الدكتورة شيماء منصور تكتب : مرض التسمم الدموى الإيروموناسي المتحرك فى الأسماك
تعتبر الثروة السمكية من أهم المصادر الطبيعية التي استغلها الإنسان كمصدر للطعام. كما تعتبر من أكبر مصادر الدخل لعديد من البلاد ، بالإضافة إلي أن الأسماك مصدر جيد للبروتين المهم لصحة الإنسان بسعر منخفض مقارنة بالمصادر الغذائية الأخرى ، لذلك لابد من دراسة وفهم أمراض الأسماك التي لها تأثير مباشر على الإنتاج السمكى ومنها الأمراض المعدية الوبائية البكتيرية التي تعتبر من أهم و أخطر المشاكل المرضية للأسماك والتي تسبب أضراراً كبيرة للثروة السمكية ، و خاصة مجموعة أمراض التسمم الدموى البكتيرية و التي تضم مرض التسمم الدموى الإيروموناسي المتحرك.
يعتبر مرض التسمم الدموي الإيروموناسي المتحرك مـن أهـم وأخطـر الأمـراض البكتيريـة التـي تصـيب أسـماك الميـاه العذبة والشروب و ايضاً قـد يصـيب بعـض أسـماك الميـاه المالحـة . يسبب هذا المرض نـوع مـن البكتيريـا يسـمى الأيروموناس و بخاصة الأيروموناس هيدروفيلا (المسبب الأساسي للمرض) ، الإيروموناس سوبريا والإيروموناس كافي و هي بكتيريا سالبة الجرام عصوية الشكل قصيرة و متحركة ، وقد تصيب نطاق واسع من الحيوانات مثل الأسماك والضفادع والثدييات، بما في ذلك الأنسان و لهذا السبب تعتبر من ضمن الأمراض المشتركة المهمة.
تحدث العدوي في الأسماك في حالة هذا المرض عندما تكون الأسماك مثبطة مناعياً بسبب الإجهاد التي يمكن أن تتعرض له نتيجة نقص الأكسجين ، زيادة فى نسب الأمونيا و ثاني اكسيد الكربون ، النقل الغير سليم ، نقص أو زيادة الغذاء، التغير في درجات الحرارة و ارتفاع معدل المواد العضوية . كل هذه العوامل تؤدي إلي تكاثر بكتيريا الأيروموناس و التي تعيش طبيعياً فى أمعاء الأسماك (معايشة تكافلية) , والتي يصاحبها إفراز لأنواع مختلفة من السموم والإنزيمات مثل الهيموليسين ، الأيروليسين، الليكوسيدين، السيتوتوكسين، الليباز،السيرين و السموم المعوبة (الأنتيروتوكسين) والتي تؤدي إلى حدوث إلتهاب في جدار الأمعاء مع زيادة قدرة البكتيريا علي إختراق الأمعاء الملتهبة و وصولها إلى الدم ،حيث تؤدى إلى حدوث تكسير فى خلايا الدم الحمراء والبيضاء على السواء ، وقد تصل البكتيريا و السموم البكتيرية إلي الأعضاء الداخلية للأسماك المصابة مثل الكبد ، الطحال و الكلى ، بالإضافة إلي الجلد و الخياشيم مسبباً تلف في الأنسجة للأسماك المصابة.
من أهم الأعراض المرضية الظاهرية لمرض التسمم الدموى الإيروموناسي المتحرك للأسماك المصابة هى وجود بقع نزيفية منتشرة على السطح الخارجي للجلد ، الزعانف و الخياشيم ، تآكل للزعانف ، جحوظ للعين ، تساقط للقشور مع وجود تقرحات بالجلد ،إنتفاخ بالبطن مع بروز الأمعاء الملتهبة من فتحة المجمع لبعض الأسماك المصابة. بالإضافة مع تشريح الأسماك المصابة يتضح وجود إحتقان فى جميع الأعضاء الداخلية مثل الكبد ، الطحال والكلى مع وجود سوائل بالتجويف البطنى ووجود مخاط أصفر مخلوط بالدم في تجويف الأمعاء .
يمكن تشخيص هذا المرض من خلال العلامات المرضية الظاهرىة و الصفة التشريحية للأسماك المصابة ، كما يتم عزل البكتيريا المسببة للمرض معملياً وذلك عن طريق أخذ مسحة من الأعضاء الداخلية المصابة و زراعتها علي الميديا الخاصة بها مثل and Rimlar and Shotts Media Aeromonas base media حيث تظهر عليها المستعمرات البكتيرية صفراء أو خضراء ذات مركز أسود علي التوالي ثم تصنيفها عن طريق مجموعة من الأختبارات البيوكيميائية المختلفة , بالإضافة إلي التأكيد علي تصنيف بكتيريا الأيروموناس بالطرق الحديثة بإستخدام جهاز الفيتك 2 و تفاعل إنزيم البلمرة المتسلسل. كما يمكن الكشف عن الجينات المسئولة عن ضراوة البكتيريا مثل جين الهيموليسين وجين الأيروليسين و غيرها من الجينات من خلال إستخدام إنزيم البلمرة المتسلسل.
يمكن القول أن الوقاية من الإصابة بمرض التسمم الدموى الإيروموناسي المتحرك يعتمد علي تجنب كل العوامل و التغيرات البيئية التي تؤثر علي الأسماك و تسبب إجهاده و ظهور المرض مع الأمتثال لإجراءات التطهير لكل من الشباك و الأدوات المستخدمة. كما يعتمد العلاج غالباً علي إستخدام المضادات الحيوية ، لذلك لابد من إجراء إختبار الحساسية لأختيار المضاد الحيوى المناسب و عدم الإستخدام العشوائى للمضادات الحيوية ، والتي يكون تاثيرها العلاجى محدوداً نظراً لأن المضاد الحيوى قاتل للبكتريا ولكنه لا يؤثر على السموم البكتيرية التي قد تم إفرازها بنسب عالية ، ولهذا السبب ينطبق القول الشائع بأن الوقاية خير من العلاج.
كذلك يمكن لهذا المرض أن ينتقل للإنسان حيث تعتبر بكتيريا الأيروموناس من ميكروبات الأمراض المشتركة المهمة وذلك عن طريق تناول أسماك نيئة أو غيرمكتملة الطهي أو التعامل معها بدون التخلص من الأحشاء , مسبباً التسمم الغذائي و التهابات الجهاز الهضمي و تسمم الدم ، كماً يمكن أن يسبب التهابات الأغشية السحائية المحيطة بالمخ عند الأطفال. ايضاً قد تنتقل هذه البكتريا للأنسان عن طريق الجروح الموجودة في الجسم والإصابات التي قد تحدثها بعض الأسماك من خلال الزعانف والقشور مما يؤدى إلى تورمها وإحمرارها (مرض الحمرة) وخاصة الأيدي. يمكن أن ينتقل هذا المرض إلي كل من يتعامل مع الأسماك مثل الصيادين، ربات البيوت، الطهاة والمتصلين بصناعة الأسماك ولذلك يجب الحـرص عنـد التعامل معها.ً
المراجع:
- د.نجوى أبوزهرة : أخطر مرض يهدد صحة الأسماك والصحة العامة. اجري توداي , 6 أكتوبر 2021.
- د. محمد عادل راشد:التسمم الدموي في الأسماك بسبب بكتيريا “الأيروموناس هيدروفيلا”.قلم بيطري,16 سبتمبر2023.
- د. ميادة عبدالحميد : التسمم الدموي في الأسماك «الايروموناس هيدورفيلا». اجري توداي ,14 يوليو2021 .
- د.محمود عبد النعيم : مرض التسمم الدموي في الأسماك, بوابة الزراعة, 2أسطس 2020.
د/ شيماء محمد منصور محمد – باحث أمراض الأسماك – معهد بحوث الصحة الحيوانية بالإسماعيلية – مركزالبحوث الزراعية -مصر