منشأها الجغرافي، ولا يمكن تسجيلها كعلامات تجارية إذا كانت تضلل المستهلكين بشأن منشأها الحقيقي.

ويجوز تسجيلها كعلامات تجارية إذا كان الحق في العلامة قد أكتُسب قبل العمل بالقانون أو قبل منحه الحماية في بلد المنشأ. ويسمح لجميع من في المنطقة باستخدام الاسم، وتمنع الاستخدام غير القانوني للاسم لغيرهم، وتتولي الحكومة أو منشأة أهلية تقديم طلب حماية هذا الاسم.


ا. د على عبد الرحمن رئيس الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية والبيئة





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى