أخبارزراعة عربية وعالميةمجتمع الزراعةمحاصيلمقالات

الدكتور حمدى المرزوقي يكتب : القمح الأوكراني وفرص مصر لرفع نسب الاكتفاء الذاتي

خواطر وطنية و بعيدا عن السياسة

اطلعت مؤخرا علي احدث كتب الدكتور نادر نور الدين وهو بعنوان ( تحديات المياه وإنتاج الغذاء في مصر ) ..وترجع أهمية الكتاب الي ما جاء به من معلومات هامه وان الكاتب احد الاساتذة البارزين بل أيضا الي ما كان يشغله من وظيفة مستشار وزير التموين السابق

وجاء بالكتاب ان مصر تستورد حوالي ٦٥ % مما تحتاج اليه من غذاء وبما يقدر سنويا بتكلفة ١٥ مليار دولار فمثلا من القمح نستورد حوالي ١٣ مليون طن من جملة استهلاكنا والتي تبلغ حاليا حوالي ٢٠ مليون طن ومن الذرة الصفراء حوالي ١١ مليون طن ( اكتفاء ذاتي حوالي ٣٠ % ) ونستورد من السكر حوالي ١.٥ مليون طن ( اكتفاء حوالي ٧٠ %) ومن الزيوت النباتية حوالي ١٠٠ % من احتياجاتنا التي تصل حوالي ٣.٥ مليون طن ( اكتفاء ذاتي ٤% ) فقط ومن العدس حوالي ٨٠ ألف طن ( ١٠٠% من احتياجاتنا ) وايضا ٦٠٠ ألف طن من الفول البلدي بنسبة حوالي ٨٠ % من احتياجاتنا وحوالي ٥٠ % من جملة احتياجاتنا من اللحوم الحمراء والالبان المجففة ..هذا بالرغم مما قامت به مراكز البحوث العلمية والجامعات المصرية المختلفة من نشاط ضخم في استنباط السلالات والاصناف والهجن الجيدة وعالية الإنتاجية والمقاومة للأمراض والحشرات وذلك نظرا للزيادة السكانية السنوية بالإضافة الي محدودية الرقعة المنزرعة

ولقد ذكر أ.د عادل البلتاجي مستشار رئيس الجمهورية ووزير الزراعة الأسبق أنه لولا مجهودات مركز البحوث الزراعية في فترة الثمانينات واوائل التسعينات لتعرضت مصر الي مجاعة غذائية حقيقية .
وعلي الرغم من تلك الجهود الجبارة توجد فجوة غذائية واضحة ومؤلمة حيث تبلغ مساحة الرقعة المنزرعة حاليا حوالي ٨.٥ مليون فدان من جملة المساحة الكلية لمصر والبالغة حوالي ٢٣٨ مليون فدان أي بنسبة حوالي ٣.٥ %

وفي تلك الظروف الدولية المعقدة والتي يمر بها العالم بسبب الحرب الروسية الإوكرانية ..وهنا أحب أن انوه الي أنني احد آلاف المصريين والعرب الحاصلين علي الدكتوراة من الاتحاد السوفيتي السابق عام ١٩٩٠ وعشت في الاتحاد السوفيتي لمدة حوالي خمس سنوات ( ١٩٨٥ – ١٩٩٠) وهي تقريبا فترة الرئيس جورباتشوف ..وكانت الدولة مكونة من ١٥ جمهورية منها جمهورية ( أوكرانيا ) ولقد بدأت الدولة السوفيتية في الانهيار التدريجي ولمدة حوالي ٥ سنوات لأسباب وعوامل خارجية وداخلية ..تفكك الاتحاد السوفيتي علي أثرها الي ١٥ جمهورية ( شبه مستقلة ) ..منذ عام ١٩٩١ وحتي الان …والي ان حدث الشقاق بين جمهوريتي روسيا الاتحادية و اوركرانيا و قامت الحرب الروسية الأوكرانية مؤخرا منذ حوالي ثلاثة أسابيع والتي نأمل أن تنتهي في القريب العاجل ..لانها جعلت العالم كله علي شفا الحرب العالمية الثالثة وحدث ارتباك في التجارة و العلاقات العالمية بين الشرق والغرب

و اليوم تلقيت ١٧ مارس ٢٠٢٢ علي الواتس مقالة تحت عنوان ( القمح والحرب الروسية – الاوكرانية ) ..بقلم دكتور. سعد نصار ..وكاتب المقال هو العالم الجليل أ.د سعد نصار – الاستاذ الجامعي والذي أنشأ كلية الزراعة بالفيوم ثم أصبح عميدا لها ( ١٩٨٢- ١٩٩٦ ) وبعد ذلك تولي رئاسة مركز البحوث الزراعية ( ١٩٩٦الي ٢٠٠٠) ثم أصبح محافظ للفيوم وبعد ذلك تولي منصب مستشار وزير الزراعة من ٢٠٠٥ وحتي الان ..كما أنه رئيس لجمعية الاقتصاد الزراعي المصري وجمعية الاقتصاد الزراعي العربي …وهو شخصية اقتصادية دولية بارزة…
ومن القراءة المتأنية للمقال إتضح لنا أن هناك نقاط إختلاف ونقاط إتفاق نلخصها علي النحو التالي :
– تحتل روسيا و أوكرانيا علي حوالي ٣٠% من الصادرات العالمية للقمح ومن المعروف أن تلك التجارة قد تأثرت بالحرب الدائرة بينهما وزاد السعر العالمي من ٢٥٠ دولار للطن الي ٤٠٠ دولار للطن وهنا تأكد لنا من مقال المسئول المصري الرفيع المستوي إن مصر تحتل المكانة الاولي عالميا في إستيراد القمح من الخارج وبمقدار حوالي ١٢ مليون طن اغلبها من روسيا (٦٠%) اما من أوكرانيا فتبلغ نسبه الاستيراد من القمح حوالي (٢٥%) اي أن جملة ما تستورد مصر من القمح سنويا من روسيا واوكرانيا معا تصل الي حوالي ٨٥% من جملة احتياجاتنا مما يشكل خطورة بالغة للغايه علي مستقبل الأمن الغذائي المصري وأعتقد وربما يتفق معي الكثير أن لنا تحفظ علي هذا المسار .. فلابد من تنويع المصادر التي نعتمد عليها لاستيراد تلك السلعة الاستراتيجيه الهامة للشعب المصري وعلينا ألا نضع (البيض كله في سلة واحده) و مهما كانت هذه الدوله او تلك قريبة منا سياسيا .. فيحسب للرئيس السادات عليه رحمة الله انه قد بدأ في تنويع مصادر شراء السلاح ومن بعده سار علي نفس المنوال الرئيس مبارك ثم الرئيس السيسي حتي الآن .. وخاصة وان هناك دول أخري تصدر القمح مثل فرنسا وكندا والأرجنتين وأستراليا .

– كما ذكر في المقال المشار إليه إن مساحة القمح في مصر هذا العام حوالي ٣.٦ مليون فدان اي بزيادة حوالي ٢٥٠ ألف فدان عن العام الماضي (تقديرات وزارة الزراعة ) .. وأعتقد أن تلك المساحة يجب ان يعاد النظر في تقديرها بدقة حيث أنها مبالغ فيها فكما سبق ذكرة أن مساحة مصر المنزرعة تقدر بحوالي ٨.٦ مليون فدان تقريبا وتصل المساحة المزرعة بالزراعات المستديمة من الخضروات والفاكهة وقصب السكر حوالي ٢.٢ مليون فدان اي يتبقي من مساحة البلاد حوالي ٦ مليون فدان تتنافس عليها الزراعات الشتوية وهي محاصيل القمح والبرسيم وبنجر السكر والفول البلدي والعدس والكتان والشعير والحمص.

اما المحاصيل الصيفية فتتنافس فيها محاصيل الأرز والذرة القطن وعباد الشمس وفول الصويا والسمسم والفول السوداني ولب التسالي .

واحب ان أوضح هنا انه من الصعوبة بمكان التوسع الأفقي علي حساب المحاصيل الشتوية الأخري في زيادة مساحة القمح بمصر ولكن الطريق أمامنا وخاصة في اراضي الوادي والدلتا في التوسع الرأسي عن طريق إستنباط المزيد من الأصناف عالية الإنتاجية والمقاومة للأمراض مع التطبيق الجيد لحزمة التوصيات الفنية الموصي بها .. كما ولابد أن ننظر الي الأفكار الجديدة والتي تستهدف الي خلط دقيق القمح مع دقيق الشعير وأيضا البطاطس والبطاطا..

و في هذا المجال نشيد بتجربة رائدة بطلها أستاذ مصري شاب بمحطة بحوث سخا بمركز البحوث الزراعية والذي تمكن من استنباط أصناف من البطاطا يمكن استخدامها في الخلط مع دقيق القمح وبالتالي يمكن أن نصل الي مرحلة من تحقيق الأمن الغذائي الجيد وليس الاكتفاء الذاتي الصعب الوصول إليه حاليا وربما يكون ذلك مستقبلا .. ومن عجب أن الزميل ا.د عبد المنعم الجندي رئيس البحوث بمعهد بحوث البساتين تمكن من مقابلة السيد وزير التموين والذي شاهد بنفسة تجربة خلط دقيق البطاطا مع دقيق القمح وهي تجربة بسيطة وعملية ووعد السيد الوزير بتنفيذها من عام مضي ولم يتحقق شيئا .

– كما تم الإشارة بنفس المقال الي أهمية زيادة الطاقة التخزينة للصوامع والتي زادت من حوالي ٢ مليون طن في عام ٢٠١١م الي حوالي ٤ مليون في عام ٢٠٢١م ويرجع هذا الفضل للسيد الرئيس السيسي ولاشك انه من الإنجازات الهامة وإن كنا نأمل في إنشاء المزيد من الصوامع في مختلف أنحاء الجمهورية ومضاعفة السعة التخزينة مرة أخري لأن ذلك أحد الوسائل الرئيسية لتحقيق الأمن الغذائي المصري .. وعلينا أن نتذكر دائما انه من لا يملك قوته لا يملك قراره السياسي.
واسلمي يا مصر انا لك الفدا..
مع خالص تحياتي
د.حمدي المرزوقي

.





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى