بكتريا باسلس سيرس والتسمم الغذائى
انتشرت في الأونة الأخيرة الكثير من المقولات والأخبار عن حالات تسمم غذائية من استهلاك بعض الأغذية والتي أصدرت وزارة الصحة تقريراً فيها أوضح أن السبب في التسمم كان من إحدى أنواع البكتيريا العصوية المعروفة بالباسيلس سيرس Bacillus cereus
ما هي بكتيريا باسلس سيرس؟
باسيلس سيريس هى بكتيريا متوطنة تَعيش في التربة، إيجابية الجرام عصوية الشكل ومُتحَرِكة. هذه سُلالة تُسبب المرض للإنسان والتي تَنتقل إليه عبر الأغذية الملوثة، فترة حضانة هذا الميكروب من 8-16 ساعة ومدة الأعراض من 6-24 ساعة وسموم الميكروب هى المسؤؤلة عن هذا التسمم.
من المعـــروف أن Bacillus cereus تسبب تسمماً غذائياً منذ بداية هذا القرن ، وقد ظهر في المجر في الفترة ما بين 1960 – 1968 نتيجة تناول وجبات من كفتة اللحم ، وفي الولايات المتحدة في عام 1969 نتيجة تناول مهروس البطاطا ، وفي المملكة المتحدة في عام 1971 نتيجة تناول أرز مطبوخ ، وفي 1975 نتيجة تناول قشدة مبسترة وكذلك تناول أنواع من الأسماك والتى قد تم طهيها بطرق مختلفة وأيضا مايسمى بالسوشى والذى تواجد مؤخرافى الأسواق كإحدى وجبات الأسماك السريعة.
أعراض الإصابة ببكتريا باسلس سيرس
تتميز هذه البكتريا بتكوين التوكسينات المقاومة للظروف البيئية القاسية و درجات الحرارة وغيرها ، كما وجدت أنها تسبب فساد الكثير من الأغذية مثل الحليب والقشدة والأسماك والأرز المطبوخ وغيرها من الأغذية.
وقد تم التعرف على نوعين من السموم ، يسبب كل منهما نوعين مختلفين من الأعراض ، يتم إطلاق النوع الأول من السم في الأمعاء الدقيقة بعد تناول الغذاء الملوث ببكتيريا باسلس سيرس، ويسبب الإسهال والتشنجات والغثيان ، وتبدأ هذه الأعراض عادة من 6 إلى 15 ساعة بعد تناول الأطعمة الملوثة، والتي يمكن أن تشمل مختلف أنواع الأسماك و اللحوم و الحليب و الزبادى والأيس كريم. ويتم إطلاق النوع الثاني من السم بواسطة البكتيريا في الطعام قبل استهلاكه كالأطعمة النشوية مثل الأرز، وهو أحد أكثر مصادر الطعام احتواءً على بكتيريا باسلس سيرس، ويسبب هذا السُم القىء والغثيان في غضون 30 دقيقة إلى 6 ساعات بعد تناول الغذاء الملوث. وقد اهتم البحث العلمى بمعرفة مدى تواجد هذا الميكروب وانتشاره فى الأغذية الطازجة وأيضا بعد طهيها ومنها الأسماك والألبان ومنتجاتها على سبيل المثال والوقوف على مدى تواجد الجينات الدالة على تواجد هذه التوكسينات الضارة بصحة الإنسان والمسببة لحالات التسمم وأيضا دراسة التتابع الجينى للعترات المعزولة من أغذية مختلفة ومعرفة نسب التشابه والإختلاف بينهما حيث يتم ذلك باستخدام الأجهزة الحديثة والتى تتميز بدقتها وسرعتها مثل جهاز(تفاعل انزيم البلمرة المتسلسل PCR)
كما أن هذه البكتيريا لها القدرة على التجرثم(تكوين الأبواغ) بســـــهولة في الغذاء ، لذلك فإنها تقاوم المعاملة الحرارية بكافة أنواعها(طهى- شى- قلى)، وتلك الجراثيم لها القدرة على النمو والتكاثرمرة أخرى عندما تكون الظروف المحيطة مواتية لذلك مسببة التسمم الغذائى ، يحدث تسمم القيء عقب تناول أغذية ملوثة بسم البكتريا ، يتكون أثناء تكـوين الجراثيم، فالجراثيم الموجودة في الأرزعلى سبيل المثال تبدأ فى النمو عندما تنخفض درجة الحرارة طهى الأرز خاصة عند درجة حرارة الغرفة ، نتيجة لذلك توجد أعداد كبيرة من الخلايا الخضرية في الغذاء ، حيث تتجرثم بعض هذه الخلايا مما يؤدي إلى تكوين السم ، خاصة إذا حفظ الأرز عدة ساعات عند درجة حرارة الغرفة الدافئة نسبياً ، بالرغم من أن الأرز قد يتم تحميره قبل الاستهلاك ، كما وجد أن السم يستطيع أن يقاوم درجة حرارة 121 درجة مئوية لمدة 90 دقيقة . ومن أمثلة الأغذية الناقلة لهذا السم الأرز ، القشدة المبستــرة ، البودنـج ، مهروس البطاطا والخضراوات .
على الجانب الآخروجد أن التسمم المسبب للإسهال يحدث نتيجة إفراز السم بالقناة الهضمية بعد تناول الغذاء الملوث ، فقد وجد أن تأثير هذا السم مماثل لتأثير سم الكوليرا ، حيث يسبب إفراز السوائل في تجويف الأمعاء لتنشيط إنزيمات معينة ، مما يؤدي لحدوث الإسهال ، وهذا السم غير مقاوم للحرارة ، وينخفض نشاطه بدرجة كبيرة عند درجات حرارة أعلى من 45 درجة مئوية . والأغذية الناقلة لهذا السم هي اللحم المفروم والمطهي ، الخضراوات ، المرق ، السجق ، الحليب ، البودنج ، ووجبات الحبوب الحاوية ذرة أو نشا ذرة .
المدى الحرارى للميكروب
بكتريـــا Bacillus cereus تمتلك خاصيـة حرارية مميزة وذلك للمدى الحراري الذي تنمو فيه لذلك نجد لها نوعين ، نوع مقاوم للبرودة ، ونوع محب للحرارة المعتدلة . في هولندا تم دراسة تلوث الحليب ببكتريـــــا Bacillus cereus ، وكـانت حـوالي 40 % من السلالات المعزولة أظهرت مقدرة على النمو على درجة حرارة 7 درجة مئوية . وجود الجراثيم المحبة للبرودة في الحليب الخام سيؤدي إلى وجودها في الحليب المبستر وذلك نظراً لأن الجراثيم تمتلك خاصية المقاومة للحرارة ، وبما أن الحليب سيُخزن عند درجات حرارة منخفضة فإن هذه البكتريا المقاومة للبرودة سوف تنمو . كما وجــد أن لبكتريـــا Bacillus cereus عــلاقة ببعض الخصائص الحسية الغير مرغوب فيها فى الحليب ، مثل النكهة غير المرغوبة ، التخثر الحلو والقشدة المرة المتكونتين بفعل الإنزيمات المحللة للبروتين . إن الجمع بين خاصيتي المقاومة للحرارة وتفضيل البيئة الباردة يمثل سبباً مهماً لبكتريـــا Bacillus cereus ليجعلهــا من أهم الأسباب المسببة لفساد المنتجات اللبنية
أمثلة لبعض حالات الإصابة
فقد اكتشف الباحثون فى بريطانيا أربعة حالات تسمم غذائى لهذا الميكروب نتيجة استهلاك حليب الشوكزلا الساخن من خلال احدى آلات بيع تلك الشوكولا وعلى وجه العموم فالبكتيريا قد تظهر في الأغذية المطهية والتي تُركت لفترات طويلة من الوقت عند درجات حرارة الغرفة وحتى تقديمها . تسخين الأغذية يحفز نموالبكتريا عموماً الموجودة في الغذاء ؛ مسببة الإصابة بالتسمم الغذائى .
التسمم الغذائي ببكتريا Bacillus cereus غالباً كان مرتبطاً بالأغذية التى يعاد تسخيتها مرة اخرى مرة ثانية .
كيفية تجنب الإصابة بهذاالميكروب
– مما سبق نرى أنه من الضروري الاهتمام بحفظ الأغذية وخاصة المطهية في درجات حرارية منخفضة ، وعدم تركها عند درجة حرارة الغرفة الدافئة نسبياً ، وليس معناه أننا طبخنا الغذاء وعرضناه لحرارة الطبخ العالية أننا سلمنا من مخاطر التسمم ، بالعكس فالسموم الميكروبية غالباً ما تمتلك خاصية مقاومة الحرارة العالية .
– في حال عدم تناول الطعام خلال ساعتين: اذا كان ساخناً يجب حفظه في درجة حرارة عالية، وفي حال كان الطعام بارداً فيجب تخزينه في درجات حرارة باردة.
– تحفظ الاغذية المطهية في أوعية واسعة، ضحلة وتبرد في الثلاجة في أسرع وقت ممكن.
مضاعفات الإصابة ببكتيريا باسلس سيرس
قد تحدث في حال عدم استخدام علاج ضد الإصابة ببكتيريا باسلس سيرس، وأحد أهم هذه المضاعفات هو حدوث الجفاف، وذلك لإنه من الممكن أن يسبب التسمم الغذائي إلى خسارة كميات كبيرة من سؤال الجسم وتغيرات في مستويات بعض المعادن، وبعض هذه المضاعفات قد تحدث في الأشخاص المصابين ببعض الأمراض التي تحتاج أخذ جرعات من الدواء بشكل متكرر، فالقئ المتكرر المصاحب للإصابة ببكتيريا باسلس سيرس سيعوق من أخد هذه الأدوية بالشكل الصحيح وبالتالي تدهوُر حالتهم الصحية.
كيفية الوقاية من الإصابة ببكتيريا باسلس سيرس:
– غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون قبل وبعد تناول الغذاء أو تحضيره، وكذلك غسل الأواني، أسطح الطعام، ألواح التقطيع والأسطح الأخرى التي تستخدم بالماء الساخن والصابون.
– الحفاظ على الأغذية الطازجة منفصلة عن الأغذية الجاهزة للأكل، وذلك عند التسوق أو تحضير الطعام أو تخزينه ، وحفظ اللحوم الطازجة والدواجن والأسماك بعيداً عن الأغذية الأخرى.
– طهي الأغذية على درجة حرارة آمنة، وذلك لأن الحرارة تعمل على قتل البكتيريا والميكروبات الضارة الموجودة في معظم الأغذية.
– تبريد الأغذية القابلة للتلف أو تجميدها على الفور خلال ساعتين من شرائها أو تحضيرها.
مما سبق يتضح أن لهذا الميكروب تأثير ضار على صحة المستهلك والصحة العامة لما يفرزه من سموم تؤدى الى الإصابة بحالات التسمم الغذائى والتى تختلف أعراضها حسب نوعية السم المفرز ….. لذا فمن الضرورى اتباع اجراءات السلامة الصحية والممارسات التضيقية الجيدة خلال جميع المراحل التى تمر بها المنتجات الغذائية أو مايطلق عليه”السلسلة الغذائية” للحصول على منتجات آمنة لاتسبب مشاكل لصحة المستهلك.
د/ أمل محمود محمد رجب – باحث أول بكتريولوجى
– مركز البحوث الزراعية – معهد بحوث الصحة الحيوانية – معمل فرعى طنطا – مصر