يعد المناخ من أهم الموارد الطبيعية التي تشكل مقوماً أساسيا للنهوض بمختلف القطاعات الطبيعية والبشرية لأي بقعة على سطح الأرض، ولذلك تأتى دراسته وتحليله من أجل التخلص من آثاره السلبية والاستفادة من إيجابياته، واى تغير بالمناخ يؤثر على كوكب الارض بأكمله.
التغيرات المناخية:
والتغير المناخي قامت بتعريفه وكالة ناسا بأنه مجموعة واسعة من الظواهر العالمية التي تنشأ في الغالب عن طريق حرق الوقود الأحفوري ، والتي تضيف غازات حبس الحرارة (الدفيئة) إلى الغلاف الجوي للأرض، تشمل أمثلة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان.
وتنتج هذه الغازات، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني. يمكن أيضا أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. وتعتبر مدافن القمامة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات غاز الميثان. ويعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية.
تاثير التغيرات المناخية على الاسماك:
وتتأثر الأسماك مثل سائر الكائنات الحية الأخري بالتغيرات المناخية حيث أن كل نوع من الأسماك له درجة حرارة مثلى للأداء الأمثل صيفا وشتاء من حيث الحيوية ونسبة الإعاشة والنمو والمقاومة للعديد من المسببات المرضية وعوامل الاجهاد البيئية.
وقال البروفسور ويليام تشيونغ، من جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، الذي شارك في كتابة الورقة البحثية المنشورة في مجلة “التغير العالمي للأحياء”: “الأسماك كحيوانات باردة ، لا تستطيع تنظيم درجة الحرارة في أجسادها، وعندما تصبح المياه أكثر دفئا، تنشط عملية التمثيل الغذائي عند الأسماك، لذا تحتاج إلى المزيد من الأكسجين للحفاظ على عمل وظائف الجسم واستمرار النمو، ولكن أدى تغير المناخ إلى ارتفاع حرارة المحيطات وقلة نسبة الأكسجين في المياه، ما يحد تدريجيا من فعالية عملية التنفس لنمو الأسماك. وايضا قلة نسبة الاكسجين تؤثر على كل الوظائف الفسيولوجية للاسماك.
وأكدت الدراسات ايضا أن نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والتي تقلل من قابلية ذوبان الأكسجين في الماء يحدث تدهور في جودة الحياة الطبيعية في المياه إذ تعتمد عليه معظم الكائنات الحية وبالتالى يمكن أن يؤدي الانخفاض الشديد في تركيز الأكسجين إلى تراجع أعداد بعض الأنواع أو اختفائها، وتتأثر الزريعة بصورة أكبر نتيجة انخفاض الأكسجين، مما يتسبب في حدوث إجهاد حراري و انتشار الأمراض ونفوق. كذلك يؤثر انخفاض الاكسجين على تكوين البويضات والحيوانات المنوية مما يؤثر على خصوبة الاسماك وانتاجيتها.
ووفقًا لبعض الدراسات انه بحلول عام 2030 ، سيجبر تغير المناخ 23٪ من الأرصدة السمكية على الانتقال من بيئتها الطبيعية الى الهجرة لبيئات اقل حرارة، وإذا لم يتم فعل أي شيء لوقف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. بحلول نهاية القرن ، يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 45 ٪.
ومن اسباب نقص الاكسجين زيادة نمو الطحالب التى تزداد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ايضا وبالتالى ستؤثر على الاسماك والبيئة المحيطة بها.
ولعل أبرز تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة التي أهتمت بها الدراسات الفترة السابقة والحالية ايضا هى، التأثيرات على مواسم التزاوج، فمن المعروف أن التغيرات في أنظمة درجة الحرارة والفترة الضوئية تؤثر بشدة على التمايز بين الجنسين ونمو البويضات والحيوانات المنوية وتوقيت فترة التفريخ في العديد من أنواع الأسماك ونظرًا لأن الأسماك الجاهزة للتزاوج وصغارها حساسة بشكل خاص للتغيرات في درجة الحرارة، فقد يضطر ما يصل إلى 60 بالمائة من جميع الأنواع في المستقبل إلى مغادرة مناطق التفريخ التقليدية.
ومن المعروف ايضا ان الأسماك ليست لها قدرة على تحمل الحرارة أثناء التزاوج، مما يعني أن درجة حرارة الماء في منطقة التفريخ لها تأثير كبير على كيفية تكاثر الأسماك بنجاح. ومن هذا المنطلق ، ستعانى الأسماك في النظم البيئية المختلفة والتي تتأثر بالاحتباس الحراري.
ومن تاثيرات التغيرات المناخية حدوث تغيرات في ملوحة البحار والمحيطات بسبب زيادة التبخر الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة وتغيرات دوران المحيط أو الناجم مباشرة عن تغير المناخ. قد تؤثر هذه الاختلافات على دوران المحيطات وطبقاتها ، وبالتالي على قدرة المحيط على تخزين الحرارة ودورة الكربون والمغذيات. وبما أنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في هذه الاختلافات ، فإن الاستدامة البيئية لتربية الأحياء المائية سوف تتأثر. وتحتوي الاسماك على مستويات ملوحة معينة يمكن أن تعيش ضمنها، وقد تؤدي أي تغييرات إلى نفوق وخسائر في الإنتاج السمكى.
وزيادة درجات الحرارة لها تاثير ايضا على زيادة نشاط الميكروبات المحبة للحرارة مما يؤدى لزيادة احتمالية حدوث أمراض وبالتالى يهدد الكثير من الإنتاج العالمي والأمن الغذائي.
ويتضح مما سبق ان التغيرات المناخية تسبب الاجهاد على صحة الاسماك الذى يؤدى الى زيادة في معدل نبضات القلب و التنفس ويكون الاجهاد مصحوبا بافراز هورمون الكورتيزول المسؤول عن العديد من التاثيرات السلبية للصحة , و للاجهاد ايضا تاثير سلبي على النمو و التكاثر والهضم، وسيقوم الاجهاد المزمن باضعاف جهاز المناعة و ستصبح الاسماك عرضة للطفيليات و البكتيريا و الفيروسات والفطريات و تسبب الامراض و النفوق.
التوصيات:
لذا يجب ان تتوافر الجهود بين العلماء من التخصصات المختلفة في دول العالم لتقليل اسباب التغيرات المناخية والعمل في الوقت ذاته على حماية الكائنات البحرية من الاثار السلبية لارتفاع درجات الحرارة ونقص الاكسجين.
كذلك يجب الاهتمام المكثف بالمزارع السمكية وطرق التحكم في درجات الحرارة وثبوت نسبة الاكسجين.
د/ رحاب عبد المنعم قرنى
باحث امراض اللأسماك
معهد بحوث الصحة الحيوانية بالإسماعيلية
مركز البحوث الزراعية – مصر