أخباردرسات وابحاثزراعة عربية وعالميةمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : نظام غذائي متكيف مع الظروف المناخية يمكنه توفير الغذاء لـ 10 مليارات نسمة

تمثل الزراعة والغابات واستخدام الأراضي نحو ربع انبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ.
سيكون من الضروري أن تصبح الأنظمة الغذائية في العالم أكثر إنتاجية بحلول عام 2050 لتوفير الغذاء لسكان العالم البالغ عددهم 10 مليارات نسمة مع خفض الانبعاثات وحماية البيئة أيضاً.
من خلال خطة العمل بشأن تغير المناخ، سيزيد البنك الدولي من دعمه للسياسات والابتكارات التكنولوجية التي من شأنها أن تعزز الزراعة التي تتكيف مع الظروف المناخية.

فقد أدى الحد من التعرية، وإصلاح الأراضي المتدهورة، وتنويع المحاصيل، وري الأراضي الجبلية، فضلاً عن تدريب المزارعين على الأساليب الجديدة، إلى تعزيز زراعة البساتين ذات القيمة العالية والتجارة، وتحسين مستوى الدخل وأنظمة الحمية الغذائية.

ولكن على غرار سائر بلدان العالم، تواجه رواندا الآثار المتنامية لتغير المناخ: فقد أدت الانهيارات الأرضية وموجات الجفاف الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة وغير المنتظمة إلى خسائر فادحة.
وسوف يشكل انخفاض الإنتاجية الزراعية في المستقبل عاملاً رئيسياً في قرارات السكان بالهجرة داخل بلدانهم، وذلك البنك الدولي، والذي يقدر أن 216 مليون نسمة في ست مناطق بالعالم يمكن أن يصبحوا مهاجرين داخل بلدانهم بسبب تغير المناخ بحلول عام 2050.

وتهدف إلى زيادة دخل المزارعين، والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، وتغذية الأسر.

تأثير الزراعة على انبعاثات غازات الدفيئة:

تأتي أكبر الانبعاثات الزراعية من تحويل الأراضي، مثل إزالة الغابات لتحويل أراضيها إلى مزارع؛ وانبعاثات غاز الميثان من إنتاج الثروة الحيوانية والأرز؛ وانبعاثات أكسيد النيتروز من استخدام الأسمدة الصناعية.
وتُعد الزراعة كذلك أكبر نشاط مستهلك للأراضي والمياه، بالإضافة إلى ما لها من تأثيرات على الغابات والأراضي العشبية والأراضي الرطبة والتنوع البيولوجي. وينجم عن الأنظمة الغذائية وأنظمة استخدام الأراضي تكاليف بيئية وصحية، بالإضافة إلى أعباء الفقر، تُقدَّر تقريباً بنحو 12 تريليون دولار سنوياً.
ويسهم كل من الدخول المنخفضة والأسعار المرتفعة والنظام الذي يفضل المواد الغذائية الأساسية كالقمح والأرز والذرة على حساب الفواكه والخضروات في إبقاء الأطعمة الطازجة والغنية بالمغذيات بعيداً عن متناول الكثيرين.
وغالباً ما تؤدي السياسات الزراعية الحالية والدعم الحكومي إلى تفاقم المشكلة. فعندما تفضل الحكومات تقديم الإعانات للمستلزمات الزراعية أو دعم الأسعار على الاستثمار في البحوث الزراعية أو الخدمات البيئية، يمكن أن تكون النتائج سلبية، ومنها:
• الاستخدام الزائد للأسمدة
• الإفراط في ضخ المياه الجوفية باستخدام كهرباء رخيصة أو مجانية
• الاستخدام غير الكفء للمياه ذات الأسعار المتدنية
• الأنظمة الزراعية التي تركز على محصول واحد
تمثل الزراعة والغابات واستخدام الأراضي نحو ربع انبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ.

الأنظمة الغذائية: حجم التحدي:
سيكون من الضروري أن تصبح الأنظمة الغذائية في العالم أكثر إنتاجية لتوفير الغذاء لسكان العالم المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050 مع خفض الانبعاثات وحماية البيئة أيضاً.
وإن حجم هذا التحدي يتجاوز قدرة أي مؤسسة بمفردها. ولهذا السبب، ثمة حاجة إلى التعاون للتأكد من وجود الحوافز المناسبة وتعبئة التمويل اللازم لتحقيق ذلك.
ومن خلال خطة العمل بشأن تغير المناخ الخاصة بمجموعة البنك الدولي (2021-2025)، سيزيد البنك من دعمه للسياسات والابتكارات التكنولوجية التي من شأنها أن تعزز الزراعة التي تتكيف مع الظروف المناخية – وهو نهج لإدارة الأراضي يعمل على زيادة الإنتاجية.
ويساعد في بناء القدرة على الصمود، ويساهم في الحد من الانبعاثات عن طريق تجنب إزالة الغابات وإيجاد طرق لامتصاص الكربون من الغلاف الجوي.

أساليب تنويع المحاصيل:
ومع الحكومة للمساعدة في التحول إلى نظام زراعي أكثر تنوعاً وقدرة على مقاومة الصدمات المناخية، بعيداً عن زراعة القطن والقمح. فالقطن والقمح يستهلكان 72% من الأراضي الصالحة للزراعة و90% من مياه الري والنفقات العامة الزراعية، في حين أنهما لا يحققان سوى 23% فقط من إجمالي الإنتاج الزراعي.
ومن ثم، تهدف الاستراتيجية الجديدة إلى زيادة كفاءة استخدام الأراضي والمياه – وتوفير فرص عمل – من خلال تطوير قطاع زراعة البساتين مع الحد من مشاركة الدولة في دعم القمح والقطن.
وأدى هذا الجهد إلى إلغاء إعانات الإنتاج لأنواع التربة منخفضة الإنتاجية التي عانت من أكبر قدر من الأضرار البيئية، كما أنهى عمالة الأطفال والعمل القسري في حصاد القطن.
وإن تقديم حوافز أفضل لإنتاج منتجات زراعة البساتين يحقق منافع مناخية مشتركة متعددة، سواء للتخفيف من آثاره أو للتكيف معها .

انبعاثات غازات الدفيئة:

علاج الخلل الناجم عن استخدام الأسمدة يهدف برنامج تقوية الأسواق من أجل التحوُّل الزراعي والريفي، إلى تمكين صغار المزارعين من زراعة محاصيل تكون أكثر قدرة على تحمل تغير المناخ، وتحقق أرباحاً أعلى، بالإضافة إلى كونها مغذية أكثر من القمح.
وقد أتاح البرنامج للمزارعين إمكانية شراء البذور المحسّنة (البذور الزيتية، القطن، الأرز) والأسمدة (الفوسفات والبوتاس) بتكلفة مخفضة من خلال القسائم الإلكترونية التي يمكنهم استرداد قيمتها من خلال مشغلي الخدمات المصرفية المقدمة بدون فروع.
وبذلك، نجح البرنامج في علاج الخلل في استخدام الأسمدة. وتشكل اليوريا نحو 77% من الأسمدة المباعة، وهي تُنتَج بطرق كثيفة الاستهلاك للطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة لكل وحدة فيها أعلى بكثير من الأسمدة الأخرى المتاحة.
ويدعم برنامج SMART الأسمدة الأخرى مثل الفوسفات والبوتاس بهدف زيادة حصتها السوقية الحالية البالغة في الوقت الحالي 22% و1% على الترتيب.
كما إن تحسين إدارة الأسمدة يمكن أن يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة. ومن المحتمل أيضاً أن يحقق ذلك فوائد كبيرة في مجال التنمية المستدامة، بما في ذلك زيادة غلة المحاصيل والربحية .

وتمكين صغار الملاك من المزارعين من زراعة محاصيل أكثر قدرة على تحمل تغير المناخ.

الحد من فاقد الغذاء وهدره:

ويُفقد أو يُهدر ما بين 30% إلى 40% من إجمالي الأغذية المنتجة كل عام. ويُفقد الغذاء في البلدان النامية عادةً أثناء الحصاد أو التخزين – وهي مشكلة يمكن معالجتها في البلدان النامية من خلال الاستثمار في البنية التحتية والنقل وتكنولوجيا التخزين والتبريد المستدام.

حلول مستمدة من الطبيعة وبالوعات الكربون:
يمكن أن توفر حلول التحديات البيئية المستمدة من الطبيعة نحو 37% من قدرات التخفيف من آثار تغير المناخ الضرورية لتحقيق أهداف اتفاق باريس. وتعتبر التربة أيضاً من أكبر مستودعات تخزين الكربون وأماكن تخزين كربون التربة على كوكب الأرض.
ويمكن تطبيق الحلول المستمدة من الطبيعة أيضاً في المناطق الساحلية لضمان تثبيت السواحل والحد من الفيضانات والتعرية، مما يساعد على الحفاظ على مصائد الأسماك – التي تُعد مصدراً رئيسياً للأمن الغذائي والتغذية لنحو 3.2 مليار نسمة.
يمكن أن توفر حلول التحديات البيئية المستمدة من الطبيعة نحو 37% من قدرات التخفيف من آثار تغير المناخ الضرورية لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
يمكن للحلول المستمدة من الطبيعة أن تعزز وظائف النظام الإيكولوجي في الأراضي الطبيعية المتضررة بفعل الممارسات الزراعية وتدهور الأراضي، وتحسين توافر المياه وجودتها، وزيادة إنتاجية أنظمة المحاصيل، وصحة الثروة الحيوانية.
واستعادة مناطق الأراضي الطبيعية من خلال:
• تدريب المزارعين على الزراعة المستدامة
• إنشاء البنية التحتية للري وإمدادات المياه
• زيادة فرص كسب العيش للأسر الريفية الفقيرة
• بناء القدرة على الصمود في المناطق الريفية القابلة للتأثر مما يسهم في دعم التعافي المستدام
وإن التأخر في اتخاذ إجراءات بشأن الأنظمة الغذائية “لم يعد خياراً مطروحاً. ومن الضروري إحداث تحوّل في أنظمتنا الغذائية لتحسين صحة السكان وصحة الكوكب وصحة اقتصاداتنا.


دكتور/ علي عبدالرحمن
نائب وزير الأسبق





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى