الدكتور إبراهيم مرعى يكتب : هل من الممكن أن تصل مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الأسماك؟
هل من الممكن أن تصل مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الأسماك؟
في الوقت الذي تعاني فيه مصر من فجوة كبيرة في العديد من السلع والمواد الغذائية الإستراتيجية، مثل القمح والحبوب واللحوم الحمراء والزيوت، استطاعت أن تقترب من مرحلة الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي.
وتعتبر مصر الأولى أفريقيا والسادسة عالميا في الاستزراع السمكي، والثالثة عالميا في إنتاج سمك البلطي ، وللمرة الأولى تجاوز إنتاجها أكثر من 2 مليون طن من الأسماك، مما ساهم في تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي.
وكان يعول وصول مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي في الإنتاج السمكي، إلى المشروعات السمكية الكبرى التي تم افتتاحها مؤخرا، مثل الفيروز والديبة وبركة غليون.
وتبنى الدولة المشروع القومي لتنمية وتطوير البحيرات (المنزلة، البرلس، مريوط، البردويل)، وتصل نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك إلى نحو 90% في أفضل أحوالها.
ولا يعني الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي عدم استيراد أي كمية منها؛ لأن مصر لا تنتج جميع أنواع الأسماك.
وقد سجلت قيمة الواردات المصرية من الأسماك التي تراجعت وارداتها وبلغت قيمتها 457 مليون و453 ألف دولار خلال عام 2023،
مقابل نحو 698 مليونا و361 ألف دولار عام 2022.
مقارنة ب 905.1 ملايين دولار عن عام 2019.
ويبلغ حجم واردات مصر من الأسماك نحو 300 ألف طن من الأسماك المملحة والمعلبة والأنواع غير الموجودة بمياه البحرَين المتوسط والأحمر أو نهر النيل والبحيرات، بينماتصدر في المقابل ب55 مليون دولار.
وبحسب البيانات بلغت حصة المواطن المصري من استهلاك الأسماك نحو 21 كيلو سنويا؛ وهي قريبة من الاستهلاك السنوي العالمي للفرد من الأسماك.
رغم امتلاك مصر ساحلين طويلين بطول حدودها الشرقية والشمالية (البحرين الأبيض المتوسط والأحمر)، ونهر النيل الذي يقطعها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، و14 بحيرة من بينها أكبر بحيرة اصطناعية في العالم (بحيرة ناصر)؛ فإن معظم إنتاج السمك لا يأتي من هؤلاء.
فلقد استحوذت “المزارع السمكية” على النصيب الأكبر من الإنتاج السمكي، حيث بلغ إنتاجها بنسبة 80% من إجمالي الإنتاج السمكي في مصر، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وجاء في المرتبة الثانية “البحيرات” بإنتاج بلغ 220.7 ألف طن بنسبة 10.8%.
ويسهم “البحران المتوسط والأحمر” بنحو 99 ألف طن بنسبة 4.9% فقط.
ثم “نهر النيل والبحيرات” بنحو 77.4 ألف طن بنسبة 3.8%.
وأخيرا “حقول الأرز”بحوالي 15.9 ألف طن بنسبة 0.8%.
يثير الرغبة فى الاكتفاء الذاتي من الأسماك العديد من التساؤلات، مثل: لماذا تستورد مصر أسماكا ، ولماذا يأتي معظم إنتاجها السمكي من المزارع السمكية لا من البحار والبحيرات الطبيعية، وأخيرا كيف يؤثر اعتمادها على الاستزراع السمكي في ارتفاع أسعار الأسماك التي تعتمد على الأعلاف المستوردة؟
إن “إنتاج مصر السمكي يتركز في المزارع وليس في البحرين الأحمر والمتوسط؛ لأنهما غير غنيين بالموارد الغذائية الطبيعية المطلوبة لتكاثر السمك، وكذلك البحيرات”.
أن كل منطقة تتمتع بأصناف مستوطنة من الأسماك، وهناك أنواع لا يمكن وضعها في المزارع مثل الرنجة، فهي من أصناف المياه الباردة والمهاجرة ولا يمكن تقييد حركاتها في مزرعة محدودة المساحة، وبذلك ليست لدينا فجوة، والاكتفاء الذاتي هو من الأصناف التي يمكن إنتاجها محليا، وستظل باقي الأصناف خارج دائرة الاكتفاء ونستوردها مثل الرنجة والماكريل والسالمون والتونة .
وعن أسباب ارتفاع أسعار بعض أنواع السمك المحلي مثل البلطي فذلك يرجع إلى أمرين: أولهما العرض والطلب، والثاني إرتفاع التكلفة مثل ايجار المزرعة وارتفاع مدخلات الإنتاج مثل الأعلاف مستوردة التي ترفع تكلفة الإنتاج.