أخبارمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : إبتعد عن الذنوب التى تورث الفقر  ( نفحات الجمعة)

الفقر هو الحاجة وهو مشتق من إنفقار اى انكسار الظهر من شدة الحاجة و عدم امتلاك الإنسان ما يكفيه من المال، مع عدم قدرتهِ على الكسب.
اما المسكين هو الذي لا يمتلك ما يكفيه من مالٍ، لكنّه قادرٌ على العمل والكسب، وهذا أفضل حالًا من الفقير…
وعامة الفقر قد يكون ابتلاء او يكون علامة عن الخلل والبعد عن الطريق المستقيم .سواء فى الدنيا او الاخرة… .والفقر له صور متعددة ..

اولا… الفقر فى المال

وفقر المال والرزق هو ابتلاء لكن مع عظم هذا الابتلاء إلا انه هو أهون إبتلاءات الفقر ..وقد ابتلى بغقر المال الانبياء والصالحون ..وعوقب به ايضا الذين يبخلون ..ويبتعدون عن المنهج الربانى ..
والفقر وقلة الارزاق للانبياء والاولياء تمحيص وترفع عن الدنيا ورفع درجات ..وكان النبى صلى الله عليه وسلم وهو اكرم الخلق على الله يربط الحجر على بطنه من الجوع ..ويعيش الاشهر المتتالية على الاسودين التمر والماء ..
وايضا فى عصر عمر الخطاب رضى الله عنه المعروف عنه العدل كان عام الرمادة .ويشير الى ذلك قول الله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍمِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون)..

ثانيا… الفقر فى الاخلاق

اخطر انواع الفقر ..
هو فقر الاخلاق والفكر.. والمبادئ… عندما تسوء ألاخلاق ويحل الجشع…ويتحول المجتمع الى قلوب قاسية .تنحدر القيم ..وتتحول العلاقات من علاقات الود والمحبة الى علاقات تسودها التسلط والاستغلال والتعالى ..ويوضح الحق سبحانه ان الارزاق هى ابتلاءات .. لكن تضيق الارزاق قد يكون سببها الجشع ..وعدم البركة لزيادة الظلم والاستغلال يقول تعالى
(فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ,وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ، كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ , وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ , وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا , وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)…

ثالثا .. فقر الاحبة والاصدقاء

فقر الاحبة والاصدقاء الاوفياء.. وهو نتيجة طبيعية لفقر الاخلاق
.فالفقر الحقيقي هو فقر الأخلاق فسوء الاخلاق لن تبقى لك حبيبا أو صديقا ..
ولذلك قيل أن فَقر الأخلاق لا غِنى بَعده..لانه صعب عليه ان تعاد تربيته بينما فقير المال قد يصبح غنيا في لحظات بأمر الله ..
كما أجمع الحكماء على أن فقر المال لا يُنْقِص من الشرف شيئا،
لكن فقر الأخلاق لا يُبقي من الشرف شيئا..

وفى ميزان الصداقة ..يمكن ان تصادق وتعاشر انسان قل ماله . مع سمو اخلاقه . ..لكن من الصعب ان نتحمل …سوء الاخلاق
لان الأخلاق… والأدب من قوام المجتمع وعماده وهى اساس العلاقات بين البشر
ولا يمكن أن يستقيم أي مجتمع بدون أخلاق وأدب …
ولكل شيء زينة في الورى وزينة المرء تمام الأدب…
لذلك كانت زينة النبى صلى الله فى اخلاقة فقد قال عن نفسه انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ..وقال عنه ربه عز وجل ( وإنك لعلى خلق عظيم )..
ولفت انتباهنا المولى عز وجل بأدبيات التعامل بين البشر ..والذى كانت سببا فى نجاح دعوة النبى الكريم وحب صحابته له عندما قال عز وجل :” ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك”..
فالكلمة الطيبة والمنطق الجميل مفتاح القلوب والعقول، من يملكهما تفتح له كثير من أبواب الخير..والكلمة القاسية او التعامل مع الناس بغلظه وفظاظة وجرح للمشاعر ..يجعل الناس تنفر منه وتنفض من حوله ..وما قيمة اى انسان إذا اصبح وحيدا ..والكل نافر منه..!! ما أفقر هذا الانسان ؟

علاج الفقر

اولا ..يختلف العلاج على حسب نوع الفقر .. من خلال القاعدة التى تقول ( ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة..)
وبالتالى فإن اجراء التصحيح يشتمل على امرين .
الامر الاول ..مراجعة النفس والاعمال والاخطاء والذنوب والسلوكيات ..من باب الاخذ بالاسباب ..
الامر الثانى .. يتعلق بالتوبة والمقصود منها الرجوع عن السياسات الخاطئه والذنوب المهلكة والاخلاق السيئة وتعديل المسار الى طريق الاستقامة..والتوبة الى الله عز وجل باتباع القيم والتحلى بمكارم الاخلاق
ثانيا ..نشر ألأمل والتفاؤل والدعوة الى العمل والتعلق بالله عز وجل .
وعلينا ان نكون باعثين للأمل ،داعين للعمل ، موقنين ان لنا رب كريم هو الرزاق ذو القوة المتين .قال الحسن البصري:
“قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن ﷲ قدّر الأرزاق وضمنها لخلقه،وقرأت في موضع واحد:﴿الشيطان يعدكم الفقر﴾”
فهو يُخوفنا…فقر المال…
أذا تخويف الناس من الفقر.سلوك غير. رشيد لكن نخوفهم من التكاسل وعدم العمل و الذنوب التى تجلب غضب الرب فيعاقبنا بالفقر،..ونحذرهم من السلوكيات والتعاملات .. التى تورث الفقر ..
وكان النبيﷺيحب الفأل والبشارة وقد قال له ربه:﴿فبشِّر عِبادِ﴾فقال لأمته:«أبشِرُوا وأمِّلُوا ما يَسُرُّكم،فوﷲِ ما الفقر أخشى عليكم…»”.

ثالثا…الاخذ بالاسباب ومحاسبة من ينحرف عن الطريق
فلايليق بنا ان نتكلم بافضل الكلمات ،وناتى بأقبح الافعال والاعمال ،ندعى التدين وحسن الاخلاق ،الكل لايرى الا نفسه ويمدح عبقريته وذاته ،ولا ينظر الى قبيح صفاته ،ننام ونستيقظ على الكذب والنفاق ، نمدح الفاشلين ،ونتملق الكاذبين ، ولانحاسب الفاسدين ،
وبعدنا عن الدين فلم نطعم جوعان او نكسو عريان .. ولم يعد يعنينا جنة او نيران ..وكثر فينا الحيتان الغارقون فى اكل الحرام ومص دماء الناس، علينا ان نرحم الناس .ولا نستغل احتياج الناس ..كفانا انانية …

رابعا ..التعاون والايثار فى الازمات

يعرف إيمان الرجل على حسب حسن أخلاقه وبقدر عطائه وايثاره ومحبته للناس وتعاونه معهم يقول النبي ﷺ: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسلمه يعني: ولا يخذله، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة…
و يقول تعالى ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناكم ماء غدقا )…
فاللهم نسألك بحق المستضعفين الاطفال الرضع ،والشيوخ الركع، والبهائم الرتع،أن تلطف بنا وببلادنا، واصلح قلوبنا واحوالنا، وارفع عنا الغلا والوبا،وكل مايحزننا وردنا اليك ردا جميلا .
جمعتكم طيبة مباركة

ا.د / ابراهيم درويش .





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى