أخباردرسات وابحاثمقالات

الدكتورة رانيا دويدار تكتب : زيت الزعتر كوسيلة طبيعية لتحسين جودة وسلامة اللحم المفروم

تعتبر اللحوم ومنتجاتها  من اهم المواد الغذائية التي يتزايد عليها الطلب عالميا بالرغم من الزيادة المطردة في اسعارها، وذلك لقيمتها الغذائية العالية واحتوائها علي العديد من الاحماض الامينية الهامة وكذلك الاحماض الدهنية التي بدورها مصدر للكثير من الفيتامينات المذابة في الدهون كما انها تعتبر مصدر هام للكثير من المعادن ومصدر للميوجلوبين الذي بدوره اساسي في تكوين الدم والحفاظ علي معدل الهيموجلوبين بالدم اضافة الي طعمها المحبب والمستساغ لغالبية الناس.

ونخص بالذكر في هذا المقال اللحم المفروم الذي يستخدم علي نطاق واسع  في الأطباق المحلية مثل الكفتة والسجق والبرغر والبسطرمة  كما يمكن بيعه في شكل جاهز في محلات الجزارة. اللحوم المفرومة لها قيمة اقتصادية عالية جدًا بسبب جودتها الغذائية ؛ ونظرًا لأنه غذاء من أصل حيواني ، فهو شديد التأثربالتلوث الجرثومي والتسمم الغذائي اذا لم يتم حفظها بالطرق الصحيحة التي تمنع تلوثها، ويرجع  ذلك إلى المحتوى المائي العالي المناسب للنمو الميكروبي، بالإضافة إلى أنها وسيلة غنية بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض او المعروفة باسم ميكروبات التسمم الغذائي سواء كان التسمم ناتج عن العدوي بالميكروب نفسه او بالسموم التي تفرزها بعضها ومثال علي هذه الميكروبات واشهرها ( السالمونيلا، المكورات العنقودية الذهبية، العصيات القولونية، ايشريشيا كولاي، ليستريا وكوليستريديا بانواعها وكذلك العدوي بالخمائر والفطريات التي تؤدي الي افراز السموم الفطرية والتي لها تاثير تراكمي وغيرها الكثير من ميكروبات التسمم الغذائي).

وعادة ما يتم تسويق منتجات اللحوم المفرومة في درجات حرارة مبردة (5-2 درجة مئوية) ، وتعتبر الجودة الميكروبيولوجية وسلامة اللحوم المفرومة المبردة من المجالات الرئيسية التي تثير قلق التجار والمستهلكين والصحة العامة. حيث يمكن أن تحدث العديد من التغييرات غير المرغوب فيها  للحوم ومنتجاتها أثناء التبريد بسبب نمو الميكروبات ، مما يؤدي إلى تقليل الجودة وتلف اللحوم. لذلك ، يعد تقليل تلوث المنتج إلى الحد الأدنى وتأخير أو تثبيط نمو الكائنات الحية التالفة في المنتج مفاتيح رئيسية لتحسين مدة صلاحية اللحوم الطازجة وزيادة سلامة المستهلك عن طريق  اتباع طرق الحفظ الصحيحة عند درجات الحرارة الموصي بها واخيرا إضافة الاضافات الغذائية سواء كانت كيميائية او طبيعية. كما اكدت منظمة أمن الغذاء والدواء أن  الاضافات الغذائية تستخدم لتحسين جودة الطعام إما عن طريق إطالة العمر الافتراضي للطعام أو تحسين مظهر الطعام أو اعطاء نكهة جيدة

وذكرت أن الاضافات الغذائية قد تكون طبيعية مثل البهارات والأعشاب او مستخلاصتها من الزيوت العطرية أو اصطناعية مثل أكسيد الكالسيوم ، خلات الكالسيوم، صوديوم كلوريد، النيترات والكثير من الاحماض مثل حمض الخليك وغيرها.

