أخبارمقالات

الدكتور عبد العليم سعد يكتب : الخفاش من أعجب خلق الله

 

الخفافيش هي ثدييات ضمن رتبة الخفاشيات، مع تكيف أطرافها الأمامية كأجنحة، فالخفافيش هي الثدييات الوحيدة القادرة على الطيران الحقيقي والمستدام. تعد الخفافيش أكثر قدرة على المناورة من معظم الطيور، الطيران بأصابعها الطويلة جدًا المغطاة بالأغشية. أصغر خفاش، ويمكن القول أنه أصغر حيوان ثديي موجود، هو الخفاش الطنان، والذي يصل طوله إلى 29–34 ملم، وباع جناحيه 150 ملم، ويبلغ وزنه 2–2.6 جرام. أما أكبر الخفافيش فهي الثعالب الطائرة، حيث يصل وزن أكبرها، الثعلب الطائر العملاق ذو التاج الذهبي، إلى 1.6 كج وعرض جناحيه 1.7 متر.

وهي ثاني أكبر رتب الثدييات بعد القوارض، تشكل الخفافيش حوالي 20٪ من جميع أنواع الثدييات المصنفة في جميع أنحاء العالم، مع أكثر من 1400 نوع. تم تقسيم هذه تقليدياً إلى فرعين: أكل الفاكهة خفافيش الفاكهة والخفافيش الصغيرة راصدة الصدى. لكن الأدلة الأكثر حداثة قد دعمت تقسيم الرتبة إلى Yinpterochiroptera وYangochiroptera، مع الإبقاء على الخفافيش الكبيرة جنباً إلى جنب مع عدة أنواع من الخفافيش الصغيرة ضمن نفس الرتبة. العديد من الخفافيش هي آكلات للحشرات، ومعظم الأنواع الباقية آكلات للفاكهة أو الرحيق(آكلات الرحيق).

يتغذى عدد قليل من الأنواع على الحيوانات بخلاف الحشرات؛ على سبيل المثال، الخفاش مصاص الدماء التي تتغذى على الدم. معظم الخفافيش ليلية، والعديد منها تجثم في الكهوف أو الملاجئ الأخرى؛ من غير المؤكد ما إذا كانت الخفافيش لديها هذه السلوكيات للهروب من المفترسات. تتواجد الخفافيش في جميع أنحاء العالم، باستثناء المناطق شديدة البرودة. إنها مهمة في أنظمتها البيئية من أجل تلقيح الأزهار ونشر البذور؛ تعتمد العديد من النباتات الاستوائية كلياً على الخفافيش في هذه الخدمات.

تزود الخفافيش البشر ببعض الفوائد المباشرة على حساب بعض العيوب. تم استخراج روث الخفافيش من الكهوف واستخدامه كسماد. تستهلك الخفافيش الآفات الحشرية، مما يقلل من الحاجة إلى مبيدات الآفات وغيرها من تدابير إدارة الحشرات.

تكون في بعض الأحيان عديدة وقريبة بدرجة كافية من المستوطنات البشرية لتكون بمثابة مناطق جذب سياحي، ويتم استخدامها كغذاء في آسيا و حافة المحيط الهادئ. ومع ذلك، كثيراً ما يعتبر مزارعي الفاكهة خفافيش الفاكهة آفات. بسبب علم وظائف الأعضاء، تعد الخفافيش نوعاً من الحيوانات التي تعمل كـ مستودع طبيعي للعديد من مسببات الأمراض، مثل داء الكلب؛ ونظراً لكونها عالية الحركة، واجتماعية، وطويلة العمر، فإنها يمكن أن تنشر المرض بسهولة فيما بينها. إذا تفاعل البشر مع الخفافيش، فإن هذه السمات قد تصبح خطرة على البشر.

اعتماداً على الثقافة، قد ترتبط الخفافيش رمزياً بالسمات الإيجابية، مثل الحماية من أمراض أو مخاطر معينة، أو إعادة الميلاد، أو العمر الطويل، ولكن في الغرب، ترتبط الخفافيش بشكل عام بالظلام، والحقد، والسحر ومصاصي الدماء والموت.

والخفاش هو الحيوان الثديي الوحيد الذي يستطيع الطيران. والخفافيش نجد أن أيديها وسواعدها تحولت كأجنحة تطير بها. وكانت تنتقل بالسماء المظلمة في العصر الإيوسيني منذ 50 مليون سنة. وأثناء هذه الفترة تغيرت ملامح هذا الحيوان قليلا. وهذا ما بينته الحفائر التي عثر عليها في أوروبا وشمال أمريكا. ويوجد حوالي ألف نوع من الخفافيش وهي تعادل ربع عدد أنواع الثدييات.

بسم الله الرحمن الرحيم: (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ) صدق الله العظيم

إن الطير كان هو الخفاش وقيل في تفسيره إن الناس سألوا عيسى عليه السلام على وجه التعنت فقالوا له اخلق لنا خفاشا و اجعل فيه روحا إن كنت من الصادقين فأخذ طينا و جعل خفاشا و نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء و الأرض و كان تسوية الطين و النفخ من عيسى والخلق من الله تعالى و يقال إنما طلبوا منه خلق خفاش لأنه أعجب من سائر الخلق.

يقول الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة (153) من نهج البلاغة :

 

” ومن لطائف صنعته وعجائب خلقته ، ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش ، التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء ، ويبسطها الظلامُ القابض لكل حيّ ، وكيف عشيتْ أعينُها [العشا : ضعف البصر] عن أن تستمد من الشمس المضيئة نوراً ، تهتدي به في مذاهبها ، وتتصل بعلانية برهان الشمس الى معارفها .

وردعها بتلالؤ ضيائها عن المُضيّ في سبحات إشراقها [أي درجاته وأطواره] ، وأكنها في مكانها عن الذهاب في بلج ائتلاقها [أي وضوح لمعانها] ، فهي مُسدلة الجفون بالنهار على أحداقها ، وجاعلة الليل سراجاً تستدل به في التماس أرزاقها ، فلا يردُّ أبصارها إسدافُ ظلمته ، ولا تمتنع من المضي فيه لغسق دُجنته [أي شدة ظلمته] .

فإذا ألقتِ الشمس قناعها ، وبدت أوضاحُ نهارها ، ودخل من إشراق نورها على الضُباب [جمع ضب : وهو الحيوان المعروف] في وجارها [الوجار : بيت الحيوان] ، أطبقت الأجفان على مآقيها [جمع مأق : وهو طرف العين الأنسي من جهة الأنف] ، وتبلّغت [أي اكتفت] بما اكتسبت من فيء لم لياليها .

فسبحان من جعل الليل لها نهاراً ومعاشاً ، والنهار سكناً وقراراً . وجعل لها اجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة الى الطيران ، كأنها شظايا الآذان ، غير ذوات ريش ولا قصب ، إلا أنك ترى مواضع العروق بينة أعلاماً . لها جناحان لما يرقا فينشقا ، ولم يغلظا فيثقلا . تطير وولدها لاصقُ بها ، لاجئ إليها ؛ يقع إذا وقعتُ ، ويرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتى تشتد أركانه ، ويحمله للنهوض جناحُه ، ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه . فسبحان البارئ لكل شيء على غير مثال خلا من غيره “.

 

ولقد أجاد الإمام (عليه السلام) في اختيار الحيوانات التي وصفها ، وفي مقدمتها الخفّاش ، الذي أودع الله فيه أسرارا عجيبة، وصفات غريبة. فهو الوحيد من الطيور الذي يلد ولا يبيض [ولذلك فإن آذنه ظاهرة في رأسه ] وهو من الحيوانات القليلة التي تنام في النهار وتصبو الى رزقها في الليل. وبما آن عينه كليلة لا ترى في النهار ولا في الليل، فقه ابدله الله عنها بحاسة اخرى نادرة الوجود ، مرتبطة بأذنه المرهفة ، وهي ما نسميه اليوم (الرادار) فالخفاش عند طيرانه في الليل يرسل ذبذبة من حنجرته فتنتشر في الفضاء، وتصطدم بالجسم القريب منه، ثم تنعكس فيلتقطها الخفاش بآذنه، ويستطيع بذلك معرفة جهتها وتمييز بعدها عنه ، فيغير من اتجاه طيرانه ويتجنب الاصطدام بها، كل هذه العملية تتم في اقل من الثانية.

‏ولبيان هذه الخاصة الفريدة للخفاش ، علق الباحثون في غرفة عدة اجراس بحبال مدلاة من السقف، والقوا في الليل بخفاش في الغرفة ، فكانوا يسمعون طيران الخفاش وصفراته ، دون آن يسمعوا دقة واحدة من اي جرس، مما يدل على آنه لا يصطدم باي حبل أثناء طيرانه المستمر في ظلمة الغرفة.

و من عجائبه أنه دم و لحم يطير بغير ريش و يلد كما يلد الحيوان و لا يبيض كما يبيض سائر الطيور و يكون له الضرع و يخرج منه اللبن و لا يبصر في ضوء النهار و لا في ظلمة الليل و إنما يرى في ساعتين بعد غروب الشمس ساعة و بعد طلوع الفجر ساعة قبل أن يسفر جدا و يضحك كما يضحك الإنسان و تحيض كما تحيض المرأة فلما رأوا ذلك منه ضحكوا و قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ فذهبوا إلى جالينوس فأخبروه بذلك فقال آمنوا به الخبر وسأل أمير المؤمنين ع عن ستة لم يركضوا في رحم فقال آدم و حواء و كبش إسماعيل و عصا موسى و ناقة صالح عليهم السلام والخفاش الذي عمله عيسى ابن مريم عليه السلام فطار بإذن الله تعالى.

‏فسبحان من وزع اعجازه على مخلوقاته ، وذرآ آلاءه في أرجاء ارضه ، واجواء سماته .


المصدر

الاعجاز العلمي في الخفاش

كتاب رحلة فى عالم الخفافيش أونلاين https://books-library.netالاستاذ الدكتور/ عبدالعليم سعد سليمان دسوقي- كلية الزراعة- جامعة سوهاج

ا.د/ عبد العليم  سعد المنشاوي

كلية الزراعة – جامعة سوهاج

abdelalem2011@gmail.com

 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى