الدكتورة غادة عبد العال تكتب : مرض الكلوستريديم في الدواجن
تواجة الثروة الحيوانية في مصر الآن الكثير من التحديات, وإن من أهم هذه التحديات المسببات المرضية التي تؤدي إلي خسائر إقتصادية كبيرة سواءا من خلال نفوق بعض الحيوانات أو الدواجن أو من خلال التأثير علي إنتاجيتها سلبا, تشمل هذه المسببات المرضية كثيرا من المسببات الفيروسية والبكتيرية والطفيلية والفطرية.
من أهم المسببات المرضية البكتيرية المنتشرة إنتشارا كثيفا في مصر بين الحيوانات والدواجن بكتيريا الكلوستريديوم بيرفرينجنز والتي تؤدي إلي إلتهابات معوية تنكرزية شديدة وإسهالات مما يؤدي إلي فقدان في الوزن ونفوق عدد كبير في دجاج التسمين , كما تسبب أيضا تسمما وانتفاخا معويا عن طريق افراز الكثير من المواد والسموم التي تساعدها علي إظهار ضراوتها.
وغالبا ما ينتشر هذا النوع من البكتريا في دواجن التسمين بعد الاصابة بمرض الكوكسيديا حيث تنمو أولا في الأعورين ثم تهاجر إلي باقي الأمعاء وتفرز سمومها التي تسبب تدمير وموت الخلايا التي تبطن الأمعاء محدثة الأعراض الظاهرية والتشريحية لهذا المرض حيث تظهر الأعراض علي شكل خمول للطائر وفقدان شهيته للأكل ونوم الطائر وانتفاش الريش وظهور الاسهال أصفر ذو رائحة كريهة والممزوج أيضا بالفقاعات الغازية.
تنشط هذه البكتريا في القطيع بسبب التثبيط المناعي الذي تسببه بعض الأمراض أو الظروف البيئية السيئة لبعض العنابر مثل ارتفاع نسبة الرطوبة وسوء الفرش وارتفاع نسبة الأمونيا وقلة التهوية وارتفاع نسبة السموم الفطرية .
تعد كل هذه الأسباب عوامل مهيئة تؤدي إلي تنشيط هذه البكتريا وتتسبب في ظهور أعراضها ومن ثم فقدان في الوزن وارتفاع نسبة النفوق بالعنابر، ومن المعلوم أنه لا يوجد حتي الآن تحصين ضد الكلوستريديا في دجاج التسمين، ونظرا لتوجه الدولة نحو تطوير الثروة الحيوانية والداجنة وتطوير الابحاث العلمية حولها كان من الأهمية بمكان أن نفكر بهذه المسببات المرضية وأن نقوم بعزلها لمعرفة وتوضيح آثارها وكيفية التعامل مع هذه المسببات ومعرفة كيفية التخلص منها من خلال استخدام الدواء الأمثل.
وأيضا معرفة رد فعل هذه المسببات عند استخدام المضادات البكتيرية المختلفة ولتحديد المطهرات الأكثر فاعلية عليها, وأيضا نظرا للاهمية القصوى لبكتريا الكلوستريديوم بيرفرينجنز وارتباطها بالصحة العامة ,وكذلك مقاومتها للمضادات الحيوية العلاجية والمطهرات , وذلك لتكون الغشاء الحيوي حول البكتريا الذى يمنع التفاعل النشط بين الميكروب والمضاد الميكروبى فكان من المهم دراسة مدى قدرة هذا الميكروب على تكوين البيوفيلم واختبار بعض المواد التي تؤثر علي تكوين الغشاء الحيوي وكيفية التصدى له باستخدام بعض المواد الكيميائية.
كما تقوم بكتيريا الكلوستريديوم بيرفرنجنز اللاهوائية عند التعرض لظروف غير مناسبة مثل تغير درجة الحرارة أو الجفاف بالتحول إلي صورة أخري بالتجرثم كما تقوم هذه البكتريا عند التعرض للأكسجين أو للمضادات الميكروبية مثل المضادات الحيوية أو المطهرات بمحاولة حماية نفسها والتكيف مع هذه الظروف وذلك عن طريق تجمع عدد كبير من البكتريا مع بعضها البعض وافراز بعض المواد التي بدورها تكون غشاءا حيويا حول البكتيريا لحمايتها من هذه المواد أو المتغيرات الغير مناسبة لنموها.
لذلك لابد من القيام ببعض الدراسات لقياس مدي قدرة هذه البكتريا علي تكوين الغشاء الحيوي واستخدام بعض المواد والتركيبات لمنع تكوينه والتصدي له باستخدام المضادات الحيوية والمطهرات المناسبة وذلك باستخدام ممهدات التطهير وبعض المركبات الكيميائية القادرة علي إزالة الغشاء الحيوي لتمكين المطهرات من الوصول إلي جدار البكتريا والقضاء عليها.
من المعلوم أن عدد من الجينات هى المسئولة عن سلوك هذه البكتريا والتي بدورها تتحكم في تكوين الغشاء الحيوي القادر علي مقاومة بعض الانزيمات والمضادات الميكروبية.
كما تجري أيضا العديد من الدراسات في مصر لمتابعة عدوي اللاهوائيات من نوع كلوستريديوم بيرفرينجنز لمعرفة مدي مقاومتها للمطهرات بالمزارع والمضادات الحيوية والميكروبية والخلوص إلي أفضل تلك المطهرات لاستخدامها في تطهير العنابر قبل وأثناء وبعد دورات التربية المختلفة بمزارع الدواجن والحيوانات المختلفة إضافة إلي التعرف علي المضادات الحيوية والمركبات الكيميائية الأكفأ والأكثر تأثيرا وأيضا تجري العديد من الدراسات للعمل علي انتاج تحصينات ضد هذه البكتيريا للاستخدام في دجاج التسمين لتقليل الخسائر الإقتصادية التي قد يسببها ميكروب الكلوستريديوم بيرفرينجنز.
د/ غادة عبدالعال ابراهيم – باحث اول معهد بحوث الصحة الحيوانيه – مركز البحوث الزراعية – مصر