طرق حفظ اللحوم:

تلعب عملية حفظ اللحوم  دورًا حيويًا في ضمان الجودة وإطالة العمر الافتراضي للحوم، مما يسهل تسويقها وتوزيعها. وتشمل طرق حفظ اللحوم:

التجفيف، التبريد، التخمير، الاشعاع، المعالجة الكيميائية اوالطبيعية والمعالجة الحرارية (التعليب).

كما نعلم أنه يمكن استخدام المواد الحافظة الكيميائية كعوامل مضادة للميكروبات ، ولكن هناك جدلًا قويًا قائمًا حول جوانب سلامتها لأنها تعتبر مسؤولة عن العديد من التأثيرات المسببة للسرطان ، فضلاً عن السمية المتبقية منها ، لذلك يميل المستهلكون إلى الشك في الاضافات الكيميائية ، ومع زيادة وعي المستهلك  بالمنتجات الحافظة التقليدية مع ارتفاع المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية ،صار هناك اهتمام كبير بتطوير فئات أخرى من مضادات الميكروبات للسيطرة على العدوى.

استخدام الزيوت العطرية في حفظ اللحوم:

في الآونة الأخيرة ، كان هناك اهتمام كبير في المستخلصات والزيوت الأساسية  العطرية (Essential Oils) من النباتات العطرية التي تتميز بنشاط ملحوظ كمضاد للميكروبات، كما يمكن استخدام هذه المواد لتأخير أو منع نمو الكائنات الدقيقة او الميكروبات المسببة للأمراض أو السموم في الأطعمة.

وتم تعريف الزيوت الأساسية من قبل المنظمة الدولية الايزو (ISO) على أنها منتجات يتم الحصول عليها من أجزاء النبات عن طريق التقطير بالبخار التي تحتوي على مخاليط معقدة من المواد المتطايرة المحبة للدهون والتي تستخدم كبديل للمواد الحافظة الكيميائية.

في البداية تم استخدام الزيوت العطرية  بشكل أساسي في صناعة الأغذية ، كعوامل منكهة في نظام الغذاء. وهناك اتجاه عالمي للبحث عن بدائل جديدة للسيطرة على الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية ، مع إعطاء الأولوية للطرق التي تقلل من حدوث الأمراض وتجنب الآثار السلبية والجانبية للمواد الكيميائية على صحة الإنسان.

و تعتبرأحد أكثر الطرق الواعدة للتحكم في النشاط الميكروبي في الأطعمة هو استخدام المواد الطبيعية النباتية الغذائية.

و تعتمد  الزيوت العطرية فى عملها على إبطاء عمليات الأكسدة التي تحدث لمنتجات اللحوم  وتحول دون إحداث تغيرات في الصفات الحسية  للمنتج الغذائي. ولذلك في الفترة الأخيرة كان هناك اتجاه ملح لاستخدام مضادات الأكسدة الطبيعية حيث اكتسبت هذه المواد مؤخرا سمعة طيبة وجاذبية واسعة نتيجة للاعتقاد من قبل المستهلك أن المكونات الطبيعية هي أكثر أماناً وسلامة مقارنة بمثيلاتها الصناعية.

المكونات الرئيسية للزيوت الأساسية المسؤولة عن نشاطها المضاد للميكروبات هي فينيل بروبانويد مثل كارفاكرول ، ثيمول ، يوجينول ، كيومين ألداهايد وسينمالدهيد وغيرها.

زيت الزعتر:

في هذا المقال سنلقي الضوء علي أحد الاضافات الطبيعية المستخلصة من الزيوت العطرية من الاعشاب الطبيعية وذلك لتجنب التاثيرات السلبية من الاضافات الكيميائية وهو زيت الزعتر والمستخرج من نبات او عشب الزعتر بانواعه المختلفة.

يمتلك زيت الزعتر الأساسي خصائص مضادة  للجراثيم  والميكروبات، وعادة ما يستخدم في الأطعمة بسبب نكهته ورائحته. زيت الزعتر فعال ضد  الكثير من البكتريا مثل بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية والعصيات القولونية ( الايشريشيا كولاي) في منتجات اللحوم. بالإضافة إلى ذلك ، فإن له تاثير مضاد للاكسدة طبيعي ، ويرجع السبب الرئيسي لخصائص زيت الزعتركمضاد للميكروبات في الغالب إلى المكونات الفينولية والهيدروكربونات التي قد تكون مضاد للجراثيم اعتمادًا على تركيزها الفعال داخل الزيت.

