المهندس طلعت عبد الرحيم يكتب : التعدين الأخضر وتحدى النمو الاقتصادى والعمرانى
يتزايد الطلب بشكل مستمر فى الفترة الأخيرة على المعادن نتيجة النمو الاقتصادي والعمراني والتزايد السكاني، لكونها عنصراً رئيساً في التقنيات والصناعات الحديثة. لكن أوجه نشاط التعدين المستخدمة حالياً ذات آثار سلبية على البيئة وصحة الإنسان ووجوده. فهل سيتمكَّن العلماء في المستقبل من اكتشاف تقنية مبتكرة لاستخدام البيولوجيا التركيبية وهندسة النباتات وتحفيزها بحيث تصبح قادرة على إنتاج المعادن بشكل مستدام؟
الاحتياج للعناصر المعدنية الهامه ومنها الزنك والكوبلت والسلينيوم والنيكل والدهب والفضه والنحاس وعملت مصانع التعدين العادية التي تعد من اكبر الصناعات تلوثا.حيث تعتمد علي استخراج هذه المعادن باستعمال مواد تزيد من تلوث البيئه وضخ المواد السامه المستخدمة في عمليات الاستخلاص في الهواء مما زاد من تلوثه
ومن اجل ذلك ظهرت فكرة التعدين الاخضر للمحافظه علي الحياه والبيئة والمناخ
وبتطور العلم امكن الحصول علي العناصر من النبات وهذا ما اطلق عليه (التعدين الاخضر) لما يعنيه من الحفاظ علي البيئة والحياة والمناخ لعدم بث مواد كيماويه سامه او ملوثه حيت تمكن العلماء من الحصول علي اي من العناصر وعلي رأسها الزنك من النبات بطرق سهله وبسيطة
ومن سم اتجه البحث والعمل علي استخلاص باقي العناصر بالبحث عن النباتات المؤهله لذلك او استنباطها بالهندسة الوراثية وتمتد جذور النبات الي
باطن الأرض وأعماقها لمتصص الماء والمواد المغذِّية والمعادن من التربة، لتنتقل بعد ذلك إلى جميع أجزاء النبات بما فيها الأوراق عن طريق الساق. وتتفاوت قدرة الامتصاص هذه من نوعٍ معيَّن من النبات
لذلك، يعمل الباحثون على دراسة هذه الأنواع من النباتات وسبب تطوُّرها بهذه الطريقة التي تقوم بها في امتصاص أنواع محدَّدة من المعادن بشراهة. وسوف تساعد طريقة عمل هذه النباتات على هندسة نباتات معيَّنة لتكون قادرة على استهداف المعادن الثمينة مثل الفضة والذهب، خاصة وأن علم البيولوجيا التركيبية يشهد تقدماً كبيراً، ومن خلاله يمكن بناء أنظمة بيولوجية غير موجودة في الطبيعية. كما من الممكن في المستقبل البعيد وجود مصانع خضراء وصديقة للبيئة تحاكي طريقة عمل النباتات بدلاً من أفران صهر المعادن.
من جهة أخرى، طوّر باحثون في مختبر التكنولوجيا والهندسة بجامعة ماسي في نيوزيلندا، عملية تحفيز نبات معروف باسم الخردل الهندي ليكون محباً للذهب، واستخدامه في الحصول على الذهب. فزرعوه في الماء المحتوي على المغذيات إضافة إلى كلوريد الذهب. وتم استخدام الإنزيمات لتحطيم الخلايا النباتية لاستخراج الذهب.
وتمكَّن هؤلاء بالفعل من الحصول على ما يعادل جراماً واحداً من الذهب من عشرة كيلوجرامات من النباتات المجففة. وعلى الرغم من أن الكمية قليلة جداً وغير مفيدة تجارياً في الوقت الحالي، إلا أن مثل هذه التجارب سوف تساعد في تطوير العملية في المستقبل لتكون أكفأ وأجدى اقتصادياً، مما قد يكون له انعكاسات إيجابية على صعيد التعدين، وخاصة في مجال المعادن الثمينة.
كما ان جسيمات الذهب المستخرجة من نبات الخردل الهندي تقع على مستوى النانو، وتسمى جسيمات الذهب النانوية (AuNPs). وكونها جسيمات نانوية يجعلها تتميز بخصائص استثنائية غير موجودة إذا كانت شذرات الذهب كبيرة الحجم. فالذهب عنصر خامل وغير نشط كيميائياً، لكن جسيمات الذهب النانوية تكون نشطة للغاية في التفاعلات الكيميائية، ولها مستقبل واعد في عديد من التطبيقات.
ففي الطب مثلاً، تُعدُّ جسيمات الذهب النانوية واعدة في علاج السرطان. والحصول على جسيمات الذهب النانوية في الوقت الحالي يتطلب عديداً من التفاعلات الكيميائية المكلفة والملوثة للبيئة، ولذا، فإن زراعة النباتات هي الأفضل بيئياً للحصول على هذه المادة الثمينة
إن دراسة هذه النباتات وفهمها سوف يساعد العلماء في معالجتها وهندستها وتحفيزها على امتصاص المعادن، والاستفادة منها في استخدامات كثيرة، منها: مساعدتها في النمو في غير مواطنها مثل أكوام النفايات الترابية الصادرة عن المناجم، وتنظيف التربة من التلوث والعناصر السامة، إضافة إلى حصاد المعادن من نباتات أخرى واستخدامها في التطبيقات الصناعية، وخاصة المعادن النادرة والثمينة. ولاحقاً، قد يتوسع استخدامها إلى ما هو أبعد من ذلك.
ففي نهاية المطاف، سوف تكون عندنا محاصيل معدنية مثل النيكل والذهب، وسنعرف حينها أن النباتات ليست مقتصرة على إنتاج المحاصيل الزراعية فقط، بل تنتج لنا المحاصيل المعدنية أيضاً!
فسبحان الله لما حبي هذا الكائن من امتيازات لجميع احتياجات الانسان