الدكتور إبراهيم درويش يكتب : اطمئن.. ما كان لك سيأتيك ” الله لطيف بعباده “.. (نفحات الجمعة)
اللطف…الجميل
مهما عظمت عليك الكروب والشدائد، وازدادت الأخطار من حولك وزادت المخاوف ….
فلاتجزع ولا تيأيس ولا تقنط من روح الله ..وارجع الى ربك ،ستجد عنده الراحة. اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ”
واصل كلمة اللطيف مأخوذة من الخفاء والرقة وفى حقه تعالى، هو الذي لطفت أفعاله وحسنت، أو الذي لا تدركه الحواس. قال تعالى: “لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”
أوهو العليم بخفيات الأمور ودقائقها؛ قال تعالى: “يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ”
فهو اللطيف سوف يرأف بك ويلطف بحالك .يقول تعالى ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ …
ماذا يعنى إسم الله اللطيف ؟
اللطيف اسم من أسماء الله تعالى و صفة من صفاته سبحانه ..
فهو اللطيف فيما قدّر. واللطيف فيما رزق …فهو الرزاق ذو القوة المتين .
وهو القوي القادر على إزالة كل بلاء. والعزيز الذي لا يُغلَب، ولا يعجزة شيء في الأرض ولا في السماء…
فاذا علمت ان لك ربا ..رزاقا قادرا قويا عزيز …هل تخشى على نفسك من شيئ !!!
فاذا قرأت او سمعت قوله تعالى ( الله لطيف بعباده )..
فهذا وعد من الله فثق بهذا الوعد،. وانتظر منه اليُسر بعد العُسر،والفَرَج بعد الشدّة …
واسم الله ” اللطيف ” عندما تردده وانت موقن به ما أسرعه لتفريج الكرب في أوقات الشدائد ولا يذكره من يؤلمه شئ في نفسه أو بدنه إلا أزاله الله عنه في أثناء الذكر ولا يذكره أحد في نفسه لأمر عظيم هاله ،إلا شاهده كيف ينجلي ويضمحل ،
قال الربيع :
{{ كان من أدعية الإمام الشافعي رضي الله عنه المشهورة بالإجابة :
((اللهم إني أسألك اللطف فيما جرت به المقادير)) ومن قاله في كل يوم مائة وتسعاً وعشرين مرة ،
أمَّنه الله من شر الحوادث ، ورزقه اللطف في سائر أحواله.٠
يقول الشاعر…
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ..
وتيقن انه لو جمعت كل لطف الناس بك وعلى رأسهم الوالدان . فلن يساوي ذلك قطرة في بحر لطف ﷲ بك ، فاقصده في كل حاجتك. فهو ارحم من الوالدة بولدها..
واللطف من الله تعالى التوفيق والعصمة وإيصال الخير لخلقه؛ فيوصل إليهم إحسانه وألطافه من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون؛ قال تعالى: “اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ” (الشورى، الآية 19)،
ولُطْفُ الله تعالى. واسع يشمل جميع خَلْقِه، المؤمن والكافر. الطائع والعاصى فهو رازق الجميع ، ويشفيهم ويعافيهم،لانه هو الذى خلقهم فهو لطيف ورحيم بهم.. ويسمى ذلك باللطف العام ..
وهناك لطف اخر يسمى .. لُطْف خاص.. ويكون لاهل طاعته واهل محبته واهل الايمان به والثقة فى وعده ..بان يحيطهم بعزته ، ولا يُقَدِّر لهم إلا ما هو خير لهم …حتى لو كرهوه،… لأنه عليم بما يصلحهم، خبير بما ينفعهم.. فإذا أصابهم بما يحبون، لَطُفَ بهم فرزقهم الشكر عليه ليتضاعف أجرهم، ويبارك لهم فيما رزقهم، وإنْ أصابهم بما يكرهون لَطُفَ بهم فأنزل عليهم الصبر والرضا ليوفوا أجرهم بغير حساب….فالله لطيف بعبادة لاتخفى عليه خافيه ..
وبلطف الله وعلمه يدرك السرائر والضمائر والخفايا.. يقول تعالى (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)…
واحسن الظن والتفكير ..فان لك اله عليم خبير يقول تعالى { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }..
ولنا فى قصة سيدنا يوسف عليه السلام، المثل والعبرة ..فسيدنا يوسف كان فى حالة تسليم كاملة لله مع ان الاحداث والازمات التى تعرض لها ..كانت لا تبشر بخير .. فقد تعرض لحسداخوته وهم اقرب الناس اليه وتعاظم هذا الحسد حتى كادوا يقتلونه ثم وضعوه فى غيابات الجب حتى يهلك ..ثم فرج الله عنه لكنه بيع كعبد ..وكان يظن ان سيظل فى العبودية طوال عمره ،
وتعرض لازمة اكبر بأن اتهمته امرأة العزيز بما لها وله من سطوة فأدخل السجن وكان يظن انه سيبقى فيه حتى الموت ….
يقول نبي الله يوسف عليه السلام مبينا للطف الله سبحانه ورفقه به بعد أن ألقاه إخوته في الجب: “إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ” بعد قوله: “وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي”
من مظاهر لطف الله بعباده.
١- أنه يلطف بالجنين في بطن أمه وقد خلقه في ظلمات ثلاث؛ فيحفظه ويغذيه ويربيه حتى ينزل من بطن أمه… ويكفل له رزقه ويحفظه بعنايته، وإذا عمل حسنة ضاعفها له، وإذا عمل سيئة غفرها له إن استغفر، فإن لم يستغفر كتبها عليه سيئة واحدة.
٢- أن الله لم يترك خلقه هملا، بل أرسل إليهم الرسل يعلمونهم ويرشدونهم،
كما جعل لهم حفظة من الملائكة يكلؤونهم ويحفظونهم؛ قال تعالى: “لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ”
٣- ان الله بر بعباده، رفيق بهم، وهو لطيف بالبر والفاجر، إذ لم يقتل الكفار مثلا جوعا بمعاصيهم. وهو سبحانه في الآخرة لطيف بعباده المتحققين بالعبودية في العرض والمحاسبة.
٤- …ان كل انسان يتعرض فى حياته لازمات متعددة ..ويظن انه لا انفراج لها.. لكن لطف الله يفرج عنه ماكان يعتقد انه لامخرج منها ..لان ألطاف الله عز وجل على غير حسابات البشر؛…فقد تكون هذه الابتلاءات والشدائد تمحيص لشخصية الانسان…او اعداده لتحمل مسؤولية ما ..الله اختارها له…
كما جعل الله ابتلاءات يوسف عليه السلام هي السلم الذي يوصله للمجد والعلياء، والتمكين في الأرض؛ ولذلك عندما قص سيدنا يوسف لابيه واخوته ماتعرض له
اكد ذلك فى قوله تعالى:..إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ”..
٥- ومن لطف الله بنا انه لم يجعل رزقنا على غيره بل تكفل لنا به فيقول سبحانه مطمئنا لنا { اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ } .ويقول تعالى: : {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}
فعليك ان تطمئن…( الله لطيف بعباده ).. فما كان لك فسيأتيك رغم ضعفك….
وما ليس لك ،،، لن تناله بقوتك… فاصبر على البلاء تُبشّر بالعطاء وطب نفسا إذا حكم القضاء ..فما لحوادث الدنيا انقضاء….فإن مدبّر الأمر هو الله..والرّزق بيد الله لا بيدك، والأمر أمر الله لا أمرك.. ولن تقبض راحتاك شيئًا ما كتب الله أن تملكه، ولن يُفلت من بين يديك ما ساقه الله لأجلك.. ولن يفوتك رزقك وإن تأخَّر.
٦- ومن لُطفه سُبحانه أنه يجبر الكسير،ويغني الفقير، ويعفو عن الذنب، ويستر العاصي، ويأتي باليُسر بعد العُسر،ويغيث عباده، ولا يرد من سأله،. رحيم لطيف، بيده الأمر والتصريف،. هو أعرف المعارف لا يحتاج إلى تعريف،جلّ في عُلاه، لا إله إلا هو، ولا رب سواه.
٨- وهناك ..اللطف الخفي
بأنه يحميك الله في كل مرةٍ تكونُ بها قريب جداً من السقوط من دون ان تشعر ، . ويسخر لك أمرا لم يكن بحسبانك…
٩- والطاف الله كثيرة لكن لاندركها ولو كُشف لنا الغطاءُ عن ألطاف ربنا الذى يحيط بنا وباولادنا وارزاقنا لذابت قلوبنا حبا ًله، وشوقاً إليه، .
كن لطيفا بالعباد ..
نعم اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ”إذا فاتك عطفه أتاك لطفه …فربي رحيم بعباده……
وقال ابن عطاءالله السكندري: من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره…
وإذا أردت أن تنال حظا من اسمه اللطيف، فكن لطيفا بالعباد، تبذل لهم لطيف الألفاظ، وتتلطف في دعوة العصاة إلى الحق، وتجذبهم بلطيف أخلاقك، وتهتم بأهل الفقر فتتلطف معهم، وتدعو لهم، وتسأل الله اللطف بهم في كل حال
بركات اسم الله اللطيف
ومن بركات اسم الله اللطيف ومن الأدعية المجربة ..
ان من أراد أن يرى في شأنه ما يحب ويختار. ومن أراد تسهيل الرزق او تفريج الهم او ازالة الكرب
فليتوضأ ويصلى العشاء ثم يصلى ركعتين بعد العشاء ويستغفر الله تعالى ما أمكنه ، ويصلي على النبي صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم ما أمكنه ثم يقول : يا لطيف مائة مرة وتسعاً وعشرين مرة ثم يقول :
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} يا هادي يا لطيف يا خبير ، اهدني وارزقنى وفرج عنى ما انا فيه وأرني وخبرني في منامي ما يكون من أمر كذا وكذا وتذكر حاجتك بحق سرك المكنون {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } ثم يقول بعده {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } …
يالطيف يالطيف يالطيف
اللهم لا فرج إلا فرجك ، ولا لطف إلا لطفك ففرج عنا كل هم وغم وكرب وشدة
يا من بيده مفاتيح الفرج إكفنا شر كل من يريد ضرنا من إنس وجن وحاسد وباغ وساحر، وارفع عنا هذه المحنة والبلية، وإدفعها بيدك القوية إنك على كل شيء قدير ..
اللهم أنت أقرب من كل قريب ، وأكرم من كل كريم ،وأجود من كل جواد ،وأحفظ من كل حفيظ ، وألطف من كل لطيف ، فنسألك بحق اسمك اللطيف أن تسهل وتيسر أمرنا ياكريم،وان تحفظ بلادنا واولادنا واحبابنا وترحم والدينا وتعز المسلمين وتنصر اهل غزة وفلسطين على اعدائك يارب العالمين بسر بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما﴾
جمعتكم طيبة مباركة
ا.د/ ابراهيم درويش