المكونات الرئيسية لزيت الزعتر ومفعولها كمضادات للجراثيم: يتمتع الزعتر (Thymus sp.) باهتمام كبير بسبب محتواه العالي ومجاله الواسع من المكونات الفينولية ، التي لها خصائص مضادة للميكروبات ومضادات الأكسدة وإمكانية استخدامها في اللحوم ومنتجاتها كمواد حافظة للحوم.

تعمل مكونات زيت الزعتر من  خلال 1- تغييرنفاذية غشاء الخلية بحيث يؤدي إطلاق عديدات السكاريد الدهنية من البكتيريا سالبة الجرام إلى زيادة نفاذية غشاء الخلية وفقدان ATP .

2- زيادة سمك وخشونة وتمزق جدران الخلايا مما ادي الي فقد  السيتوبلازم بسبب انخفاض وظيفة غشاء الخلية كحاجز ، وبالتالي ستؤثر على قدرة المكونات على اختراق غشاء الخلية الميكروبية وتسبب تغييرات في هيكلها ووظائفها .

كما اثبتت بعض الدراسات ان زيوت الزعتر من الجزء العلوي من النباتات تظهر خصائص قوية مضادة للميكروبات مقارنة بأجزاء أخرى من النباتات.

حيث ان تركيز المكونات يختلف علي حسب نوع وفصلية النبات وعلي حسب المكان المستخرج منه الزيت سواء الاوراق او اجزاء اخري من النبات.

الكارفاكرول: كارفاكرول (أحد مكونات الزعتر) هو فينول إيزوبرينيل له تأثير قوي مضاد للميكروبات. ووجد أن كارفاكرول له تأثير محدد على بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية  و ليستريا مونوسيتوجين وجميعها بكتيريا موجبة الجرام. كما يمتلك الكارفاكرول ايضا  مجالا واسعًا من النشاط المضاد للميكروبات ضد البكتيريا سالبة الجرام ، كما ان له نشاط ضد الفطريات والخمائر المختلفة.الثيمول: يعتبرالثيمول الموجود في زيت الزعتر ، فعال ضد المكورات العنقودية الذهبية والإشريكية القولونية والكائنات الدقيقة الفاسدة في منتجات اللحوم ، وايضا يوقف نمو الفطريات تمامًا بتركيزات منخفضة وبالتالي يثبط إنتاج الأفلاتوكسين .

وهناك مكونات أخرى من الزعتر ، مثل تربينين، لينالول، بارا سيمين، ميسين، كاريوفيلين و خلات اللينيل. وألفا تربينين وألفا تربينول .

تاثير زيت الزعتر علي اللحوم ومنجاتها:

يمتلك الزعتر خواصًا مضادة للميكروبات ضد مسببات الأمراض التي تنقلها الأغذية وبكتيريا التلف ؛ ويرجع نشاطه المضاد للبكتيريا إلى المكونات الفينولية (بشكل رئيسي كارفاكرول) والهيدروكربونات التي بدورها تعتبر مثبطة لنمو الجراثيم.

يمتلك زيت الزعتر نشاطًا ممتازًا مضادًا للأكسدة عندما يتم اضافته للحم البقري المفروم أثناء التخزين ، وبالتالي قد يكون مفيدًا في الحفاظ على جودة اللحوم ، وإطالة العمر الافتراضي لمنتجات اللحوم ، ومنع الخسائر الاقتصادية ، وتزويد المستهلك بالأغذية التي تحتوي على إضافات طبيعية ، والتي يمكن رؤيتها أكثر صحة من تلك ذات المنشأ الصناعي وقيمتها العالية بسبب انخفاض قيم الأس الهيدروجيني ، والقابلية للتقلص ، و (TVN)Total volatile nitrogen والذي يعتبردليل فساد البروتين.

