تقوم العلاقات بين البشر على المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة.. وزمالة العمل وصلة الأرحام وعلاقات الجوار وغير ذلك من الامور التى تربط العلاقات بين الناس وبعضهم البعض ..فالمصالح هي محرك الحياة ، فلاحب ولابغض ولا مجاراة ولامجافاة إلا بسبب مصلحة ظاهرة أو باطنة ، معلومة أو مجهولة.
حتى الحب بين الفتى .. والفتاه والزواج أساسه مصلحة مشتركة بين الشاب و الفتاة ، واجتماع اسرتيهما على المصاهرة .فهذا اجتماع مصلحة ،ويكون هناك تجمل وتودد خاصة إذا كانت المستويات متباينة بين الأسرتين ..ثم فى أول خلاف بسيط بتنقلب الدنيا رأساً على عقب بعد اتمام الزواج لانتهاء المصلحة ويظهر الوجه القبيح الذى لم تتوقعه يوما .وتسمع الكلمة المشهورة التى تطلق على. المصلحية ( ما خلاص اتجوزت )
وهناك نمازج كثيرة لعلاقات المصالح كالذى يتقرب إليك ويتودد اليك ويسمعك كلام المدح ليل نهار . ..فإذا تحقق له مبتغاه ينهى هذه العلاقة ويصبح و يمسي كأنه لا يعرفك و لم يسمع بك. او يستغل البعض صلتهم بك ويطلبون منك ما يخالف ضميرك
وما يتنافى مع القيم والقانون والأخلاق. فتصبح علاقتك بهم مغذية للفساد ، يغيرون المسميات فتتحول الواسطة إلى شفاعة ، والرشوة إلى هدية ، وتستغل القرابة ، والمنصب لضياع الحقوق …فالبعض لا يتورع ويطلب ببجاحة مالا يستحق أو ما يخالف اللوائح أو القوانين اوالشرع أو الدين أو الاخلاق أو ما ليس فى قدراتك ..أو امكانياتك…
فإذا لم تحقق له ماأراد تصبح فى مرمى نيرانهم ..وبؤرة سهامهم المسمومة. ويقولون فيك مقاله الامام مالك فى الخمر ..والحقيقة ان أغلب الناس ”مصلحجية ”. فالمصالح ليست امرا ممقوتا او مرفوضاً بل هو أمر مطلوب لأن الإنسان مدنى واجتماعى بطبعه ..ولا يلام الانسان في البحث عن مصالحه ..
لكن تكمن المشكلة فى الطرق المشبوهة للوصول إليها ..وتصبح المصلحة مذمومة إذا ترتب عليها مفسدة و سلب للحقوق وتحايل على القوانين وانحراف عن المنهج السوي الأمر الذى له أثاره الضارة والمدمرة على الفرد والمجتمع ونشوء الصراعات وتفكك العلاقات … وضياع الحقوق وفى مقدمتها قيم الحب والتسامح والرحمة..والعدالة .
لذلك لاتستسلم لاصحاب المصالح النفعية .. فالحق اولى (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) مهما كانت المغريات أو درجة قرابتهم منك او صلتهم بك … اياك ان .تستجلب دعاء المظلومين عليك ..وغضب ربك !..
لذلك لابد من ربط علاقات المصالح بمباديء الاسلام الذي يضمن الحقوق للجميع بعيدا عن الذاتية والانانيةو المصلحة الشخصية الضيقة والنظرة المادية فقال صلى الله عليه وسلم مشنعا على هؤلاء ( تعس عبد الدينار تعبس عبد الدرهم )ويقول صلى الله عليه وسلم(حب لاخيك ماتحب لنفسك)و ( عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به) فلا تستسلم لهم .
فالله كافيك (اليس الله بكاف عبده)..فهؤلاء لايفرقون بين الحلال والحرام ..وبين الحقوق والواجبات والمشروع وغير المشروع لبعدهم عن الدين وعدم خوفهم من رب العالمين (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم) ..
ولذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما…
قال ﷺ: انصر أخاك ظالمًا، أو مظلومًا وهذه كلمة تقولها العرب، وكان العرب عندهم تعصب، ينصرون أصحابهم وإن ظلموا، واشتهر عندهم : انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا فلما قاله النبي ﷺ قالوا: يا رسول الله! كيف أنصره ظالمًا؟ قال: تحجزه عن الظلم فذلك نصرك إياه
لانك تحفظه من نفسه ومن غضب ربه…وحذرنا النبىﷺ: من أن يبيع الانسان ضميره و نفسه ودينه من أجل المنفعة المادية الدنيوية الغير مشروعة …فقال ﷺ ( تعس عبد الدينار تعبس عبد الدرهم ) والأهم أن نتقى الله فى أعمالنا واقوالنا يقول تعالى (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)
وأوصاناﷺ بأن تكون علاقاتنا قائمة على المحبة فقالﷺ(حب لاخيك ماتحب لنفسك)وقوله ﷺ: ( عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به)..وجدير بالذكر أن علاقات المصالح الإيجابية الطيبة والمشروعة مطلوبة بل واجبة فى إطار التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان. وفى حدود الشرع والقانون والعرف ومكارم الاخلاق والضوابط المتعارف عليها..
جمعتكم طيبة مباركة ..
ا.د / ابراهيم درويش