الدكتور على عبد الرحمن يكتب : عوائق وسائل توزيع السلع الغذائية
ما يشهده الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة من تصاعد لضغوط قوى الاحتكار المحلية أو الخارجية بصورة تشكل اعتداء صارخاً على توازنات الاقتصاد وآمنة وسلامته، وعلى حقوق المستهلك الأصيلة باعتبارها دعامة اقتصاديات السوق والحرية الاقتصادية، لابد وأن تدفع لدخول قضايا الاحتكار والممارسات الاحتكارية الضارة إلى بؤرة دائرة الاهتمام العام، ويضاعف من أهمية ذلك العديد من الممارسات الاحتكارية للشركات الدولية متعددة الجنسيات والتي تتم منذ سنوات مضت ومرت مرور الكرام بغير مراجعة وبدون تدقيق أو تمحيص.
ويمكن القول بقدر كبير من الثقة أنه قد أصبح هناك اتفاقا عاما واقتناعا متزايد من قبل كافة الأطراف المعنية ( سواء على المستوى الأكاديمي أوالحكومي أو الشعبي) أن الأوضاع التسويقية بصفة عامه تعانى من العديد من مظاهر التخلف ونواحي القصور وتدنى الكفاءة.
وينعكس ذلك سلبيا على الاقتصاد القومي العام وعلى الأحوال المعيشية والاجتماعية لمختلف فئات المجتمع، لذا فإن عيوب السوق وتخلف نظام التجارة الداخلية، يمكن أن تشكل معوقا أساسيا يحول دون تحقيق معدلات النجاح المنتظرة لجهود الإصلاح الاقتصادي، ويؤدى إلي تأخر ظهور آثاره الإيجابية وإلي سوء توزيع عوائده بين مختلف فئات المجتمع.
ويعانى المستهلكون من الكثير من الأوضاع الاحتكارية التي بدأت تسيطر على إنتاج وتسويق الكثير من السلع.
ولتفادي تلك المشكلات، يجب الاهتمام بعمليات الإصلاح السوقي لتهيئة الظروف المواتية لنجاح برامج وسياسات الإصلاح الاقتصادي وتعظيم عوائدها الإيجابية والحد من أثارها السلبية، وتتمثل الأضرار الناشئة عن الممارسات الاحتكارية فيما يلي:
• ارتفاع أسعار السلع بما يتجاوز قدرات نسبة كبيرة من المستهلكين، وينجم عن ذلك حرمانهم من السلع كليا أوجزئيا، وبالتالي حدوث خلل في السلوك الاستهلاكي، وتنامي درجات الكساد لتلك السلع مما يسبب خسارة قومية وإهدار للرأس المال القومي.
• أن يحجب المحتكرون سلعة ما عن السوق، يسبب في افتعال أزمة اختفاء السلعة كليا أوجزئيا، وفي كثير من الحالات يندفع المستهلكون إلي شراء بأكثر من حاجتهم تحسبا لاستمرار الأزمة، فيزداد بذلك حجم الكميات المطلوبة وارتفاع سعر تلك السلعة، وبالتالي عدم استقرار الأسواق.
• ضعف الاهتمام بتدنيه التكاليف وتحقيق الكفاءة الاقتصادية نتيجة غياب المنافسة وإمكان فرض أسعار، ويعني ذلك تخلف وسائل الإنتاج وتعرض عمليات الإنتاج لتوالي ارتفاع الأسعار بما ينعكس بصورة شبه كاملة على الأسعار بأعباء إضافية على المستهلكين.
• وقد يكون هذا الأمر أحد أسباب فشل وحدات القطاع العام منافسة إنتاج القطاع الخاص نتيجة ارتفاع التكاليف بها وعدم اهتمامها بتخفيضها بينما هي تتمتع بأوضاع احتكارية.
• تثبيط همم صغار المستثمرين من خلال ممارسات المحتكرين لإبعاد صغار المنافسين من الأسواق بوسائل مختلفة، مثل معاناتهم في أسعار المستلزمات أوالدعاية المضادة لمنتجاتهم أو التواطؤ ضدهم وغير ذلك.
• الأنشطة الاقتصادية الصغيرة التي تواجهه في تصريف منتجاتها احتكار المشتري وتحكمه في الأسعار تتعرض لمشكلات قد تؤدى إلي توقفها تماما.
• ضعف الوضع التنافسي في الأسواق واتصافها غالبا بالأوضاع الاحتكارية أوشبه الاحتكارية، مما يؤدي إلي ارتفاع الأرباح الاحتكارية التسويقية التي لا تمثل فقط خللا في هيكل التوزيع الاجتماعي للدخول.
• الأثار السلبية العميقة على كل من المستهلكين والمنتجين، فهذه الأرباح تستقطع بشكل مباشر من دخول كل من هاتين الفئتين فتمثل مزيدا من تدني الدخول الحقيقية للمستهلكين، كما تمثل من جهة أخرى انتقاصا مباشراً لعوائد .
• ضعف مستويات المستهلكين المعيشية وضعف قدرتهم على تطوير الإنتاج كما ونوعا، فضلا عن استجاباتهم غير الصحيحة أوالمناسبة لظروف الأسواق،الأمر الذي يساهم في الحالات الشائعة من التقلبات السوقية الحادة والأزمات التسويقية المتكررة لكثير من السلع وبخاصة السلع الزراعية.
• استغلال القوى الاحتكارية المحلية قيام الحكومة بحمايتها من منطلق حماية المنتج الوطني، بفرض رسوم إغراق على الواردات من السلع المحتكرة من قبل بعض المحتكرين، ويؤدى ذلك التحيز ضد التصدير، كما يتيح فرض حماية للمنتج الوطني في غير محلها.
دكتور / علي عبدالرحمن
مستشار وزارة التجارة والتموين الأسبق