فى الوقت الذى يموج فيه العالم كله شرقه وغربه يمينه وشماله فى موجات متصارعة وأزمات اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية كبيرة جاءت زيارة المستشار النمساوي كارل نيهامر إلى مصر فى ظروف شديدة التعقيد حيث إن العالم مازال يعيش ثنايا الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها وبعض الأزمات والمحن الإقليمية الشائكة خاصة فى منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر ولكن جاءت هذه الزيارة لتعكس رغبة واهتمام وحرص كل من البلدين على تعزيز سبل الشراكة الاستراتيجية وكانت مصر هى اخرمحطة للمستشار النمساوي فى زيارته إلى افريقيا
وقد تركزت المباحثات بين المستشار النمساوي والرئيس السيسى حول سبل تعميق الشراكة فى الجوانب الاقتصادية خاصة فى مجال الزراعة والرى والطاقة المتجددة والجديدة والهيدروجين الاخضر والعمل معا خلال الفترة المقبلة بما يعكس عمق العلاقات التاريخية المتميزة التى تمتد لأكثر من 150عاما على اول علاقات دبلوماسية بين البلدين
وقد تطرقت المحادثات بينهما حول ضرورة مواصلة الجهود لدعوة كافة الأطراف المتنازعة سواء فى روسيا وأوكرانيا أو بين الأشقاء فى السودان حفاظا على أمن وأمان مواطنيهم لأن الحروب لها تأثيرات سلبية ليست على المتصارعين بل على السلم والأمن الدوليين وما تعانيه الدول الأقل نموا من الصراع بين روسيا وأوكرانيا ويزداد حجم الخطر إذا زاد هذا الصراع فقد تأثرت دولا كثيرة جدا سواء كبيرة أو صغيرة بهذا الصراع تأثيرا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا كما تم مناقشة العديد من القضايا الإقليمية والجهود التي تبذلها الدولة المصرية للحفاظ على الأمن والسلم
ومن أهم القضايا التى تم طرحها القضية الفلسطينية والمشهد الليبى وقضية سد النهضة وملف السودان ومع كل هذه القضايا تم الاتفاق على تكثيف الحوار بين مصر والنمسا حول ملف الهجرة غير الشرعية أو غير المشروعة
وقد اتفقت كل من مصر النمسا على ضرورة إيجاد حلول قانونية تفنن هذه الهجرة وإيجاد حلول لهذه الظاهرة الخطيرة وقطع الطريق على المنظمة التى تعمل فى هذا المجال وكانت أهم النقاط التى تم مناقشتها فى قضية الهجرة غير الشرعية هو كيف تنظم الهجرة الشرعية وضرورة تشجيعها بالسبل القانونية فمصر لديها عدة مؤسسات ووزارات تعمل فى هذا المجال وزارة الهجرة ووزارة القوى العاملة ومكاتب العمالة المصرية بالخارج ومن خلال المستشارين العماليين فى كافة السفارات المصرية في كل دول العالم من مهامهم هو ما تحتاج إليه هذه الدول من العمالة المصرية لسوق العمل والايدى العاملة الماهرة فدول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا وانجلترا والنمسا تحتاج إلى الايدى العالمة المصرية فى البناء والتعمير ومصر دولة رائدة فى القضاء على الهجرة غير الشرعية
كما أكد المستشار النمساوي على أن جهود مصر فى مكافحة تهريب البشر لتخفيف الأمن القارى فى أفريقيا ومع الطرق القانونية نستطيع أن نجد الحلول لهذه الظاهرة وبهذا التقنين يقطع الطريق على الهجرة غير الشرعية
وخلال المباحثات أكد المستشار النمساوي كارل نيهامر على أن الزيارة إلى مصر تستهدف الجانب الاقتصادي وتوقيع مذكرات تفاهم مع الشركات النمساوية وقد كان ضمن الوفد النمساوى المرافق للمستشار النمساوي حوالى 15,من كبرى الشركات النمساوية فى مجالات الزراعة والرى ومجال البناء وكما ذكر المستشار النمساوي أن مصر قطعت شوطا كبيرا فى البناء خاصة فى البنية الأساسية وإقامة المشروعات الكبرى الجاذبة للاستثمار
كما أن التعاون الاقتصادى فى ظل الظروف الراهنة الدولية والإقليمية تخدم البلدين فالعالم الان يبحث عن انفراجة اقتصادية حيث إن المكاسب التى تعود على الدولة النمساوية كبير جدا خاصة فى مجال الطاقة فنقص الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة أثرت تأثيرا كبيرا على مصادر الطاقة ليس للنمسا فقط بل باوروبا كلها ومصر أصبحت بفضل الله مركزا عالميا للطاقة بكافة أنواعها والمتجددة والجديدة
وفى هذا الصدد علينا أن نذكر أن مصر لديها طموحات كبيرة ى فتح آفاق جديدة لصناعة السيارات ومصر تريد الاستفادة من صناعة السيارات فى النمسا وقد تم تدشين صناعات السيارات فى مناطق صناعية فى العاصمة الإدارية والمناطق الصناعية فى المدن الجديدة فى السويس ودمياط وغيرها ومن هذه الصناعات سوف يكون لنا باذن الله سوقا افريقيا كبيرا لصناعة السيارات
أما الملف الأهم الذى نجحت مصر فيه هو ملف مكافحة الإرهاب خاصة ام مصر وقعت العديد من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وبما أن النمسا إحدى دول الاتحاد الأوروبي لذلك فهناك حرص شديد من المستشار النمساوي للاستفادة من هذا المجال وقد تم الاتفاق على الاستفادة من خبرات مصر فى مواجهة الإرهاب ومكافحته وايضا تم الاتفاق على تبادل المعلومات الخاصة بهذا الملف علاقات تاريخية متميزة وآفاق جديدة بين البلدين فى مختلف المجالات بسبب دور النمسا فى القوى تجاه بعض القضايا العربية القديمة
كما أن النمسا لها علاقات متميزة مع الجانب الاوربى والجدير بالذكر أن الرئيس السيسى قام بزيارة النمسا عام 2018وكانا هذه الزيارة هى حجر الأساس الذى تم عليه البناء فى ظل كافة المتغيرات السياسية والاقتصادية التى يشهدها العالم