إحذر سخط الله.. لأنه لا عاصم لنا من أمره….من الايات التى الناس عنها فى غفله هى قوله تعالى( ويحذركم الله نفسه ) وهذا التحذير ..تنبيه لنا حتى نجعل بيننا وبين غضب الله وسخطه وقاية …لانه اذا سخط علينا فلا عاصم لنا من أمره ..
ومما يؤدى إلى غضب الله وسخطه الكفر به ..وإلافساد فى الارض والظلم ..وكثرة النعم التى لاتؤدى شكرها ..وتكون سببا للتجبر والتكبر والغرور والظلم فيطغى الانسان بها يقول تعالى (كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى ) وأيضا مما يؤدى إلى غضب الله وسخطه كثرة المعاصي والذنوب وإلاصرار عليها.
ولذلك هناك العديد من الأيات القرآنية التى تحذر الإنسان الغافل عن تلك الحقيقة يقول تعالى﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ فإياك أن تظن أنك ستفلت بأفعالك…فأنت إلى الله راجع …
وهناك نمازج كثيرة ومتنوعه ضلت الطريق وكفرت بأنعم الله فاستحقت غضب الله وسخطه وعوقبت ولم يمنعهم من الله أحدا. يقول تعالى (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )
وسنأخذ ثلاثة نمازج ..قصها علينا القرآن. حتى نأخذ منها العظة والعبرة
النموذج الأول( فتنة المال والعلم )
قارون الذى أنعم الله عليه بالعلم والمال ..لكنه نسى المنعم ونسب الفضل لنفسه .و(قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚأَوَلَمْ يَعْلَمْ) وطغى وتجبر وأفسد فى الارض .وفتن الناس .وتعالى عليهم وفتنهم
يقول تعالى( فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ۖ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ )
فاستحق غضب الله وسخطه وخسف به وبماله وداره الارض
يقول تعالى (فخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ ) فهل نفعه ماله أو علمه أو من كانوا يحيطونه به من أمر الله !!
النموذج الثانى ..(فتنة الملك والقوة.)
فرعون الذى انعم الله عليه وأعطاه ملك مصر وقوة الجند وخيرات مصر… لكنه ظلم وقتل وتجبر وأفسد واغتر بالنعم وقال انا ربكم الاعلى يقول تعالى(.إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)
.فاستحق سخط الله وغضبه عليه فاغرقه هو وجنوده يقول تعالى {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُغْرَقُونَ} ونجاه الله ببدنه حتى يكون لمن خلفه آية حتى يرى الناس نهاية من ظلم وتجبر وادعى الألوهية …!!
النموزج الثالث (فتنة الحسب والنسب والعقل )
سيدنا نوح وابنه .. عندما دعا ألاب إبنه بروح الاب وحرصه على نجاة ولده كى يركب معه السفينة ولايكن مع الكافرين ..حتى لايهلك يصور ذلك القرآن فى قوله تعالى(وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) فكان رد ألإبن المتعجرف بنسبه وعقله بأنه سيصعد إلى الجبل…ويحتمى به..،( قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ) ويعاود الاب مرة أخرى ويحذره أن القضية ليست الهروب من الماء ولكنه لايستطيع ان يهروب من عقاب الله للكافرين ويسجل القرآن ذلك الموقف يقول تعالى ( قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ).
وعندما لم يستجب الابن لوالده لم يجد سيدنا نوح بدا الا ان ينادى ربه قائلا ..(وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)
فكانت الإجابة القاطعة التى ليس فيها مجاملة بل فيها تحذير من رب العالمين ( قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)…
لقد ظن ابن سيدنا نوح انه سيهرب من الماء لذلك قال. الجبل (يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) الذي سيلاحقه، ولم يعلم المسكين بأن غضب الله وانتقامه هو الذي يلاحقه، وأنه لا عاصم له من أمر الله (لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ) كما نلاحظ فى قوله تعالى (فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) أى هناك من أغرقه وأغرق الآخرين، أُغرقوا عذابًا وعقابًا (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا )
وقال ابن تيمية رحمه الله فى هذه ألاية عندما قال الابن (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) فقد استخدم الابن العقل فالجبل مرتفع وعندما قال الاب ( لا عاصم اليوم مِن أمر الله إلا مَن رحم)هذا وحي من الله لنبيه بانه سيهلك الكافرين بالغرق وعندما (وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) هذه نتيجة لمن يبتعد عن معية ربه.ويتبع ..هواه …
الدروس المستفادة
البعض يطغيه ماله او سلطانه أومنصبه ونسبه وحسبه ..ويظن بأن له عقل راجح يستطيع أن يدبر ويفكر ويخطط….وينسى قدرة الله عز وجل وينسى أن ميزان التفاخر عند الله مختلف ليس بالمال او بالجاه ولكن بالتقوى والعمل الصالح ..يقول تعالى( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
كما ان البعض يخطط ويدبر ويعتقد امه يملك زمام الامور كلها بيده .. وينسى أن تدبير البشر ضعيف أمام تدبير رب البشر يقول تعالى ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ).
والبعض يقيم المواقف تبعا للمكسب والخسارة والفقر والغنى والحسب والنسب ..مع ان المؤمن الحقيقي المبادئ لديه ثابته لاتتغير ولا تتجزأ يقول النبى صلى الله عليه وسلم مؤسسا للمبادئ والمثل العليا ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ) وعلينا أن نعلم أن الله لايحابى أحدا..حتى ولو كان نبيا مرسلا فقد عاتب نبيه فى الاعمى الذى جاء يسأله واغرق ابن نبيه المرسل .. .
فإياك والغفلة عمن جعل لحياتك أجلاً. ولأيامك وأنفاسك أمداً،
ومن كل ما سواه بداً ولا بد لك منه
و إذا حالت أمواج الذنوب بينك وبين الله ؛فاستعصم به لعل رحمته تصيبك فتنجيك .
وعلى ألانسان ان يحمد الله ويشكره ويرضى بما أنعم الله به عليه من النعم…وفى ذلك يروى أن سيدنا عمر بن الخطاب مرَّ..ذات يوم برجل. فإذا بالرجل يدعو ويقول: “اللهم اجعلني من عبادك القليل”. فقال له سيدنا عمر :من أين أتيت بهذا الدعاء؟ فقال الرجل: إن الله يقول في كتابه العزيز : “وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”فبكى سيدنا عمر وقال : كل الناس أفقه منك يا عمر !
نَحن دائماً نتقلب في نِعم الله
فتارة يُسرٍ و تارة عسر وكِلاهما نِعمة ففي اليُسر يكون الشُكر “وسيَجزي الله الشاكِرين” و في العُسر يكون الصَبر “إنما يوفى الصابِرون أجرهُم بِغير حساب”
فسلاماً للذين يؤمنُون بقسمةِ اللهِ وعدله. وأنّ كلَّ شيءٍ زالَ منهم زالَ عنهم وأنّ كلَّ ما ذهب من أيديهم
لم يكن بالأصل لهم. وأن عطاء الله رحمة..ومنعه حكَمة
كما أن من تمام الإيمان أن نؤمن بحكمة الله. التي لا نراها
كما نؤمن برحمته التي نراها..
فإذا أراد الله شيئاً ..تعطّلت قوانين الطبيعة فحينئذٍ :
البحر لا يُغرق والنار لا تُحرِق ..
والجبل لا يعصِم والحوت لا يهضِم
والعذراء تلد، فلا تُقل “مستحيل”
وما كان مقدرًا لك.
سيأتيك ولو كان بين جبلين
و ما لم يكن مقدرًا لك..لن يأتيك ولو كان بين شفتيك..
وما كان مقسوماً لك سيأتيك رغم ضعفك….وما لم يكن لك لن تناله بقوّتك
عش حياتك قريرًا، مطمئنًا، موقنًا
واثقًا بأن لا أحد يستطيع أن يغلق باباً..فتحه الله لك ولو تظافر عليك الإنس والجن ..
فالحمدلله حمداً تطيب به حياتنا وتضمّد به أرواحنا الحمد لله لأن رحمته تحفّنا وفضله يغمرنا الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
جمعتكم طيبة مباركة
ا.د / ابراهيم حسينى درويش