وهناك العديد من الدراسات علي زيت الزعتر واضافته بالتركيزات المختلفة في اللحوم ومنتجاتها وبالاخص اللحم المفروم والتي اثبتت فاعليته ضد الميكروبات والفطريات وكذلك الحفاظ علي الخواص الحسية والفزيائية للحوم واطالة عمرها الافتراضي تحت ظروف الحفظ الصحيحة.

ووجد انه تم تحسين الصفات الحسية المختلفة لعينات اللحم المفروم المعالج مع زيادة تركيزات زيت الزعتر ، حيث أظهرت العينات التي تحتوي على 1.5٪ من زيت الزعتر أعلى تحسين للخصائص الحسية ، بينما أظهرت العينات المعالجة بـ 0.5٪ من نفس الزيت تحسنًا أقل.

التوصيات : اكدت معظم الدراسات خطورة تلوث اللحوم  وخاصة المفرومة منها بالجراثيم المختلفة والتي لها تاثير ضار علي الصحة العامة. واكدت النتائج  ضرورة توخي الحذر اثناء التعامل والذبح والتجهيز والنقل والتخزين للحد من التلوث بميكروبات التسمم الغذائي والسيطرة على العدوى التي تنقلها الأغذية، وعلي المستهلك ضرورة تطبيق المعاملات الحرارية الكافية للتخلص من الميكروبات المسؤلة عن التسمم الغذائي.

واخيرا تؤكد كافة الدراسات و الابحاث العلمية بأن الزيوت العطرية لها دورا هام و فعال فى حفظ اللحوم و التحكم في التلف عن طريق تثبيط نمو الكائنات الحية الدقيقة ، وتباطؤ النشاط الإنزيمي ، ومنع أكسدة الأحماض الدهنية. و توصي بإستخدامها كمواد حافظة طبيعية  للحفاظ على جودة و سلامة اللحوم و منتجاتها و إطالة فترة صلاحيتها أثناء فترات التداول و التخزين و من ثم الحفاظ على صحة المستهلك.

.كما ينصح باستخدام الزيوت العطرية وخاصة زيت الزعتر كمضادا للميكروبات والفطريات  في اللحوم بصورة امنة علي الصحة العامة.

المراجع:

Ahmed Awatif, A. and Sabiel, Y. A. (2016) Detection of Microbial Contamination of Processed Beef Meat by Using API Strips and Automated Vitek 2 Compact System, Microbiology Research Journal.

Di Pasqua, R.; Hoskins, N.; Betts, G. and Mauriello, G. (2006): Changes in membrane fatty acids composition of microbial cells induced by addiction of Thymol, Carvacrol, limonene, Cinnamaldehyde, and Eugenol in the growing media. J. Agric. Food Chem., 54, 2745–2749.

Gaunt, L.; Higgins, S. and Hughes, J. (2005): Decontamination of surface borne bacteria by ionized antimicrobial vapours. Journal of Electrostatics, 63: 809- 814

Ibrahim-Hemmat, M.; El Sabagh-Rasha, A.; Abou El-Roos-Nahla, A. and Abd El Fattah-Hend (2016): Antimicrobial effect of some essential oils on Staphylococcus aureus in minced meat. 30 (1): 183-191.

International Organization of Standardization (ISO) (2007): Microbiology of food and animal feeding stuffs – General requirements and guidance for microbiological examinations. Ref. no. ISO 7218: 2007(E).

Ministry of Food and Drug Safety (MFDS) (2013): Food additives database MFDS.

Rao, V.A.; Thulasi, G. and Ruban, S.W. (2009): Meat quality characteristics of non-descript buffalos as affected by age and sex. W. A. Science J., 1058-1065.

Rasooli, I.; Rezaei, M.B. and Allameh, A. (2006): Ultrastructural studies on antimicrobial efficacy of thyme essential oils on Listeria monocytogenes. International Journal of Infectious Diseases; 10(3):236-241.


د ̸ رانيا سعيد دويدار                

 معهد  بحوث الصحة الحيوانية بدمنهور

  باحث بقسم صحة الاغذية – معهد بحوث الصحة الحيوانية فرع دمنهور – مركز البحوث الزراعية – مصر 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى