أخباررئيسيمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : الزواج عبادة وليس عادة .. وهو اسمى العلاقات الانسانية( نفحات الجمعة)

الزواج ليس للباحثين عن الاستقرار النفسي بل الزواج للمستقرّين نفسيًّا أصلًا.. فالزواج مسؤولية ثقيلة لا يتحمّلها إلا مَن كانت لديه كفاءة نفسية ذات طابع مرِن. فالزواج ليس رحلة للتشافي، وليس للنزهة والترويح عن النفس. بل هو عقد مقدس ..إهتمت به جميع الشرائع … ويبدأ بعقد ..ولكن ليس كأى عقد بل هو اهم عقد لأهم مشروع يفعله الإنسان في حياته لانه يؤسس على الاستدامة لباقى عمره فى الدنيا وللجيل التالى الذى ينتج عن هذا الزواج وللاخرة فى ان تصونه وتعفه وتكون زوجته دنيا واخرة
ووصف القرآن هذا العقد بالميثاق الغليظ فى قوله تعالى: «وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا» (النساء: ٢١)،
لقوته وعظمته ومدى أهميته في بناء الأسرة.

ميثاق الزواج ميثاق غليظ، لانه يُعقد بكلمة الله وعهده، ورباط مقدس، ربط الله به وشائج العلاقة بين الزوجين وأسرتيهما، وجعله محضن الذرية الصالحة
وهو سبب لبقاء النوع الإنساني،
ولبنة المجتمع القوية، وبدونه تهلك البشرية وتفسد الأرض… لكن قَطع كثيرٌ من الأزواج أعظم الوشائج لأحقر وأتفه الأسباب…بحماقة ورعونة وسوء تصرف…
والميثاق الغليط هو العهد الذي أُخِذ للزوجة على زوجها عند عقد النكاح، وما يتضمنه من حق الصحبة والمعاشرة بالمعروف،
ووصف عقد الزواج بـ الميثاق الغليط يضفي على هذا العقدِ جلالًا وهيبة، وتقديرًا واحترامًا، وينبّه الزوجين إلى أن هذا العقد مستمر ومقاوم للعواصف الأسرية والأزمات الحياتية والصعاب المختلفة، ومحفزًا لهما أن يأخذا على أنفسهما العهد والميثاق بأن يحسنا العشرة فيما بينهما مصداقًا وتطبيقًا لقوله عز وجل: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (سورة النساء ١٩).

والميثاق الغليط للزواج يعنى الاستمرار، والاستدامة والقدرة على مجابهة التحديات وازالة العقبات التى تمنع نجاحه ولذلك من اهم الاسباب التى تؤدى الى استدامة العشرة الامتزاج بين الطرفين ان يكون الزوجين بينهما كفاءة فى كل شيئ والدين والاخلاق واساس الاختيار وأن يحفظ كل من الزوجين سر الآخر، وأن يكون ساترًا لعيوبه كما يكون ساترًا لعورته مصداقًا لوصف الله عز وجل ذلك بقوله: «هُنَّ لِبَاسٌلَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ» (سورة البقرة ١٨٨)

فالزواج آية من آيات الله فقد جمع الله بين شخصين مختلفين في البيئة والفكر والثقافة والطباع وإن كان هناك تشابه في بعض الجوانب إلا أنه ليس تماثلا تاما فهذا من آيات الله فيقول الله عز وجل: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (سورة الروم ٢١). ونجد ان هذه لم تذكر الحب
بل اكدت على الرحمة و المودة. والسكن لانهما مفتاح البيوت
فالمودة والرحمة تكون قائمة على التقدير والاحترام وتحتوي على الحب بالضرورة لانه لايوجد حب مع الاهانة ..فالرحمة أعمق من الحب و أصفى و أطهر فهى عاطفة إنسانية راقية مركبة، تؤدى الى التضحية، وإنكار الذات، والتسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم…
وقد تكون المودة فى حالة الشباب والصحة عندما يكون هناك تبادل فى العطاء اما الرحمة فهى مستمره حتى بدون عطاء من الطرف الاخر فى حالة الشيخوخة والكبر والمرض …
والسكن مهم والاهم فيه سكن النفوس وراحتها قبل سكن الاجساد …

ولذا ينبغي أن يتحمل كل من الزوجين هفوات الآخر وأن يصبر عليه ويتسامح على الزلات وتوافه وعظائم الأمور ويلتمس الأعذار،
ويعلم ان الاختلافات واردة والمشاكل متوقعة لكن الاهم هى كيفية التعامل معها وتفاديها
ويعلم الزوج ان علاج المشاكل بالقهر والاهانة والضرب يخالف الميثاق الغليظ؛ فالضرب مسلك الضعفاء ، ودليل على الرعونه ومغاير ومخالف ٠للهدى النبوي في التعامل مع زوجاته، فتقول السيدة عائشة رضى الله عنها وعن أبيها: «وَاللَّهِ مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ امْرَأَةً لَهُ قَطُّ، وَلَا خَادِمًا لَهُ قَطُّ، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..
وان يتحلى الزوج والزوجة بخلق الرحمة وعلامات الرحمة هي الهدوء و السكينة و السماحة، و رحابة الصدر، و الحلم و الوداعة و الصبر و التريث، و مراجعة النفس قبل الاندفاع في ردود الأفعال،
و لا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمة من القلوب ويحل محلها القسوة والحقد والبغض. والتنافر
اللهم اصلح بيوتنا وبارك فى ازواجنا وذرياتنا واسعدهم دنيا واخرة
جمعة طيبة مباركة .
ا.د ابراهيم درويش

 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى