الدكتور الحسن محمد يكتب : دراسة تأثير المستخلص المائي للكزبرة وعصير الثوم على ديدان الهيمونكس في الحملان
يعتبر قطاع الثروة الحيوانية العمود الفقري للاقتصاد في البلدان النامية، وتشكل المجترات الصغيرة، بما في ذلك الأغنام، الجزء الرئيسي منه. تتم تربية الأغنام في المناطق الريفية لبيعها كمصدر للحوم، الألبان،الصوف والجلد والتي تساهم بشكل كبير في السوق المحلي وكذلك في سوق التصدير.
تتم تربية الأغنام كقطعان من جميع الفئات العمرية على الرعي في الحقول المحصودة، على طول جوانب الطرق وضفاف الترع والقنوات، مما يعرض تلك الحيوانات للإصابة بالعديد من الطفيليات المعدية والمعوية والتي تزيد من قابليتها للإصابة بأمراض أخرى أيضًا. ومن بين هذه الطفيليات ديدان الهيمونكس (H. contortus) والتي تعتبر أكثر الأنواع انتشارًا، مما يؤثر سلبًا على صحة الأغنام وانخفاض انتاجها.
تعتبر الهيمونكس من أهم أنواع الديدان لمقدرتها على مص الدم والذي يصل إلى 0.1 مل في اليوم وقد يصاب الحيوان وخصوصا الاغنام بعدد كبير من الديدان قد يصل إلى ١۰٠٠ دودة مما يؤدى إلى الأنيميا الحادة والنقوق المفاجئ، وخسائر اقتصادية كبيرة للمزارعين.
وصف الطفيل:
ديدان متوسطة الحجم حيث يكون الذكور (٩ ١-٢٢) مم والإناث (٢٥-٣٤) مم في الطول (يمكن رؤيتها بالعين المجردة)، لونها احمر (لأنها ماصة للدم) وتعرف بديدان المعدة اللولبية (وذلك بسبب التواء مبيض ورحمي الأنثى بشكل حلزوني حول المعي الأحمر الممتلئ بالدم). المحفظة الفمية صغيرة جدا وتحتوي على مبضع (lancet) صغير في قاعدتها (يستخدم في اختراق الأوعية الدموية الصغيرة عند التغذية). يوجد زوج من الحليمات الرقبية على شكل الشوكة. كيس الجماع كبير ويمكن رؤيته بالعين المجردة ويتميز باًن شوكتي الجماع سميكتان وقصيرتان . ذيل الأنثى رفيع ومدبب، ويقع الفرج عند التقاء الثلث الخلفي للجسم، ويغطى عادة بسدله جلدية (فرجيه).يمكن للأنثى البالغة أن تضع ما يصل إلى 5000 بيضة يوميًا ويمكن للديدان معًا أن تستهلك ما يصل إلى 10/1 من دم الحيوان البالغ و5/1 من دم الحملان في غضون 24 ساعة.
دورة الحياة:
تتطور البيوض المطروحة مع روث الحيوانات في الوسط الخارجي حتى تصل للطور اليرقي الثالث (الطور المعدي L3) وتنتقل اليرقة من الروث إلى الأعشاب وخاصة الرطبة منها، وتعدي الحيوانات بتناول الطور المعدي، وتفقد غمدها في المنفحة ، وتنفذ في خباياها تنسلخ اليرقات الثالثة مرتين عند دخولها المنفحة (بين الزغابات) ثم تعود للتجويف وتكمل نموها لطور الديدان البالغة. الفترة غير الظاهرة (15-٢٠) يومأ.
الوبائية:
تنتشر في جميع أنحاء العالم في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية أيضا في المناطق المعتدلةوهناك عدة عوامل تساعد على انتشار المرض منها توفر الرطوبة مع تلوث المراعي ببيوض ديدان الهيمونكس.
حده الاصابة
تعتمد حده الاصابة على عدد اليرقات المعدية التي يتم تناولها، وعمر الحيوان، ومستوى المناعة، والحالة الصحية له.تتغذى الديدان البالغة على الدم لمدة 12 دقيقة، وعندما تتحرك لمكان جديد يستمر النزف في مكانها الأول لمدة ٦ دقائق، حيث تفرز مواد؛ تمنع تجلط الدم؛ لذلك تعتبر من اهم الديدان الخيطية في الحيوانات المجترة. تحدثديدان الهيمونكس التهاب معديا وتقرحات الغشاء المخاطي للمعدة الرابعة (المنفحة) مما يؤدي إلى متلازمة الجهاز الهضمي. كذلك فقر دم بسبب امتصاص الدم من قبل الطفيل ونزيف الغشاء المخاطي وخزبا (انتفاخ مائي) للفك، وعليه يسمى “بالفك القاروري”. تقلل سموم الديدان من هضم المواد الزلالية، وأملاح الكالسيوم، والفوسفور، وتسبب الضعف العام، وموت الحيوانات الصغيرة إذا وجدت بأعداد كبيرة.
علامات المرض:
يمكن تقسيم عدويالهيمونكس إلى اصابة شديدة الحدة،وحادة، ومزمنة.
• العدوى الشديدة الحدة في الحملان يمكن أن تكون قاتلة في غضون أيام قليلة، من دون أعراض السابقة وبدون وجود البيض في البراز.
• يشمل الشكل الحاد:
– إسهال (غالبا غامق اللون) وجفاف.
– أنيميا حادة: فيحدث بياض الأغشية المخاطية للحيوان المصاب ونتيجة امتصاص الطفيليات لدم الحيوان ولذلك يصاب بالأنيميا والهزال بعد فترة.
– نقص الشهية ونقص الوزن وضعف معامل تحويل الغذاء، تأخر النمو
– خشونة الشعر وتقصف الصوف.
– ووجود ورم تحت الفك الذي ينتج من نقص البروتين ” يكون لين الملمس ومليئا بالسوائل وعند لمسه يكون هناك أثر لانطباع الأصابع عليه” (الفك القاروري).
• تتمثل أعراض الاصابة المزمنة بفقدان الشهية، فقدان الوزن ,شحوب وبياض الأغشية المخاطية.
التشخيص:
يعتمد التشخيص على الأعراض السريرية للمرض، التعرف المورفولوجي للبيض الطفيل في براز الحيوان المصاب، اختبارات الدم والفحص المناعي لوجود الاجسام المضادة للطفيل،كذلك العثور علي اليرقات او الطور البالغ داخل المعدة الرابعة للحيوانات النافقة او المذبوحة.
الوقاية ومكافحة الهيمونكس:
أخذ التدابير الوقائية التي تقلل من تلوث المراعي باليرقات المعدية.
الإزالة المنتظمة لروث الحيوانات من المكان المخصص لتربية الأغنام.
العلاج:
العديد من مضادات ديدان الواسعة المجال تستخدم ضد الديدان البالغة واليرقات، على سبيل المثال
• مجموعة البنزيميدازول (ألبيندازول، فينبيندازول، أوكسفيندازول): 5 ملجم/كجم من وزن الجسم عن طريق الفم.
• الليفاميزول: 7.5 ملجم/كجم من وزن الجسم عن طريق الفم.
• الأفرمكتين: 0.2 ملجم/كجم من وزن الجسم عن طريق الفم أو الحقن تحت الجلد.
يتم استخدام الأدوية المضادة للديدان لعدة عقود في جميع أنحاء العالم لتقليل الخسائر التي تسببها عدوى الديدان الطفيلية.ومع ذلك نظرا لظهور مجموعات من الطفيليات المقاومة لمضادات الطفيليات والتي قد توثر سلبا على فعالية الأدوية المضادة للديدان واسعة المجال، وهي الأداة الأساسية المستخدمة في علاج الديدان الطفيلية ومكافحتها، كذلك خطر متبقيات هذه المواد في اللحوم والحليب مما يوثر سلبا على صحة المستهلك. أيضا التكلفة العالية الأدوية المضادة للديدان أدت إلى الحاجة إلى طرق مكافحة بديلة أخرى.
لذلك تم اللجوء الي دراسة تأثير بعض المركبات غير التقليدية الأخرى من أصل نباتي مثل الكزبرة والثوم كمضاد للطفيليات بسبب عدم وجود بقايا لها في اللحوم والحليب. لذلك يمكن استخدام الزيوت العطرية النباتية والمكونات النشطة كبدائل أو بالاشتراك مع العلاج المضاد للديدان الحالي.
الكزبرةCoriander)): ويعرفها البعض باسم الكسبرة أو الكزبر واسمها العلمي كورياندرومساتيفوم(Coriandrum sativum) هي نبات عشبي حولي ذو رائحة عطرية قوية يصل ارتفاعه إلى 60 سم وتعطي ثماراً شبه دائرية صغيرة صفراء الى بنية اللون. ويشيع استخدام الكزبرة الناشفة أو المطحونة أو الناعمة في الطبخ كتوابل حيث تستخدم على نطاق واسع في المطبخ الصيني والعربي والمتوسطي والهندي.
جميع أجزاء نبتة الكزبرة قابلة للأكل، ويشمل ذلك أوراق الكزبرة، وبذور الكزبرة. تحتوي الكزبرة على زيت أساسي وهو الكورياندول: (Coriandol) ومن أهم مركباتها أيضا اللينالول، والبورنيول والبارا سايمن، والكافور،والجيرانيولوالليمونينوالفاباينين، كما تحتوي على زيوت دهنية وكوماريناتوفلافونيداتوفثاليدات وبوتاسيوم وكالسيوم ومغنسيوم وحديد وفيتامين سي.
فوائد الكزبرة العلاجية:
تحتوي الكزبرة على العديد من المواد المضادة للأكسدة وبالتالي فهي تساعد في محاربة الالتهابات وتعزيز المناعة ومحاربة مرض السرطان، كما قد تفيد هذه الخصائص المضادة للأكسدة في الحد من التهابات الدماغ وتحسين الذاكرة وتقليل أعراض التوتر، ولكننا بحاجة للمزيد من الأبحاث لتأكيد هذه الفوائد.
للكزبرة تأثيرمضادوطارد للديدان، مضاد للبكتريا والفطريات مما يساعد على محاربة الأمراض والكائنات المسببة للأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء مثل السالمونيلا. الكزبرة تقتل البكتيريا الضارة. تستعمل مستخلصات الكزبرة كمهدئ للأعصاب ومرخي للعضلات، ولتقليل الألم. وقد استخدم (Dessisa, 2001) الكزبرة للقضاء على ديدان الاسكارس.
الثوم (Allium sativum): هو دواء عشبي له خصائص علاجية مختلفة. منبه للمناعة، مضاد للسرطان، يقي ويحمي الكبد، مضاد للأكسدة، مضاد للفيروسات، مضاد للفطريات والطفيليات.
الثوم كمضاد للطفيليات: فهو مضاد للأميبا والاوليات، ومضاد وطارد لليرقات والديدان المعوية الشائعة بما في ذلكالاسكارسوالديدان الخطافية ومضاد للحشرات، إلى جانب خصائص أخرى. وقد استخدم العلماء (Masamha et al., 2010) الثوم للقضاء على الطفيليات المعوية في فصيلة الماعز
تُعزى النكهة الفريدة والخصائص الدوائية والوظائف المعززة للصحة للثوم عمومًا إلى محتواه الغني من المركبات المحتوية على الكبريت، مثل الأليين،وج-جلوتاميلسيستين ومشتقاتهما والمركب الفينولي (الأحماض الفينوليةوالفلافونويد) والسكريات والبروتينات.اثناء سحق او طحن ثمار الثوم الطازجة تحفز إطلاق إنزيم اللييناز(alliinase) الذي يحفز تحويل الأليين بسرعة كبيرة إلى الأليسين.
كما يستخدم الثوم في تغذية الحيوانات حيث يعزز استساغة الاعلاف وتحفيز نمو الدواجن والأغنام
د/ الحسن محمد مصطفى – معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر
ايميل: hassanmustafav@gmail.com