أخبارمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور حمدى المرزوقي يكتب : مرة اخري ..الفلاح ذلك المجهول

خواطر وطنية ..وبعيدا عن السياسة

في العشر سنوات الماضية..نشرنا العديد من المقالات المتنوعة علي صفحات الفيسبوك وايضا علي العديد من الصفحات الإلكترونية الشهيرة وهي مواضيع نري انها تخدم المجتمع الذي نشرف جميعا بالانتماء اليه ..لان مصر ليست وطنا نعيش فيه ..بل وطنا يعيش فينا وحقا ( لو لم أكن مصريا ..لوددت ان أكون …مصريا ) ..ولعل من أبرز ماكتبت كان ومازال عن مستقبل القطاع الزراعي وكيفية النهوض به حيث يعمل بهذا القطاع حوالي ٣٠% من قوة العمل المصري ويساهم القطاع بحوالي ١٥% من جملة الدخل القومي المصري وحوالي ٢٠% من صادرات مصر الي الخارج ..وكان اخر تلك المقالات ما نشر الاسبوع الماضي ….

وكنا قد نشرنا منذ اكثر من خمس سنوات في مقالة تحت عنوان ( الفلاح..ذلك المجهول ) حول دور الفلاح المصري الحيوي والهام في التنمية الاقتصادية وهو عماد الزراعة وعمودها الفقري والذي يعمل دائما في صمت ودون اية مطالب سوي حقه في الحياة الكريمة ..و لايوجد من يحنو عليه..الا انه قد تلاحظ لنا أن البعض ومن مجرد قراءة العنوان وعلي طريقة الشاعر ( أبونواس ) والذي قال يوما : ما قال ربك ويل للأؤلي سكروا ..بل قال ويل للمصلين ..!! ولم يكمل ابونواس الآية للنهاية ( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) ..وأعتقد هذا النفر اننا في ذلك نقلل من دور وأهمية الفلاح في الحياة المصرية ..وللعلم وبكل فخر نحن نتشرف بأننا ننتمي الي تلك الطبقة الكادحة من الفلاحين الشرفاء ..وكانت امي تزرع الأرض مع ابيها وبيديها الطاهرة وكم كانت تحكي لنا وبكل فخر انها اول أبناء جدي ولهذا فهي كانت ساعده ومعاونه ..وأتشرف بأنني تعلمت القيم الرفيعة والعقيدة الوسطية المستنيرة من تلك السيدة الأصيلة والتي ماتت وهي لا تعرف القراءة او الكتابة ..ولم أشعر بأنني صغيرا أمام أحد في الدنيا كلها …ألا أمام تلك السيدة الكريمة ( عليها وأمثالها جميعا رحمة الله )…..
واكاد أشعر بأن البعض قد يحاول قريبا ألصاق ( لقب المعارض لنا ) في الفترة القادمة ..وهذا أمر مردود عليه ..رغم اننا مثل الملايين المحبين لتراب ذلك الوطن ..ألا أننا نرفض بعض مظاهر ( الإسراف في ارتكاب الأخطاء ) ..بل دائما نحاول المشاركة في تصحيح الأخطاء بالحسنى وعن طريق النصح والارشاد من اجل الوصول لحياة افضل ومستقبل مشرف لبلدنا الغالي ..مصر .
وقد يحاول البعض الاخر بأن يعزي نقدنا هذا البناء ..لرغبتنا في تولي المناصب القيادية او الوزارية ..وأقول للجميع ..لا شأن لنا في ذلك ولا رغبة اطلاقا في ذلك ايضا ففي نهاية هذا العام ( ان شاء الله ) سوف أتم السبعين من عمري ..أن أريد ألا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله ……
حينما تكلمنا عن الفلاح ذلك المجهول ..تكلمنا عن عماد الزراعة المصرية والذي يعاني من كثرة المشاكل والمعوقات التي تواجهه في أداء مهامه الحيوية ..من نقص مستلزمات الإنتاج مثل الاسمدة الكيماوية والتي يعاني من نقصها منذ فترة ليست بالقصيرة ..واذا وجدت كانت غالية السعر جدا يكاد سعرها يصل الي ٥٠٠ جنيها للشيكارة..فما بالنا اذا كان الفدان في الذرة يحتاج الي خمس شكائر من الاسمدة ..فكم تكون تكلفة بند التسميد فقط ..واضف الي التسميد تكلفة الاعداد للزراعة والري والعزيق وبعد ذلك المطلوب ان يبيع الفلاح المحصول في النهاية بثمن بخس …ولا يجد الفلاح من يدافع عن قضيته العادلة ..بل يخرج علينا بين الحين والآخر من يدعي انه ( نقيب الفلاحين ) وهم كثيرون …ويظهر أمام شاشات التلفاز ..مرتديا ..جلبابا من افخم الاقمشة الصوفية الانجليزية ..مع ساعة في معصمه سويسرية الصنع وربما في قدمه حذاء إيطالي الصنع ..ولكنه يتكلم أمام الكاميرا ( بلكنة فلاحي ..شيئ لزوم الشيئ ) …
وليس معني ذلك انه لا توجد عناصر وطنية مخلصة وصادقة في تناولها قضية الفلاح المصري الأصيل..مازلت اتذكر احد هؤلاء المناضلين ..وما زالت صورته البسيطة وملبسه المتواضع والانيق في نفس الوقت وهو يتبني ( قضية الفلاح العادلة ) الذي أراد البعض ان يجعل منه …مجهولا والعياذ بالله ..هذا النموذج الوطني والمخلص والأمين هو الشهيد الحاج / عبدالمجيد الخولي ..ابن محافظة المنوفية والذي ولد في كمشيش في يناير ١٩٤٦ وبدأ حياته عامل بسيط ثم عامل زراعي ظل يفلح أرضه بفأسه وهو عالي الرأس وحتي مات في حادث سيارة مجهولة في ٣ مارس ٢٠١٤ ..لقد نعته رئاسة الجمهورية والعديد من القيادات السياسية والحزبية قائلة ( في ذمة الله ..مناضل حقيقي وجسور ..دافع بأصرار عن حقوق الفلاحين المصريين )..ولم يلتحق الفقيد بأية مدرسة نظامية ..بل علم نفسه مبادئ القراءة والكتابة وكان فصيحا مثقفا حتي نال شرف اللقب..(الفلاح الفصيح )وكان لي الشرف ان يكون أحد الأصدقاء لي نحمل له الاحترام والتقدير ……
وانه لمن دواعي فخري واعتزازي وأثناء رئاستي لقطاع الزراعة بالمنوفية العريقة ..إن المديرية قد قامت بالتنسيق وإعداد ورقة عمل لرفع المعاناة عن كاهل الفلاح المصري مع سيادة امين عام الحزب بالمحافظة وهو شخصية وطنية مخلصة ومحبة للوطن بالإضافة ألي انه يحمل تخصص عال في العلوم الزراعية ..وقام سيادته مشكورا بعرض الورقة علي المؤتمر العام للحرب الذي تبناها وأخذت طابعا رسميا وتم تشكيل لجنة عليا في كل محافظة لرفع المعاناة عن كاهل الفلاح …وهنا يسعدني ان أعرض بعض العناصر الأساسية لما جاء في مسودة تلك الورقة :
١-توفير التقاوي المنتقاة والعالية الإنتاجية للفلاح وبسعر معقول وغير مغال فيه ..نعم لقد شهدت ( صناعة التقاوي ) وخاصة في مجال المحاصيل الحقلية وعلي وجه الخصوص محاصيل الحبوب الاستراتيجية مثل القمح والذرة والارز ..طفرة هائلة في السنوات الأخيرة وتقوم الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي بانتاج النصيب الأكبر من تلك التقاوي وذلك بمساعدة الوحدة ذات الطابع الخاص لإنتاج التقاوي بمعهد بحوث المحاصيل والتي تزود الإدارة بتقاوي الأساس والمسجلة لإنتاج التقاوي المعتمدة التي يتم بيعها للمزارعين بسعر ( مدعم ) ..الا ان هناك العديد من الشركات الخاصة والتي تغالي في تسعير تقاويها ونأمل من تلك الشركات إعادة النظر في أسعار تقاويها حتي تكون في متناول الفلاح البسيط .
٢-توفير الاسمدة وبالسعر المناسب : من المشاكل التي تواجه الفلاح وبقسوة في الفترات الأخيرة عدم توافر الاسمدة في المنافذ الحكومية مثل الجمعيات الزراعية وبنوك القري ..بل وفي حالة وجودها فالسعر مرتفع جدا يكاد يصل الي ٥٠٠ جنيها للشكيارة الواحدة وهذا يؤثر سلبا علي متوسط أنتاجية الفدان وخاصة في محاصيل الحبوب الاستراتيجية .
٣-المطلوب أحياء الدور الهام للهيئة العامة لصندوق الموازنة الزراعية والتي تشرفت برئاستها لمدة عام ( ٢٠١٢ ) وقبل بلوغي سن الستين واعددت مذكرة عرض علي السيد الوزير وقتها والذي كلفني بعرضها علي المجلس النيابي ..ومن المعروف ان الهيئة أنشئت بالقرار الجمهوري رقم ١٦٤ لسنة ١٩٦٠ وذلك بغرض موازنة اسعار الحاصلات الزراعية التي يحددها الوزير والاسهام في دعم عناصر التكلفة الزراعية لتخفيف العبأ عن كاهل المزارعين وزيادة دخلهم ودعم صناعة الاسمدة المحلية ..الا ان دور الهيئة قد تقلص تماما ومنذ فترة ليست بالقصيرة وخاصة بعد تخفيض ميزانيتها من حوالي ٤٨٨ مليون جنيها الي حوالي ١٢ مليون جنيها في السنوات الأخيرة.
٤-اتباع الدورة الزراعية والتجميع الزراعي للمساحات المنزرعة بمحصول واحد تبعا لدورة زراعية تحددها الجمعية الزراعية علي ان يقدم للمزارعين الملتزمين بتلك الدورة ..بعض المميزات مثل تجهيز الأرض للزراعة مجانا والتقاوي المدعمة والاسمدة والمبيدات وبيع المنتج النهائي او الالتزام بشراء المحصول بأسعار مجزية …
٥- تنمية الثروة الحيوانية :
)
(١) إعادة أحياء المشروع القومي للبتلو وذلك عن طريق تعاقد المربي مع البنك الزراعي لمدة ٦ أشهر او عام بقرض ذو فائده بسيطة.
(٢)تحسين السلالات المحلية من الأبقار والجاموس عن طريق التلقيح الصناعي داخل محطات البحوث الزراعية.
٦-اين دور البنك الزراعي في رفع المعاناة عن كاهل الفلاح ..هل أصبح فقط يقوم بدور المرابي …واين جهاز التعاون الزراعي وأمواله ….الباهظة ….!!!
٧-المحافظة علي مياه نهر النيل ..شريان الحياة في مصر من التلوث من الصرف الصحي او الصرف الحقلي او مخلفات المصانع السامة والمدمرة .
واسلمي يا مصر انا لك الفدا
مع خالص تحياتي
د.حمدي المرزوقي





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى