أخبارمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : الحق يحتاج إلى مهارة وقوة تحميه

قد يتسائل البعض هل الحق يحتاج مهارة، فالحق أحق ان يتبع، ومامعنى : قل الحق ولاتخشى فى الله لومة لائم .واليست كلمة الحق من الألفاظ المحببة وهو يعنى المطابقة والموافقة ويعنى الصواب والصحيح وضدة الباطل ولها دلالات على الصدق والشجاعة والثبوت وهى كلمة محورية في القرآن الكريم لفظ (الحق)، ولا عجب في ذلك، فالله من اسمائه الحسنى انه  الحق والرسول الكريم نزل بالحق انا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا والاسلام هو الدين الحق والقرءان هو الكتاب الحق القويم، ودعوة إلى الحق المبين.

والموت حق ونزول القبر من بعد الموت حق والصراط والميزان حق ويوم القيامة حق والجنة والبعث والنشور حق والجنة والنار حق

أصل (الحق) لغة: المطابقة والموافقة.

والحق: الصواب والصحيح والثبوت ، ورد في القرآن الكريم في ثلاثة وثمانين ومائتي (283) موضع، وجاء بعدة معانى فالله هو الحق المطلق وارسل الرسل بالحق جاء في أكثرها بصيغة الاسم، نحو قوله تعالى: {إنا أرسلناك بالحق} وانزل الكب بالحق وبالحق انزلناه وبالحق نزل وجاء بمعنى العدل وجاء بمعنى الإسلام، من ذلك قوله تعالى: {وقل جاء الحق} وجاء بمعنى الدين
من ذلك قوله تعالى: {وليملل الذي عليه الحق} (البقرة:282).
وجاء بمعنى الحظ والنصيب، من ذلك قوله تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} وقوله سبحانه: {والذين في أموالهم حق معلوم} (المعارج:24). قال ابن كثير: أي: في أموالهم
وجاء بمعنى الإنجاز والتأكيد، من ذلك قوله تعالى: {وعدا عليه حقا} (التوبة:111). أي: ما قضى به سبحانه أمر لا بد منه، ولا محيد عنه. ونحوه قوله سبحانه: {وكان وعد ربي حقا}

كل ماسبق صحيح لكن هناك فرق كبير بين الحق عموما وقول كلمة الحق فى موقف ما فقد يعرض صاحبة الى اضرار بالغة وبالتالى نجد الكثير من الناس يحجم عن قول الحق خوفا من المصاعب الذى يمكن ان يتعرض لها وبالتالى فان (كلمة الحق) تحتاج الى جرأة نفسيَّة، وقوَّة داخليَّة، يدفعك إيمانُك الصادق لكي تقولها، بكل ثباتٍ وإباء، ورسوخٍ وشموخ، وانتماء لها واستعلاء، تُشعرك بأنَّك (حر) في زمن كَثُرَ فيه العبيد، و(كلمة الحق) إن صدرتْ عن رجلٍ أكبره الناس بها واحترموه وقدَّروه، فما بالك إن صدرتْ عن المرأة، فتحيَّة كبيرة لنساء قائلات بالحقِّ كنَّ فيه أجرأ من الرجال!

ولكننا نذكر بان (كلمة الحق) مُرَّة فلا تزدْها مرارة بمرارة أسلوبك، فمَن يريد أن يتكلَّم بالحق فعليه باللطف والرفق واللين والحلم والعلم ، وتذكر قوله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} فأمرهم الله باللين والرفق مع ذلك الطاغية، مع أنَّه تعالى يعلم في سابق علمه أنَّ فرعون لن يتذكر ولن يخشى، ولكنَّها المهارة في تأدية الحق. لانها ثقيلةٌ على النفس، ولهذا لا يتحمَّلها إلا القليل، فراعى ذلك اثناء التحدث بها لاتقصد رياءا ولافضيحة ولا لقطة تظهر بها نفسك حتى تؤتى ثمارها الطيبة فان قصدت ذلك فهى كلمة طيبة اصلها ثابت وفرعها فى السماء حتى لو اضرت بعد ذلك لكن إن أرضيت فسيجعل لك من بعد عُسْرٍ يُسرًا.

ومن يجرى الله على لسانه كلمة الحق فهى بمثابة قذيفة ربَّانية في وجه الباطل، تُزلزل كيانه، وتحطم أركانَه، ، يقول تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} . ومَن القاذف إلا الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ . قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}
والحق مجلجل أبلج، والباطل مهلهل لجلج. والحق ناطق ساحق ماحق، والباطل مخبط مخلط زاهق: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}
والحق وإن ناوأه المناوِئُ، وكادَه له الكائد، وحاول أن يمكرَ بأهله الماكر، وأراد أن يطمس صورته، فإنَّه سيأتي يومٌ يقول فيه مَن كان على ذلك الباطل: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} وسيعترف بأنَّه كان على باطل وضلال، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} . و(كلمة الحق) كالمطر النازل من السماء، حيث تسيل به الأودية، وتسقى به الأرض بعد موتها، ، وأمَّا الباطل فلو كان كثيرًا كثيفًا، فمآله إلى زوال {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} و(كلمة الحق) ما كانت تُقال لِتُقمَع، بل لكي يظهر أثرُها ويسْطَع، ويزهق الباطل ويُقلع، وتأمَّل سيرة رسول الله محمد صلَّى الله عليه وسلَّم حينما كان يعرض الإسلام على القبائل والوفود، ويطلب منهم نصرتهم، وذلك لأنَّ كلمة الحق عزيزة، وصاحبها عزيز، فلا بدَّ مِن نصرته وحمايته، وتأمل قول الفاروق عمر رضي الله عنه: “إنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له”، فالحق لا بدَّ له من قوَّة تَحْمِيه.
وهذا ينسحب على الافراد وعلى الدول وبالتالى فاذا لم تكن للدولة قوة تحمى حقوقها وتؤمن مصالحها وتحمى كلمتها فيتم أعداد رجال تثقلهم علميا ونفسيا ومهاريا بحيث يكون لهم القدرة على توضيح الحقائق ولايمكن أن تنجح مهمتهم الا بوجود قوة تحمى هذه الحقوق وهذا ما تعمل عليه الدولة المصرية منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسؤولية وقيادة الدولة المصرية كى تؤمن شعبها وتحمى مصالحها وحقوقها المشروعة وتفرض إرادتها . جعلنا الله من أهل الحق وخاصته وحفظ الوطن من كل سوء


ا. د إبراهيم درويش – وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى