أخبارخدماترئيسيزراعة عربية وعالميةمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور شعبان العفيفى يكتب: التلوث البيئي بالعناصر الثقيلة . . الأضرار وبعض طرق العلاج

تعتبر الأثار الصحيه الضاره والمتنوعه نتيجه التعرض للتسمم بالعناصر الثقيله موضوع هام وخطير وذو طبيعه عالميه وبدايه فإن مصطلح التلوث البيئي يعني حدوث تغييربيئي غير مرغوب فيه سواء بسبب دفع مواد سامه لهذه البيئه أوإنتاج ظروف ضاره بهذه البيئه. تتسرب العديد من السموم الكيميائيه مثل العناصر الثقيله الي الغلاف الجوي من خلال العديد من العمليات الطبيعيه و الأنشطه الإنسانيه مثل عوامل التعريه البيئيه للقشره الأرضيه ، نحر التربه ، والتنقيب عن المعادن والنشاط التعدينى والمخلفات الصناعيه والأمطار الصناعيه والمخلفات الصحيه ( الصرف الصحي ) و إحتراق المواد البتروليه و إستخدام مبيدات الحشرات و الحشائش الضاره وحرق الغابات الجائر والتخلص الغير صحي من المخلفات الصلبه  فيما يعرف بتجمعات النفايات الصلبه المفتوحه في دول العالم الثالث نتيجه سوء الظروف الإقتصاديه وضعف السيطره الحكوميه والسلوك الغير منضبط لهذه الشعوب نتيجه نقص الوعي الصحي الناتج عن إرتفاع معدلات الأميه في هذه البلاد.

يرجع التلوث بالعناصر الثقيله في مصر إلي عمليه النمو الصناعي السريع والتوسع في إستخدام الأسمده الزراعيه والنشاط الإنساني ونقص عمليات التدوير والتخلص من المخلفات الصلبه بشكل صحي وآمن للبيئه.

تأخذ عمليه التلوث بالعناصر الثقيله نمط بيئي دائري من الصناعه إلي الغلاف الجوي إلي التربه  ثم الماء ثم الغذاء ثم الحيوان والانسان.

يطبق مصطلح العناصر الثقيله علي مجموعه من العناصر الإنتقاليه وأشباه المعادن و الانثانيدات والأكتنيدات التي تزيد عن خمسين عنصرتزيد كثافتها عن كثافه الماء بخمسة أضعاف. من هذه العناصر حوالي 17 عنصر تعتبر شديده السميه وسهله التدوال ويتقدم هذه المجموعه عناصر الزرنيخ والرصاص والكادميوم والزئبق التي تعتبر شديده السميه لكل من الانسان والحيوان  عند تواجدها بكميات ضئيله جدا تقدر ببضع أجزاء في المليون في البيئه ولذلك سوف نقوم بإلقاء الضوء علي التلوث بهذه العناصر.

تتميز العناصر الثقيله بطبيعتها التراكميه لبطئ تحللها الحيوي وصعوبه التخلص منها سواء في داخل أو خارج أجسام الكائنات الحيه و يؤدي التعرض المزمن لفترات طويله وبكميات ضئيله خلال مختلف طرق التعرض لها(الهواء والماء و الغذاء ) الي التراكم داخل الأنسجه الحيويه والعظام وشعر و دم الحيوانات المصابه مما يؤدي الي فقدان الشهيه  ونقص الوزن والهزال والأنميا وخلل في شكل الفرو والشعر وإنخفاض المناعه  و إضطراب الهرمونات و خلل في وظائف أعضاء الجسم الحيويه المختلفه  مما يؤثر علي الإنتاج الحيواني والمردود الإقتصادي لهذه الحيوانات.

فضلا عن التأثير الضار الناتج عن تناول لحوم هذه الحيوانات ومنتجاتها علي صحه الانسان نتيجه إحتوائها علي كميه من هذه العناصر كافيه لإحداث التسمم بها والتسبب في المشاكل الصحيه المختلفه.

أولا الزرنيـخ:

يحتل الزرنيخ المرتبه الأولي في قائمه المواد الأكثر ضرر للبيئه طبقا لوكاله تسجيل المواد السامه والأمراض (ATSDR)(1) لعام 2017 كما يصنف الزرنيخ الغير عضوي كمسبب سرطاني للمثانه في الإنسان من الفئه الأولي  (Group1) طبقا لتقرير الوكاله الدوليه لأبحاث السرطان(2) (IARC) لعام 2003.

يعتبر الزرنيخ من العناصر واسعه الإنتشار في القشره الأرضيه حيث يحتل المرتبه العشرين من حيث الوفره ويصنف الزرنيخ كميائيا علي انه شبه فلز (يحمل خصائص الفلزات واللافلزات) ولكنه غالبا ما يعرف بأنه فلز ويتواجد الزرنيخ في البيئه في صوره عضويه عند إتحاده مع الكربون و الهيدروجين أو صوره غير عضويه عند إتحاده مع الأكسجين و الكلور و الكبريت وتتميز مركبات الزرنيخ بأنها عديمه اللون والطعم و الرائحه ولذلك لا يمكن التعرف عليها عند وجودها في الماء و الهواء و الغذاء و يعتبر الغذاء المصدر الأساسي للتسمم بالزرنيخ عن طريق الفم .

لا يتحلل الزرنيخ في البيئه ولكن يتحول من صوره إلي أخري و يمثل النشاط الإنساني %  63 من مصار التلوث البيئي للزرنيخ وتشمل هذه المصادرعمليات التعدين والصهر و إحتراق الفحم في محطات توليد الطاقه و بعض المحارق(Incinerators) و المبيدات الحشريه لآفات القطن و حدائق الفاكهه و مسابك الرصاص و نشاره الخشب الناتجه من الأخشاب المعالجه بمركبات الزرنيخ (Copper Chromated Arsenate; CCA ) كمواد حافظه ضد العطب و التحلل(Rotting & Decay) و كذلك سبائك الزرنيخ والرصاص الموجوده فى البطاريات المستخدمه بوسائل النقل كما تسخدم مركبات الزرنيخ (Roxarsone; 3-nitro-4-hydroxyphenylarsonic acid)  فى علاج علائق الدواجن ضد السموم الفطريه ولذلك تعبر السبله الناتجه من مزارع الدواجن والتي تستخدم كسماد عضوي أحد مصادر التلوث البيئى بالزرنيخ فضلا عن المخلفات الصحيه والصناعيه السائله والصلبه وعمليه حليج القطن (cotton ginning).

تنتج عمليه التسمم بالزرنيخ من خلال التعرض للزرنيخ الغير عضوي أو العضوي أو كل منهما حيث تعتبر مركبات الزرنيخ الغير عضويه ثلاثيه التكافؤ أشد أنواع مركبات الزرنيخ من حيث السميه وتتم عمليه التسمم عن طريق الغذاء أو الماء أو الهواء و يعتبر ماء الشرب الملوث بالزرنيخ الغيرعضوى واحد من أهم أسباب التسمم به في أكثر من 70 دوله علي مستوي العالم علي رأسها المكسيك والولايات المتحده الأمريكيه و الأرجنتين وشيلي وفيتنام و بنجلاديش و الهند والصين و غيرهم طبقا لتقرير منظمه الصحه العالميه (3)(WHO) لعام 2010 كما تعتبر الأسماك والأغذيه البحريه أهم المصادر الغذائيه للتسمم بالزرنيخ العضوى .

يعرف الزرنيخ الغير عضوي بسميته للإنسان منذ أقدم العصور وتأخذ عمليه التسمم بالزرنيخ الغير عضوى  الصوره الحاده عند تناوله بجرعه تصل إلي 60 جزء في المليون(Single oral dose of 2 mg As/kg)
والتي قد تؤدي إلي الوفاه بينما يؤدى تناوله بجرعه 0.3 الى 30 جزء في المليون فى ماء الشرب إلى هيجان المعده و الأمعاء مع أعراض المغص والغثيان والقيئ و الإسهال الذي يشبه ماء الأرز وأعراض دمويه تتمثل في نقص كريات الدم البيضاء  و الحمراء مما يؤدي الي الإجهاد وعدم إنتظام ضربات القلب وتلف الأوعيه الدمويه وحدوث الأنزفه الجلديه (Bruising) كما يعيق وطائف الأعصاب مسببا الإحساس بوجود الإبر والدبابيس (Pins & needles sensation ) في اليدين والقدمين . كما ينتج عن التعرض للزرنيخ العضوى لفتره طويله بجرعه 0.001 mg) As/kg/day) )   تأثير مميز على الجلد فى شكل بقع صغيره سوداء اللون على بطن اليد والقدم فى شكل حسنات (Corns or Warts)  وكذلك ظهورأشرطه  عرضيه بيضاء على الأظافر تعرف بخطوط ميس (Mees lines) كما يؤدى التسمم المزمن بالرزنيخ الى سرطان الجلد والرئه والكبد والمثانه والكلى.

تشمل أعراض التسمم بالزرنيخ  فى الدواجن سواء عن طريق الماء أو الغذاء فقدان الشهيه ونقص الوزن والتخبط أثناء المشي وبعض الأعراض الدمويه والمشاكل العصبيه.

تنتج الأضرار الصحيه للتسمم بالزرنيخ عن قدرته علي زياده إنتاج أصناف الأكسجين الفعاله (4)(ROS) وخاصه أصناف السوبر أكسيد والهيدروكسيل و إستنفاذ مخزون الجسم من الجلوتاثيون المختزل (5)(GSH) و بالتالي حدوث الإجهاد المؤكسد (Oxidative stress) وزياده معدل الأكسده الدهنيه (Lipid peroxidation) و كذلك استنفاذ حمض الليبويك (α-Lipoic acid) مما يؤدي إلي خلل في دوره كربس (Krebs cycle) المسئوله عن أكسده الكربوهيدرات و إنتاج الطاقه. كما يتميز الزرنيخ الخماسي بقدرته علي الإحلال محل مجموعه الفوسفات في جزيئات الأدينوسين ثلاثيه الفوسفات عاليه الطاقه (Adenosine triphosphate; ATP) مما يؤدي إالي استنفاذ طاقه الخلايا ومن ثم موتها.

ثانيـا الرصاص:

يعتبر الرصاص ملوث واسع الإنتشار في النظام البيئي حيث يحتل المرتبه الثانيه في قائمه المواد الأكثر ضرر للبيئه طبقا لوكاله تسجيل المواد السامه والأمراض(ATSDR)(1)  لعام 2017 كما يصنف الرصاص كمسبب سرطاني من الفئه الثانيه (B2) طبقا لتقرير الوكاله الدوليه لأبحاث السرطان(2) (IARC) لعام 2016 كما أوضح تقرير منظمه الصحه العالميه لعام 2009 بأن التسمم بالرصاص يمثل  % 0.6 من العبئ العالمي للمرض وأعلنت عن عدم وجود اي حد آمن لهذا العنصر.

يمثل النشاط الإنساني %84 من مصار التلوث البيئي للرصاص وتشمل هذه المصادر إنبعاثات الرصاص الناتج عن إضافه الرصاص القلوي إلى وقود المركبات إلى الغلاف الجوي وكذلك مسابك الرصاص والنحاس ومصانع إنتاج الحديد والصلب وبطاريات الرصاص لتخزين الطاقه بالإضافه إلي بعض المستحضرات العلاجيه ودهانات المنازل ولذلك تشمل مصادر التعرض للتسمم بالرصاص الهواء والغذاء وماء الشرب.

يعتبر التسمم بالرصاص أكثر انواع التسمم شيوعا في حيوانات المزرعه بسبب سلوك الفضول الطبيعي وعادات اللحس ونقص عمليه التمييز الفمي وتشمل أعراض التسمم بالرصاص في الماشيه عتامه لون الشعر وتتضخم اطراف الأصابع وفقر الدم والتخبط أثناء المشي وهبوط حاد وشلل عصب تحت اللسان وتقلص العضلات وإرتجاف ثم إغماء وفشل رئوي والوفاه.

يؤدي التعرض للتسمم بالرصاص إلى حدوث أعراض عصبيه وأمراض فقر الدم و خلل في وظائف الكلي والكبد بالإضافه لأعراض تناسليه في الإنسان.

تنتج الأضرار الصحيه للرصاص عن قدرته علي زياده إنتاج أصناف الأكسجين الفعاله (4)(ROS)  مما يؤدي الي خلل توازن بين إنتاج الشوارد الحره والتخلص منها وبالتالي حدوث عمليه الإجهاد المؤكسد. يتحد الرصاص مع مجموعه الثايول (SH Group) الموجوده في جزئ الجلوتاثيون المختزل (5)(GSH) كما يثبط أنشطه إنزيمات مجموعه الجلوتاثيون (البيرواكسديز والريداكتيز و الترانسفيريز) وإنزيم الألفا أمينو ليفولينك ديهيدراتيزحيث تشارك هذه الانزيمات جميعا في التخلص من الشوارد الحره. كما يثبط الرصاص نشاط إنزيم الفروكيلاتيز المسئول عن تحميل ذرات الحديد علي جزيئات الهيموجلوبين مما يؤدي إالي نقص الهيموجلوبين وفقرالدم.

كما يتميز الرصاص بقدرته علي الإحلال محل بعض العناصر ثنائيه التكافؤ مثل الحديد والكالسيوم والماغنسيوم وكذلك بعض العناصر أحاديه التكافؤ مثل الصوديوم والبوتاسيوم مما يؤدي الي خلل في الكثير من الوظائف الحيويه داخل جسم الكائن الحي .

ثالثـا الزئبـق:

يعتبر الزئبق عنصر شديد السميه وتتخطى أضراره عملية التراكم البيولوجى ويسبب تواجده آثار ضاره على الكائتات الحيه والبيئه وخاصة البيئه البحريه فضلا عن عدم وجود أى وظيفه فسيولوجيه له. يتواجد الزئبق فى الطبيعه على ثلاث صور المعدنى والأملاح الغير عضويه والمركبات العضويه وتتواجد هذه الأنواع بوفره فى مصادر المياه مثل البحيرات والأنهار والمحيطات حيث تقوم الكائنات البحريه بتحويلها إلى الزئبق الميثيلى (Methyl Mercury) وفي النهايه تتضاعف كمياتها وينتج عنها خلل كبير فى الحياه المائيه.  يمثل االنشاط الإنسانى  % 95 من مصادر التلوث البيئى بالزئبق وتشمل مياه الصرف الصحى والزراعى والصناعى وعمليات التعدين والإحتراق. كما يستخدم الزئبق المعدنى فى صناعة الكثير من أجهزة القياس مثل الترموميتر والباروميتر والبيروميتر والهيدروميتر ولمبات الزئبق والفلوريسنت وصناعة الورق والكرتون وفى عمليات حشو الأسنان. يمثل تناول الكائنات البحريه الملوثه بالزئبق المصدر الرئيسى للتسمم بالزئبق الميثيلى فى الإنسان. تنتج الصور الثلاث للزئبق آثار ضاره فى عدد من الأعضاء الحيويه  وخاصه المخ والكلى والرئتين حيث تتراكم أملاح الزئبق الغير عضويه فى الكلى (Nephrotoxic) بينما يتركز  الزئبق الميثيلى فى مؤخرة القشره المخيه (Neurotoxic).

يعتبر الزئبق ملوث واسع الإنتشار في النظام البيئي حيث يحتل المرتبه الرابعه في قائمه المواد الأكثر ضرر للبيئه طبقا لوكاله تسجيل المواد السامه والأمراض(ATSDR)(1)   لعام 2017 كما يصنف الزئبق الميثيلى كمسبب سرطاني من الفئه الثانيه (Group2B ) طبقا لتقرير الوكاله الدوليه لأبحاث السرطان (2)(IARC) لعام 2017

تتوقف عملية التسمم بالزئبق على تركيزه وليس على طول فترة التعرض. تشمل الأعراض العصبيه للتسمم بالزئبق العضوى الإكتئاب ومشاكل الذاكره وخلل في الرؤيه والسمع والهيجان (Irritability) والإرتعاش والإجهاد والصداع. بينما يؤدى التعرض لبخار الزئبق المعدنى بجرعه كبيره ولفتره قصيره إلى تدمير الرئه (إلتهاب القصبه الهوائيه والنزلات الشعبيه) والقئ والإسهال والغثيان و الطفح الجلدى وزيادة ضربات القلب وإرتفاع الضغط وصعوبة التنفس ثم فشل رئوى و كلوى وتظهر هذه الأعراض خلال ساعات من التعرض.  تشمل أعرض التسمم المزمن بالزئبق هيجان المعده والأمعاء والمغص والإمساك وفقدان الشهيه وجفاف الحلق والصداع وألم العضلات وتظهر هذه الأعراض خلال عدة أسابيع إلى شهور من التعرض. كما تشمل أعراض التسمم المزمن بالزئبق إرتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة ضربات القلب  وإفراز العرق والهرش والضعف العام و ضعف العضلات والنعاس (Insomnia) وفقدان الشهيه  والطفح الجلدى على بطن اليد و القدم وبعض أعراض الفم التى تشمل  إحمرار و تضخم اللثه و قرح الأغشيه المخاطيه للفم مع إحتمال فقدان الأسنان.

ترجع الآثار العصبيه الضاره للزئبق الميثيلى الى قدرته على تدمير الميتوكوندريا وزيادة معدل عملية الأكسده الدهنيه وتراكم جزيئات السيروتينبن و الأسبرتات و الجلوتامات السامه للأعصاب كما يعوق وظائف الكلى والعضلات ويؤدى إلى إضطراب عملية التوازن الطبيعى للكالسيوم الخلوى (Intracellular Calcium Homeostasis). كما يتنافس الزئبق مع بعض العناصر الضروريه مثل الزنك والنحاس والسيلينبوم مما يؤثر على أنشطة الإنزيمات المضاده للأكسده. بالإضافه إلى قدرة الزئبق على الإتحاد مع مجموعة الثايول(SH) الموجوده فى جزيئات الجلوتاثيون المختزل  (5)(GSH)   والسيستايين (Cysteine) والميثايونين (Methionine). كما يعوق عملية النسخ والترجمه(Transcription & Translation) إثناء تكوين البروتين داخل الشبكه الإندوبلازميه الخشنه (Rough Endoplasmic Reticulum).

يثبط الزئبق إنزبم الكاتيكول أمين ميثيل ترانسفيريز(Catecholamine methyl transferase) وذلك بإخماد عامله المساعد المتمثل فى جزئ الأدينوزيل ميثايونين (S-adenosyle methionine) مما يؤدي إلى إرتفاع مستوى الكاتيكول أمينز(Catecholamines) داخل الحسم وبالتالى إرتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة ضربات القلب  وإفراز العرق.

 رابعـا الكادميوم:

الكادميوم من العناصر شديده السميه للإنسان والحيوان فضلا عن عدم وجود أي فائده حيويه أو فسيولوجيه له ويحتل الترتيب السابع في قائمه العناصر الثقيله السامه طبقا لوكاله تسجيل المواد السامه والأمراض (1) (ATSDR) لعام  2017 كما يصنف الكادميوم كمسبب سرطاني من الفئه الأولي (Group1A) لكل من الإنسان والحيوان طبقا لتقرير الوكاله الدوليه لأبحاث السرطان (2)(IARC) لعام 1993 ويؤدي التسمم بالكادميوم إلى إحداث خلل فى وظائف الرئتين والكلي والكبد والعظام فضلا عن الجهاز التناسلي والقلب والأوعيه الدمويه وتشمل مصادر التلوث بالكادميوم بويات الطلاء وخاصه الأحمر والأخضر ومنتجات البي في سي PVC)) ومواد الجلفنه وبطاريات الكادميوم والنيكل و عوادم المواصلات و أسمده الفوسفات و المبيدات الحشريه و صناعات البلاستيك والزجاج حيث تؤدي الي تلوث التربه والمرعي ومن ثم تسمم الحيوانات عن طريق الأكل أو الإستنشاق.

تشمل أعراض التسمم بالكادميوم في الماشيه الهزال ، خشونه الشعر، جفاف وتسلخ الجلد ، سقوط شعر الأرجل والأرداف والصدر من ناحيه البطن ، إستسقاء وضمور وتسلخ كيس الصفن ،  تضخم وتقيح المفاصل ، ضمور عضلات الارجل الخلفيه.

ويرجع السبب الأساسي للأضرار الصحيه للكادميوم إلي قدرته علي زياده إنتاج أصناف الأكسجين الفعاله    (4)((ROS داخل الجسم وإحداث الإجهاد المؤكسد من خلال زياده معدلات الأكسده الدهنيه وتثبيط أنشطه إنزيمات خط الدفاع الاول من مضادات الأكسده التي تشمل إنزيمات السوبر أوكسيد ديسميوتيز والجلوتاثيون بيروكسيديز و الكتالايز فضلا عن قدرته علي تكوين بروتين الميتالوثيونين الذي يتراكم في أنسجه الكلي ويؤدي الي الفشل الكلوي حيث تتراوح فتره نصف العمر البيلوجيه للكادميوم في الكلي من 6 الي 38 عام و في الكبد من 4 الي 19 عام طبقا لتقرير وكاله تسجيل المواد السامه والأمراض(ATSDR)(1)  لعام 2011   كما يثبط الكادميوم  إمتصاص الحديد وبعض العناصر ثنائيه التكافؤ مثل الزنك و الكالسيوم و الماغنسيوم مما يؤدي الي نقص هذه العناصر الهامه وهدم الهيكل العظمي وبالتالي تفاقم عمليه التسمم بالكادميوم  .

كما يتميز الكادميوم بشراهته الشديده لمجموعه الثايول (SH Group) الموجوده في جزئ الجلوتاثيون المختزل  (5)(GSH) مما يؤدي الي إستنزاف هذا الجزئ الهام والضروري للتعامل مع الشوارد الحره ويؤدي هذا النقص الي حدوث الإجهاد المؤكسد. وكذلك يحث الكادميوم علي زياده إنتاج أصناف الأكسجين الفعاله داخل الميتوكوندريا اثناء عمليه إنتاج الطاقه.

في ضوء الحقائق التي تم ذكرها عن التلوث البيئي بالعناصر الثقيله فإنه من الضروري رصد مستويات هذه العناصر السامه في البيئه والحيوان والأغذيه ذات الاصل الحيواني وتقييم مستويات التعرض للتسمم بهذه العناصر وجمع المعلومات اللازمه للتعامل مع هذه الملوثات والحد من آثرها الضاره علي صحه الإنسان و الحيوان.

 

ترتكز إستراتيجيه علاج التسمم بالعناصر الثقيله علي ثلاثه محاور رئيسيه :

المحور الأول والأساسي يتعلق بمنع وصول المزيد من الماده السامه للحيوان وذلك بالتخلص التام من مصدر التسمم أو تجنب الوصول إليه.

المحور الثانى يتمثل في مساعده الحيوان علي التخلص من الماده السامه الموجوده داخل جسمه وذالك بمنع إمتصاص المزيد من هذه الماده والإسراع بعمليه إخراجها خارج الجسم و يتم ذلك بإستخدام المواد المخلبيه (Chelating agent) مثل ال إي دي تى ايه (6)(EDTA) و البال (Britich Anti-Lewisite; Dimercaprol) و ال دي إم إس أيه (Dimercapto Succinic Acid; DMSA) و البنسيلامين(D-Pinicillamine) و الدي إم بي إس (Dimercapto Propano Sulfonic Acid; DMPS) وغيرها حيث تكون هذه المواد مع العناصر الثقيله مركبات معقده غير قابله للإمتصاص وكذلك عمليات الغسيل المعدي بمحلول كربونات الصوديوم والحث علي الإسهال بإستخدام المسهلات.

المحور الثالث يختص بعلاج الأثار الصحيه التي تترتب علي عمليه التسمم وذلك بإستخدام :

١-  مضدات الأكسده وخاصه فيتامينات ھ ، ج ، البيتا كاروتين (β-Carotene)

٢-  تزويد الحيوان بعناصر الزنك و السيلينيوم و الحديد و الماغنسيوم

٣-  يمكن استخدام بعض المنتجات الطبيعيه مثل البروبايوتك (Probiotics) الذي يحتوي علي بكتيريا الاكتوز العصويه Lactobacillus)) أو خميره السكاروميسيز(Saccharomyces).

 

كما يمكن إستخدام حمض اللايبويك (α-Lipoic acid) أو ماده الأساتيل سستايين (N-acetyl cysteine).

كذلك يمكن إستخدام بعض الأعشاب الطبيه الغنيه بمضدات الأكسده والمركبات المخلبيه مثل الزنجبيل والعرق سوس والشاي الأخضر والثوم والبصل .

يراعي تزويد الحيوان المصاب بالعليقه المتزنه و بالكميه المناسبه طوال فتره العلاج.

List of Abbreviations (قائمة الإختصارات):

ATSDR: Agency for Toxic Substances and Disease Registry.  (1)

(2) IARC: International Agency for Research on Cancer.

 ROS: Reactive Oxygen Species.(3)

 WHO: World Health Organization.(4)

(5) GSH: Reduced Glutathione.

EDTA: Ethylene diamine tetraacetic acid (6)

—————————————————————————————————

د. شعبان حسن حسن العفيفي- قسم الكيمياء الحيويه و النقص الغذائي و السموم – معهد بحوث الصحه الحيوانيه بالدقي – مركز البحوث الزراعيه بالجيزه – مصر

 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى