أخبارمقالات

الدكتورة جيهان إبراهيم تكتب : الأسماك مؤشر حيوي لتلوث المياه بالمعادن الثقيلة

أهمية الأسماك : تعتبر الأسماك ثروة إقتصادية ومصدر غذائي واسع الإنتـشار فـي مختلـف أنحـاء العـالم رخيصة الثمن ذات قيمة غذائية عالية يحتاجهـا جسم الإنسان فهي سهلة الهضم وتحتوي على سعرات حرارية وأحماض دهنيـة مشبعة منخفضة على عكس اللحوم الحمراء.

إستخدام الأسماك كمؤشر حيوي لتلوث المياه : تستخدم الأسماك البحريــة وأســماك الميــاه العذبــة كمؤشــراً حيويــاً لمعرفـة مـدى تلـوث البيئـة المائيـة بالعناصر الثقيلة التـي تعيش فيها، وذلك بـسبب إنتقـال العناصـر الثقيلـة عبر سلسلة الغذاء، حيث تدخل العناصر الثقيلة إلى السلاسل الغذائية المائية وخاصة الأسماك إما بصورة مباشرة عن طريـق الغذاء أو غير مباشرة عن طريق الخياشيم وينتقل التأثير السام للمعادن الثقيلة من كائن إلى آخر عن طريق التغذية عبر السلسلة الغذائية ومن ثم تصل هذه العناصر إلى الإنسان المستهلك الذي يقع في قمة الهرم الغذائي, كما أن للأسماك قابلية على تركيز الملوثات بدرجة أعلى من المياه والرواسب بسبب تغذية الأسماك على الكائنات الصغيرة والمواد العضوية الموجودة فـي البيئـة المائيـة.
تعريف المعادن الثقيلة : هى عناصر تمتلك خواص فيزيائية مثل الفلزات الإنتقالية، وبعض أشباه الفلزات، واللانثانيدات، الأكتينيدات, كثافتها أكثر من 5 جرام / سم3, كما يطلق عليها المعادن السامة.
تلوث المياه بالمعادن الثقيلة : توجد المعادن الثقيلة بصورة طبيعية في النظام البيئي، ويرجع ازدياد نسبها مؤخراً إلى المصادر الصناعية والنفايات الصناعية السائلة وانتقال أيونات المعادن من التربة إلى البحيرات والأنهار والأمطار الحمضية، والتلوث الحادث من النفايات الصادرة من الوقود.
تراكم المعادن الثقيلة داخل أنسجة الأسماك :
1- أدى تلوث البيئة إلى تلوث الأسماك بالمواد الضارة بالصحة (مثل المبيدات ومياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي) حيث أن مدى تلوث الأسماك في مكان ما يعطي دلالة قاطعة على مدى تلوث البيئة.
2- يعتبر التلوث بالعناصر الثقيلة مثل الحديد, الخارصين, النحاس, الرصاص, والكادميوم أخطر أنواع التلوث نتيجة تراكمها داخل أعضاء الأسماك حيث تمتص هذه العناصر وتجّمُعها داخل أنسجتها.
3- ترجع خطورة المعادن الثقيلة إلى عدم قابليتها للتحلل وتسبب أضرار حادة ومزمنة لمختلف الأحياء المائية ويعتبر اسوداد الغشاء البريتوني في الأسماك أحد الدلائل القوية على تلوث هذه الأسماك بالمعادن الثقيلة وكلما كانت الأسماك كبيرة كانت لحومها أكثر خطورة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة وبالتالي يزداد تراكم السموم بها.
4- تعتبر الخياشيم أكثر أعضاء الأسماك تأثراً بملوثات البيئة المائية بسبب تلامسها المباشر مع البيئة الخارجية فهى من المناطق النافذة للجسم وتشكل مواقع للتنفس وتنظيم الضغط الإسموزى, كما تعكس تراكم العناصر الثقيلة في أعضاء وعضلات الأسماك مقدار التلوث الحاصل في البيئة المائيـة وبالتالي يجب معرفة أسبابه ومصادره ومـن ثـم مراقبتـه ومنعه.
5- وربما يعود سبب التركيزات المتفاوتة للعناصر الثقيلة إلى العديد من العوامل منها عمليات الأيض في الأسماك ودرجـة تلـوث الماء والرواسب والغذاء المتوفر لهـا فـضلاً عـن عوامـل أخـرى منهـا الملوحـة ودرجـة الحـرارة.
المعادن الثقيلة وأثرها على صحة الإنسان:
1- تحتاج الكائنات الحية إلى كميات مختلفة من المعادن الثقيلة مثل الحديد والكوبالت والنحاس والمنجنيز والموليبدنيوم، والزنك والسيلنيوم، حيث يكون استهلاك هذه المعادن ضرورياً وهاماً للمحافظة على عملية التمثيل الغذائي (الآيض) بجسم الكائن الحي.
2- تنقسم العناصر الثقيلة إلى عناصر أساسية و عناصر غير أساسية, فالعناصر الأساسية مثل الزنك والمنجنيز تعتبر عوامل مساعدة لعمل الأنزيمات فهى ضرورية لأيض الخلية بتراكيز منخفضة , بينما تكون العناصر الثقيلة غير الأساسية سامة للخلية ومكوناتها، وبإمكانها تدمير مكونات الخلية عند تركيزات منخفضة، ومن هذه العناصر الكادميوم والرصاص.
3- تنتج خطورة المعادن الثقيلة من قدرتها على التراكم في أجسام الكائنات البحرية مثل: الأسماك والقشريات، كما أن استهلاك كميات كبيرة منها تحتوي على تركيزات عالية من المعادن الثقيلة يؤدي إلى تسمم الإنسان وهو المستهلك النهائي لتلك الكائنات وهو ما يعرف (بتسمم المعادن الثقيلة), حيث تتراكم داخل الجسم بشكل أسرع من انحلالها من خلال عملية التمثيل الغذائي (الأيض) أو إخراجها.
ومـن أخطر المعـادن الثقيلـة التـي تلـوث المـاء وتتركـز بعـد ذلـك فـي الأسـماك: هـو الكادميوم والرصاص والزئبق.
1- الكادميوم :مـن المعـادن الثقيلـة شـديدة السـمية، يحدث التسمم بالكادميوم نتيجة تناول أغذية أو مشروبات ملوثة بتركيزات كبيرة من المعدن مثل 16 مليجرام/لتر أو /كجم وتظهـر أعـراض التسـمم بـه بعـد عدة سنوات وبعد تراكم كميات كبيرة فى الجسم. ومن أهم أعراض التسمم الغثيان, القيء, آلام بالبطن وله تأثيرات سامة على الجهاز الهيكلى بسبب تأثيره على أيض الفسفور والكالسيوم و انخفاض في امتصاص الكالسيوم.
للكادميوم أثر مباشر في الإصابة بإرتفاع ضغط الدم بسبب تأثير الكادميوم على انقباض الأوعية الدموية وأيضا للكادميوم تأثيرات مسرطنة (سرطان الرئة والبروستاتا), كما إنه يُسبب اضطراب في وظائف الكليتين، وقد يؤدي إلى فشل كلوي في الحالات المتقدمة وتحــــدد منظمــــة الصــــحة العالميــــة الحــــد الأعلــــى المســــموح تناولــــه مــــن الكــــادميوم٤٥٠ ميكرو جرام/للفرد , ويجب ألا تتعدى نسبة الكادميوم فى الأسماك ومنتجاتها عن ١٠٠ جزء فى البليون. .
2- الرصاص :إرتفاع تركيز الرصاص في البيئة المائية وبالتالي الأحياء المائية ولاسيما الأسماك يـأتي من الأنشطة الصناعية والبشرية، ومن أهم مصادر التلوث بالرصاص هى مـصانع البطاريـات والأنابيـب المستخدمة في نقل مياه الشرب وإلقاء بعض المخلفات الصناعية. والتأثيرات السامة التي يُحدثها الرصاص بجسم الإنسان تشمل العديد من الأجهزة مثل الجهاز العصبي والإخراجي الكلوي والجهاز الدوري (الدم) ويمتد التأثير ليشمل الأنشطة الكيميائية الحيوية بالكائنات الحية المتأثرة بالرصاص..
من أهم أعراض التسمم بالرصاص: الأنيميا, الهزال, فقدان الشهية وتلون اللثة باللون الأزرق عندما تصل نسبة الرصاص فى الدم إلـى ٦٠٠ – ٨٠٠ جـزء فـى المليون بينما في الحالات المتقدمة يؤدى إلى الفشل الكلوى, وقـد تصـل نسـبه التلـوث فـى الأسـماك إلـى ٢٠٠٠ جـزء فـى المليـون. وتقتـرح منظمـة الصحة العالمية الحد الأقصى المسموح به أن يكـون ٥٠٠ جـزء فـى البليـون فـى الأسـماك غيـر المعلبـة. بينمـا فـى الأسـماك المعلبـة فـى علـب صـفيح فقـد تصـل النسـبة إلـى ١٠٠٠ جـزء فـى البليون، وهذه الزيادة تنتقل من العلبة إلى أنسجة الأسماك.
3- الزئبق :هو أكثر المعادن الثقيلة سُمية، وهـو مـن السـموم المـؤثرة علـى المـخ والحبل الشوكى, حيث يتم تناول تلك المركبات الزئبقية من خلال الأسماك وبالتالي يدخل إلى السلسلة الغذائية ومن ثم يصل إلى الإنسان ومن أهم أعراض التسمم والتي تظهر بعد تراكم كميات كبيرة من الزئبق فى الجسم والمخ : الإضطراب العصبى, فقدان الذاكرة, وقد تصل خطورة الزئبق إلى اختراق الأنسجة الواقية للجنين فى بطن الأم والوصول إلى الجنين وإحداث تلف فى المخ..


د. جيهان إبراهيم السيد على – باحث أول بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – فرع كفر الشيخ – قسم الكيمياء الحيوية والسموم و أمراض النقص الغذائى – مركز البحوث الزراعية – مصر





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى