عمان :خالد العيسوي أ ش أ
مع بداية شهر رمضان المبارك، يستقبل الشعب الأردني الشهر المعظم بعادات وتقاليد موروثة ضمن روائح الأيام الكريمة التي تبدأ بالصوم والعبادات الدينية وكذلك بعض المأكولات المشهورة في البلاد.
قمر الدين من الأطعمة التي تصنع من المشمش الطبيعي، وله الكثير من الفوائد الرائعة لصحة الصائمين في شهر رمضان الكريم، لاحتوائه على الفيتامينات اللازمة للجسم خلال فترة الصيام، ويمكن تحضيره في المنازل بعدة وصفات أو شرائه من المحلات.
وجبة رئيسية
وسط العاصمة عمان، تتزاحم المحلات وخصوصًا محلات العطارة وغيرها لعرض لفات قمر الدين والذي يعد من المنتجات السورية المنتشرة في هذا التوقيت من العام بشهر رمضان في الأسواق الأردنية، فيما تعمل الزبائن الأردنية على شرائه باعتباره عنصرًا أساسيًا من عناصر المشروبات والأطعمة في شهر رمضان ولما به من فوائد خلال فترات الصيام التي قد تصل في بعض الأيام إلى أكثر من 14 ساعة.
فاكهة المشمش والتي تعد المكون الرئيس في قمر الدين، تحصد من المزارع ويتم تنقيتها وغسلها ثم توضع بغرف يطلق عليها أصحاب المعامل بـ”عربين بالباخورة” لمدة يوم ثم تنقل إلى مكنات العصر والتصفية ثم يتم سكب العصير المشمش المصفى في أحواض ويتم وضع مادة الجلوكوز عيار (٢٨) ومواد حافظة كـ “سلفيت” و”سوربات” و”البنزوات” له، وتخلط جيداً ويتم وضع ألواح خشبية مدهونة بزيت الزيتون ويسكب العصير الجاهز على هذه الألواح لينشر تحت الشمس لمدة يومين أو ثلاثة أيام.
أحد العاملين في محلات العطارة في قلب العاصمة عمان، يقول لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالأردن خلال جولة بالأسواق، إن الأردنيين يعملون وقبل أيام قليلة من الشهر الكريم على شراء حاجاتهم من السلع الرئيسية لرمضان وفي مقدمتها قمر الدين باعتباره جزءًا أصيلًا من الطعام خلال هذه الأيام المباركة.
وأشار إلى أن مع قمر الدين تأتي التمور والعصائر في المقام الأول كمشروبات ومأكولات يتم تناولها بكثرة في شهر الصيام، موضحا أن التوابل والأعشاب أيضا تكون ضمن اهتمامات المواطن الأردني خلال هذه الفترة.
“القطايف تكسب”
ورغم أن الأردن يشتهر بالكنافة باعتبارها الصنف الأول في الأيام العادية ولديها زبون دائم بشكل يومي، إلا أن “القطايف”، تنافس ويكاد تمنع الطلب والشراء على سيدة الحلوة بين الأردنيين “الكنافة” النابلسية والتي تمثل تراثًا لدى الشعب الأردني، حيث يزداد شراء الأردنيين للقطايف في شهر الخير.
ورغم عدم وجود أي دليل على مرجعية القطايف في شهر رمضان بالأردن إلا أن يقول البعض إنها قد تعود إلى نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي، فيما يقول الآخر إنها تعود للعصر الفاطمي، وإلى ذلك ربما يطلق في العصر الحديث هنا بالأردن حاليا إلى ما يطلق عليه بـ”الاجتماع الحكومي” بشأن القطايف هو يعقد بشكل سنوي قبل شهر رمضان ويضم جميع الجهات المعنية لتحديد السقوف السعرية للقطايف بأنواعها نظرا لأهمية المنتج بالنسبة للشعب الأردني خلال الشهر الكريم.
وسط سوق “سكر” بالعاصمة عمان، وخلال جولة “أ ش أ”، يفتح رجل خمسيني، محلًا لتصنيع “القطايف” خلال شهر رمضان الكريم، ويبدأ في تجهيز المحل في نهاية شهر شعبان رغم قيامه بعمل العديد من المأكولات الأخرى ولكنه في شهر رمضان يقوم فقط ببيع القطايف دون تسويتها للزبائن، فيما تقوم محلات بيع الحلو في أرجاء المملكة ببيع كافة أنواع الحلويات مع التركيز أكثر وبكميات أكبر من معشوقة الأردنيين خلال الشهر المعظم.
وتتكون القطايف من طحين الزهرة الخاص بالحلويات والحليب والخميرة، وتظهر العجينة السلسة بعد نضجها السريع الذي لا يستغرق دقيقة واحدة على الفرن وكأنها تتسابق في التسوية، فيما يتم حشوها بعدة أنواع من الحشوات أبرزها حشوة الجوز المطحون المخلوطة بجوز الهند مع القرفة، وتقدم أيضا بحشوات الجبنة والقشطة والجوز الحلبي، وهناك من يضيف الصنوبر أو الزبيب واللوز والفول السوداني، وتقدم إما مشوية أو مقلية بعد نقعها بماء السكر الذي يطلق عليه هنا في الأردن “القطر”.
“العوامة الساخنة”
ورغم أنها شكلها واحد إلا أنها تختلف في اسمها من بلد لبلد، ففي مصر على سبيل المثال يطلق عليها “الزلابية” وفي الأردن يطلق عليها “العوامة”، وهى نوع من أنواع الحلويات الشعبية التي تشتهر بها البلدان العربية وخصوصا مصر وبلاد الشام، وفي الأردن تعد من الأطباق التي تحاول أن تنافس وتزاحم “القطايف” في شهر رمضان المعظم.
ومع قدوم شهر الخير في أجواء باردة جدا في الأردن حيث لا يزال فصل الشتاء يعبر عن نفسه في أجواء المملكة الأردنية الهاشمية، تمثل “العوامة” من عوامل التدفئة الأصيلة هنا في بلاد النشامى حيث يزداد عليها الطلب مع برودة الطقس وهطول الأمطار.
حلويات رمضان أو حلويات العام كله من الأنواع السابقة وغيرها أيضا، قد تشترك في المكونات حيث تتكون من الدقيق والسميد والسمنة والحليب والقليل من مياه الخميرة، إلا أن لكل واحدة منها تاريخ وحكاية واسم متداول لكنه يحمل معاني كثيرة مختلفة، فعلى سبيل المثال يعود تسمية “العوامة” بهذا الاسم لشكلها الدائري الذي يشبه العوامات الدائرية في البحر، و”أصابع زينب” سميت كذلك لسببين أولهما أن أول من صنعتها كانت سيدة تدعى زينب وكانت لذيذة لاسمها، والثانية أن زينب كانت فتاة جميلة جدا، ومن شدّة جمالها شبهوا هذه الحلوى بأصابع زينب والحجة على الراوي.
وبعيدا عن كل ذلك، يستقبل المسلمون في أرجاء المعمورة، الشهر الفضيل بنية عقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وعلى بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه وتعالى، فشهر رمضان المبارك هو الفترة الروحية التي تجد فيها هذه الأمة فرصة لإصلاح أوضاعها، ومراجعة تاريخها، وإعادة أمجادها، وكل عام والعالم بخير.