بالرغم من بداية تدهور الحكم فى عهد مبارك فى آخر عشر سنوات بشكل ملحوظ تماما إلا أن منظومته رات فى تلك الفترة أن مشكلة مصر الرئيسية هى الإدارة.. وإقرار هذه المنظومة بهذا العيب ومدى خطورته وتأثيره على معدل النمو فى البلد هو فى حد ذاته من أفضل ما حدث فى مصر على مدى عقود قبلها.. ونتج عن هذا الإقرار الشجاع الرائع إنشاء وزارة التنمية الإدارية فى ٢٠٠٤ فى حكومة سيادة الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء صاحب الرؤية و القدرة العالية التى تم تعويقها كلية من خلال لجنة السياسات، وتولى مسؤولية وزارة التنمية الادارية سيادة الوزير دكتور احمد درويش الحاصل على الدكتوراة من ديفز بكاليفورنيا على ما اذكر… قدمت وزارة التنمية الإدارية كثير من الرؤى والقرارات لبناء مجتمع ادارى فاعل فى الدولة حتى أعلن أن تولى كل المناصب القيادية سيكون من خلال مسابقات معلنة يتنافس فيها من يرون في أنفسهم الاستحقاق، و بالطبع ونتيجة للمنهج العام فى الدولة خشينا كمواطنين أن يكون هذا مدخل أكبر للفساد حيث كيف ستشكل هذه اللجنة التى ستختار وهم أصلا من نفس المنظومة التى حققت الفساد الإدارى فى الدولة، ولكن من جانب آخر رأينا أن إيجاد النظام سيحقق الغرض منه فى النهاية بعد استمرار التجربة حتى لو ضل الطريق فى البدايات أو فى فترة من الفترات.
طبعا أعلن عن قرارات كثيرة من قبل وزارة التنمية الادارية وقتها والتى يجب أن يعاد قراءتها ومراجتعها وتقييمها وتطبيقها لتحقيق التنمية الإدارية فى مصر.
المهم أن الغرض من إنشاء الوزارة لم يتحقق حتى تم الغاؤها فى عام ٢٠١٨ فى حكومة مهندس ابراهيم محلب الثانية على ما اذكر أو الثالثة أو الخامسة مثلا ، ويعتبر هذا الإلغاء بمثابة إلغاء فكرة التنمية الادارية، ولو تجرد المسؤولين لوجدوا الحاجة الملحة إلى إنشاء هذه الوزارة مع اطلاق صلاحيتها ليكون قائدها نائب رئيس وزراء على الاقل.. بمعنى كيان مستقل له كافة الصلاحيات.. وفى نفس الوقت لآبد من أن يتحمل مسؤوليتها قيادات يعلمون الغرض منها ومؤمنون بأهدافها ويعملون على تحقيقها بكل جهد واصرار..
ربما يمتد عمل هذه التنمية الإدارية إلى مستوى اعلى من دور عمل وزارة حيث ربما تصل إلى تصور للوزارات انفسها والتى غاب عنها وزارة الإقتصاد والفصل بين الشباب والرياضة وتحديد مهام وزارات حتى لا يحدث تداخل فى المهام والوظائف وتنافس على تمويلات وهروب من مسؤوليات لا يتبعها تمويل وغير ذلك من تفاصيل دقيقة يعلمها من تعرض أو يتعرض لها.
منظومة التنمية الإدارية السليمة ستحقق تحديد المشروعات الواجب تنفيذها وجدوى هذه المشروعات والفترات الحقيقية اللازمة للتنفيذ و مراجعة طرق التنفيذ وتحقيق الجودة العالية اثناء التنفيذ بمفهوم توكيد الجودة ومراقبة الجودة عند نهاية الأعمال واستلام صحيح دقيق للأعمال على مستوى كل شئ صغيره وكبيره مع تغليظ العقبات عند اى مخالفات.
التنمية الإدارية ستحقق مبدأ تكافؤ الفرص الحقيقية داخل المجتمع وستقضى على الطبقية و الفئوية والعنصرية وغير ذلك من الممارسات التى تقضى على فرص التنمية الحقيقية المجتمعية وما أكثرها.
التنمية الإدارية ستقضى على تأثير صفحات التواصل الممنهجة وتقضى على تربيطات عاملين لتغيير قيادات لعدم رضاهم عنهم بغير حق ويقضى على اتهامات بالباطل فى كل مكان ينظمها أصحاب الباطل المعروفين فى كل مكان وموقع من خاصة الناس و ينفذها عامتهم، والذين دائما يكرسون تواجد المفسدين فى كل مكان وبكل الطرق..
التنمية الإدارية هى الصحوة الحقيقية التى تحتاجها البلد.
لن يحقق وجود قيادات متميزة محدودة العدد أو القدرات تغيير كامل المجتمع حيث ان السلم الوظيفى يحتاج مراجعة حقيقية، وتلك القيادات تحتاج إلى دعم لا نهائى من القيادات الأعلى حتى يتحقق الرجاء.
وجهة نظر