الدكتورة نيفين صلاح تكتب : الإصابة بالديدان البرغوثية والديدان المشوكة فى الكلاب وخطورتها على الإنسان
الحيوانات الأليفة إزداد الاهتمام بها وتربيتها في المنازل ، وهذا الاهتمام ليس حديثاً بل منذ قديم الزمان ولكن مع مرور الوقت إزداد انتشار تربية هذه الحيوانات. الحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط قد تصاب بالعديد من الأمراض الطفيلية التي يمكن أن تنتقل للإنسان وذلك من خلال تلوثها للطعام أو الشراب أو من خلال التعامل المباشر معها فتسبب له العديد من الأمراض التى تعرف بالأمراض المشتركة. إن الحيوانات الأليفة قد تصاب ببعض الطفيليات مثل الديدان الشريطية أو الخيطية أو المفلطحة أو الطفيليات الخارجية أو الأولية. إن الطفيليات الخارجية مثل البراغيث والقمل والقراد يمكن أن تلعب دور العائل الوسيط لانتقال العدوى بالعديد من الطفيليات للإنسان.
يؤدي تغير المناخ إلى ظروف جديدة للبيئة مما يؤدي إلى تغير في انتشار وتوزيع الطفيليات. قد تُزيد ارتفاعات درجات الحرارة والتغيرات في الأنماط المطرية من انتشار الأمراض التى تنتقل عن طريق الحشرات مثل البراغيث والقمل والقراد ومع ارتفاع درجة حرارة الأرض أصبحت الطفيليات الخارجية أكثر نشاطاً ويؤثر تغير المناخ عليها في كل مرحلة من مراحل دورة حياتها من خلال إطالة المدة الزمنية التي يتطفل فيها على الإنسان والحيوان حتى أن درجة بسيطة من الإحتباس الحراري تهىء المزيد من الفرص لتكاثر الطفيليات الخارجية وانتشارها.
ما هى الديدان الشريطية ؟
هي ديدان معوية تعيش داخل جسم العائل وتمتص العناصر الغذائية منه وتسبب له مشاكل صحية عديدة. يتراوح طولها من عدة سنتيمترات وقد يصل إلى عدة أمتار حيث يمكن رؤيتها بالعين المجردة وهى مسطحة تشبه الشرائط البيضاء رفيعة من الأمام تزداد سمكاً واتساعاً كلما اتجهت إلى الخلف ومقسمة إلى عدد من القطع وهى ديدان مخنثة ليس لها قناة هضمية. يتكون جسم الدودة الشريطية من رأس فى مقدمة الجسم به أشواك وممصات للتثبيت فى جدار أمعاء العائل يليه عنق ثم يليه قطع نامية أو غير بالغة ثم قطع بالغة مكتملة النمو بها الأعضاء التناسلية ثم قطع حاملة للبويضات تخرج مع البراز أو تنفجر داخل الأمعاء لتخرج البويضات مع براز العائل المصاب. أحيانا تظهر هذه القطع متحركة حول فتحة الشرج للحيوان المصاب مسببة له إزعاج. دورة حياة الديدان الشريطية غير مباشرة تحتاج الى عائل وسيط ينمو بداخله أطوار يرقية.
بعض أنواع الديدان الشريطية التي تصيب الكلاب هى الديدان البرغوثية (Dipylidium caninum) والديدان الشريطية المشوكة (Echinococcus species).
الديدان البرغوثية (Dipylidium caninum):
الديدان البرغوثية هى ديدان شريطية تصيب أمعاء الكلاب والقطط والإنسان (العائل الأساسي). توجد الديدان البرغوثية في جميع أنحاء العالم وتنتقل عن طريق إبتلاع براغيث الكلاب والقطط (العائل الوسيط). يبلغ طول هذه الديدان من 10 إلى 50 سم وعرضها حوالي 2.5 مم. وتتكون الديدان البرغوثية من ثلاثة أجزاءهى الرأس والرقبة والجزء السفلى من الجسم. يحمل الرأس في المقدمة من 4 إلى 7 صفوف من الأشواك وأربعة ممصات على الجوانب. تنمو من الرقبة العديد من القطع التي تشبه بذور الخيار وتحتوي على الأعضاء التناسلية والتكاثرية للدودة لإنتاج البيض. توجد على هذه القطع مسام تناسلية على كلا الجانبين. شكل بويضات الديدان البرغوثية مستدير إلى بيضاوي الشكل ويبلغ طولها من 31 إلى 50 ميكرومتر وبعرض 27 إلى 48 ميكرومتر وتحتوي بداخلها 6 خطافات وتوجد البويضات داخل أكياس كل كيس بداخله من 5 إلى 20 بويضه.
دورة حياة الديدان البرغوثية:
تبدأ دورة الحياة عند نزول قطع الديدان الحاملة للبويضات في براز الكلاب لتلوث التربة وشعر الحيوان ثم تنفجر ليخرج منها أكياس البويضات التي تبتلعها يرقات براغيث الكلاب أو القطط المتواجدة في التربة أو تبتلعها البراغيث نفسها ثم تخرج البويضات من أكياسها وتتطور إلى حويصلات أو كييسات مذنبة تسمى السيستيسركويد (Cysticercoid) وهى الطور المعدي لكل من الكلاب والقطط والإنسان. عندما تنمو يرقات البراغيث إلى حشرة بالغة يبقى بداخلها هذه الحويصلات أوالكييسات المذنبة. عندما تتطفل البراغيث الحامله للطور المعدي على الحيوان تسبب له إزعاج فيعض جسمه بفمه فتدخل البراغيث إلى أمعائه ويخرج منها الكييسات المذنبة التي تنمو إلى الدودة البالغة بعد حوالي شهر من ابتلاع البراغيث. تتعلق الدودة بحدار الأمعاء عن طريق الأشواك والممصات التي على رأسها ليكتمل نموها وتعيد دورة الحياة مرة أخرى.
طرق انتقال العدوي للانسان:
أغلب الإصابات المسجلة في الإنسان هي للأطفال لكثرة تعاملهم مع الكلاب والقطط. تنتقل العدوى للإنسان عن طريق إبتلاع البرغوث الحامل للطور المعدي (الحويصلات أو الكييسات المذنبة) عن طريق مداعبة الكلاب أو القطط أو عند تنظيفها والتخلص من مخرجاتها وعدم غسل اليدين جيداً وتناول الطعام بالأيدي الملوثة. يمكن أن تنتقل العدوى أيضاً للإنسان عن طريق تلوث الأيدي بيرقات البراغيث الحاملة للطور المعدي المتواجدة بالتربة وعدم غسلها جيداً قبل تناول الطعام.
أعراض الإصابة بالديدان البرغوثية في الكلاب:
عادة لا تسبب الديدان البرغوثية أضراراً خطيرة للكلاب والقطط المصابة وقد لا يصاحب العدوى ظهور أي أعراض مرضية. تختلف أعراض الإصابة بالديدان الشريطية باختلاف الحالة المصابة وعمرها ومدى كثافة الديدان. غالباً ما تشمل الأعراض المصاحبة للعدوى رؤية القطع الحاملة للبويضات في البراز أو ملتصقة على مؤخرة الكلب أو القطة مما تسبب لهم إزعاج وقلق وحك المؤخره بالأرض أو أي جدار وتسبب إلتهابات وتقرحات. تسبب الديدان البرغوثية أيضاً مغص وألم بالبطن وضعف وإسهال وهزال.
أعراض الإصابة بالديدان البرغوثية في الإنسان:
في الإنسان عادة تكون الإصابة بالديدان البرغوثية في الأطفال وغالباَ لا تظهر أعراض واضحة أو تكون أعراض خفيفة لمغص وفقد شهية وإسهال خفيف ويمكن رؤية قطع الديدان الحاملة للبويضات في البراز ويحدث تهيج بمنطقة الشرج نتيجة وجود هذه القطع.
التشخيص:
الفحص بالعين المجردة لرؤية قطع الديدان الحاملة للبويضات في البراز أو ملتصقة على مؤخرة الحيوان وهي تشبه بذور الخيار. أيضاً يتم التشخيص المعملي بطريقة التركيز والتعويم للبراز والفحص الميكروسكوبي لرؤية بويضات الديدان.
المكافحة والوقاية والعلاج:
مكافحة البراغيث على الكلاب والقطط والبيئة المحيطة بهم باستخدام المبيدات الحشرية الآمنة الغير ضارة بالإنسان والبيئة المحيطة واستخدام الأطواق التي تثبت في الرقبة الطاردة والقاتلة للحشرات.
التخلص من أي فضلات أو براز للحيوانات الأليفة بصفة دورية بالأخص في المنازل أو الحدائق العامة.
الفحص الدوري للكلاب والقطط المنزلية وكذلك الضالة وعلاج المصاب منها.
النظافة العامة والشخصية وبالأخص للأطفال ولا يسمح للأطفال باللعب مع الكلاب أو القطط الضالة.
العلاج في الحيوان بالأدوية مثل البرازيكوانتيل أو اليوميسان وإعطاء مسهلات لإخراج الديدان من الأمعاء. العلاج في الإنسان يتم بمعرفة الطبيب البشري المختص لتحديد نوع العلاج والجرعة المناسبة وتكرارها حسب كل حالة.
الديدان الشريطية المشوكة (Echinococcus species):
هى ديدان صغيرة الحجم حيث يتراوح طولها بين 2 إلى 9 ملم تعيش داخل الأمعاء الدقيقة للحيوانات آكلة اللحوم مثل الكلاب والثعالب والذئاب وإبن آوى والقطط البرية (العائل الأساسي). تتكون الدودة من رأس وهو هرمي الشكل مزود بصفين من الأشواك ويحمل أربعة ممصات ثم العنق وقطعة غير ناضجة ثم 2 إلى 3 قطع ناضجة والأخيرة حاملة للبويضات بداخلها ستة أشواك وهذه القطعة تشكل لوحدها أكثر من نصف طول الدودة. الطور اليرقي لهذه الدودة يعيش في الحيوانات آكلة الأعشاب مثل الأغنام والماعز والأبقار والإبل والخيول وكذلك الإنسان (العائل الوسيط) حيث يمكن أن تصيب جميع أعضاء الجسم خاصة الكبد و لرئتين.
دورة حياة الديدان الشريطية المشوكة:
تخرج بويضات الديدان الشريطية المشوكة مع براز الكلاب أو الحيوانات الأخرى آكلة اللحوم (العائل الأساسي) حيث تلوث التربة والأعشاب والنباتات والخضروات لتأكلها الحيوانات آكلة الأعشاب مثل الأغنام والماعز والأبقار والإبل والخيول وكذلك الإنسان (العائل الوسيط). تفقس البويضات داخل الأمعاء ويخرج منها الأشواك لتدخل الدورة الدموية ومنها إلى الأعضاء المختلفة مثل الكبد والرئتين والطحال والمخ والكلى والنخاع الشوكي أو غير ذلك حيث تنمو وتعطي الحويصلات أو الأكياس المائية (Hydatid cysts) التي يصل حجمها إلى 1 سم ويمكن أن يصل إلى حجم البرتقالة أو أكثر فتسبب مشاكل عديدة للعضو المصاب ويمكن أن تضغط على الأعضاء أو الأنسجة المجاورة مسببة لها ضمور أو مشاكل صحية عديدة. تحمل هذه الأكياس سائل به العديد من الرؤوس. عندما تأكل الكلاب هذه الأكياس بعد ذبح الحيوانات آكلة العشب أو نفوقها يخرج منها الرؤوس لينمو كل رأس إلى دودة بالغة داخل أمعاء الكلاب لتفرز بويضات جديدة تخرج مع البراز لتعيد دورة الحياة مرة أخرى. بويضات هذه الدودة يمكن أن تتحمل الظروف الجوية المحيطة لمدد طويلة قد تصل إلى سنة وهو ما يساعد على إتساع إنتشارها.
طرق انتقال عدوى الأكياس المائية للإنسان:
يصاب الإنسان بالأكياس المائية للدودة الشريطية المشوكة عندما يبتلع طعام أو خضروات أو ماء ملوث ببويضات الدودة الشريطية من براز الكلاب المصابة.
يمكن أن يصاب الإنسان مباشرة من الكلاب المصابة بالدودة الشريطية من خلال ملامسته أثناء اللعب معها حيث أن الكلاب عادة تلعق منطقة الشرج فتلوث فمها بالبويضات وتنتشر هذه البويضات على جسمه وشعره وبالتالي تنتقل إلى الإنسان عند مداعبته ولمسه لها.
في المجازر عند عدم التعامل بحذر من الأطباء البيطريين أو الجزارين مع الأكياس أو الأعضاء المصابة بها وإنفجارها وتلوث الأيدي بها.
أعراض الإصابة بالديدان الشريطية المشوكة في الكلاب:
عادة لا تحدث مشكلات صحية خطيرة في الكلاب. تتضمن الأعراض تهيج في منطقة فتحة الشرج نتيجة وجود القطع الحاملة للبويضات والتي يمكن رؤيتها وهى تزحف على فتحة الشرج أو في البراز أو عالقة على شعر الكلب في المنطقة المحيطة بفتحة الشرج. يلعق الكلب ويعض منطقة فتحة الشرج نتيجة الإحساس بالتهيج والإلتهاب أو يحك مؤخرته بالأرض مما يؤدي إلى حدوث إلتهابات وتقرحات. في حالة الإصابة الشديدة نجد بعض الأعراض مثل المغص والإسهال وفقر الدم والهزال.
أعراض الإصابة بالأكياس المائية فى الإنسان:
قد لا تسبب الأكياس أي أعراض لعدة سنوات ولا تكتشف إلا صدفة عند إجراء أي عملية جراحية أو إجراء أشعة. ولكن عندما يتقدم المرض وتكبر الأكياس فإنه تظهر على الإنسان أعراض وإضطرابات وظيفية تكون على حسب العضو المصاب وشدة الإصابة وعدد الأكياس وحجمها. تسبب الأكياس المائية آلام وتورم في المنطقة المصابة مثل البطن إذا كانت الإصابة في الكبد ويحدث تليف وصفراء. إذا كانت الإصابة في المخ أو النخاع الشوكي يحدث أعراض عصبية وقد يحدث شلل وقد تنتهي بالوفاة. إذا كانت الإصابة في الرئة يحدث ألم في الصدر وصعوبة في التنفس وسعال قد يكون مدمم. قد تنفجر الأكياس المائية داخل التجويف البطني أو الصدري للإنسان وتخرج الرؤوس التي بداخلها مكونة أكياس جديدة أو يسبب إنفجارها صدمة عصبية قد تؤدي للوفاة.
أعراض الإصابة بالأكياس المائية فى الحيوانات آكلة الأعشاب:
لا تظهر أعراض واضحة على الحيوانات آكلة العشب وتكتشف الإصابة بعد الذبح والكشف البيطري عليها في المجازر حيث يتم إعدام العضو المصاب والتخلص الصحي منه.
التشخيص:
في الكلاب بالفحص بالعين المجردة لمنطقة الشرج أو أرضيات البيئة المحيطة وبراز الكلاب ورؤية القطع المتحركة الحاملة للبويضات. أيضاً عن طريق الفحص المجهري للبراز بطريقة التعويم والتركيز.
في الإنسان بالأشعة السينية أو التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
الكشف عن الأجسام المناعية باستخدام الإختبارات السيرولوجية مثل إختبار الإليزا (ELISA).
المكافحة والوقاية والعلاج:
غسل الخضروات جيداً بالماء النظيف قبل تناوله.
غسل اليدين جيداً بعد التعامل مع الكلاب وخاصة الكلاب الضالة.
التخلص من براز الكلاب بطريقة صحية آمنة لا تضر بالبيئة المحيطة مثل معاملته بالماء المغلي.
الفحص الدوري لبراز الكلاب المنزلية والضالة وعلاج المصاب منها.
التشديد على عدم الذبح خارج المجازر وذلك ليتم الكشف البيطري على الذبائح لإكتشاف الأعضاء المصابة بالأكياس المائية لإعدامها والتخلص الصحي الآمن منها.
التشديد والرقابة الصارمة على عدم خروج أي أعضاء مصابة خارج المجازر.
التشديد على عدم تواجد الكلاب الضالة حول المجازر أو دخولها لتجنب تناولها أي أعضاء مصابة بالأكياس المائية ويفضل التخلص الآمن والإنساني منها.
العلاج في الكلاب بالأدوية التي تهدف لقتل تلك الديدان وتقطيعها وإخراجها عبر البراز مثل ألبيندازول أو برازيكوانتيل أو بوناميدين والتي تتم تحت إشراف الطبيب البيطري المختص لتحديد الجرعة وفترة تكرارها حسب كل حالة وعمرها وشدة الإصابة. يتم جمع البراز من الكلاب المعالجة وحرقها وتطهير الأرضيات بالماء المغلي والمطهرات النوعية المناسبة مثل الفورمالين.
العلاج في الإنسان يتم بمعرفة الطبيب البشري المختص لتحديد كيفية العلاج سواء بالعقاقير المناسبة أو التدخل الجراحي لإستئصال الأكياس المائية أو العضو المصاب أو جزء منه.
نيفين صلاح علي ساطور
باحث أول طفيليات – معهد بحوث الصحة الحيوانية – معمل الإسكندرية
– مركز البحوث الزراعية – مصر