أخبارمقالات

الدكتورة أمينة سالم تكتب : تأثير التلوث البيئي على صحة الأسماك والصحة العامة

تعد الأسماك من السلع واسعة الانتشار في العالم، فهي مصدر بروتين حيواني هـام عالي القيمـة الغذائية للإنسان، يحتاجها الجسم البشرى بصورة دائمة ومستمرة، وهـى سـهلة الهـضم منخفـضة

السعرات الحرارية والدهون المشبعة على عكس اللحوم الحمراء.

تلوث البيئة المائية يمثل أحد أهم وأخطر المشاكل التي تقابل الإنتاج السمكي في كافـة أنحاء العالم، ولعل سببه هو التقدم التكنولوجي والزيادة المضطردة في إنتاج الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية والمواد البترولية وتسرب هذه المواد إلى المياه في المـصادر الطبيعيـة (الأنهار، البحيرات، البحار، المحيطات) أو إلى مياه المزارع السمكية عـن طريـق ميـاه الصرف الزراعي أو الصناعي أو الصرف الصحي. كل هذا أدى إلى قلة الإنتاج السمكي بل في بعض الأحيان إلى انهياره، حيث اختفت بعض الأنواع السمكية كلية نتيجـة للتعـرض المـستمر للـسموم والملوثات المختلفة.

  • مصادر تلوث البيئة المائية:

وتتعدد المصادر المسببة لتلوث المياه والتي يمكن إيجازها في الاتي:

أولاً: المخلفات الزراعية: وتشمل

أ- الأسمدة

تعد الأسمدة بصفة عامة من ضروريات الزراعة الحديثة حيث يزيد اسـتهلاك العـالم كله منها بشكل مقلق، فالأسمدة النيتروجينية على سبيل المثال تؤكسد بواسطة البكتيريا في التربـة وتتحول إلى أملاح النترات سهلة الذوبان في الماء، وتنتقل إلى المصادر المائية مع مياه الري أو الأمطار، وتتسلل إلى المياه الجوفية مما يؤدى لحدوث زيادة مستمرة في تركيزات النترات السامة بالبيئة المائية.

ب- المبيدات

يوجد حوالي ٥٠٠ نوعاً من المبيدات الحشرية المستخدمة في الإنتاج الزراعي، وكان أكثرها استخداماً على الإطلاق هو ال DDT وغيره من المبيدات الحشرية المحتويـة علـى الكلور والفوسفور، حيث تتلوث الأسماك بالمبيدات التي تصرف في ماء الـصرف، وتتركـز تلك المبيدات في الأعشاب البحرية والأحياء الدقيقة وتنتقل منها إلى الأسماك وتسبب خسائر في الأسماك.

ثانياً: مخلفات الصرف الصحي:

من أخطر الملوثات الموجودة في المياه هي تلك المخلفات الآدمية التي تـصرف فـي كثير من الشواطئ البحرية في معظم دول العالم، والتي تؤدى لزيادة نسبة أملاح الكلوريد والمواد العضوية، وارتفاع تركيز الأمونيا السامة وينعدم الأوكسجين الذائب ويزيد ثاني أكسيد الكبريتيد مما يـسبب نفـوق الأسماك، وبالتالي يـشكل خطورة على الصحة العامة والثروة السمكية.

ثالثاً: التلوث الإشعاعي والنفايات الذرية والنووية:

وجد أن مياه تبريد المفاعلات النووية التي تقذف في الأنهار، والتـي تكـون ملوثـة بالإشعاع، كانت وراء هلاك الكثير من الأحياء في الأنهار وتناقص مخزونها السمكي، خاصة في أوروبا والدول المتقدمة، وأصبح اليوم تلوث المياه بالإشعاع أحد مشاكل البيئـة الكبـرى، وخاصة تلك النفايات الذرية التي تخزن في أعماق المحيطات.

رابعاً: المعادن الثقيلة:

تعد أخطر ملوثات البيئة المائية، حيث تنتشر استخداماتها في الـصناعات المختلفـة، والتي تصرف مياهها الملوثة دون أي معالجة فتتراكم تلك المواد في المصادر المائية مـسببة أخطر أنواع التلوث بتلك المعادن الثقيلة، ومنها الزئبـق، الكـادميوم، النحـاس، الرصـاص والحديد…… وغيرها

١الزئبق:

هو أكثر المعادن الثقيلة سمية، وهو من السموم المؤثرة على المـخ والعـصب الـشكوى ولذلك فإن أعراض التسمم (التي تحدث بعد تراكم كميات كبيرة من الزئبق في الجـسم وفـي المخ) تتمثل في الاضطراب العصبي، فقدان الذاكرة، فقدان الثقة بالنفس وأكثـر مـن ذلـك. ويستطيع الزئبق أيضاً اختراق الأنسجة الواقية للجنين في بطن الأم، الوصول إلـى الجنـين، إحداث تلف في المخ. وأطلق على هذا التسمم اسم “مرض ميناماتا” نسبة إلى نهر ميناماتـا في اليابان الذي تلوث إلى حد كبير بمخلفات صناعة البلاستيك.

حيث أن الزئبق يدمر الخلايا الطلائية للخياشيم، كما أنه بداية من تركيز ٠١,٠ ملليجرام / لتر من الماء يعتبر جرعة مميتة للأسماك. حيث تتركز العلامات المرضية على الأسماك فـي زيادة سرعة التنفس وإفراز المخاط الذي يميل للون الأبيض على أجسامها مع أعراض عصبية شـديدة تنتهي بالرقود على أجنابها وخمول تام ونفوق.

٢الكادميوم:

تعتبر أملاح الكادميوم أكثر سمية على الأسماك والأحياء المائية الأخـرى، وذلـك بأقـل التركيزات تؤدى إلى نفوق أسماك المبروك. وتزداد سميته على الأحياء المائية بزيادة درجـة الحرارة وقلة الأكسجين، ومركبات الكادميوم تعتبر مخلفات كثير من الصناعات، وأهمهـا صناعة البطاريات الجافة، الألوان، الزنك، الطلاء ومخلفات المناجم. كمـا أن الجرعات السامة تؤدى إلى أعراض تنفسية حادة وزيادة إفراز المخاط على الجلد والخياشـيم مما يؤثر سلباً على عملية التنظيم الأسموزي للأسماك.

٣النحاس:

تذوب أملاح النحاس في الماء مما يجعل سميتها عالية كما أنه في وجود الكـادميوم أو الزنك تزداد السمية على الأسماك والقـشريات والمحاريـات. كبريتات النحاس تعتبر عامل سام وقوى للطحالب في المياه الحامضية عـن الميـاه القلوية، كما يعتقد أن أيون النحاس هو الصورة السامة للطحالب، حيث أنـه يثـبط كـل مـن عمليتي البناء الضوئي والتنفس في الطحالب. ونظراً لفاعلية كبريتات النحاس في تقليـل نمـو وازدهار الطحالب،

٤الرصاص:

المصدر الأول للرصاص كملوث للبيئة هو عادم السيارات ومداخن المصانع، لذا فإن الأغذية النباتية التي تزرع بجوار الطـرق الرئيـسية وبجـوار المصانع تعتبر خطرة على الصحة العامة، وخاصة الخضروات الورقيـة والفاكهـة التـي لا تحتوي على قشرة (مثل الفراولة والمشمش والخوخ). كما يـصل الرصـاص أيـضاً فـي المناطق الصناعية إلى ماء الأنهار والنباتات التي تعيش فيه، وبذلك فـإن الأسـماك تحتـوى أيضاً على نسب مرتفعة من الرصاص في هذه المناطق. ومن أهم العلامات المرضية التي تظهر على الأسماك والمميزة للتسمم أن سـطح الجلد والخياشيم تكون مغطاة بطبقة أو غشاء من المخاط المتجمد مع زيـادة معـدل التـنفس ودكانة لون الجلد، خاصة في منطقة الذيل كما يبدو على الأسماك المعرضة للرصـاص عـدم التوازن والاقتراب من سطح الماء ويخزن الرصاص في الخياشيم والعـضلات والأمعاء والكبد وأيضا يؤدى الى نفوق الأسماك.

٥الحديد:

هناك علاقة قوية بين وجود الحديد وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الماء، كما أن نسبة ذوبان أملاح الحديد تزيد في الوسط الحامضي الذي يزيـد نتيجـة الأمطـار الغزيـرة وانخفاض درجة حرارة المياه، ويعتبر أكـسيد الحديديك من أخطر مركبات الحديد على الأسماك والمحاريات والقشريات. والحد المسموح به يجب ألا يزيد عن ٣,٠ جزء في المليون، وحتى في التركيزات المنخفـضة فإنـه يتكـون هيدروكسيد الحديديك على الخياشيم مكوناً غشاء بني اللون والذي يؤدى بـدوره إلـى تلـف الخياشيم واختناق الأسماك. هذا بالرغم من أن الحديد يعتبر من العناصر الهامة لنمو الأسماك في نسب مسموح بها.

خامساً: المخلفات الصناعية:

هناك العديـد مـن الصناعات الملوثة للبيئة المائية بالعديد من الملوثات الخطرة التي تهدد البيئـة المائيـة وما بها من أحياء، وبالتالي الصحة العامة كذلك، ويمكن إيجاز تلك الصناعات فيما يلي: مصانع زيت البترول الخام ومشاريع توليد الكهرباء ومصانع الأسمدة الأزوتية ومصانع الغزل والنسيج والصباغة، مصانع السكر والمبيدات الزراعية ومصانع الأسمنت ومدابغ الجلود ومصانع الزيوت والصابون والكيماويات.

  • التوصيات والحلول المقترحة للحد من هذه المشكلة:

1 – مزيد من نشر الوعي بخطورة الملوثات المائية والتلوث بصفة عامة.

2 – إحكام المراقبة على المصانع والأفراد وسن القوانين والتشريعات مـع التشديد على تطبيقها مع ضرورة تغليظ العقوبات على المخالفين.

3 – لابد من إلزام المصانع بتنقية ومعالجة مخلفاتها بدل من رمى تلك الملوثـات فـي

الوسط المائي دون معالجة والتخلص الامن من مخلفاتها.

4- تدعيم وتقييم إمكانيات هيئة الموانئ وشرطة المسطحات المائيـة لتقوم بدور فعال فـي حمايـة المسطحات المائية من تلك الأخطار.

5- إدخال البعد البيئي في تخطيط المشروعات الصناعية والسياحية والسكنية لحمايـة

المصايد من التلوث.

6 – رفع كفاءة محطات التنقية بواسطة هيئة الصرف الصحي وغيرها من الهيئات.

7- التنسيق مع هيئة قناة السويس ووزارة البترول وهيئة الموانئ لحماية خليج وميناء

السويس وغيره من الموانئ من التلوث بالبترول ومشتقاته الأخرى.


د/ أمينة سالم على كساب

معهد بحوث الصحة الحيوانية- معمل فرعي كفرالشيخ

تخصص: أمراض الأسماك

باحث بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى