الدكتور إبراهيم درويش يكتب :قراءة فى دلالات زيادة الصادرات الزراعية المصرية
المتتبع للصادرات الزراعية المصرية يجد أن هناك زيادة متتالية من عام إلى آخر فى حجم الصادرات المصرية وتنوع المحاصيل ..المصدرة .. فقد بلغ عدد المنتجات والحاصلات الزراعية المصرية التي تصدر إلى الخارج نحو ٤٠٦ منتجات تُصدّر إلى ٢٦٠ من الأسواق العالمية..
والقطاع الزراعى هو أحد ركائز الاقتصاد القومي المصري ويُشكل نحو ١٥% من الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ عدد العاملين بالقطاع الزراعي نحو ٥,٢ ملايين عامل، أي نحو ١٩,٢% من إجمالي العاملين.
و القطاع الزراعى المصرى ايضا هو أساس التنمية الشاملة المصرية بما يحققه من تأمين غذائى للمواطنين وبما يؤسس للصناعات القائمة على المواد الخام الزراعية …أو الصناعات اللوجستية التى تخدم المجال الزراعى ..وبما يوفره من فرص عمل حقيقية ومستدامة مباشرة وغير مباشرة وبما يساهم به فى حجم الصادرات المصرية الغير بترولية والتى وصل مساهمة القطاع الزراعى به الآن إلى ١٧% وبما يوفره من عائد نقدى من العمولات الأجنبية لدعم الاقتصاد القومى ..
ولاشك أن اهتمام القيادة السياسية بالقطاع الزراعى ووضع رؤية مصر ٢٠٣٠ أشارت إلى أن من أهم التحديات التي تواجه قطاع الزراعة على المستوى الداخلى هو الشح المائى أو ندرة الموارد المائية محدودية..حيث تقدر موارد مصر المائية،، بحوالي ٦٠ مليار متر مكعب سنويا من المياه، عبارة عن ٥٥,٥ مليار متر مكعب من مياه نهر النيل،و١,٣ مليار من مياه الأمطار بالإضافة لكميات محدودة من المياه الجوفية .
فيما يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر إلى حوالي ١١٤ مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم سد الفجوة التي تقدر بنحو ٥٤ مليار متر مكعب سنويا من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو ٣٤ مليار متر مكعب سنويا،
ومن التحديات أيضا التى واجهت الدولة المصرية ارتفاع أسعار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وجمود النظم التسويقية وغياب الزراعات التعاقدية، وجمود السياسات الائتمانية واقتصارها على الأنماط التقليدية، وتطبيق تراكيب محصولية عالية الاستهلاك المائي مثل الأرز زيادة عن الحد المسموح به.. وارتفاع التكاليف فى استصلاح الأراضى الجديدة ..
وهناك أيضا تحديات العالمية كان آخرها الأزمة الروسية- الأوكرانية، والتي شهد فيها العالم بأكمله وليست الدولة المصرية فقط، والتى فرضت الكثير من التحديات على حالة الزراعة والأمن الغذائي.وكذلك انشار الجائحات المرضية مثل كوفيد كرونا .. وفتح أسواق جديدة ..والمواصفات القياسية ومتطلبات التصدير لتحقيق سمعة طيبة للمنتج المصرى ..وتحديث الموانى ووسائل الشحن والمواصلات .والإجراءات الإدارية …التى تنجز لما للسلع الزراعية من خصوصية ..
وبالتأكيد التحديات الداخلية والخارجية استوعبتها الدولة المصرية خلال وضع رؤيتها الاستراتيجية وتنفيذها خلال العشر سنوات الماضية ..
ومن هذا المنطلق، دشنت الدولة المصرية عددًا من البرامج والمشروعات القومية الكبرى؛ لتكون نقطة الانطلاق نحو تعافي قطاع الزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي.
ومن المؤشرات التى تدل على نجاحات الدولة فى نمو القطاع الزراعى.
هى الزيادة المتتالية للتصدير ..فعلى سبيل المثال كان حجم الكميات المصدرة من المنتجات الزراعية عام ٢٠٢١ كانت ٥,٦ مليون طن بمبلغ ٣ مليار دولار ..وفى عام ٢٠٢٢ كانت ٦,٥ مليون طن بقيمة ٣,٣ مليار دولار..
وفى الخمس شهور الأولى من عام ٢٠٢٣ حتى اول شهر يونيو ارتفعت بنسبة ١٧%عن نفس الفترة المماثلة من العام الماضى ..حيث بلغت حجم الصادرات الزراعية المصرية حوالي ٤ مليون و١١٩ ألف من المنتجات الزراعية بزيادة قدرها ٦٠٦ ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي ٢٠٢٢حيث كانت حوالي ٣ مليون و٥١٣ألف تقريبا. مما يشير إلى تحقيق كميات تصديرية اكبر فى عام ٢٠٢٣ وزيادة القيمة التصديرية إلى ٣,٦ مليار دولار ..
والجدير بالذكر أن الدولة المصرية تمتلك من الميزات النسبية فى بعض المحاصيل الزراعية والتى يمكن العمل عليها واستثمارها بصورة أفضل والعمل على تصنيعا واعطائها قيمة مضافة لتحقيق عاىد افضل ويجعلها تتحمل التخزين ..وتسهل من عمليات الشحن والنقل ..ولعل النباتات الطبية والعطرية . والتمور والطماطم . والبطاطس لخير أمثلة على ذلك …
واكثر عشرة محاصيل تم تصديرها خلال الخمس شهور الأولى من عام ٢٠٢٣ مرتبة حسب الكميات كانت كالتالى ..
الموالح بكمية مقدارها مليون و ٨٤٦ألف طن فى المركز الاولوالبطاطس الطازجة فى المركز التانى بكمية 786 ألف طن و البصل بكمية ٢٨٢ ألف طن محتلا المركز الثالث والفاصوليا ٥٥ألف طن فى المركز الرابع والبطاطا ٥٢ الف طن فى المركز الخامس والعنب ٥٢ الف و٥٥٦ طن،فى المركز السادس و الطماطم 43 ألف و528 طن، فى المركز السابع والفراولة ٢٣ الف طن في المركز الثامن والثوم ١٧,٥ الف طن فى المركز التاسع ، بينما حصلت الجوافة على المركز العاشر في الصادرات الزراعية المصرية بإجمالي كمية بلغت ٩,٥ الف طن.
واهم الدول التى تصدر لها مصر منتجاتها الزراعية
تأتى الولايات المتحدة الأميركية في مقدمة الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية، ثم السعودية بنحو ملياري دولار، وتركيا بقيمة 1.9 مليار دولار، وإيطاليا بـ1.8 مليار دولار، والإمارات بـ1.2 مليار دولار.
أسباب زيادة الصادرات
يمكن ارجاع زيادة الصادرات المصرية إلى عدة أسباب أهمها :
١-: زيادة استصلاح الأراضي من خلال المشروعات القومية التى أطلقتها الدولة المصرية .والى أدت إلى .زيادة مساحة الأراضي المنزرعة في مصر بحوالي 8% لتصل إلى 9.6 ملايين فدان عام 2020/2021 مقارنة ب 8.92 ملايين فدان عام 2014.
وتستهدف خطة عام 22/2023 زيادة الرقعة الزراعية نصف مليون فدان في نطاق مشروعات التوسّع الأفقي،
والتى انعكست على زيادة المساحة المحصولية الإجمالية لتتجاوز 19 مليون فدان مُقابل 17.5 مليون فدان عام 2020.
٣- تبنى نظم حديثة في الري،وتطوير نظم الرى والاهتمام بالمجارى المائية من خلال مشروع تبطين الترع وقنوات الرى
٤-؛الاستفادة من انتاج مشروع الصوب الزراعية بـ٤٠ ألف صوبة زراعية ضمن مشروع الـ١٠٠ ألف صوبة زراعية التابع للقوات المسلحة وزيادة الإنتاج مليوني طن،
٥-التوسع فى استنباط الا تحسين أصناف وسلالات المحاصيل؛ لزيادة الإنتاجية ولمقاومة آثار التغير المناخي على المحاصيل،
٦- التوسع في توفير التقاوي المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية من خلال استنباط أصناف وهجن من المحاصيل قصيرة العمر عالية الإنتاجية ومبكرة النضج ومقاومة للإجهادات الحيوية والبيئية والموفرة للمياه للمحاصيل الاستراتيجية (القمح – الذرة – الأرز – القطن – الفول البلدي)،
٧- الاهتمام بإعداد ونشر الخريطة الصنفية التي تناسب ظروف مناطق الزراعة من ناحية طبيعة التربة والظروف المناخية والاحتياجات المائية وزيادة نسبة التغطية من التقاوي المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية (القمح والذرة).
٨- زيادة الأسواق العالمية أمام المنتجات الزراعية المصرية فقد نجح الحجر الزراعي خلال السنوات الخمس الأخيرة في فتح 80 سوقا جديدا أمام الصادرات الزراعية المصرية.
٩- عمل منظومة جديدة للصادرات الزراعية خاصة “بتكويد” وتتبع المزارع التصديرية ما أسهم في إحكام الرقابة على الصادرات، وتحسين سمعتها.
١٠- توعية المزارع بالشروط المطلوبة للتصدير والتزام المزارعين بتطبيق توصيات الحجر الزراعي والتزام المصدر بتجديد اشتراكات الحجر الزراعي.
١١- استغلال الإغلاق الذي مارسته العديد من الدول المصدرة ، وتعطل سلاسل الإمداد عام 2020،اثناء فترة انتشار جائحة كرونا ..
١٢- وزيادة الطلب العالمي على المنتجات المصرية في مختلف القطاعات الإنتاجية، وهو ما أسهم فى الحفاظ على الأسواق التصديرية والنفاذ إلى أسواق جديدة.
١٣-؛تخفيض سعر العملة المصرية ساعد أيضا فى تشجيع الصادرات الزراعية..
ختاما
———-
وجدير بالذكر أنه رغم زيادة الصادرات المصرية ألى ارقام غير مسبوقة تبقى هذه الأرقام متواضعة إذا قارنتها ببعض الدول العالمية وبقدرة مصر وإمكانياتها العلمية والبشرية وموقعها الفريد..وبطموحات القيادة السياسية والزراعين المصرين ..
ولذلك يحرص الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كل مناسبة بتشجيع الجهود وتذليل العقبات لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية ..وزيادة إنتاج المحاصيل التى للدولة المصرية لها ميزة نسبية فيها وتصنيعها .. وتعظيم الاستفاده..منها ..
——
ا.د / ابراهيم حسينى درويش
استاذ المحاصيل
وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية .