ذكرى مولد النبى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله .هى مناسبة عطرة تذكرنا بخلق الرحمة والمغفرة والعفو والصفح وهى مناسبة كى يرحم بعضنا بعضا خاصة فى هذه الظروف الاقتصادية التى تمر بها الأمة بل العالم كله ..وان نتخلى عن مظاهر التدين المزيفه التى أصبحت كالورود الصناعية التى لاحياة ولا رائحة فيها ولافائدة منها .. غير أننا نتمسح فى التدين
المفقود …
فذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم تذكرنا بأنه نبى الرحمة يقول تعالى.(.وماارسلناك ألا رحمة للعالمين ) وسماه ربه الرؤوف الرحيم، فقد كان يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، فكانت الرحمة سجيّته ، وقد شملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر .ولذلك عندما نرى الجشع ،والاحتكارات واستغلال الأزمات ..وارتفاع الأسعار الغير مبرر ..وسوء الأخلاق فى التعاملات اليومية . وانتشار العقوق والغدر والخيانة والكذب
نتسائل أين نحن من اخلاق المصطفى؟ أين خلق الرحمة الان مع الأبوين ومع الزملاء ومع الضعفاء .. اين الرحمة فى بيعنا وشرائنا وتعاملاتنا.اليومية .
وعلاقاتنا الإنسانية مع كثرة مظاهرالتدين…وجمال الكلمات …
بالتاكيد الدنيا غرت الناس وهناك نقص أيمان وعدم ثقه فى أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ..فحل محل الرضا والقناعة الطمع والشره وحب الاستحواذ والجحود ..وقلة الشكر.. وزيادة ارتكاب المعاصى والذنوب جعلت على القلوب ران يقول تعالى( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )..فأصبحت القلوب قاسية لاتعرف الشفقة أو الرحمة.
فلا توقر كبيرا ولا ترحم صغيرا ولاضعيفا واصاب قلوب الناس المرض ..فحل محل الرحمة والرضا الشح والحقد والحسد والكراهية فأصبح فى القلب بلادة وعلى البصر غشاوة . فلايرحم ضعيفا ..ولا يحس بآلام الناس واحتياجاتهم. ويعق والديه ويقطع أواصر الرحم و يجور على الجار ..ويخون الصديق والرفيق ويبيع الاوطان ..
ماأحوجنا فى ذكرى ميلاد النبى أن نجدد الايمان ونجدد الامل ونجدد التوبه والعمل ..
فمن ارتكب معصية في حال جهلٍ وسفهٍ، أونسيان ..نقول له ارحم نفسك وارحم غيرك واسرع بالعوده والتوبة إلى الله الملك الديان فهو الغفور الرحيم يقول تعالى ﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفورٌ رحيمٌ﴾..
ومن غرته نفسه واغواه شيطانه فإن ذكرى ميلاد النبى فرصة للعودة إلى حظيرة الايمان الحقيقى ..
فمن الآيات القرآنية التى ترقق القلوب القاسية وتعالج الصدور المريضة ..وتكبح جماح النفوس الشاردة عن ربها .. والتى تعيث فى الارض فسادا ….وتردها إلى فطرتها السليمة التى خلقها الله عليها هى قوله تعالى . (وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحًا ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ).(طه – ٨٢)..وعندما تتأمل فى هذه ألآية..تجد أنها تفتح باب الأمل وتبعث على العمل .فهى تريح نفس المسرف على نفسه ..والمقصر فى طاعة ربه …وبدأت بقوله تعالى ( وإنى لغفار ) اى كثير المغفرة مهما .. تعددت أخطاؤك أو كثرت ذنوبك ومهما كان اسرافك على نفسك يقول تعالى فى آية أخرى مؤكدا على هذا المعنى (قل ياعبادى الذين اسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هوالغفورالرحيم)
فتعلق بأسباب المغفرة والرحمة
وهى أن تبدأ :
١-بالتوبة..النصوح . لقوله تعالى ( لمن تاب) ندم واعتراف .يتبعه ( اقلاع) عن الذنوب والمعاصي .ثم (عزم ) على عدم العودة إلى ماكان عليه.
٢- تجدد ألإيمان .بربك مصداقا لقوله ..( وآمن ) آمن بقلبه وعمل بجوارحه . أى آمن بالله خالقا ورازقا ومصرفا وراحما وغافرا. وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشره..
٣-ولايتحقق الايمان الكامل الا بالعمل الصالح …(وعمل صالحا ) ..فالإيمان ماوقر فى القلب وصدقه العمل. . ونجد أنه فى كل آيات القرآن أن العمل الصالح قرين الايمان وأثر له .. يقول تعالى ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات )
٤- ثم تأتى بعد ذلك ..الاستقامة على طرق الهداية .{ ثُمَّ اهْتَدَى } أي: سلك الصراط المستقيم، فنال بذلك رحمة الله تعالى ،فالاية الكريمة ترشدنا إلى التوبة تجُبُّ ما قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات يذهب السيئات، وسلوك طريق الهداية اى طريق الاستقامة حتى نلقى الله على ذلك ..
٥- ومن يطلب الرحمة والمغفرة من ربه عليه ..أن يرحم الناس ويغفر ذلاتهم ولايتجبر أو يتكبر أو يستغلهم ..فالراحمون يرحمهم الرحمن .علينا ..أن يرحم بعضنا بعضا … فالله يعاملنا بمثل ما يعامل بعضنا البعض ..وكما تدين تدان …والديان لايموت فإذا كنا حريصين على أن يعاملنا الله برحمته ومغفرته ..علينا أن نعامل الناس بخلق العفو والصفح والتسامح والرحمة .. فمن لايرحم لايرحم يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرحمنُ ارحموا أهلَ الأرضِ، يرحمْكم مَن في السماءِ».
اللهم ارزقنا اخلاق المصطفى.
وامنن علينا بلسان ذاكر ..و بقلب شاكر… مطمئن بذكر الله عز وجل ونفس راضية قانعة بمارزقها واجعلنا ياربنا من أهل قوله تعالى : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
اللهم صل الله وسلم وبارك على النبى الذى اتصف بصفات الجمال والكمال البشري ، يقول حسان بن ثابت رضي الله : وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء ..خُلقت مبرّأً من كل عيب ..كأنك قد خُلقت كما تشاء
جمعتكم طيبة مباركة
ا.د / ابراهيم حسينى درويش