المرض حيواني المنشأ أو حيواني المصدر أو مرض مشترك هو المرض المعدي الذي يسرى في الحالة الطبيعية بين الحيوانات الفقارية البرية أو الأليفة ويمكن أن ينتقل منها لأى أنسان والذى يمكن أن يكون مصدرا لعدوى الناس الآخرين في بعض الأمراض مثل الطاعون، أما في بعضها فلا ينتقل المرض من الانسان المصاب، كما في داء البروسيلات. الأمراض الحديثة الكبرى مثل مرض فيروس إيبولا ومرض ال سالمونيلا هي أمراض حيوانية المنشأ. كان فيروس نقص المناعة البشرية عبارة عن مرض حيواني المنشأ ينتقل لأى البشر في أوائل القرن العشرين، على الرغم من أنه قد تحول الآن الى مرض إنساني منفصل. معظم سلالات الأنفلونزا التي تصيب البشر هي أمراض بشرية، على الرغم من أن العديد من سلالات أنفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور هي من الأمراض الحيوانية المنشأ؛ هذه الفيروسات في بعض الأحيان تترابط مع السلالات البشرية من الأنفلونزا ويمكن أن تسبب الأوبئة.
يمكن أن يكون سبب الأمراض الحيوانية المنشأ مجموعة من مسببات الأمراض مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات. من مسببات الأمراض المعروفة بإصابة البشر، 11 ٪ كانت حيوانية المنشأ .معظم الأمراض البشرية نشأت في الحيوانات ومع ذلك، فإن الأمراض التي عادة ما تتضمن انتقال العدوى من الحيوان لأى أنسان، مثل داء الكلب، تعتبر أمراضا مباشرة.
تكمن خطورة هذه الأمراض في أنها تؤثر على الحالة الصحية للأفراد وتؤثر على الثروة الحيوانية وعلى مصادر الغذاء للأنسان ولقد زادت حدة وخطورة هذه الأمراض خلال السنوات الماضية بسبب زيادة الطلب على الغذاء )وخاصة الحيواني المصدر) نظرا للزيادة الرهيبة في معدلات النمو السكاني بدون زيادة مقابلة في الثروة الحيوانية وما ترتب عليه من زيادة لحركة نقل الحيوانات بين الدول بل وبين القارات أيضا وترتب على ذلك أيضا تغير في أساليب الرعي وأساليب تربية الحيوانات وتغيرت بيئة الحيوان وازداد قربا من المجتمعات الأنسانية. لدى الأمراض الحيوانية المنشأ طرق انتقال مختلفة حيث أنه في المرض المباشر ينقل المرض مباشرة من الحيوانات لأى البشر من خلال وسائل الاتصال مثل الهواء (الأنفلونزا) أو من خلال اللدغات واللعاب (داء الكلب). وعلى النقيض من ذلك، يمكن أن يحدث الانتقال عن طريق أنواع وسيطة (يشار لأيها على أنها ناقل)، والتي تحمل المرض (الممرض) دون الأصابة.
عندما يصيب البشر بالعدوى، يطلق عليه اسم “الأمراض المنقولة بالحيوان” الأسباب يمكن أن يحدث انتقال الأمراض الحيوانية في أي سياق يوجد فيه حيوانات (حيوانات أليفة) ، أو اقتصادية )زراعية) أو مفترسة أو البرية أو المنتجات الحيوانية غير البشرية، أو المشتقات الحيوانية غير البشرية )اللقاحات ، وما الى ذلك. ويتوقع أن تزيد حدة هذه المشكلة خلال العقدين القادمين نظرا لاستمرار وجود أسباب المشكلة السابق ذكرها دون حلول جذرية بالأضافة لظهور مسببات جديدة للأمراض لم يكن معروفا أنها تتحور لتنتقل من الحيوان الى الأنسان، ومن أمثلة هذه الأمراض مرض جنون البقر وسارس وأنفلونزا الطيور وعودة ظهور الدرن وحمى الوادي المتصدع ومرض كورونا الحديث الذي ظهر مؤخرا في الصين وانتشر الى دول العالم المختلفة. واضح أن من عادات المجتمعات العربية هي الخروج الى البر للتمتع بالطبيعة الرائعة في فترة الربيع والتمام شمل الأسرة والأصدقاء في عطلة الربيع لقضاء وقت ممتع بعيدا عن ضوضاء وتلوث وضغوط الحياة في المدينة، ولا تكتمل الفرحة بهذه العطلة إلا بمرورها دون وجود مشاكل صحية مرتبطة بالوجود في أماكن البر التي قد تحدث أحيانا نتيجة عدم إدراك المواطن بطبيعة هذه المخاطر أو كيفية تفاديها أو التعامل معها إذا حدثت لا قدر الله.
وهناك بعض المخاطر الصحية التي يمكن أن نتعرض لأيها في البر، ونود هنا أن نتعرف على بعضها من تلك الأمراض التي سبق أن عرفناها أنها أمراض مشتركة بين الأنسان والحيوان.
طرق انتقال ألأمراض المشتركة:
1- تلوث الغذاء أو الماء:
ان تلوث الغذاء أو إمدادات المياه أهم مسببات الأمراض الحيوانية المصدر التي تسبب الأمراض التي تنقلها الأغذية هي ايشرشيا كولاى و كامبيلوباكتر، و السالمونيلا حيث يمكن ربط العديد من أمراض التسمم الغذائى بمسببات الأمراض الحيوانية نتيجة لتلوث العديد من أنواع الطعام المختلفة.
بعض الأطعمة الشائعة المرتبطة بالملوثات الحيوانية المنشأ تشمل البيض ، والمأكولات البحرية ، واللحوم ، ومنتجات الألبان ، وحتى بعض الخضروات. ينبغي التعامل مع أمراض التسمم الغذائى في خطط التأهب لمنع انتشار الأمراض على نطاق واسع و بكفاءة وفاعلية.
2- الزراعة وتربية المواشي وتربية الحيوانات: يمكن أن يؤدي الأتصال بحيوانات المزرعة لأى مرض في المزارعين أو غيرهم ممن يتلامسون مع حيوانات المزرعة المصابة. يؤثر الغبار بشكل رئيسي علي أولئك الذين يعملون عن قرب مع الخيول والحمير. يمكن أن يؤدي الاتصال الوثيق مع الماشية الى الأصابة بالأنثراكس الجلدي ، في حين أن الأصابة باستنشاق الجمرة الخبيثة أكثر شيوعا بين العاملين في المسالخ والمدابغ و الصوف. يمكن أن يؤدي الاتصال الوثيق بالأغنام الى الأصابة بالاعتلال الكالميدي ، أو الأجهاض لدى النساء الحوامل ، بالأضافة لأى من ولدت حديثا زيادة خطر الأصابة بحمى كيو Q ، وداء المقوسات ، والليستريوسيس في الحوامل أو في حالة نقص المناعة. يحدث مرض المشوكات )Echinococcosis )نتيجة للدودة الشريطية التي يمكن أن تنتشر من الأغنام المصابة عن طريق الطعام أو الماء الملوث بالبراز أو الصوف. إنفلونزا الطيور شائعة في الدجاج. وبينما من النادر في البشر ، فإن القلق الرئيسي على الصحة العامة هو أن سلالة من أنفلونزا الطيور سوف تترابط مع فيروس إنفلونزا بشرية وتسبب وباء مثل الأنفلونزا الأسبانية عام 1111 الماشية هي مستودع هام من الكريبتوسبوريديوسيس وتؤثر بشكل رئيسي على نقص المناعة
3- هجمات الحيوانات البرية مثل داء الكلب.
4- ناقلات الحشرات: تسبب امراضا مثل مرض النوم الأفريقي وحمى غرب النيل وغيرها.
5- الحيوانات الأليفة: يمكن للحيوانات الأليفة نقل عدد من الأمراض. يتم تطعيم الكلاب والقطط بشكل روتيني ضد داء الكلب. كما يمكن للحيوانات الأليفة أن تنقل السعفة والجياردية ، وهي أمراض مستوطنة في هذه الحيوانات . داء المقوسات (توكسوبلازما)هو عدوى شائعة للقطط. في البشر هو مرض خفيف على الرغم من أنه يمكن أن يكون خطرا على النساء الحوامل. داء توكسوكاريسيس Toxocariasis هو إصابة البشر بأي نوع من أنواع الدودة المستديرة، بما في ذلك الأنواع الخاصة بالكلب )توكسوكارا كانيس) Toxocara canis أو القطة )Toxocara catiتوكسوكارا كاتى) يمكن أن ينتشر كريبتوسبورديوسيس Cryptosporidiosis للبشر من السحالي الأليفة ، مثل أبو بريص الفهد.
6- أماكن بيع الحيوانات.
-7الصيد و لحوم الطرائد مثل فيروس نقص المناعة البشرية.
-8انتقال ثانوي مثل إيبولا.
وعلى ذلك فاننا نقدم فيما يلى عرضا مبسطا لاثنين من أهم الأمراض المشتركة تأثيرا على الصحة العامة ومن هذه الأمراض:
1- داء الكلب والمسمى أيضا بالسعار Rabies وهو التهاب دماغي نخاعي فيروسي حاد ومميت دائما وتكون بدايته عبارة عن إحساس بالخوف وصداع وحمى وتوعك وخوف من الماء والهواء وتزداد الأعراض المرضية وصولا الى الشلل وتشنج عضلات البلع والهذيان وتستمر هذه الأعراض لعدة أيام تحدث بعدها الوفاة التي غالبا ما تكون بسبب شلل عضلات التنفس. العامل المسبب لهذا المرض هو فيروس الكلب virus Rabies وهو منتشر في مناطق عديدة من العالم ويسبب ما يقدر سنويا بحوالي 52 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم وتعتبر هذه النسب أقل بكثير من مثيلتها في منتصف القرن الماضي وذلك بسبب التطعيم الروتيني للحيوانات المنزلية وبسبب فعالية النظم العلاجية والوقائية للحالات التي يتم اكتشافها. والكلب مرض في الحيوانات أساسا والمناطق الوحيدة الخالية منه هي أستراليا ونيوزيالندا واليابان وبعض الجزر الأخرى وبعض المناطق في أوروبا وخزان العدوى يشمل العديد من الحيوانات وفي مقدمتها القطط والكلاب والثعالب والذئاب وبنات آوى والخفافيش وفي أحيان نادرة تصاب الفئران والجرذان والأرانب البرية والسناجيب. العدوى تنتقل من الحيوان لأى أنسان عن طريق إدخال اللعاب المحتوي على الفيروس خالل قطع في الجلد إما عن طريق العقر أو الخدوش والجروح التي قد تحدثها الحيوانات في جلد الأنسان بمخالبها حيث إنه من الممكن وجود آثار للعاب الحيوان تحت مخالبه. وتستمر فترة الحضانة لمدة 1- 3 أسابيع تظهر بعدها ألآثار الخطيرة السابقة إذا ما لم يتم علاج الفرد المصاب بأسرع وقت ممكن ويحتاج هذا العلاج لطبيب متخصص من أطباء الصحة الوقائية حيث يشمل هذا العلاج إعطاء المصل الواقي والتطعيم المتخصص ضد المرض )والذي قد يتطلب علاجا لمدة ثلاثة أشهر( كما قد يحتاج المريض لتنظيف وتطهير الجرح وتناول مضادات حيوية بالأضافة الى التطعيم ضد التيتانوس بجرعة منشطة. وهناك العديد من النصائح التي يجب على الجميع أن يتبعوها للوقاية من هذا المرض القاتل هي: الأبتعاد قدر الأمكان عن أماكن وجود الحيوانات البرية خاصة التي من المحتمل أن تكونا خزانا للعدوى كما سبق أن أشرنا اليه في حالة وجود حيوان لديه أعراض غير طبيعية يجب الابتعاد عنه وعدم التحرش به وتبليغ المختصين بإدارة الصحة الحيوانية الذين سيتخذون الأجراءات المناسبة لهذه الحالات.
في حالة التعرض للعقر من حيوان في فإنه يجب تطهير الجرح بالماء والصابون والتوجه فورا الى أقرب مركز للصحة الوقائية لمباشرة العلاج في أقرب وقت ممكن وليكن من المعروف لدى الجميع أن نجاح العلاج في مثل هذه الحالات يعتمد أساسا على سرعة بداية العلاج والأنتظام في جرعات التطعيم حسب المواعيد المحددة بمعرفة الطبيب المختص.
2-مرض البروسيلا Brucellosis هو المرض الثاني الذي يصنف من مجموعة الأمراض التي تنتقل من الحيوان لأى الأنسان الذي يخشى من انتقاله أحيانا نظرا لبعض العادات والممارسات الخاطئة.
وهذا المرض يعرف أيضا باسم الحمى المتموجة وحمى البحر الأبيض المتوسط والحمى المالطية، وهو مرض يبدأ بصورة فجائية أو تدر يجية ويتميز بحمى مستمرة أو متقطعة أو غير منتظمة تستمر لفترات متغيرة مع صداع وضعف وعرق غزير وارتعاشات وآلام في المفاصل واكتئاب ونقص في الوزن وآلام عامة وفقدان للشهية وقد يستمر المرض أياما أو أشهر عدة أو أحيانا سنة أو أكثر خاصة إذا لم يعالج بالأسلوب والتوقيت السليم ومضاعفات المرض في المفاصل والعظام مشاهدة في 2-12% من الحالات كما يتسبب المرض أحيانا في بعض المضاعفات في الجهاز البولي والتناسلي وقد تحدث الوفاة في الحالات غير المعالجة أو التي يتم علاجها بطريقة غير سليمة كما أن حدوث انتكاسات للمرض أمر غير مستبعد. والعوامل المسببة للمرض هي بكتيريا تسمى البكتيريا البروسيلية Brucella نسبة لأى أول من اكتشفها وهو سير ويليام بروس الذي كان طبيبا في الجيش الأنجليزي في مالطة في القرن التاسع عشر واكتشف الميكروب في عينات من طحال بعض الجنود البريطانيين الذين توفوا بعد إصابتهم بالحمى
ومن هنا أيضا كانت تسمية المرض بالحمى المالطية نسبة الى أول مكان اكتشفت فيه. ويوجد من هذه الجرثومة عدة أنواع أشهرها البروسيلا المجهضة والبروسيلا المالطية والبروسيلا الخنريرية والبروسيلا الكلبية.
وهذا المرض واسع الانتشار في جميع أنحاء العالم وان كانت أغلب الدول الأوروبية قد نجحت في السيطرة عليه الى حد كبير وفي معظم الأحيان فإن المرض يعتبر من الأمراض المهنية التي تصيب العاملين في المزارع وتربية الحيوانات والمسالخ ولكن في الشرق االوسط كثيرا ما يتم اكتشاف العديد من الحالات نتيجة العادات الغذائية الخاطئة.
خزان العدوى هو الماشية والماعز والضأن والجمال والخنازير والثيران وتنتقل العدوى من هذه الحيوانات الى الأنسان عن طريق التماس مع نسيج ودم وبول ومفرزات مهبلية وأجنة مجهضة والمشيمة، وكل طرق الانتقال هذه في العادة نوع من أنواع التعرض المهني لمسبب المرض، أما الخطورة على مرتادي البر فتكمن أساسا في طرق الانتقال الأخرى التي يمكن أن تندرج تحت مسمى العادات الغذائية الخاطئة ومنها على سبيل المثال شرب الحليب غير المغلي والمأخوذ من الحيوانات المصابة أو تناول منتجات الحليب المصنوعة من هذه الألبان أو أكل لحوم مصابة وغير مطهية بصورة جيدة أوملامسة الحيوانات المصابة ومداعبتها
كما أن هناك احتماال ضعيفا لانتقال العدوى من التربة الملوثة لأى الأنسان عن طريق الهواء. ومكافحة المرض بصفة عامة تعتمد على استئصاله من الحيوانات باستيراد السليم منها وتطعيمه ضد المرض واكتشاف أي إصابات مبكرا والتخلص من الحيوانات المصاب بالأسلوب السليم وبسترة الحليب. أما في الأنسان فإن التوعية الصحية بأسباب المرض وطرق انتقاله تشكل ركنا كبيرا في منع انتقال العدوى، كما أن اتخاذ احتياطات الوقاية الشخصية المناسبة عند التعامل مع الحيوانات تمنع انتقال العدوى بصورة كبيرة إضافة الى أهمية بسترة الحليب ومنتجاته وتناول اللحوم المذبوحة بالطرق السليمة صحيا، كذلك فإن اكتشاف المرض في مراحله الأولى عنصر أساسي في منع مضاعفاته ومنع الأصابات المزمنة.
كيف نقلل الأصابة بهذا المرض:
تجنب إقامة المخيمات بجوار أماكن وجود حيوانات الرعي.
الحرص الشديد عند التعامل مع الحيوانات لاحتمال أن تكون مصابة بالمرض.
التأكد من سلامة المنتجات الغذائية والألبان وسلامة مصادرها.
توعية الأطفال والصغار حول المرض وخطورته وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه.
تقديم
سعد سمير نصر
باحث اول / معهد بحوث الصحه الحيوانيه
مركز البحوث الزراعيه – مركز البحوث الزراعية – مصر