أخباررئيسيمجتمع الزراعةمحاصيلمقالات

الدكتور حمدي المرزوق يكتب : ورقة عمل للنهوض بالقطاع الزراعي المصري

خواطر وطنية..وبعيدا عن السياسة

الحمد لله تعالي نكتب بصفة شبه منتظمة خواطر وطنية وذلك منذ عام ٢٠١٦ علي الصفحات الإلكترونية لجريدة الزهرة وزهرة العرب وبوابة الزراعة والزراعة اليوم والحدث الإخباري وقبل ذلك بسنوات علي صفحتنا بالفيسبوك وحتي الان ..وهي مجموعة خواطر متعددة تحدث بعضها عن ( الفلاح ..ذلك المجهول ) والذي ادعت العديد من الجهات انها المسؤلة عن رفع المعاناة عن كاهله في حين امتص دمه ما يسمي بالبنك الزراعي والذي جاء بديلا عن مرابي ما قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ وكاد ان يضيع دم المسكين بين القبائل المتناحرة ..كما تحدثنا مرارا وتكرارا عن تصورنا للنهوض بالزراعة المصرية الحديثة في خطة شاملة ومتكاملة ترفع بمصر الي مصاف الدول المتقدمة والكبري بدلا من تلك التي يريدها لنا المستعمر ( مصر ..رجل يمرض باستمرار ولكنه لا يموت ) ..ثم تحدثنا عن نهر النيل شريان الحياة القادم إلينا من الجنوب حاملا إلينا الخير والحياة حتي وصف المؤرخون ( مصر ) ومنذ آلاف السنين بأنها ( هبة النيل ) ..إن استمرار تدفق مياه النهر الخالد في سهولة ويسر هي مسألة حياة او موت لمصر وشعبها المسالم ..نعم فالنيل هو هبة الله لمصر والشعوب الأفريقية الصديقة ..ولهذا فإننا لعلي يقين تام ان قيادتنا السياسية لن تسمح بالعبث من قبل بعض ( الصغار ) بالامن المائي المصري ..ثم تكلمنا عن تلوث البيئة وخاصة مياه الشرب والتي يمثلها بنسبة حوالي ٩٨ % نهر النيل فهو المصدر الرئيسي والاساسي لمياه الشرب في مصر وبالتالي يشكل نهر النيل المصدر الأساسي لأمراض الكلي و الكبد والسرطان نتيجة صرف مياه المجاري والصرف الحقلي ومخلفات المصانع السامة بالنهر الخالد ..وايضا تكلمنا عن مستقبل البحث العلمي في مصر والعالم العربي وانه في خطر ففي حين تنفق إسرائيل علي البحث العلمي سنويا حوالي

4.5% من جملة دخلها تنفق مصر اقل من 5.% من دخلها القومي علي البحث العلمي الذي هو قاطرة الأمة نحو مستقبل افضل .

إلا أنه نظرا لأهمية القطاع الزراعي في مصر فسوف نتحدث اليوم عن مستقبل ذلك القطاع وأهم المشاكل التي تواجهه وكيفيه الخروج منها … حيث مارس المصريون مهنه الزراعه منذ آلاف السنين ويعمل بالقطاع حوالي ٣٠% من إجمالي قوة العمل ويسهم هذا القطاع بحوالي ١٥% من الناتج الإجمالي المحلي حيث تسهم الصادرات الزراعيه بحوالي ٢٠% من إجمالي الصادرات وهو ما يجعل القطاع الزراعي أحد أهم موارد الدخل القومي وهو المسؤول أيضا عن تحقيق الأمن الغذائي وتوفير العديد من الخامات الرئيسيه اللازمة للعديد من الصناعات الهامة .
ومن المعروف انه يمكن تحقيق التنمية الزراعية بطريقتين الأولى(افقية) وتهدف الي زيادة الرقعة الزراعية والتي تبلغ حوالي ٨.٥ مليون فدان من جملة مساحة البلاد البالغة ٢٣٨ مليون فدان اي حوالي ٣.٥% من جملة المساحة ويتم ذلك عن طريق استصلاح المزيد من الأراضي الجديدة ..أما الطريقه الثانيه للتنمية فهي التنمية (الرأسية) وتهدف الي زيادة المساحة المحصوليه والتي بلغت في الفترات الأخيرة حوالي ١٥.٢ مليون فدان وذلك عن طريق زيادة إنتاجية الفدان وزيادة التكثيف الزراعي … ولقد نجح القطاع الزراعي في تحقيق معدلات عاليه علي مستوي العالم في عدد من المحاصيل الاستراتيجية فعلي سبيل المثال حققت مصر المركز الأول بين دول العالم في إنتاجية الفدان من قصب السكر والأرز والمركز الثاني في الذرة الرفيعه والمركز الرابع في محصول القمح حيث بلغت إنتاجية الفدان من الأرز ٤.١ طن للفدان وهي أعلي إنتاجية في العالم وأيضا محصول قصب السكر ٥٠.٧ طن للفدان كما ارتفعت إنتاجية الفدان من القمح لتصل الي حوالي ١٨.٣ اردب للفدان وإنتاج الفدان من الذرة الشامية لتصل الي حوالي ٢٤.٦ اردب للفدان .
إن تلك الأرقام تعكس ولا شك نجاح المراكز البحثية وأجهزة الإرشاد الزراعي في أداء مهامها علي الوجه الأكمل في فترة من الفترات … نعم حاليا هناك بعض الملاحظات علي معدل أداء تلك الأجهزة وسوف نناقشها بشئ من الصراحة والوضوح وفي الحدود المتاحه مع العلم بأن بعض ما جاء من أفكار قد سبق ذكره ولكننا نري في الإعادة ربما تكون هناك الإفادة… فلا يعقل أن تعاني مصر من فجوه غذائية عميقة تكلفها حوالي ١٥ مليار دولار سنويا تخصص لاستيراد الأغذية الإستراتيجية الهامه مثل القمح حيث تستورد مصر حوالي ١١ الي ١٣ مليون طن وهي بذلك ربما تحتل المركز الأول في إستيراد القمح بالعالم وتستورد من الذرة الصفراء أيضا حوالي ١١ مليون طن سنويا كما تستورد ٨٠%من احتياجها من الفول البلدي وحوالي ١٠٠% من العدس وأكثر من ٩٥% من الزيوت النباتية وحوالي ٥٠% من اللحوم الحمراء ولهذا سوف نعرض وفي إيجاز بعض الملامح التي نراها مناسبة للنهوض بالقطاع الزراعي المصري وعودة الروح اليه علي النحو التالي …

١) نري ضرورة إختيار أحد أبناء القطاع الزراعي أو المنتمين الي المراكز البحثية الزراعية او كليات الزراعة العديده المصرية ليكون مسئولا عن قيادة القطاع … وزير تكنوقراط علمي متخصص ويا حبذا لو كان وزير سياسي فمازل الجميع يتذكر الدور الرائد للمرحوم الدكتور يوسف والي سواء إتفقنا معه أو اختلفنا معه احيانا ..كما يجب ان يكون نائب الوزير لشئون الثروة الحيوانية متخصص ومن العاملين بالمجال كما نري أن يكون رئيس لجنة الزراعة والري سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب من المتخصصين في المجال الزراعي حيث أن فاقد الشئ لا يعطيه .
٢) البحث العلمي الزراعي التطبيقي ويمثله هنا مركز البحوث الزراعية وهو الجهة المنوط بها النهضة الزراعية في الدلتا والوادي ويعد واحدا من ارقي المراكز البحثية والرائد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ويضم المركز حوالي ١٢ الف من الباحثين العلميين الحاصلين علي درجتي الماجستير والدكتوراه في مختلف العلوم الزراعية وقام المركز بإجراء نهضة علمية تطبيقية شاملة في مجالات المحاصيل الحقلية والبستانية والمحاصيل السكرية والقطن ومقاومة الأمراض والحشرات وايضا في بحوث الأراضي والمياه وفي مجال بحوث الإنتاج الحيواني وصحة الحيوان والأمصال واللقاحات وتكنولوجيا الأغذية وبحوث الهندسة الوراثية الزراعية والمكينة الزراعية ويضم المركز حوالي ١٦ معهدا بحثيا وحوالي ١٠ معامل مركزية بحثية لا تقل كفاءة عن المعاهد البحثية… ويقوم المركز بتنفيذ مهامه البحثية من خلال حوالي اكثر من ٥٠ محطة بحثية(حقلية +بستانية+إنتاج حيواني ) منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية ولقد حقق المركز نهضة علميه رائدة في أواخر السبعينات حتي منتصف التسعينات وخاصة في مجال تحسين محاصيل الحبوب الرئيسية والتي زادت إنتاجيتها بنسبه تصل حوالي ٢٠٠% أو ما يزيد في الأرز والقمح والذرة الشامية وقام بإنتاج وإستنباط أكثر من ٢٠٠ صنف وهجين من مختلف المحاصيل الحقلية والبستانية والسكرية ومحصول القطن ذات الإنتاجية العاليه والمقاومة للأمراض كما كانت له إنجازاته الواضحه في مجال الإنتاج الحيواني وصحة الحيوان إلا أن البحث العلمي الزراعي التطبيقي يعاني وبشدة من نقص واضح للغاية في الميزانية وخاصة في العشر سنوات الأخيرة مما كان له تأثير سيئ علي مستوي الأداء..ومن المعروف انه يستلزم لتصحيح مسيرة البحث العلمي ثلاث عناصر اساسية : اختيار القيادات و علي مستوي المسؤلية- الميزانية المناسبة – اختيار الكوادر الشابة علي أسس من الحيدة والموضوعية ) .
ويقوم مركز بحوث الصحراء والموجود مقره الرئيسي بحي المطرية بمدينة القاهرة بالتنمية الزراعية في الأراضي الصحراوية من خلال العديد من المحطات البحثية التابعة له وعددها حوالي ١٢ محطة بحثية منتشرة في أنحاء الجمهورية وأنشأ المركز بالقرار الجمهوري ٩٠ لسنة ١٩٩٠ ..ومن الممكن أن يساهم بصورة مشرفة في عمليات استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية والجديدة ..مع العلم بأن نسبة الأراضي الصحراوية في مصر اكثر من ٩٠% من جملة مساحة الجمهورية .
٣- قطاع الإرشاد الزراعي – أن هذا القطاع الحيوي هو الموصل الجيد لحزمة التوصيات الفنية من الباحثين الي الأخوة المزارعين وايضا يقوم بنقل المشاكل التي تواجه الفلاح الي الباحثين لدراستها ووضع الحلول المناسبة لها ..الا أن القطاع يعاني وبشدة واضحة للغاية في السنوات الأخيرة من ضعف الميزانية التي تقلصت من ٢٠٠ مليون جنيها الي اقل من ٥ مليون جنيها ..وايضا تناقص الكوادر المدربة جيدا بالقطاع لخروج الكثير من أبنائه الي المعاش وعدم تعيين كوادر شابة تتحمل المسؤلية ..ولهذا فإننا نري إعادة النظر في الميزانية الضعيفة للغاية ..وتعيين اوائل الخريجين بالقطاع كما كان يحدث من قبل …
٤- قطاع الإنتاج: هناك هجمة شرسة علي الأراضي الزراعية وايضا حظائر الإنتاج الحيواني بالقطاع بدعوي انها لا تعمل بالكفاءة المطلوبة ..وهنا يتم الاستيلاء عليها والبناء عليها ( كتل سكنية ) وأعتقد أن ذلك مخالف للدستور والقانون ..وكان يجب دراسة المشاكل التي تواجه القطاع الحيوي ..والعمل علي حلها ……..
٥- قطاع الميكنة الزراعية : وكان واحدا من أكفأ واغني قطاعات الوزارة ايام المرحوم الدكتور والي ..يجب دراسة مشاكله وحلها بدلا …من تدميره…..
٦- قطاع الإنتاج الحيواني والداجني والثروة السمكية : لقد حققت مصر الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء أي الدواجن والبيض في فترات سابقة لعدة عوامل ثم تدهورت الأمور وبشدة ..ونستورد حاليا حوالي ٥٠% من اللحوم الحمراء ..وعلي الرغم من أن مصر لها شواطئ ٣٥٠٠كم علي سواحل البحر الأحمر والمتوسط و ١١٠٠ علي نهر النيل و ١١ بحيرة طبيعية إضافة الي اكبر بحيرة صناعية بالعالم ( بحيرة ناصر ) ..الا أننا نستورد الأسماك..ولا نصدرها ..نأمل أن يكون المسؤل عن القطاع متخصصا و ان يكون من أبنائه….!!!!!
هذا في إيجاز شديد اهم عناصر المنظومة التي تحتاج الي أعادة النظر والتصحيح
واسلمي يامصر انا لك الفدا
مع خالص تحياتي
د.حمدي المرزوقي





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى