أخبارمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : ما أحوجنا جميعا الى خلق الحياء

خلق الحياء أهم "ضابط" في حياة الناس أفراداً وجماعات

السلوكيات والانحرافات الاخلاقية التى نشاهدها ونشكوا منها الان هي نتيجة طبيعية لغياب الايمان بأن الله يراك ومطلع عليك وعدم التفكر فى قوله تعالى ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ و(ان الله كان عليكم رقيبا) فكلٌ منا إذا شعر أنه مراقب سيتصرف بانضباطٍ شديد والعكس
و خلق الحياء يعد أهم “ضابط” في حياة الناس أفراداً وجماعات، فمن شأن الحياء أن يمنع المرء من فعل أي شيء لا يتفق مع الأخلاق الكريمة والسلوك الحميد وترجمة فعلية للايمان
تعريف الحياء
الحياء لفة :الحشمة، وضدها الوقاحة. وهو الانقباض والانزواء واصطلاحًا:هو:انقباض النَّفس مِن شيءٍ وتركه حذرًا عن اللَّوم فيه – وقد ورد في الحديث النبوي “إن لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء ,وهو شعبة من شعب الايمان ” والحياء صفة من صفات الله تعالى يقول النبيﷺ : «إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر»، ويقولﷺ ايضا «إن الله تعالى حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين». والحياء صفة من صفات النبيﷺ عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول اللهﷺ أشد حياء من العذراء في خدرها»؛ أي: من الفتاة البكر في بيتها، والحياء شعبة من الإيمان فهو ترجمة للايمان من خلال الاعمال الصالحة التى تتوافق مع الايمان ويقولﷺ عنه: «الحياء لا يأتي إلا بخير»، وخُلق الحَيَاء أشرف الخصال، وأكمل الأحوال وأفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا، للإنسانية فمَن لا حياء فيه، فليس معه مِن الإنسانيَّة إلَّا اللَّحم والدَّم وصورتهما الظَّاهرة، كما أنَّه ليس معه مِن الخير شيء .

انواع الحياء :

والحياء نوعان فطرى وهو الذي خلقه الله في النفوس كلها كالحياء من كشف العورة، والجماع بين الناس. وإيماني او مكتسب من الدين والشرع من خلال التكاليف الشرعية والمؤمن يلازم بها ويبتعدعن فعل المعاصي . ، فالإنسان يولد بالفطرة يستحي ثم يكبر ويتعلم ويختلط بالناس فيقل أو يزيد حياءه، قال القرطبي: الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان غير أن المرء الذي فيه غريزة الحياء فإنها تعينه على الحياء المكتسب وقد يتطبع بالحياء المكتسب حتى يصير غريزياً.

بعض ماورد فى فضل الحياء :

إن المرء إذا اشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه. وقيل:إن الحياء زينة المؤمنين، ولا إيمان لمن لا حياء له وعرف لنا الرسولﷺ الحياء الحقيقي فقال فيما روى الترمذي: «استحيوا من الله حق الحياء… أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيى من اللّه حق الحياء»؛ وقد ورد ذكر الحياء فى ايات كثيرة منها قوله تعالى (ولباس التقوى ذلك خير) فُسِّر لباس لتَّقوى بأنَّه الحَيَاء وقوله فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ) وقوله سبحانه (في سورة الأحزاب) إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ واللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ( ومن استحيا غض بصره، ومن غض بصره وحفظ فرجه، ومن حفظ فرجه ضمن الجنة وقد قال بعض الحكماء: (احيو الحياء بمجالسة من يستحيا منه) فمجالسة من يستحيا منه لصلاحه وعلو قدره فإنها تحيي في القلب الحياء فيظل الإنسان يراقب أفعاله وأقواله فيكون هذا خلقًا له ملازمًا فتعتاد نفسه إتيان الخصال المحمودة ومجانبة الخصال المذمومة وكراهيتها. وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه مَن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه، ومَن قلَّ ورعه مات قلبه وقال الأصمعي: (مَنْ كَساهُ ثَوبُ الحيَاءِ، لم يَرَ النّاسُ عُيُوبَهُ

اقسام الحياء :

وينقسم الحياء إلى ثلاثة أقسام:الحياء من الله: فقد روي في الحديث عن علقمة بن علاثة قال: يارسول الله عظني، فقال رسول الله : «استح من الله استحياءك من ذوي الهيبة من قومك فالحياء مراتب:و أعلاها الاستحياء من الله تعالى، وهو مقام المراقبة والإحسان؛ كما قالﷺ: «الله أحق أن يستحيا منه». الحياء من الناس: روي عن حذيفة بن اليمان قوله:لا خير فيمن لا يستحي من الناس و الحياء من النفس: وهو الاهم فالإنسان ايستحي من نفسه أن يأتي بالنقص أو بما يخل الشرف أو الكرامةو من استحى من نفسه كان استحياؤه من غيره أجدر.

الحياء المذموم :

.والحياء منه الحسن والقبيح، والممدوح والمذموم؛ ومن الحياء القبيح المذموم الحياء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه جبن وصاحبه جبان، والحياء في العلم المانع من السؤال، فإنه جهل وصاحبه جاهل، والحياء الذي يمنع الشخص من المطالبة بحقه المشروع، فإنه غفلة وصاحبه مغفل.
قال القرطبي رحمه الله: “من أفرط في الحياء حتى منعه من الحق، فقد ترك الحياء من الخالق واستحيى من الخلق، وروى البخاري عن عائشة قالت: «نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنهعن الحياء أن يتفقهن في الدين».


الأستاذ الدكتور إبراهيم درويش وكيل كلية الزراعة لشئون البيئة وخدمة المجتمع بجامعة المنوفية





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى