أخباردرسات وابحاثمقالات

الدكتور أحمد أنور يكتب : ما هو مرض الليشمانيا وكيفية المكافحة والوقاية منه

مرض الليشمانيا هو مرض طفيلي يسببه طفيل أولي يعيش ويتكاثر داخل خلايا تسمى الخلايا البلعمية الكبيرة (Macrophages) في أنسجة الجسم بالجلد والأغشية المخاطية والأحشاء الداخلية في الإنسان والكلاب وبعض الحيوانات البرية. تحدث الإصابة في المناطق التي تتواجد فيها ذبابة صغيرة الحجم تسمى ذبابة الرمل (Sand fly) (Phlebotomus) حيث تنتقل الإصابة عن طريق أنثى هذه الذبابة أثناء تغذيتها على الدم ويحدث بداخلها تطور وتكاثر للطفيل. الكلاب والقوارض والثعالب هم خازن للعدوى (Reservoir hosts) ويمكن أن تصاب الكلاب بالمرض. القطط والخيول نادراً ما تصاب وتكون بدون أعراض أو تظهر عليها أعراض طفيفة.

طرق إنتقال العدوى للإنسان والحيوان:

عن طريق أنثى ذبابة الرمل الحاملة للطور المعدي أثناء إمتصاص الدم من الإنسان أو الحيوان المصاب أو الخازن للعدوى إلى الإنسان أو الحيوان السليم. يمكن أن تنتقل العدوى أيضاً بالتلامس المباشر مع إنسان أو حيوان مصاب عند ظهور الأعراض الجلدية عليه. يمكن أن تنتقل العدوى أثناء نقل الدم من إنسان مصاب إلى إنسان سليم. قد تحدث الإصابة أيضاً عند إبتلاع ذبابة الرمل الحاملة للعدوى بطريق الصدفة أو هرسها على جلد أو أغشية مخاطية بها جروح.

 

ذبابة الرمل (Sand fly) (Phlebotomus):

ذبابة صغيرة الحجم لونها أصفر أو تميل إلى البني طولها من 3-5 ملليمتر (تقريباً طول ذبابة الهاموش) جسمها وأجنحتها مغطاه بشعر كثيف وأرجلها طويلة وصدرها محدب وأجنحتها رمحية الشكل تكون عمودية على الجسم في فترة السكون. يوجد منها حوالي 700 نوع. تتواجد في المناطق الإستوائية وشبه الإستوائية وتفضل الأماكن شبه الجافة متوسطة الرطوبة ودرجة حرارة من 15-25 درجة مئوية. ذكورها تتغذى على رحيق النباتات فقط وأنثاها تتغذى على دم الإنسان وبعض الحيوانات. تنشط في الليل فقط وتختبىء نهاراً في الأماكن المظلمة داخل الشقوق وتجاويف الأشجار وأسفل الصخور وداخل الكهوف وجحور القوارض. تضع الأنثى حوالي 40-80 بيضة في المرة الواحدة في الأماكن المظلمة الرطبة وتتغذى يرقاتها على المواد العضوية والنباتات المتحللة وبراز والفئران والزواحف. تكتمل دورة حياة ذبابة الرمل في حوالي 6 أسابيع.

 

دورة حياة طفيل الليشمانيا:

ذبابة الرمل الحاملة للعدوى يوجد بداخل فمها الطور المعدي لليشمانيا الذي يسمى Promastigote ذو شكل مغزلي وله ذيل. عندما تمتص أنثى ذبابة الرمل الحاملة للطور المعدى دم إنسان سليم يفرز لعابها مواد موسعة للأوعية الدموية تسهل من عملية إنتقال هذا الطور المعدي إلى جسم الإنسان. الطور المعدي المغزلي تبتلعه خلايا تسمى بالخلايا البلعمية (Macrophages) حيث يتطور بداخلها إلى طور آخر يفقد ذيله ويصبح ذو شكل بيضاوي يسمى Amastigote ثم ينقسم داخل هذه الخلايا عدة إنقسامات تؤدي إلى إنفجارها وإصابة خلايا جديدة. عندما تمتص ذبابة الرمل دم إنسان مصاب بالليشمانيا فإنها تأخذ العدوى بالطور البيضاوي المسمى Amastigote الذي يتحول داخل معدة الذبابة إلى الطور المغزلي المعدي Promastigote وينقسم إلى عدة إنقسامات ثم ينتقل إلى فم الذبابة لتنقل العدوى إلى إنسان آخر سليم عند عضه وإمتصاص دمه مسببه له الإصابة بمرض الليشمانيا.

 

الصور المرضية لطفيل الليشمانيا:

  • الليشمانيا الحشوية (Visceral leishmaniasis):

تسمى أيضاً حمى الدوم دوم (Dumdum fever) أو مرض الكلاآزار (Kala-azar) أو مرض الحمى السوداء. يسببه طفيل يسمى ليشمانيا دونوفاني (Leishmania donovani) إكتشفه وليم ليشمان (Sir William Leishman) سنة 1900 في مسحة من طحال جندي توفي بحمي في مدينة دوم دوم بالهند. الليشمانيا الحشوية تصيب الإنسان والكلاب والقوارض والثعالب. تحدث العدوى عندما تمتص ذبابة الرمل الحاملة للعدوى دم الإنسان السليم فتنقل له الطور المعدي الذي يتطور وينقسم وينتقل إلى الدم ومنه إلى الغدد الليمفاوية والأحشاء الداخلية خاصة الطحال والكبد والأمعاء ونخاع العظم حيث تتضخم هذه الأعضاء والأنسجة ويحدث إستسقاء وتضخم لمنطقة البطن. كما يتغير لون الأغشية المخاطية إلى اللون الباهت وظهور بقع نزفية عليها. فترة حضانة المرض من 10 أيام إلى عدة أسابيع أو 4 أشهر. تحدث حمى متقطعة وأحياناً رعشة وعرق شديد. يحدث إضطرابات هضمية وقيء وإسهال وصعوبة في التنفس وجفاف للجلد وتغير لونه إلى اللون الداكن أو الأسمر. يحدث أنيميا وهزال شديد وقد تنتهى بالوفاة إذا لم تعالج. أحياناً تظهر بعد الإصابة بالحالات الحادة لليشمانيا الحشوية عقد جلدية واضحة أو مناطق خالية من الصبغة (Dermal postvisceral-Kala-azar leishmaniasis).

 

  • الليشمانيا الجلدية (Cutaneous leishmaniasis):

يعرف المرض بالقرحة الإستوائية أو بثرة بغداد (Baghdad boil) أو قرحة دلهي (Delhi ulcer) أو قرحة الشرق (Oriental sore). هو مرض جلدي طفيلي يسببه طفيل الليشمانيا تروبيكا (Leishmania tropica) أو الليشمانيا ماجور (L. major). يتواجد في المناطق الحارة الجافة. تنتقل العدوى عن طريق ذبابة الرمل أو بالإختلاط المباشر. فترة الحضانة تتراوح بين 3 أيام إلى 6 أسابيع. تبدأ الإصابة بعد عضة ذبابة الرمل الحاملة للعدوي للجلد في الأماكن المكشوفة من الجسم مثل الوجه والأيدي والأرجل. تظهر مكان الإصابة بقع وبثور حمراء تتحول إلى قشور رقيقة تحتها قرح جلدية غير مؤلمة قد تختفي بعد عدة أسابيع أو شهور أو تتسع تدريجياً. قد تتعرض هذه القرح إلى عدوى ثانوية يصاحبها ظهور صديد مما يؤدي إلى تطور الحالة. تتورم الغدد الليمفاوية القريبة من مكان الإصابة. الليشمانيا الجلدية بعد شفائها تترك ندب ذات لون غامق في أماكن الإصابة وتحدث مناعة قد تستمر عدة سنوات. قد تتحول الإصابة بالليشمانيا الجلدية إلى ليشمانيا حشوية (Viscerotropic) يتضخم فيها الطحال ويحدث إلتهابات للغدد الليمفاوية أو تتحول إلى ليشمانيا جلدية مخاطية (Mucocutaneous).

 

  • الليشمانيا الجلدية المخاطية (Mucocutaneous leishmaniasis):

تسمى أيضاً Espunda or Uta leishmaniasis يسببها طفيل الليشمانيا برازلينسس (Leishmania braziliensis). تتشابه أعراضها مع أعرا ض الليشمانيا الجلدية ولكن تمتد الإصابة للأنسجة المخاطية والغضروفية في الأنف والفم والشفاه والبلعوم والأذن حيث تسبب تلفها وتشوهها وغالباً ما تتعرض لعدوى ثانوية. قد تمتد الإصابة إلى القصبة الهوائية وتؤدي إلى مضاعفات وعدوى ثانوية في الجهاز التنفسي قد تؤدي إلى الوفاة.

 

مرض الليشمانيا في الحيوانات:

القطط والخيول نادراً ما تصاب بالليشمانيا. الكلاب تصاب بالليشمانيا الجلدية وتعتبر خازن للمرض وتحتاج عدة أشهر أو سنين حتى تظهر عليها أعراض المرض وتتشابه أعراضها مع الأعراض في الإنسان. في الكلاب يحدث زيادة في سمك الجلد وقشور وتقصف وسقوط للشعر وتقرحات جلدية على الأنف والشفاه وجفون العين والأذن وإلتهابات بالقرنية والغشاء المخاطي العين وقد تصل إلى العمى. يحدث تضخم في الطحال والكبد والغدد الليمفاوية. كما تصاب بالإسهال والقيء والأنيميا والهزال وتنتهي بالنفوق. في بعض الحالات يحدث إطالة في الأظافر وتشققها.

الكلاب يمكن أن تتعرض أيضاً للإصابة بالليشمانيا الحشوية حيث يحدث في البداية سقوط للشعر حول العينين يعقبه سقوط عام للشعر في الجسم وتقرحات جلدية و حمى متقطعة وتضخم الغدد بالليمفاوية والطحال والكبد وفقر دم وفقد للشهية وهزال وضعف عام وتدلي في البطن وأوديما في الجسم وقد يحدث نزيف من فتحات الجسم.

 

تشخيص مرض اللليشمانيا:

  • عن طريق الأعراض والتاريخ المرضي للحالة وتعرضها للمسبب المرضي سواء عضة ذبابة الرمل أو التلامس المباشر أو نقل دم من إنسان مصاب.
  • تؤخذ كحتات من حواف القرح الجلدية أو الأغشية المخاطية المصابة وتوضع على شرائح زجاجية وتفحص تحت الميكروسكوب بعد تثبيتها بالكحول الميثيلي وصبغها بصبغة الجيمسا.
  • في حالات الليشمانيا الحشوية يتم التشخيص عن طريق الفحص الميكروسكوبي لعينات الدم أوعينات بذل من الأنسجة المصابة مثل الغدد الليمفاوية والطحال ونخاع العظم بعد صبغها أيضاً بصبغة الجيمسا.
  • زرع العينات معملياً على مستنبت يسمى (NNN medium).
  • حقن عينات في بعض حيوانات التجارب المعملية مثل الهامستر.
  • إختبار الحساسية بالحقن في الجلد (Montenegro test) للحالات المشتبه في إصابتها.
  • الإختبارات الجزيئية مثل إختبار تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR).
  • الكشف عن الأجسام المناعية باستخدام بعض الإختبارات السيرولوجية(ELISA – IFA) .
  • فحص ذبابة الرمل في المناطق التي تظهر بها إصابات للكشف عن أطوار الطفيل بداخلها.

 

طرق المكافحة والوقاية من مرض الليشمانيا:

  • المتابعة المستمرة لأماكن تواجد وتكاثر ذبابة الرمل الناقلة للمرض في المناطق الموبؤة ومكافحتها باستخدام المبيدات الحشرية الآمنة والمواد الطاردة.
  • استخدام النوافذ المنزلية ذات الأسلاك المانعة لدخول الذباب ذات الثقوب الصغيرة المتناسبة مع حجم ذبابة الرمل.
  • مكافحة القوارض مثل الفئران أحد العوائل الخازنة للمرض.
  • الفحص الدوري للكلاب والقطط المنزلية والضالة وعلاجها ويفضل التخلص الفوري منها بالطرق الإنسانية الصحية الآمنة حتى لا تكون مصدر لنقل المرض للإنسان لأنها خازن للمرض.
  • علاج الحالات المصابة بمرض الليشمانيا بمعرفة الطبيب المختص لتحديد نوع وجرعة الأدوية المناسبة لكل حالة حسب نوع الإصابة بطفيل الليشمانيا وحالة المريض الصحية والمناعية.
  • في بعض البلدان توجد بعض المحاولات لإستخدام الفاكسينات في الوقاية من المرض.
  • النظافة العامة والشخصية والتخلص الصحي من القمامة والمواد العضوية
  • تجنب الإختلاط بالحالات المصابة.
  • عمل دورات تثقيفية توعوية للتعرف على المرض وأعراضه وكيفية إنتقالة وطرق المكافحة الوقاية منه.

أ.د. أحمـد أنـور وهبـه

أستاذ الطفيليات – معهد بحوث الصحة الحيوانية بالدقي – مركز البحوث الزراعية – مصر 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى