الدكتورة ريهام عبد الرؤوف تكتب : السموم الفطرية (القاتل الخفي)
يكاد لا يخلو غذاء مصنع من التعرض لخطر التسمم بالسموم الفطرية ، وخاصة المواد التي تدخل الحبوب كمادة أساسية في تكوينها حيث أنها تحتوي علي كمية كبيرة من الكربوهيدرات اللازمة لنمو الفطريات المفرزة للسموم وتبدا في انتاج مركبات الأيض الثانوي فيها فيما يعرف بالسموم الفطرية التي لها تأثيرات ضارة وخطيرة علي الكائن الحي سواء كان انسان ، حيوان ، او نبات عند تناول المنتجات الملوثة بها . تعرف السموم الفطرية كمركبات أيض ثانوية لديها تأثيرات سامة علي الكائن الحي ويتم فرزها عن طريق بعض الفطريات السامة.
سجلت عبر التاريخ العديد من حالات التسمم غير معروفة السبب الا ان أهم حادث وكان هو شرارة البدء لبداية معرفة أهمية دراسة علم الفطريات؟؟ اذ حدثت كارثة عام 1906 م تسمم في أفراخ الديكة الرومية في انجلترا ولقبها يومها العلماء ( مرض- x ) بمعني مرض مجهول يحدث عند تقديم عليقة ملوثة وكان أحد مكوناتها فستق الحقل البرازيلي والتي اكتشف العلماء تلوثها بأخطر السموم الفطرية وهي الأفلاتوكسن ” التي عرفت بعد ذلك”، بعد هذه الحادثة اتجهت أنظار العلماء لدراسة العميقة والتحري الدقيق عن السموم الفطرية عن طريق كشفها والتحري عنها ووضع الطرق العلمية والوقائية للحد من هذه المشكلة في غذاء الدواجن.
تلقب السموم الفطرية بالقاتل الصامت حيث أنها لا تظهر تأثيرها السام علي الحيوانات بشكل سريع اذ يعتمد ظهور أعراض التسمم علي العادات الغذائية المتتبعة والجرعة المستهلكة مع مقدار التعرض لهذه السموم ” الفترة الزمنية”، وللاسف عند ظهور هذه الـأعراض يكون السم الفطري قد تراكم داخل جسم الطائر وأحدث ضررا باهم أعضائه الحيوية مثل القلب، الكبد، الكلية، الجهاز اللمفاوي، والجهاز المناعي للجسم ( السموم الفطرية تعتبر مركبات كيميائية واطئة الوزن الجزيئ لهذا لا يتعرف عليها الجهاز المناعي للجسم ولا يظهر أي دفاعات ضدها) وينتج عنه ضعف الأستجابة للتحصينات ، عدم القدرة علي امتصاص فيتامين د ولذلك يحدث العرح والتكسح لدي الطيور خاصة الكتاكيت، عدم قدرة الجهاز الهضمي علي هضم العلف ويحدث أشكال مختلفة من الأسهالات ينتج عنه ضعف معدل التحويل الغذائي ونقص الوزن.
يمكن للفطر أن يتكون قبل الحصاد أو بعده و أيضا أثناء التخزين، غالبا تكون أهم أسباب الأصابة بها هي سوء تخزين العلف في أماكن رطبة أو يوجد بها رشح مياة مما يؤدي الي تحويل العناصر الغذائية المفيدة الي أغذية مصابة بالسموم الفطرية.، وتقوم الفطريات بانتاج تلك السموم الفطرية بطريقة طبيعية عند توافر الظروف المناسبة لنموها مثل درجات الحرارة المرتفعة، البلل، الرطوبة و ظروف التخزين غير الملائمة. مع العلم أن معظم السموم الفطرية مستقرة كيميائيا وتتحمل عملية معالجة الأغذية. تم اكتشاف حوالي 500 نوع من السموم الفطرية حاليا ومن أشهرها ع الأطلاق الأفلاتوكسن والأوكراتوكسن،ويوجد أربع أنواع رئيسية من الأفلاتوكسن B1, B2, G1,G2 والتي يتم انتاجها اساسي عن طريق فطرين هما Aspergillus Parasiticus, Aspergillus Flavus.
ويمكن أن يحدث التلوث بالسموم الفطرية في العديد من المحاصيل كما في:
الحبوب : مثل الذرة، القمح، الأرز.
البذور الزيتية: مثل فول الصويا، الفول السوداني و دوار الشمس.
التوابل: الفلفل الأسود والكسبرة والكركم.
الثمار الجوزية: مثل الجوزواللوز والفسدق وجوزالهند.
يتم التعامل مع السموم الفطرية عن طريق الوقاية أو العلاج.
أولا: خطوات الوقاية من خطر السموم الفطرية
1- عدم تناول الدواجن أي أعلاف تظهر عليها علامات النمو الفطري.
2- تخزين علف الدواجن في حاويات محكمة الغلق في مكان نظيف بارد وجاف جيد التهوية مع الحرص علي عدم الأحتفاظ بالعلف لمدة طويلة قبل استخدامه.
3- شراء الاعلاف من مصادر موثوقة ويكون العلف غني بالفيتامبنات والأملاح المعدنية.
4- التخلص من بقايا العلف عند نهاية كل دورة.
5- الحرص علي اجراء فحص دوري للعلف في المعامل للتأكد من خلوه من السموم الفطرية.
ثانيا: العلاج
1- أضافة مواد طبيعية علي الماء للتخلص من السموم الفطرية كمنشط للكبد التي يصاب بها الطائر مثل الخل الأبيض، العسل الأسود، حبة البركة، الزنجبيل.
2- أضافة مضادات السموم علي فترات منتظمة علي العلف أو مياة الشرب مع أضافة غسول كلوي أو أحماض عضوية لتسهيل خروج السموم من الكلية.
3- أضافه فيتامين ك لتقليل النزف في الكبد والعضلات وتحت الجلد.
4- تغيير مصدر العلف مع الأخذ بالعلم أن العلف الديد لا يتعدي انتاجه مدة 20 يوم.
Overview of aflatoxin effects on humans.
قد يؤدي وجود السموم الفطرية المتنوعة في عينات الأغذية والأعلاف إلى الإضرار بصحة الإنسان والحيوان،حيث تم تصنيفها من أهم مسببات السرطان خاصة في الدول النامية، كما يمكن أن يلحق الضرر باقتصاد البلد إلى حد كبير. إن الرقابة الصارمة على جودة المواد الغذائية، في كل من المناطق النامية والصناعية، ضرورية للغاية لتجنب الظروف القاسية والمؤلمة. في بعض الأحيان يكون التلوث بالسموم الفطرية أمرًا لا مفر منه ويسبب خسائر اقتصادية هائلة ، لذا فالتدابير الوقائية والتصحيحية لها أهمية كبيرة فيما يتعلق بسلامة الأغذية والأعلاف. ينبغي أن يكون هناك تطبيق قوي للقواعد واللوائح في كل بلد للسماح بوجود الحدود المسموح بها لهذه السموم الفطرية الضارة في الأغذية والأعلاف لجعل الأغذية والأعلاف آمنة. يمكن للأنظمة المفيدة مثل تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة (HACCP) التحكم في السموم الفطرية في السلسلة الغذائية الزراعية بأكملها بشكل فعال.
Refrences:
1- https://www.agqlabs.us.com/food/mycotoxin-testing
2- https://www.intechopen.com/chapters/70453
3- https://www.researchgate.net/publication/351961929_A_Review_of_Mycotoxin_Types_Occurrence_Toxicity_Detection_Methods_and_Control
د/ ريهام عبد الرؤف عبدالوهاب حسن
باحث كيمياء حيوية معمل البحوث الحيوانية – معمل االمنصورة الفرعي – مركز البحوث الزراعية – مصر