الدكتور محمد الأسيوطى يكتب : مخاطر متبقيات المبيدات الحشرية في الأسماك على الصحة العامة
تعد الأسماك ركنا” هاما” من أركان النظام الغذائي الصحي؛ حيث إنها مصدرمهم للبروتين، والفسفور والأحماض الدهنية أوميجا 3، كما أنها قليلة السعرات الحرارية، وغير غنية بالدهون المشبعة، على عكس اللحوم. قد تحتوي بعض الأسماك التي يتم صيدها من المزارع السمكية او البحيرات، اوالأنهار على مواد كيميائية خطرة مثل متبقيات المبيدات الحشرية. وتتركز هذه المواد في الجلد، والدهون، والأعضاء الداخلية، وأحيانًا في النسيج العضلي للأسماك. ويمكن أن تشكل هذه المواد مخاطر صحية علي الانسان إذا تم تناولها بكميات كبيرة؛ فمن الممكن ان تسبب عيوبًا خلقية، وتلف الكبد، والسرطان، ومشكلات صحية أخرى خطيرة. ويحد تنظيف الأسماك من كمية الملوثات الكيميائية، حيث يفضل إزالة الجلد، والدهون، والأعضاء الداخلية قبل طهو الأسماك.
المبيدات الحشرية :
هي عبارة عن مواد كيميائية خطرة تستخدم في إبادة الحشرات والآفات النباتية، ولها تأثير سام بدرجات متفاوتة في الإنسان والاسماك والحيوان والنبات.تعتبر المبيدات الحشرية من أخطر ملوثات البيئة و التربة ، ويؤدى الإستخدام المتكرر لهذه المبيدات في النهاية إلى تدمير خصوبتها و تلوثها وتسممها الحاد بالمبيدات و على قتل العديد من الكائنات الحية النافعة بها وتدمير التنوع الحيوي الذي يشمل كافة أشكال الكائنات الحية وإحداث خلل خطير في التوازن البيئي ، وإن أغلب المبيدات وخاصة مجموعة الكربيات تتحول في التربة إلى مركبات ( النيتروزأمين) التي تعد من المواد المسرطنة والتي تمتص من قبل النباتات وعند تغذية الحيوان أو الإنسان على تلك النباتات فإن النتيجة هي انتقالها لهما. كما أدى الاستخدام غير الصحيح لهذه المبيدات إلى ظهور صفة المقاومة للمبيدات من قبل الآفات الحشرية كما أدت إلى سيادة آفات جديدة لم تكن موجودة سابقا. إضافة إلى إلحاق الضرر الصحي الكبير للكائنات الغير مستهدفة كالحيوانات والطيوروالاسماك والإنسان.
مخاطر متبقيات المبيدات الحشرية في الأسماك على الصحة العامة:
في الواقع لايمكن حصر او تقدير الأضرار الجسيمة والمروعة التي تسببها المبيدات الحشرية للإنسان والبيئة ولكافة أشكال الحياة, وذلك لان هذه الأضرار متباينة في زمن ظهورها ومختلفة في شدة ضررها بين مختلف الكائنات الحية والحديث عن ذلك يتطلب عشرات بل مئات الصفحات ويتطلب تضافر جميع الجهود إلى حظر بيع واستخدام المبيدات المعروفة باحتمال خطورتها على الصحة والبيئة, فقد حذرت جميع المنظمات الدولية المعنية مثل منظمة الصحة العالمية و منظمة ”تحالف الصحة البيئية” من مخاطر متبقيات المبيدات الحشرية على صحة الانسان و البيئة.كما تركّز هذه الحملات أساساً على دعوة الحكومات وكافة الفعاليات إلى الاهتمام بالموضوع ومنع استخدام مبيدات يتم تسويقها بصفة عادية ومن دون قيود صارمة .
المبيدات الحشرية تصل الي الماء من خلال عدة طرق ووسائل عديدة منها مكافحة ورش الحشرات المائية الضارة التي تعيش بالماء، إضافة إلى وصولها عن طريق ذوبان متبقيات المبيدات المتواجدة في التربة الزراعية بواسطة مياه الأمطار والري إلى جانب صرف مخلفات مصانع المبيدات في المصارف والأودية والأنهار، إضافة إلى أن الهواء والمطر المحمل برذاذ المبيدات يعتبران من المصادر المهمة في تلويث الماء.
التاثيرات الضارة للمبيدات الحشرية على صحة الانسان:
يمكن أن تؤثر المبيدات الحشرية على صحة الإنسان إما بشكل مباشر وذلك بوصول المبيد الحشري أو أجزاء منه عن طريق اللمس أو الاستنشاق أو عن طريق الفم أو العين وذلك في الأماكن القريبة من أماكن إستخدام المبيد. أو بطرق غير مباشرة عن طريق إستهلاك ( المواد الغذائية والماء والهواء ) الملوثة بآثار المبيدات .تخترق المبيدات السامة الجلد عند ملامستها له أو تدخل إلى الجهاز الهضمي عن طريق الغذاء مثل الخضار والفواكه والاسماك و اللحوم و غيرها الملوثة التي تحمل الآثار المتبقية من هذه السموم ومن ثم تصل إلى الدم و إلى كافة أعضاء الجسم و تستقر فيها وتسبب له العديد من الأمراض الخطيرة ومنها أمراض الكبد والفشل الكلوي والسرطانات . كما تؤدى إلى ضعف الحالة الجنسية، ويسبب في النهاية الي العقم، كما يمكن لهذه السموم ان تنتقل من الدم إلى مشيمة الأم ومن ثم إلى جنينها و تسبب تشوهات خطيرة للجنين للسيدات الحوامل .
تحدث هذه الأضرار إما بشكل مباشر وذلك بوصول المبيد الحشري أو أجزاء منه عن طريق اللمس أو الاستنشاق أو عن طريق الفم أو العين وذلك في الأماكن القريبة من أماكن إستخدام المبيد. أو بطرق غير مباشرة عن طريق إستهلاك ( المواد الغذائية والماء والهواء ) الملوثة بآثار المبيدات وفيما يلي نوجز بعض منها:
يدخل إلى جسم الإنسان جزيئات المبيد الحشري على شكل غازات يحملها الهواء وذلك عن طريق التنفس ويختلف تأثير تلك الغازات الضارة بحسب تركيبها الكيميائي فنلاحظ بأن الغازات التي تذوب في الماء فإنها تذوب أيضا في السائل المخاطي المبطن للجزء العلوي في الجهاز التنفسي مما يؤدى إلى الإصابة بالتهابات حادة .والغازات التي لا تذوب في الماء تسبب التهابات في الرئة ثم إرتشاح ثم التليف في المرحلة النهائية, أما الغازات التي تذوب في الدهون فإنها تمر من خلال الرئة و تصل إلى الأعضاء التي توجد بها من خلال مجرى الدم مسببة العديد من الأمراض الحادة للكلية والكبد.
الوقاية والمكافحة
ينبغي ألا يتعرض أي شخص لكميات غير مأمونة من متبقيات المبيدات الحشرية عند طريق تناول الاسماك الملوثة ببقايا المبيدات. وينبغي أن تكون الأسماك الذي يتم بيعها مطابقاً للمواصفات المحلية و الدولية و كذلك للتنظيمات الخاصة بمبيدات الآفات، ولا سيما الحدود القصوى لمخلفاتها. ويتعين على الأشخاص الذين يستخدمون مبيدات الآفات عند زراعة محاصيلهم الغذائية أن يتبعوا تعليمات الاستخدام وحماية أنفسهم عن طريق ارتداء القفازات والكمامات عند الضرورة.
ويمكن للمستهلكين كذلك الحدّ من مدخول مخلفات مبيدات الآفات عن طريق إزالة الجلد، والدهون، والأعضاء الداخلية قبل طهو الأسماك ، وهو ما يقلل أيضاً من الأخطار الأخرى المنقولة بالغذاء مثل البكتيريا الضارة.
التوصيات الهامة للحد من أضرار متبقيات المبيدات الحشرية في الأسماك على الصحة العامة:
- تقنين استخدام المبيدات الحشرية بمزارع الاسماك بشكل غير صحيح.
- منع إستيراد المبيدات العالية السمية والمحرمة دوليا.
- عمل برامج توعية وإرشاد عن الطرق الصحيحة لإستخدام الأدوية والمبيدات الحشرية ومواعيد الرش.
- عمل برامج توعية وإرشاد لإستخدام المبيدات العضوية الطبيعية المصدر بديلا عن المبيدات الكيميائية.
- قد تبقى بعض مبيدات الآفات القديمة الزهيدة الثمن لسنوات في التربة والمياه. وقد تم حظر العديد من هذه المواد الكيميائية من الاستخدام الزراعي في البلدان المتقدمة، ولكن ما زالت تُستخدم في الكثير من البلدان النامية.
- لحماية مستهلكي الاسماك من الآثار الضارة لمبيدات الآفات، تستعرض منظمة الصحة العالمية البيِّنات المعنية وتضع الحدود القصوى المقبولة دولياً لمخلفات هذه المبيدات.
- قد يكون لمبيدات الآفات أثر سام على الإنسان، ومن الممكن أن تؤدي إلى تأثيرات صحية حادة ومزمنة على السواء، حسب كميتها وطرق تعرض الشخص لها.
الخلاصة:
إن أغلب المبيدات الحشرية لا تتحلل بسهولة وتبقى لفترة زمنية طويلة في الماء فتقضي على العديد من الكائنات الحية المفيدة وتتراكم في أجسام الأسماك والحيوانات النهرية والبحرية، وخاصة في موادها الدهنية ويزداد مع الوقت تركيز هذه المواد في أجسامها ومن ثم تصل إلى الإنسان عن طريق استهلاكه لها ملحقة به العديد من الأضرار الصحية التي لايمكن حصر آثارها الجسيمة والمخيفة علي الانسان والبيئة وكافة أشكال الحياة, كون هذه الأضرار متباينة في زمن ظهورها ومختلفة في شدة ضررها بين مختلف الكائنات الحية والحديث عن ذلك يتطلب تضافر جميع الجهود إلى حظر بيع واستخدام المبيدات المعروفة باحتمال خطورتها على الصحة والبيئة.
المراجع: .
Abdallah AMA, EL-Greisy ZA (2006). Organochlorines and PCBs in tilapia zillii from Lake El-Manzala, Egypt. Chemistry and Ecology, 22(3): 219–224.
Barakat AO, Khairy M, Aukaily I (2017). Bioaccumulation of organochlorine contaminants in fish species from Lake Qarun, a protected area of Egypt. Toxicological and Environmental Chemistry, 99 (1):117-133.
Daoud JR, Hegazy HMR, Ahmed AM (2011). Pesticide residues in frozen beef and fresh Tilapia “Oreochromis niloticus” displayed in Qena governorate markets. Conference of South Valley University for Environmental Researches, 1(1):1-7.
El Nahas AF, Abdel-Razek MAS, Helmy NM, Mahmoud S, Ghazy HA (2017). Impaired antioxidant gene expression by pesticide residues and its relation with other cellular biomarkers in Nile Tilapia (Oreochromis niloticus) from Lake Burullus. Ecotoxicology and Environmental Safety,137: 202–209.
El-Mekkawi H, Diab M, Zaki M, Hassan A (2009). Determination of chlorinated organic pesticide residues in water, sediments, and fish from private fish farms at Abbassa and Sahl Al-Husainia, Shakia governorate . Australian Journal of Basic and Applied Sciences, 3(4): 4376-4383.
د/ محمد سعيد الاسيوطي
باحث أول صحة و سلامة الاغذية
بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – فرع دمنهور – مركز البحوث الزراعية – مصر