اليوم كانت درجة الحرارة قبل صلاة الفجر تحت الصفر. فوجئت ان السيارة مغطاة بطبقة رقيقة من الثلج ولكنها رغم رقتها عشرية للغاية ولا ترغب في مغادرة جسد السيارة الا بالكشط بفرشة الثلج. هذا يجعلك تمارس رياضة جميلة رغما عنك فتحرك فجأة كل عضلات جسدك التى كانت من دقائق نائمة وتحاول أن تثنيك عن الخروج بالألم والإرتخاء ولكن كشط الثلج أيقظها، وهذا تطلب وقتا على حساب محاولة الوصول للمسجد في الوقت المناسب. ولكن يسر الله المهمة ووصلت والآذان يقام.
عندما تسمع الآذان من مؤذن لا ينطق بالعربية يزداد شعورك بالإيمان سواء من صوته الذي يحاول جاهدا أ ن يبلغ به النداء بالعربية ويقول لك ان الصلاة خير من النوم او لشعورك بأن الله ميزك لأن الرسالة نزلت بلغتك ولذلك مسئوليتك اكبر من هؤلاء الشعوب الذين لا ينطقون بالعربية.
في المسجد وفي صلاة الفجر بالذات ترتفع درجة حرارة القلوب بالإيمان وتنسي أن درجة الحرارة فى الخارج تحت الصفر. يصر دائما الحاج احمد الرجل الطيب ان يسارع بإحضار مقعد لي في مكاني المحدد بالصف الاول رغم اني لا احتاج المقعد دائما ولكنى أشكره في كل حال.
اليوم فقط شعرت بالحرية حيث تحررت تماما من ارتداء الكمامة داخل المسجد او خارجة بعد ان وصلت نسبة الإصابة بالكورونا في نيوجرسي أقل من نصف في المئة وبعد أن أخذت ثلاث تحصينات متتابعة والحمد لله، لذلك اخذت بحكمة أعقلها وتوكل على الله.
خرجت من حرارة المسجد الروحية والفيزيائية في صلاة الفجر الى الشارع تحت الصفر لتجد اسراب السيارات تتجه في عتمة الفجر كالحشرات المشتعلة العيون تسير ببطء خلف بعضها متزاحمة للخروج من المدينة الى الطريق السريع المتجه الى نيويورك.
تذكرت ايام العمل وأيام الكفاح عندما كنت واحدا من هؤلاء الذين يستيقظون في الرابعة صباحا فيتناولون القهوة والكعك على قارعة الطريق ليصلوا قبل السابعة صباحا لأعمالهم. اليوم هم يذهبون للعمل وانا عائد لمنزلي، هذه سنة الحياة يوم لك ويوم عليك.
لم نكن حينها ونحن نصنع مستقبلنا ونحفر في الصخر نهتم كثيرا بظروف الجو اذاكان تحت الصفر او فوق الصفر المهم ان سياراتنا القديمة تدور ولا تحتاج اسعاف حيث كان هدفنا الأول هو انجاز العمل المطلوب منا.
هذه هي الحياة التى تتطلب منا ان نظل دائما نسعي على الطريق تحت الصفر او فوق الصفر سواء كنا متجهين للعمل او عائدون للتقاعد.