اتعجب على هؤلاء الذين يتصورون انهم يستطيعون العمل مع الميكروبات او الكائنات الدقيقة بسهولة لمجرد انه يعرف القشور عنها او لأنه يعرف كيف يصنع بيئة صناعية ويصبها في طبق بتري.
البعض يظن انه يمكن ان ينمي اي ميكروب ويحصد جراثيمه وكأنه يتعامل مع حيوانات المزرعة للتسمين ولا يدري ما ذا تتطلب عملية تنمية ميكروب سواء كان فطر ا وبكتيريا من علم وخبرة وادوات واجهزة علمية. هناك خطوات وفحوصات تتبع لكي تضمن ان ما لديك هو كائن نقي من جنس ونوع محدد. عملية عزل وتنقية وحفظ الميكروبات ليست مهمة سهلة ولا يمكن للهواة الاقتراب منها.
عندما كلف لويس باستير عام ١٨٥٧ لدراسة مشكلة تلف احواض التخمر في باريس ظل يعمل ١٩ عام متصلة حتى استطاع عزل وتنمية ميكروب واحد اسمه الخميرة الذي نعزله الآن في ساعات. ولكن الذي لا تعرفه هو ان الخميرة عشرات الانواع وكان على باستير ان يعزل النوع الذي يقوم بعملية التخمر بصورة جيدة.
عزل ميكروب وتنميته قد تكون له طرق ومواد واضحة وسهلة ولكن الميكروبات تتغير وتتبدل مع تكاثرها، لذلك قد تعزل ميكروب وتتاكد من نشاطه وبعد شهور تجده مخلوق آخر يختلف كثيرا عن سابقه. لذلك فإختبارات فعالية الميكروبات من اساسيات عملية الاكثار والحفظ.
عزل الميكروب نفسه وتشخيصه مهمة كبيرة فليس كل ما تراه من جراثيم منجلية مقسمة هو فطر الفيوزاريوم مثلا، كما ان هناك عشرات الانواع من جنس الفيوزاريوم التى تلعب ادوار عديدة في التربة بعضها ايجابي وبعضها سلبي. لذلك فعزل الفيوزاريوم يتبعه دائما اختبارات العدوي لتحديد شراسته.
فى الصور المرفقة مجموعة كبيرة من المزارع كلها لجنس واحد اسمه اسبرجلس فكيف لهاوي ان يحدد نوع الفطر الذي عزله او الذي ينميه ؟
عزل وتنمية الفطريات شبه الاجبارية مثل الميكورهيزا أمر بالغ الصعوبة كما ان مزارعها سريعة التلوث بالبكتيريا ولذلك ليس لهاوي او حتى حاصل على الدكتوراه القدرة على التعامل معها بسهولة. قضيت عام تقريبا رغم اني كنت معيد ماهر في العزل والتنقية لكي اعزل وانمي احد فطريات الميكورهيزا من غابات ولاية مينيسوتا
الباحثين الحقيقيين والذين يعرفون متطلبات البحث العلمي في الميكروبات يتخصصون في كائن واحد او مجموعة متقاربة من الكائنات الحية حتى يستطيعون فهمها والتعامل معها.
العبث مع الميكروبات قد يودي بحياة من يتعامل معها، فعندما تعزل ميكروب مجهول لن تستطيع تقدير مدي ضرره لصحتك الا بعد فوات الاوان. لذلك فتناول الميكروبات والعمل معها يجب ان يكون بحرص شديد واتباع لكل تعليمات السلامة المنصوص عليها في علم الميكروبيولوجي.
لذلك لا تتهور بالعمل مع اي ميكروب مالم تكن مؤهل تماما علميا وعمليا للتعامل معه.