أصبح هناك اعتقاد جازم أنه مهما قدمت .. أو فعلت ..فلن تسلم من كلام الناس و لن يحميك أحد من أذاهم . والحقيقة الواقعه والمرة أن هذا صحيح ….فالناس تخاف ماتختشيش ..وتتجنب البذيئ
ولاتحترم الا من يملك القوة والبطش..ولا تحركها الا لغة المصالح فهى تقرب البعيد وتبعد القريب ..وترفع أهل الولاء ولو كانوا جهلاء وتبعد الأكفاء ولو كانوا مخلصين .والاذن تعشق التدليل والنفاق والتطبيل والنفس تهوى المال و كل جميل فمن يشترى هواك ..ويعرف مفاتيحك .يضمن رضاك .. وتأيدك ..وكثرة عطياك.
وهكذا هى طباع البشر. تحركهم المطامع والمصالح والاهواء .. يتغيرون ويجحدون وينسون أو يتناسون . ..
ولذا يقال لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي خلقهم، والأنبياء الذى أرسلوا إليهم
والابوين الذين أحسنوا إليهم
فإذا كان لم يسلم خالقهم والأنبياء والاباء من شرورهم فلن يسلم أحد من آذاهم …
حتى قيل”ولم أرَ مِن بني الدنيا سلاما فإن تره فأبـلِغْهُ سلامي”
وقد سُئِلَ الإمامُ أحمد بن حنبل:
كيف السبيلُ الى السّلامةِ من النَّاسِ؟فأجاب: تعطيهم ولا تأخذ منهم،ويؤذونك ولا تُؤذِهم،
وتقضِي مصالحهم ولا تكلفهم بقضاءِ مصالحك،
فقيل له: إنّها صعبة يا إمام؟
قال: وليتك تسلم!
فأسوأ ما في الأمرِ الان أننا لم نعد نبحثُ عند الناس عن الغنيمة،
وإنما عن السّلامة!
وأن يُسدوا إليكَ أبسط حقوقك؛ وأن يدعوك وشأنكَ!
ولكنك تكتشفُ أن هذا الأمر مستحيل!…إنهم يعيشون في حياتكَ أكثر مما يعيشون في حياتهم،وينسون أنَّ أنسبَ مكانٍ لأنوفهم هي في وجوههم كما خلقها الله،…وليس في حياتنا كما يريدون هُم!
وإنكَ واللهِ أحياناً تريدُ أن تعرف ما الذي يُسعدهم لتفعله وتنجو بنفسك، ومع ذلك تفشل!
فلقد أصبح إرضاء الناس غاية لا تدرك ..
فإذا كنت متدينا قالوا متشدد وان عشت بطبيعتك قالوا مُنحلّ!
وإذا اسشرت اهلك فى أمر قالوا ليس له كلمة وان لم تستشير اهلك قالوا مستبد! وهكذا فلن ترضى أحدا مهما فعلت ..فإرضاء الناس غاية لا تدرك .
ولن يجدوا صعوبة فى إلصاق بك اى تهمة أو أى عيب .. حتى ولو لم يكن بك عيبا ..ألم تسمع ما قال قوم لوط ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾
فعندما لم يجدوا لهم خطيئة عيَّروهم بطهارتهم!
فلا يأمن العِثار مَن صحب الأشرار. ولا يسلم من الأذى من عاشر الناس، فإذا كان الأمر كذلك فليُوَطِّنِ المرءُ نفسَه على الحِلم وكظم الغيظ، وليعزمْ على التماس الأعذار…
ومن المهم أن نتغافل بل ونتغتابى عن أفعال الصغار هذا يجنبك الصدام..قال ابن الجوزي: وما يزال التَّغافل عن الزلَّات مِن أرقى شيَم الكِرام.. فإنَّ الناس مجبولون على الزلَّات والأخطاء..فإن اهتمَّ المرء بكلِّ زلَّة وخطيئة تعِبَ وأتعَب.. والعاقِل الذَّكي مَن لا يدقِّق في كلِّ صغيرة وكَبيرة مع أهله وأقاربِه، وأحبابِه وأصحابه، وجيرانه وزملائه، كي تحلو مجالسته وتصفو عشرته..وهذب من نفسك
وتحرر من أهوائك وشهواتك وأنفض التراب من عينك..حتى تبصر بنور قلبك..وتحلى بالاخلاق
فإن لم ترفعك أخلاقك ..فلن يرفعك منصبك أو مالك…وإن لم تزينك أفعالك .. فلن تزينك…. ملابسك …ومهما وصلت من مناصب …أو جمعت من أموال ..وأنت بلا مبادئ او قيم ..فانت بينك وبين نفسك لاشىء .. فالحياة الحقيقة دين وخلق ومبادئ .. إن فقدتها فقدت كل شىء ..
وحافظوا على الشرفاء ولو كانوا خصومكم ولا تفرحوا بالسفهاء ولو وقفوا معكم فالشرفاء..صفتهم الشهامة والسفهاء سمتهم الخيانة..
يقول الإمام أحمد (رحمه الله) عندما سئل ماالراحة يإمام فقال:
عند أول قدم في الجنة.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها…
حفظكم الله وحفظ الوطن وأهل فلسطين
جمعتكم طيبة مباركة
ا.د / ابراهيم درويش