كان نبات القمح يقف منتشيا فى الحقل يتراقص سعيدا مع الرياح ويلوح بأوراقه الخضراء الجميلة الى تلك الشجرة الضخمةالعجوز التى تقف هناك على حافة الحقل، وإذ بزخات من المطر تضرب اوراقه ورياح تهز ساقه بشدة.
ولكنه لم يستسلم ويصاب بالرقاد وظل يتمايل يمينا ويسارا نحو رفاقه وكأنهم يرقصون فى حفل زفاف. إشتدت الريح وأصبح القمح كأمواج فى بحر هائج بلا ماء او شاطيء.
توقفت الرياح رويدا وانحصر المطر ووقفت أوراق القمح تنثر قطرات المطر عن نفسها وتتطلع لتلك الشمس التى بزغت بين ركام السحاب لتجفف ما بقى من اثار المطر.
لم تمر اربع وعشرون ساعة حتى شعر القمح بأشياء دقيقة وغريبه تعتلى اوراقه والتصقت بها وبسرعة نبتت منها انابيب بيضاء تتسلل الى ثغوره.
نظر القمح الى تلك الأشياء الغازية لجسده وقال لها من انت ؟
ابتسمت وقالت نحن جرثيم الفطر بكسينيا اليوريدية
قال القمح وماذا تفعلين بأوراقي أيها الجراثيم اليوريدية
قالت جئت من مسافات بعيدة ابحث عن غذاء وكم من نبات التقيت ولكن لم يدعوني ويرحب بي إلا انت.
–
– لم ادعوك أو ارحب بك يا سيدتي
–
– لا بل دعوتني فأنا لا أدخل بيت أحد عنوة فلولا افرازات خرجت من ثغورك ولولا فتحت لنا بابك لما انبتت جراثيمي لتعديك
–
– أنا لا اعرف ذلك ولا يمكن ان اقتل نفسي
–
– لن أقتلك عزيزي ففى قتلك موتى لأني اجبارية التطفل
–
– ماذا تعنين بإجبارية التطفل
–
– الكائنات الإجبارية التطفل مثلى لا تقتل من تتطفل عليهم بل تتركهم احياء رغم اضعافهم لها لكي تجد دائما مصدر للغذاء
–
– أمرك عجيب ولماذا أنا بالذات وأنا نبات ضعيف ووحيد الفلقة وأمامك شجرة ضخمة من ذوات الفلقتين غنية بالغذاء وتتحمل تطفلك
–
– ها ها يبدوا ان معرفتك بأمراض النبات محدودة يا عزيزي القمح
–
– نعم أنا لا ادري اَي شيء عن أمراض النبات
–
– اسمع يا عزيزي القمح وتعلم فمسببات الامراض مثلى غاية فى التخصص فلا تصيب الا ما يلائمها من نباتات فَلَو كان فى تلك الشجرة الضخمة ما اقتات عليه لما هبطت على جسدك النحيل ذو الفلقة الواحدة
–
– أنا خائف منك ايتها الجرثومة فقد تسببي لى ألما
–
– من حقك ان تخاف وهذا قدرك فأنا اكمل دورة حياتي في أسبوع وانتقل من ورقة الى ورقة ومن نبات إلي آخر حتى اصيب المحصول كله في وقت وجيز يشبه اشتعال النار في عشب جاف وستضعف حتما وقد تتكسر سيقانك ولكنك لن تموت الا فى موعدك المعتاد مع الحصاد.
–
– ادعوا الله ان يراك صاحب الحقل ويقتلك بالمبيدات انت ورفاقك من الجراثيم
–
– ها ها .. لن يحدث ولا تقتلني الا مناعتك وانت على ما يبدو ليست لديك مناعة للصدأ وقابل للإصابة بشدة والا لما استطعت التغلغل فى نسيجك الغض بهذه السهولة وانت تكلمني.
–
– الله وحده المستعان ايتها الجرثومة وقل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ، ليتهم حصنونى ضدك أو كنت من الأصناف المقاومة لمرض الصدأ.
