أبسط شئ يمكن قوله على تلوث المياه العذبة أنه يدمر صحة الإنسان من خلال إصابته بالأمراض المعوية ومنها:
الكوليرا، الملاريا، التيفود، البلهارسيا،أمراض الكبد والالتهاب الكبدي الوبائي، الدوسنتاريا بكافة أنواعها.
كما لا يقتصر ضرره على الإنسان وما يسببه من أمراض، وإنما يمتد ليشمل الحياة في مياه الأنهار والبحيرات
حيث أن الأسمدة والمخلفات الزراعية التي تتسرب إلى مياه الصرف تساعد على نمو الطحالب والنباتات المختلفة مما يضر بالثروة السمكية إذ تعمل هذه النباتات على حجب ضوء الشمس والأكسجين وتمنعه من الوصول إلى داخل المياه.
كما أنها تساعد على تكاثر الحشرات مثل البعوض والقواقع التي تسبب مرض البلهارسيا علي سبيل المثال.
ويعتبر الماء مذيب جيد لكثير من المواد وحتى بعض المواد التي لا تذوب فيه تشكل معلقات غروية تشبه المحاليل.
وينزل الماء علي هيئة أمطار أو ثلج بصورة نقية خالية تقريبا من الجراثيم أو الملوثات الأخرى، لكن نتيجة للتطور الصناعي الكبير.
وتتعرض حتى مياه الأمطار أثناء سقوطها إلى الكثير من الملوثات لتصل الأرض مشبعة بالغازات السامة الذائبة مما يجعله غير صالح للشرب، ولعل أفضل مثال هو المطر الحمضي الذي سيتم شرحه لاحقا.
كذلك ظهر تلوث مياه البحار والأنهار والمياه الجوفية بالمواد البترولية والمواد المشعة والمعادن الثقيلة وغيرها.
ويشكل التلوث بالمواد البترولية خطرا علي المياه حيث يكون طبقة رقيقة فوق سطح الماء تمنع مرور الهواء والأوكسجين وثاني أكسيد الكربون والضوء إلي الماء، مما يؤدي إلى اختناق الأحياء المائية وتعطيل معظم العمليات الحيوية الهوائية وبذلك تصبح الحياة المائية شبه مستحيلة.
ويدوم الهيدروكربون الناتج من تلوث البترول طويلا في الماء ولا يتجزأ بالبكتريا ويتراكم في قاع البحر.
ويحتوي البترول علي مواد مسرطنة مثل بنزوبيرين الذي يؤثر علي النباتات والحيوانات التي تتغذى عليها. وهناك مواد كيماوية أخرى تسبب تلوث المياه مثل المبيدات D.D.T والمعادن الثقيلة.
المصادر الرئيسية لتلوث المياه:
1. المصادر الصناعية:
تحتوي مياه المصانع وفضلاتها ما نسبته 60% من مجموع المواد الملوثة للبحار والبحيرات والأنهار. ويصدر أغلب الملوثات من مصانع مثل مصانع الدباغة والرصاص والزئبق والنحاس والنيكل ومصانع الدهانات والإسمنت والزجاج والمنظفات ومصانع تعقيم الألبان والمسالخ ومصانع تكرير السكر. بالإضافة إلي التلوث بالهيدروكربون الناتج عن التلوث بالبترول.
وأن معظم المصانع في البلدان النامية وحتى البلدان المتقدمة لا تلتزم بضوابط الصرف الصناعي، بل تلقي بفضلاتها في المياه. ففي الولايات المتحدة وجدت مخلفات سامة في مياه الأنهار والبحار المحيطة بالمصانع. وفي القاهرة أجريت دراسة علي اثني عشر محطة لمعالجة مياه الشرب ووجدت جميعها تعاني من عدم انضباط في تصريف النفايات السائلة الصناعية.
وتجدر الإشارة إلي أن الطرق التقليدية لتنقية المياه لا تقضي علي الملوثات الصناعية (مثل الهيدروكربون) والملوثات غير العضوية والمبيدات الحشرية وغيرها من المواد الكيميائية المختلفة. وقد يتفاعل الكلور المستخدم في تعقيم المياه مع الهيدروكربونات مكونا مواد كربوهيدراتية كلورينية متسرطنة. ومن أشكال التلوث الصناعي هو استعمال بعض المصانع ومحطات الطاقة لمياه الأنهر والبحيرات في التبريد، وما ينتج عنة من ارتفاع في حرارة المياه مما يؤثر سلبا على التفاعلات البيوكيميائية في المياه وكذلك على الأحياء المائية.
2. مصادر الصرف الصحي :
تعتبر مياه المجاري واحدة من أخطر المشاكل علي الصحة العامة في معظم بلدان العالم الثالث، لأن أغلب هذه الدول ليس لديها شبكة صرف صحي متكاملة, بل في بعض المدن الكبيرة لا توجد شبكة صرف صحي،
والمشكلة الكبرى عندما تلقي المدن الساحلية مياه الصرف الصحي في البحار دون معالجة مسببة بذلك مشكلة صحية خطيرة. كما أن استخدام الحفر الامتصاصية في الأماكن التي لا يتوفر فيها شبكة صرف صحي له أضراره علي الصحة العامة خاصة إذا تركت مكشوفة أو ألقيت مخلفاتها في الأماكن القريبة من المساكن حيث يتوالد البعوض والذباب مما يسبب الكثير من الأمراض بالإضافة إلي استخدام المبيدات المنزلية التي لها أضرارها علي صحة الإنسان.
وتحتوي مياه المجاري علي كمية كبيرة من المواد العضوية وأعداد هائلة من الكائنات الحية الدقيقة الهوائية واللاهوائية. وعند وصولها إلى المياه السطحية، تعمل الكائنات الدقيقة الهوائية على استهلاك الأوكسجين لتحليل المواد العضوية مسببة نقصا في الأوكسجين مما يؤدي إلى اختناق الكائنات الحية التي تعيش في البحر وموتها. عند موتها تبدأ البكتريا أو الكائنات الدقيقة اللاهوائية بتحليلها محدثة تعفن وفسادا أخر.
تتوقف درجة فساد المياه السطحية وصلاحيتها للاستعمال علي عدة عوامل منها:
• سرعة تيار الماء في المجري المائي
• كمية الأوكسجين الذائب في الماء
• السرعة التي تستطيع بها بعض أنواع البكتريا تحليل هذه الشوائب والفضلات
• مدي حجم الشوائب والفضلات التي تلقي في هذا المسطح المائي البحر ونوعيتها
مكونات مياه الصرف الصحي:
تتكون مياه الصرف الصحي من المياه المستخدمة في المنازل سواء في الحمامات أوالمطابخ وكذلك المياه المستخدمة في بعض الورش والمصانع الصغيرة ومحطات الوقود التي تقع داخل المدينة.
وتحتوي مياه الصرف الصحي علي نسبة عالية من الماء 99.9% والباقي مواد صلبة علي هيئة مواد غروية وعالقة وذائبة. وهذه المركبات هي:
• الكربوهيدرات:وتشمل السكريات الأحادية والثنائية والنشا والسليلوز
• أحماض عضوية: مثل حمض الفورميك, بروبونيك وغيرها
• أملاح أحماض عضوية
• الدهون والشحوم
• المركبات العضوية النتروجية وتشمل البروتينيات
• الأصباغ
• الأملاح المعدنية
• مواد أخري
أ.د / علي عبدالرحمن علي
رئيس الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية والبيئة