الدكتور إبراهيم درويش يكتب : الفطام النفسى .. وعلاقته ببناء شخصية الإنسان ( نفحات الجمعة)
الفطام ..هو التحرر من الأسر النفسى لأى شىء ..وان لايكون الإنسان عبدا لرغباته فهو
يتحرر من العادات السيئة أو الشهوات أو السلوكيات المشينة أو الذنوب والمعاصي المتكرره ..أو من سلطة العائلة وقيودها أو تسلط الصديق أو سلطان الحب والحبيب أو الزوج أو الزوجة ..
ويكون لدى الإنسان القدرة على إتخاذ القرار بدون موائمات أو ضغوطات من أحد ….
وفطام النفس عن المألوفات أمر فيه مشقة وصعوبة ..
فما أكثر المغريات التى نقابلها والعادات السيئة التى يفعلها الإنسان كل يوم ويتمنى فى قرارة نفسه أن يقلع عنها .لكنه يوهم نفسه بأنه لايستطيع حتى يستمر على فعلها لأنها أصبحت محببة ألى نفسه .كالتدخين والادمان .او أصحاب السوء .أو أمور يرتكبها الإنسان بينه وبين نفسه …. .مع أنه أذا حاول الاقلاع و عزم فعلا فإنه يستطيع لانه لايوجد أبدا مستحيل..
يقول الشاعر
والنفس كالطفل إن تهمله…..
شب على حب الرضاع
….. وإن تفطمه ينفطم..
وكل مراحل حياتنا بل كل يوم نتعرض فيها إلى فتن وإختبارات وشهوات تميل إليها النفس وتعتادها
ويحتاج الإنسان فى كل وقت إلى اتخاذ قرارات يحرر به نفسه ويفطمها من العادات الضارة التى تجعل الإنسان عبدا لشهواته ….
ويبدأ الفطام من الرضاعة ..وهى أول. مراحل الفطام .. وهى ضرورية.. ..حتى لايعتمد الطفل على لبن الأم ويعتمد على ما يتناوله بنفسه .من غذاء .. والامهات هى التى تقوم بعملية الفطام مع صعوبة ذلك عليها .
وهناك فطام ثانى عند الكبر ويصل الأبناء إلى مرحلة الاعتماد على الذات .ومواجهة أعباء الحياة……
.لكن الملاحظ أن مرحلة الفطام هذه أو مانسمية مرحلة استقلالية الأبناء بتكون اصعب كثيرا على الاباء من الأبناء وبصفة خاصة الأمهات لأنهن أكثر عاطفة من الآباء …مع أن الأبوين يعلمون أن استقلال الأبناء شىء بديهى لكنهم لم يخططون لهذا اليوم او بتناسوه .. وقد يظهر الآباء والأمهات للأبناء غضبهم وحزنهم وعدم رضاهم ..على هذه الاستقلالية والاعتماد على الذات الأمر الذى يفشل مرحلة الفطام الثانى ويظل الابن أسيرا لأبويه .و يمكث فى مرحلة الطفولة إلى سن الخمسين ..أو أكثر طالما الاب والام على قيد الحياة..وقد يتعود عليها إلى نهاية عمره…
وبالتأكيد أن السبب فى عدم نجاح الفطام الثانى هو الحب الفطرى من الأباء والأمهات للأبناء بدون قصد …الذى يتحول الى أنانية مفرطه و حب تملك وإستحواذ. بل قد يتطور إلى تسلط….. الأمر الذى يجعل الأبناء يرضخون لابائهم وأمهاتهم بدافع الحب أو العادة أو رغبة فى تجنب المشاكل مع آبائهم وأمهاتهم فيسلب رأيهم وتضعف شخصيتهم .ويظهر ذلك خاصة عندما يستقل الأبناء بحياتهم سواء بالزواج أو بالانتقال إلى بيت اخر ..أو بالسفر طلبا لتحسين الرزق…فلا يستطيع أن يأخذ قرار بمفردة .. أو يتحمل مسؤولية …ويطلق عليه ابن امه أو ملوش رأى وينتظر من كل الناس أن يعاملوه كطفل مدلل كما عوده أبواه ..
وتصبح مشكلة الفطام أعقد وأعسر إن كان الابن وحيداً أو كان أصغر إخوته أو كان لا ينعم بصحّة سليمة
ولو كانت فتاه ..يكون أمرها فى يد أمها. و ترفض ترك الأُسرة عند الزواج، أو المدينة التي تقيم بها أُسرتها.
، مما يسرع بالحياة الزوجية إلى الفشل..وبالتالى لاتنتظر من هؤلاء نجاحات فى حياتهم ..
لذلك من المهم أن يعى الآباء والأمهات أن رسالتهم هى اعداد جيل ناجح قادر على الاعتماد على نفسه وتحمل مسؤولية حياته ..
وعليهم فى جميع مراحل تربيتهم لابنائهم غرس فيهم فكرة الاعتماد على الذات والثقة بالنفس والاستقلالية وقوة الإرادة .والتعلم من الأخطاء .
و مانريد أن ننوه إليه .
أن فطام النفس …لايعنى التبجح ..أو عدم الاحترام والتمرد أو التحدى للابوين أو للأصدقاء أو الأحباب . أو قطع الصلة بهم، أو عدم العطف عليهم والاهتمام بهم،
كما لا يقصد بالفطام الإنفصال عن منزل الأسرة، والابتعاد عن الأبوين فى مسكن خاص فهناك مَن يسكنون بمعزل عن آبائهم ولم يتخلصوا بعد من مظاهر الطفولة. وروابطها ولكن نقصد استقلالية الشخصية كما لانعنى عدم الاستفادة من خبرة الأبوين واستشارتهم والاستئناس برأيهم..فهذه أمور محببه ومطلوبة ..فما خاب من استشار ..
لكن ..المطلوب هو طريقة النقاش وحرية اتخاذ القرار ..وبناء شخصية متوازنة
ولتحقيق هذه الشخصية المتوازنة
وحتى تكون عملية الفطام سهلة يجب أن تكون تدريجية بتعويد الإبناء على الاستقلالية والاعتماد على النفس منذ طفولتهم وتشجيعهم على العمل والكسب فى سن مبكرة وتكليفهم بمهمات ينجزونها .
حتى اذا واجهوا الحياة
كانت لديهم القدرة على الفطام النفسى فى مايواجهونه من مغريات أو شهوات…
مثل القدرة على فطام النفس من علاقة سيئة أو غير متكافئة ..أو الخضوع للسيطرة باسم الحب…
أوشراء الذمم بغواية المال أو الشهرة أو المنصب ..التى تجعل الإنسان يخون مؤسسته أو وطنه ..أو الوقوع فى الشهوات أو شرب المسكرات عند الاختلاط مع الأصدقاء السوء. أو الحياة فى مجتمعات اخرى لاترى ذلك عيبا ..أو حراما …
وبلاشك أن حسن تربية الإنسان وتنشئته فى أسرته على القيم ..والمبادىء وقوة الإرادة والشخصية له دور كبير فى تخطى كل المعوقات ونجاح الإنسان فى حياته
-ويساعد الإنسان على ذلك أيضا تدينه والعبادات التى يتقرب بها الإنسان إلى ربه ..مثل الصيام، وقيام الليل، والحج، وهذه العبادات تساعد النفس على ترك المألوفات فتنفطم النفس وتتقي، وهذا يساعد على ترك الحرام؛ لأنك إذا تركت الحلال المتعود عليه ..فأحرى لك أن تترك الحرام.
أعاننا الله على نفوسنا ..وعلى حسن أداء الأمانة فى تربية أولادنا على القيم والقدرة على الاعتماد على الذات ..
جمعتكم طيبة مباركة ..
ا.د / ابراهيم حسينى درويش
استاذ المحاصيل وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية.