تعتبر اللحوم و منتجاتها المصدر الرئيسى للبروتين الحيوانى على مستوى العالم و ذلك بسبب قيمتها الغذائيه العاليه و احتوائها على نسبه كبيرة من البروتين الحيوانى ، و لكن للاسف تتعرض عمليه انتاج اللحوم و منتجاتها إلى مشكله رئيسيه ألا و هى التلوث الميكروبى ، و الذى يعد مسؤولا عن تلف و فقد حوالى 25% من الأغذيه .
فوفقا لمنظمة الأغذيه و الزراعة (الفاو) فان تكلفة الغذاء المهدر تبلغ حوالى 680 مليار دولار سنويا فى الدول الصناعية ، كما تبلغ حوالى 31,5 مليار فى الدول الناميه. و يمكن أن تتلوث اللحوم و منتجاتها بالفطريات المختلفه خلال أى مرحلة من المراحل التى يمر بها الغذاء، حيث تعتبر الفطريات مجموعة رئيسيه من الكائنات الحية الدقيقه و التى تنتشر على نطاق واسع فى الطبيعة و تسبب تلف اللحوم ومنتجاتها على مستوى العالم .
و تعد الأجناس مثل البنيسيليوم و الأسبيرجيلس من أكثر الفطريات انتشارا فى اللحوم ومنتجاتها و يعزى ذلك إلى وجود الرطوبه و توفر درجة الحرارة المناسبة بالإضافة إلى القيمة الغذائيه العالية لتلك المنتجات. وللأسف فإن وجود نموات فطرية فى تلك المنتجات قد يترتب عليه افراز ما يسمى بالسموم الفطرية و هى مركبات يتم انتاجها بشكل طبيعى من العفن (الفطريات).
و تعتبر الأفلاتوكسين من أكثر السموم الفطرية سمية و ذلك بسبب تأثيرها الحاد و المزمن. ففى حالة التسمم بجرعات حادة قد يسبب الأفلاتوكسين نزيفا و التهابا حادا فى الكبد و قد يؤدى إلى الوفاة، بينما يؤدى التعرض المزمن إلى الاصابة بالسرطان، و الشيخوخة، و تثبيط المناعة، و العيوب الخلقية، و اضطرابات فى الجهاز العصبى .
و تشكل السموم الفطرية فى الدول النامية تهديدا كبيرا للصحة العامة و تسبب العديد من حالات الوفاة سنويا. لذا كان لابد من الاستعانة بالمواد الحافظة لمواجهة التلوث بتلك الميكروبات و سمومها .
المواد الحافظة الصناعيه مثل النترات و البنزوات و الكبريتات و السوربات بالرغم من فاعليتها إلا أنها معروفة بتأثيرتها المسببة للحساسية و السرطان ، لذا فقد أصبح استخدام مضادات الميكروبات الطبيعية فى صناعة الأغذية و مفهوم الحفظ الحيوى يحظى باهتمام كبير من المستهلكين ، و تركز الانتاج البحثى على المستخلصات النباتية الطبيعية كبديل للمواد الحافظة الاصطناعية. و تمثل مضادات الميكروبات النباتية المجموعة الرئيسية من المواد الحافظة الطبيعية و التى تستهدف الخلايا الميكروبية. حيث تعتبر أجزاء النباتات مثل البذور و الثمار و القشور و الجذور غنية بمضادات الميكروبات. و تعد معظم المستخلصات النباتية معترف بها بشكل عام على أنها آمنة طبقا لما أقرته المنظماتو الهيئات الدولية المعنية بسلامة الغذاء.
و تحظى بذور القرع ( اليقطين) بتقدير كبير و ذلك لآثارها الصحية، فزيت بذور اليقطين يمكن اعتباره غذاءا وظيفيا حيث أنه يحتوى على مركبات مثل البوليفينول و الأحماض الدهنية و الفيتامينات المختلفة كما أنه يحتوى على العديد من المعادن مثل الفسفور و البوتاسيوم و المغنسيوم و الزنك و الحديد و غيرها كما أظهرت العديد من الدراسات السريرية أنه قد يكون مفيدا فى علاج أمراض القلب و اللأوعية الدموية و تضخم البروستاتا الحميد لدى الرجال بالاضافة الى كونه عامل مضاد للأكسده و مضاد ميكروبى.
على الرغم من التأثير الميكروبى بمضادات الميكروبات النباتية فان استخدامها فى صناعة الأغذية يعوقة عدة أسباب منها عدم الاستقرار الكيميائى، و محدودية توافر التركيبات التجارية الجاهزة للاستخدام أو النكهة غير المقبولة.
لهذه الأسباب تم اقتراح العديد من تقنيات التثبيت مثل المستحلبات النانوية و التغليف و الادراج فى العبوة النشطة، حيث تضمن تقنيات التثبيت هذه نشاطا أفضل لمضادات الميكروبات كما تتحكم فى اطلاقها أثناء تخزين الغذاء مما يعزز من عمرها الافتراضى و يحميها من التأثيرات الناجمة عن الضوء أو الحرارة أو الرطوبة كما أنه يحسن من قابلية ذوبان تلك المضادات الميكروبية الطبيعية و انتشارها مما يسهل دمجها فى الأغذية و يحسن فعاليتها فى التحكم فى نمو الكائنات الدقيقة المسببة للتلف و الأمراض.
د. أميرة أحمد فائق
قسم الرقابة الصحية على الأغذية – وحدة السموم الميكروبية – معهد بحوث الصحة الحيوانية – مصر