أخباردرسات وابحاثمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور بيير عزت يكتب : اضطرابات الغدد الصماء وتأثيرها على الصحة العامة

تعتبر اضطرابات  الغدد الصماء بسبب كثير من المواد الكيميائية الضارة التى تتداخل مع عملها وهو افراز أنواع مختلفة من الهرمونات تسبب الأورام السرطانية، واضطرابات النمو الأخرى. ويكون اضطرابات الغدد الصمَّاء إما بالإفراز العالي للهرمونات (وهو ما يعرف بالإفراط الوظيفي) أو بالإفرَاز المنخفض  (ما يعرف بالقُصور الوظيفي).

تأثير المواد الكيميائية الضارة على الغدد الصماء يكون من خلال ثلاث طرق رئيسية:

  • الطريقة الأولى قد تعمل على تثبيط المسار بين الهرمون الطبيعي ومستقبلاته.
  • الطريقة الثانية قد تعمل مباشرة على الغدة ، مما يجعلها تفرز الكثير أو القليل جدًا من الهرمون.
  • الطريقة الثالثة قد  تماثل هذه المواد الهرمونات فى عملها، مما يجعل الجسم يبالغ في رد فعله أو يتفاعل في الوقت الخطأ.

المواد المسببة لاضطرابات الغدد الصماء مواد كيميائية طبيعية أو مصنعة. عادة ما تدخل الجسم عن طريق الاستنشاق أو في الطعام أو عن طريق ملامسة الجلد. وتشمل المواد المسببة لاضطراب الغدد الصماء مجموعة متنوعة من المركبات الكيميائية، بما في ذلك العقاقير والمبيدات الحشرية والمركبات المستخدمة في صناعة الزجاجات والأكياس البلاستيكية والمنتجات الثانوية الصناعية والملوثات كالمعادن الثقيلة و بعض المواد الكيميائية النباتية المنتجة طبيعيا، وبعضها منتشر على نطاق واسع في البيئة وقد يتراكم أحياناً فى الجسم، وبعضها ملوثات عضوية،  قد يتكسر بعضها في البيئة و البعض الأخر فى جسم الإنسان.

أظهرت الدراسات التي أُجريت على الخلايا وحيوانات التجارب أن المواد الكيميائية المُسببة لإختلال الغدد الصماء يمكن أن تسبب تأثيرات بيولوجية ضارة على الحيوانات بجرعات مرتفعة أو منخفضة ، كما أن التعرض منخفض المستوى لفترات طويلة قد يتسبب أيضًا في تأثيرات مماثلة على الإنسان. وتشمل الآثار الصحية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء مجموعة من المشاكل الإنجابية مثل انخفاض الخصوبة  الناتج عن إرتفاع مستوى هرمون التستوستيرون فى الإناث وانخفاضة فى الذكور وكذلك ارتفاع نسبة الإستروجين فى الذكوروانخفاضة في الإناث، وكذلك سن البلوغ المبكر في الإناث وتأخيره فى الذكور، وضعف بالمناعة والتشوهات الجنينية و  أنواع مختلفة من السرطانات كسرطان الغدة الدرقية.

ومن أهم العوامل التي تؤثر على الإصابة باضطرابات الغدد الصماء العمر عند التعرض  وجرعة المواد الكيميائية الضارة ، كذلك تكرارالتعرض لها على المدى الطويل. ومن العوامل المسببة للأثار الضارة للمواد الكيميائية كذلك الخصائص المشتركة للمواد الكيميائية وأوجه التشابه بينها وبين المستقبلات والإنزيمات المشاركة في تكوين الهرمونات وافرازها وتحللها وبالتالى لا يوجد نظام للغدد الصماء مناعى محصن ضد المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء. وتكمن الخطورة في التعرض المستمر لتلك المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء انتقال آثارها لأجيال أخرى من خلال تعديلات وراثية تسببها على المستوى الجينى. ولذلك تعتبر الجرعات المنخفضة من المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء قد تكون غير آمنة. يتضمن الأداء الطبيعي للغدد الصماء في الجسم تغييرات طفيفة جدًا في مستويات الهرمونات، ومع ذلك فإن هذه التغييرات الصغيرة يمكن أن تسبب تأثيرات تطورية وبيولوجية كبيرة. تقود هذه الملاحظة العلماء إلى الاعتقاد بأن التعرض للمواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء، حتى بكميات قليلة ، يمكن أن يغير أنظمة الجسم الحساسة ويؤدي إلى مشاكل صحية.

نظرًا لأن بعض الأمراض قد زادت في السنوات الأخيرة بسبب الإستخدام المفرط للمواد الكيميائية، فإن العديد من العلماء يربطون بين التغيرات الجينية  التى لا تحدث بالسرعة الكافية لتفسير نمو هذه الأمراض وبعضها جزء من نظام الغدد الصماء ، مما دفع بعض العلماء إلى استنتاج أن المواد الكيميائية المخلّة بعمل الغدد الصماء هي المسؤولة.

ومن أهم الطرق المسببة لاصابة باضرابات الغدد الصماء هو تناول الطعام مغلفًا بمواد بلاستيكية مصنوعة من مواد ضارة وكذلك تخزينه فيها وطهيه في أوانى المصنوعة من الألومنيوم والنحاس والسيراميك وكل هذه المواد يطلق عليها Endocrine disrupting chemicals (EDCs)

وللتغلب على هذه المخاطر يجب استخدام مواد صحية فى التغليف والتخزين والطهى، تجنب المقالي غير اللاصقة فتحتوي العديد منها على المواد الكيميائية الضارة، إذا كانت المقالي ساخنة أو بها كسور، يمكن أن تتسرب تلك المواد من الغلاف إلى الطعام وكذلك تجنب أدوات الطبخ البلاستيكية السوداء، والعمل على استخدام الاوعية الزجاجية عند تخزين الطعام  لتقليل تعرض لتلك المواد.

لذلك يعتبر المبدأ الوقائي هو المفتاح لسلامة الغدد الصماء والصحة الإنجابية، وللتقليل من احتمالات التشوهات، والامراض السرطانية  ومن ثم يستلزم مزيد من الدراسات الوقائية التى تتدخل للحد من اثار خطر التعرض لاضطربات الغدد الصماء المحتملة و التقييم المستمر لآثار المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء. كما يستلزم وضع نظام صارم ومحدد في التعامل وإستخدام تلك المواد الكيميائية والعمل والبحث المستمر في كيفية  استخدام البدائل الاّمنه للمواد الكيماوية التى تسبب اضطرابات في الغدد الصماء.


 بيير عزت مهنى – باحث-

معهد بحوث الصحة الحيوانية بالدقى

قسم الكيمياء والسموم والنقص الغذائى – مركز البحوث الزراعية – مصر 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى