لم تُخلَق الدنيا للتنعم، ولكنها دار اختبار وابتلاء، قال – تعالى -: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾
ومشاعرنا مخلوقة على الفطرة تعبر عن حزنها وتعبر عن فرحها. . وطالما نحن فى الدنيا فنحن فى اختبارات وابتلاءات دائمة وبالتالى لايوجد فى الحياة حزن دائم أو فرح دائم ..
وعليك أن تتنبه إلى ؛ مَن ادَّعى أنه فى فرح دائم فهو إما كاذب، أو غافل لانه سيستدرك و ليحذر أن يكون من الذين قال النبي – صلى الله عليه وسلم – عنهم: ((حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه)).
ومَن ادَّعى أنه فى الحزن دائما وأنه فى الهمَّ مقيم، فهو إما جاحد، أو ناكر لنعمٍ فليحذر لان النعم التى من الله بها عليه من الممكن أن تزول، إن لم يقيِّدها بالشكر لله : ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾
وبالتالى فإن الفرح والحزن نابعان من فهمك للحياة ولما يُصِيبك به الله – تعالى – من نعمٍ وابتلاءات وهناك أيات كثيرة تدل على أنك دائما فى امتحان يقول تعالى ( الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ) وقوله تعالى -: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾
فالحزن والفرح امر دائم ومتوقع
لذلك من صفات عباد الرحمن عدم الاسراف فى كل شىء حتى فى الحزن أو الفرح يقول الله عنهم أنهم: ﴿ لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ فالوسطية في الأمور كلها خير.
ويجب أن يختلف سلوك الإنسان طبقا للحالة إلى عليها .فإذا كان فى حالة فرح بالنعم عليه أن يُرجِع ذلك الفرحَ الذي يعيشه إلى توفيق الله – تعالى – ورحمته به
لأن ذلك سيجعله يشكر الله فتزداد نعمه ويزداد فرحه ولئن شكرتم لاذيدنكم
وأن كان فى حالة حزن عليه أن يُرجِع الحزن الذى أصابه إلى ذنوبه، وأن الله – تعالى – ابتلاه بها؛ ليخلصه من عذاب الآخرة، الذي لا يقارن به عذاب الدنيا، أو أنه ابتلاء
وبهذا الفكر سيكون ادعى إلى أن يكون من التوبة والإنابة إلى الله دائما
ومن أهل الصبر وسيُجَازِيه الله – تعالى – على صبره عليه، برفعِه درجة من درجات الجنة، أو أنه – سبحانه – يعدُّه لمكان، لم يكن بحالتِه قبل الابتلاء يستحقه أو يَقدِر عليه.
والتعامل المهذب يكون بالشكر فى حالة الفرح والرضا وتنسب الفضل لله لأنه بالشكر تقيد النعم وتدوم
واياك أن تنسب الفضل لنفسك او أنها من عملك واذكر قوله – تعالى -: ﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
والتعامل المهذَّب في حالة الحزن بالصبر كصبر الكرام لا اللئام، فاالصابر بشره الله بجزاء كريم يقول تعالى -: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
ويلخص المصطفى حالة المسلم فى كل أحواله بقوله صلى الله عليه وسلم : ((عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابتْه سرَّاءُ شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاءُ صبَر، فكان خيرًا له)).
جمعتكم طيبة مباركة